الدكتور صبري سميرا، فعالية سياسية نشيطة في ولاية إلينوي الأمريكية، يبدو عليه الإستعداد الدائم للتوثب والعمل وإجراء المقابلات الصحفية، وله إيمان عميق أن المسلمين بأمريكا لن يستطيعوا تبليغ رسالتهم إلا بالوصول إلى سلطة سياسية قوية. جريدة "التجديد" التقت به في مقر جمعية "أمة""UMMA" وأجرت معه اللقاء التالي: س: مرت الجالية العربية بمراحل عدة قبل أن تصل إلى ما وصلت إليه، هلا حدثتمونا عن ذلك؟ ج: الجالية المسلمة والعربية مرت بمراحل كثيرة في حياتها وتقدمها في أمريكا على مدار العقود المختلفة، غير أنها لم تحافظ على هويتها، ففي الخمسينيات كان العرب عبارة عن تجمعات ثقافية أو عرقية أو وطنية، إذ كان الأتراك وحدهم، اليمنيون وحدهم، كان هناك تواجد للمؤسسات، كالمركز التركي، البوسنوي، اليمني، الألباني، العربي..، كما كانت هناك مساجد غير أن عددها كان قليلا. في الستينات جاءت مجموعات أخرى من المهاجرين خاصة من فلسطين ومن بلاد الشام بشكل عام بسبب أحداث فلسطين. كذلك جاء من باكستان مجموعات أخرى للدراسة، فوجدت مجموعة كبيرة في السبعينات معظمها من الطلاب، فأسسوا اتحاد الطلبة الإسلاميين الذي تفرع عنه فيما بعد تجمع "إسنا"Islamic Society of North America الذي شكل أكبر تجمع للمسلمين، خلال الثمانينات ظهرت موجة جديدة حيث تخرج الطلاب وأصبحوا جاليات وأصبح لديهم بيوت وأبناء واهتمامات أخرى، فبدءوا بفتح المدارس والمساجد حيث وصل عدد المساجد إلى 2500 مسجد ووصل عدد المدارس إلى 500 مدرسة نظامية، كل هذا أدى إلى بروز تواجد المسلمين في المجتمع الأمريكي س: وهل كان لذلك أثر عليهم؟ ج: أجل، فقد أصبحت عليهم هجمة أمنية وهجمة سياسية وإعلامية، وأصبحوا يوصفون بكل الأوصاف، لذا بدت الحاجة ضرورية في الثمانينات لتأسيس مؤسسات أخرى للدفاع عن حقوق المسلمين المدنية والسياسية، وعلى هذه الخلفية أسست مجموعة من المؤسسات معظمها في واشنطن، وجدنا في أواخر التسعينيات أن هناك حاجة ماسة لتوظيف أعداد المسلمين الكثيرة وطاقتهم البشرية والمالية بطريقة علمية أكثر س: ما هي رؤية جمعيتكم "أمة" للعمل داخل الولاية وما طبيعة النشاطات التي تقوم بها؟ ج: نرى في جمعية "أمة" UMAA أن مجرد وجود مجموعات سياسية تتحدث عن وجود المسلمين ومواقفهم السياسية وتتحدث إلى الى الصحافة وتصدر البيانات لا يكفي للمساهمة في تغيير الواقع السياسي في أمريكا، لهذا جاءت فكرة جمعية " أمة" تقريبا منذ خمس سنوات، وهو تنظيم ينظم المسلمين سياسيا على مستوى القاعدة والجماهير. رؤيتنا للعمل السياسي تتلخص في فكرة مفادها أنه بدل الحديث عن الإنتخابات الرئاسية رأسا، نبدأ بالحديث أولا عن انتخاب البلديات، المجالس المحلية، النواب المحليين على مستوى الدوائر الصغيرة قبل أن نتحدث عن تمثيل الولاية في الكونغرس الفيدرالي الأمريكي، فنحن بدأنا بهذا النموذج ونحن نعتقد أنه الأول من نوعه في أوساط