سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور يحيى هندي، الإمام والأستاذ الأمريكي المسلم، بجامعة جورج تاون لالتجديد: سياسة الادارة الأمريكية لن تتغير إلا إذا تم ترتيب البيت العربي والإسلامي من الداخل
زارنا الدكتور يحيى هندي، الدكتور الإمام والأستاذ الأمريكي المسلم بجامعة جورج تاون، بمقر جريدة التجديد، صباح الجمعة ما قبل الأخير قبيل حضوره صلاة الجمعة بمسجد سكينة بالرباط، حيث كان على موعد مع المصلين لإلقاء خطبة الجمعة في موضوع العالمية في الطرح الإسلامي. وبعد حديث مقتضب مع المسؤولين في الجريدة، سجلنا معه هذا الحوار حسن السرات: الأستاذ يحيى هندي، أولا نرحب بك في جريدة التجديد. لنبدأ بالسؤال التقليدي، من هو الأستاذ يحيى هندي؟ يحيى هندي:أنا مواطن أمريكي من أصل عربي... حسن السرت: من أي بلد عربي؟ يحيى هندي: من أصل فلسطيني، أعتز بجذوري وبموطني الحالي أيضا. دراستي الأولى كانت شرعية في الجامعة الأردنية، ودراستي العليا بقسميها: الماجستير والدكتوراه خصصتها في مجال مقارنة الأديان. وأنا اليوم مهتم بالدراسات المسيحية واليهودية، وبقضية الحوار بين الأديان، وأعمل مرشدا ومستشارا للشؤون الدينية في جامعة جورج تاون، حيث أعلّم عن الإسلام من خلال بعض المواد. كما أعمل في مجموعة من الكليات الأكاديمية والعلمية والجامعات في منطقة واشنطن دي سي العاصمة، ومن بين المراكز المهمة التي أنشط فيها، في منطقة واشنطن مركز اسمه المركز الإسلامي لمدينة فدريك بولاية ماريلاند. وأعلّم كذلك مرشدا دينيا لقضاة البحرية الأمريكية. حسن السرات: بالمناسبة، هل كل الجامعات الأمريكية لها مرشد ديني مسلم؟ يحيى هندي: لا، ليس كل الجامعات، لكن جامعتنا جورج تاون بالذات من بين بعض الجامعات التي لها مرشد ديني، إن صح التعبير. وأنا كذلك عضو بالمجلس الفقهي لشمال إفريقيا، والناطق الرسمي باسمه، والذي يتعامل مع الفتاوى والأسئلة القضائية التي يسأل عنها المسلم المتزوج. وعندي ثلاثة أطفال. عبد الرحمان الهرتازي: أستاذ يحيى، استمعتم للمسؤولين في جريدة التجديد المنبر الناطق باسم أحد مكونات الحركة الإسلامية، ما هي ملاحظاتك حول الحركة الإسلامية بالمغرب، وما هي مشاعرك وأنت تزور المغرب؟ أنا لا أعرف كثيرا عن الحركة الإسلامية في المغرب، إلا أنه لدي رغبة في التعرف عليها كثيرا. ما أود قوله بالمناسبة هو أني أدعو المسلمين في الشرق والغرب إلى فتح الحوار، كي يتاح لنا المجال نحن الذين في الغرب أن نتعرف على ما يجري يوميا في العالم العربي والإسلامي، ويتاح لإخواننا في الشرق التعرف على ما يجري في الغرب. أدعوا إلى فتح الحوار ليستفيد الطرفان ويستفيد العالم أجمع أيضا. الانقطاع لن يفيد أحدا. انطباعي عن المغرب انطباع جميل حقيقة. وأنا أحب البلد الذي يحافظ على هويته وتراثه وتاريخه، خاصة فيما يتعلق بالعمران. في اعتقادي، هناك علامة متميزة في المغرب لاحظتها، ألا وهي العمران، وهي تدل على عقلية أهل المغرب واهتمام أهل المغرب بالإسلام وهويته. وكنت أدعو ليلة أمس لعل الله يبارك في أهل المغرب حتى يستمروا في إبراز الهوية الإسلامية، مفتخرين بها، لإنها جزء من تاريخ ومستقبل العالم العربي والإسلامي. للأسف الكثير من الدول العربية والإسلامية أضحت تخلو حتى من التراث والبناء والفن الإسلامي، وهذا يدل في اعتقادي مع كامل الأسف على انهزامية فكرية داخلية وعدم ثقة بما يحملونه من دين عظيم. الترحيب الدافئ الذي لقيني به إخواننا وأخواتنا في المغرب يوم أمس ما شاء الله يدل على وعي وحب وعقلية نقية. الحيا معلقا على كلام الدكتور يحيى الذي أعجب فيما يبدو بالفضاء المعماري المحيط به داخل مقر الجريدة ولاحظه ربما في أماكن أخرى من المغرب خلال زيارته القصيرة *: المغرب هو الوريث الثقافي للأندلس، فكل الثقافة والعمران الأندلسي انتقل إلى المغرب، ولهذا ترى هذه الجمالية وهذا الإلحاح على إظهار هذا الجانب. حسن السرات: أستاذ يحيى... أنت عربي. يحيى هندي: بلى...