المسلمين بأمريكا، وللتوضيح فولاية إلينوي بها ثالث تجمع للمسلمين يصل إلى 450 ألف، وبالولاية يتواجد 170.000 كناخبين حقيقيين يحق لهم التصويت، ودونا هو حصر عدد العرب والمسلمين، التعرف على غير المسجلين وتشجيعهم على المشاركة وتوجيه المسجلين في اختياراتهم. ففي الولاياتالمتحدة هناك 400 ألف موقع منتخب وإلينوي هي أكبر ولاية من حيث المواقع المنتخبة، إذ لديها 45 ألف موقع منتخب، وهي مواقع محلية فدرالية، رئاسية وتعليمية، وسبب ذلك يرجع إلى كون سكان إلينوي يؤمنون كثيرا بالانتخابات، لدرجة أنه في بعض القرى يتم تعيين الأشخاص المكلفين بكلاب المراقبة عن طريق الانتخابات، فكل شيء في أمريكا تحكمه الانتخابات و الديموقراطية س: هل استطاعت المؤسسة أن تحقق بعضا من الأهداف التي ذكرتم؟ ج: قمنا باستصدار أول قانون على مستوى الولاية، قانون بخصوص الأطعمة الحلال، وهذا القانون صودق عليه في بداية هذه السنة لحماية المسلم من الغش والخداع لكي لا يستهلك المسلم إلا ما هو حلال واختبر وفحص وأعطي الشهادة بأنه حلال، ويقوم على هذا العمل مؤسسات إسلامية أخرى، وقد سبقنا في ذلك نيوجرسي، وتلانا مينوسوتا وبعدها ميتشيغان وكاليفورنيا، ويعتبر من أهم إنجازات العمل السياسي، بحيث نستطيع أن نستصدر قوانين وتعليمات لصالح العرب والمسلمين، كذلك يمكننا العمل السياسي من رسم التوجهات والسياسات والإستراتيجيات المستقبلية للجالية، كذا توزيع الأموال على القطاعات المختلفة والمشاريع المختلفة وعلى المناطق التي يتواجد بها المسلمون، ومن خلاله نتحدث عن حقوقنا في التعليم وفي المناهج، هذه أمور لا يمكن أن ن نجنيها من مجرد الخطب والمظاهرات والمنشورات، بل هناك حاجة أساسية للوصول إلى مراكز السلطة س: من يقوم بتمويل هذه الأنشطة؟ ج: أعضاء الجمعية وأنصارها س: معاناة العرب والمسلمين بالولاياتالمتحدةالأمريكية ازدادت بعد أحداث 11 شتنبر، هل تعتقد أن ذلك سيدفع الجالية إلى المشاركة بكثافة في العملية السياسية أم العكس؟ ج: أجل، أعتقد أن العرب والمسلمين عازمون أكثر من أي وقت مضى على امتلاك سلطة أكبر في العمل السياسي، خاصة بعد ما عانوه بعد الأحداث، لقد خلصنا إلى نتيجة مفادها أن المحافظة على حقوقنا المدنية رهين بمدى اندماجنا وتواجدنا في النظام السياسي القائم. س: من خلال حديثكم لمسنا عزم الجالية العربية المسلمة النفاذ إلى مراكز القرار بأمريكا، هل ترى أن اللوبي الصهيوني واليمين المسيحي المتطرف سيسمح للجالية العربية أن يكون لها موقع قدم في الكونغرس مثلا ولو على المدى البعيد؟ ج: بالنسبة للوبي اليهودي ، فهو يعارض فكرة أن يكون العرب والمسلمون فاعلون سياسيون في المجتمع الأمريكي، فهو يأخذ الأمر بحساسية شديدة، غير أن هذا لا يمنعنا من المحاولة، أعتقد أنه إذا أثبتنا جدارتنا وقوتنا كناخبين، فسوف يستمع إلينا الكثيرين وسيولون اهتماما أكبر بجاليتنا. حليمة آيت باحو