مبتسما. حسن السرات: إذن أنت جمعت ميزتين، يمكن أن نقول إنها الدين الإسلامي وكونك تجمع اختلاف جنسيتين. والدين الإسلامي ليس له جنسية ولا عرق، هل يمكن القول أن هذه الحالة هي ما يجب أن يكون عليها مسلم اليوم ومسلم الغد؟ يحيى هندي: المسلم حيث كان ينبغي أن يكون عالميا، في طرحه، عالميا في نظرته للمستقبل، عالميا في أحزانه وأفراحه وآماله. بمعنى أن يجلب المسلم السعادة والابتسامة للناس، وأن يكون أي عمل سيء يمس الناس مجلبة للحزن بالنسبة له. إذا كنت أعيش في المغرب وحدث أن فجرت قنبلة كنيسا يهوديا في البرازيل، فينبغي أن يحزن المسلم في المغرب، بحكم دينه الذي يدعو إلى العالمية. يجب أن نحزن للفقراء والمصابين بالأيدز وبكل ملمة. ففي الغرب كما قرأت أخيرا في مقالة لنيويورك تايمز يموت ثلاثة آلاف من الناس. المسلم يجب أن يحزن لهؤلاء وغيرهم، سواء أكان هذا المسلم يعيش في أوروبا أو أمريكا أو إفريقيا أو في روسيا. المسلم إنسان عالمي بطبعه وبدينه وبأخلاقه، يهتم بالناس كل الناس، وفقا لما يقول الله عز وجل: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.... وهذا الموضوع هو، في الحقيقة، موضوع حديث الجمعة هذا اليوم، سألقيه بمسجد سكينة، ويتناول العالمية في الطرح الإسلامي. لأن أصلي عربي، فأنا أهتم بما يحدث في العالم العربي، وما يفرحه وما يحزنه. وكوني أمريكي عربي مسلم له -في اعتقادي- إيجابية تميزني عن باقي الأمريكيين وعن باقي العرب، فأنا أعرف حقيقة أمريكا من الداخل، وأعرف العالم العربي والإسلامي. فيمكن للمسلم الأمريكي أن يكون حلقة وصل بين الغرب والشرق، ويمكن للمسلم الأمريكي أن يكون الحركة التي تبدأ قضية الحوار بين الإسلام والمسيحية واليهودية. وأنا أطلب من إخواننا أن يوظفونا إن صح التعبير في إيصال أصواتهم للحكومة الأمريكية، وأيضا إذا كان عندنا شيء يمكن أن نوصله لهم من أمريكا أن ينصتوا لنا. حسن السرات: إذا قارنا وضع الدين بصفة عامة في أوروبا بوضع الدين في أمريكا، نجد أن وضع الدين في الأخيرة جيد. فالولاياتالمتحدة لم تعرف علمانية محاربة للدين، بل العكس، عرفت علمانية راعية للدين ومحترمة له. ولكن مع ذلك صارت الإدارة الأمريكية تتعامل مع الإسلام بشيء من الريبة والعدوانية، ألا يمكن لكم أنتم المسلمين في أمريكا تصحيح صورة الإسلام في ذهن الإدارة الأمريكية؟ يحيى هندي: أنت في الحقيقة تتحدث عن قضايا ثلاث...(يضحك) فالدستور الأمريكي يدعو إلى ما يسمى حرية الدين وليس الحرية من الدين، وهذه قضية تميز أمريكا، إذ يتاح لكل دين العمل بما تعنيه الكلمة، بناء على الضوابط التي تحكم البلد بشكل عام، والدين الإسلامي ككل الديانات يباح له العمل. والواقع ينبئ بالحال، ففي أمريكا الآن ما يقرب من 5500 مؤسسة إسلامية. أحيانا نجد في بناء بعض المساجد تضييقا ومعارضة في مناطق الجوار، بفعل الجهل، ولكن في ما بعد يقام المسجد. وإذا كنتم تتوصلون بالرسائل الإلكترونية لمنظمة كير، فسيكون في علمكم حتما كيف عارض سكان الجوار إقامة مسجد في ولاية فرجينيا، ولكن عندما رفعت القضية إلى القضاء كسبها المسلمون ضد سكان المنطقة، وبني المسجد. ولما تم الاعتداء في أعقاب 11 شتنبر على مسجد في أوهايو بكليف لاند، حولت الحادثة إلى العدل وقال كلمته وحوكم المعتدون. كذلك عندما اشترينا أرضا في مدينتنا جورج تاون وقدمنا الخطط للسلطة المعنية، جرت في البداية بعض الاعتراضات من متطرفين مسيحيين في المدينة، ولكن حكمت المحكمة لنا وسنبدأ البناء في الشهر القادم، ويتضمن المشروع مركزا إسلاميا ومدرسة وملعبا رياضيا. وما زالت حاكمة المدينة تتصل بنا وتسأل ما إذا بدأنا البناء أم لا. أما قضية العداء للإسلام، فأنا كأمريكي أختلف مع حكومتي الحالية في بعض الصور التي تمخضت عن سوء معاملة المسلمين في الولاياتالمتحدة. ولكن ليس هذا توجه للحكومة كلها، طبعا. فأنا أتكلم مع السياسيين يوميا وأعرف أن بداخل الحكومة من يعارض طروحات وزير العدل. القضية واضحة، فالحكومة ليست فقط الرئيس ومن معه من الوزراء، فهناك الكونغرس الذي يعارض الكثير من الممارسات، ويعتبرها اعتداء على الدستور، وهناك من يطالب بمحاكمة وزير العدل. وبالتالي ليس من العدل أن نقول حقيقة أن الظلم هو توجه الإدارة الأمريكية كلها. وقد شاركت في العشرة الأيام الأخيرة في ما لا يقل عن عشرة اجتماعات رسمية، بما فيها اجتماعات لوزارة الخارجية والعدل والبيت الأبيض والكونغرس كلها تطالب بإعادة تقييم ما حدث بعد 11شتنبر وضرورة اعتبار ذلك ردة فعل هستيرية، إن صح التعبير، بناء على ما حدث. في اعتقادي، أن الذي حدث مثلا في 11 شتنبر أصابني بالهول. أنا أسافر كثيرا، وكأي أمريكي كنت أذهب إلى المطار 5 دقائق فقط قبل الرحلة، وأما اليوم فلا يمكنني صعود الطائرة إلا بعد ساعتين من الانتظار في المطار. وكان من قبل بإمكاني أن آخد ما أريد، الآن لا يمكنني ذلك. لماذا؟ بعد الأحداث لم يعد بإمكان المسلم أن يخرج إلى الشارع، زوجتي لم تخرج من البيت طيلة أسبوع، خوفا من أن تصبح هدفا. لا شك أن ما حدث في 11 شتنبر أوجد حالة من الخوف والذعر عند الأمريكي. لكنني على يقين وثقة أن الدستور مكتوب بطريقة تؤهل البلد لأن يعيد تقييم نفسه بطريقة أفضل تدفع إلى الأمام فيما يخص الحقوق المدنية. الآن أعضاء الكونغرس يتحدثون ضد قانون ما يسمى بباتريوتك آكت وان أو قانون الولاء رقم واحد. ويقولون نحن كنا وقت إصداره في حالة هستيرية فوافقنا عليه، والآن اكتشفو أن خطأ ما وقع ضد الدستور، ويطالبون بإعادة مراجعته وتقييمه وترتيبه، ويعتبر هذا حديثا جادا وسط الجمهوريين والديموقراطيين. قضية تحسين صورة الإسلام في أذهان الإدارة الأمريكية هي سؤال مهم يتم العمل وفقه. وشخصيا أزور كثيرا دوائر الأف بي آي والمخابرات المحلية للكلام عن الإسلام والمسلمين في أمريكا والحساسية في هذا الخصوص. الأستاذ مصطفى الحيا: ألا ترى أستاذ يحيى هندي أن أمريكا بتوجهها الأخير، ستجد نفسها أمام قانون وناموس واجهته أمم وإمبراطوريات أخرى مثل الروم والفرس والروس؟ يذكر التاريخ أن الفرس مثلا تغطرسوا، ولما وصلتهم رسالة الإسلام من الرسول مزق كسرى الرسالة. وأما الروم فلما جاءتهم رسالة الإسلام من الرسول الكريم، استقبلها ملك الروم وقال قولته: إن الذي أتى به محمد وأتى به عيسى يخرج من مشكاة واحدة. فالذي حدث بعد تعالي الفرس هو تقويض دولتهم. وأما دولة الروم فاستمرت في الوجود، للغرب الحالي. والغرب الحالي امتدادا لها وفي عصرنا هذا، كان الاتحاد السوفياتي كذلك في هذه الدنيا، لكنه لم يعش إلا كعمر رجل واحد، وذلك بعد أن متغطرسا واجه الإسلام في الجمهوريات الإسلامية التي ضمها. ألا ترى أن الولاياتالمتحدة تمشي في الاتجاه والمصير نفسيهما إذا ظلت تصر على مواجهة الإسلام، فما من جبار إلا وقصمه الله. وأنتم تذكرون تصريح بوش بخصوص حرب صليبية يطلقها بعد أحداث 11شتنبر. وإن كان بوش تدارك الأمر فاعتذرعن تصريحه، ولكن ترك أثره في النفوس. هذه القضية التي أثرت مختلفة عما أتحدث عنه. دعني أكمل الإجابة. هناك محاولات حثيثة يوميا بخطط واستراتيجيات واضحة من قبل المسلمين في الولاياتالمتحدة لتغيير توجه الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالمسلمين، من خلال محاضرات وندوات يومية وكتب ومطبوعات ، ومن خلال زيارات من قبل سياسيين للمسلمين على مدار يومي، ليس زيارات انتخابية ولكن لذات المعرفة والتغيير. والآن أجيبك أستاذ (الحيا)... نعم القرآن يعطينا سننا للكون واضحة لا يستثنى منها أحدا. فالغطرسة والتكبر سواء أكان من غير المسلمين أم من المسلمين حتى، مصيرهما الإذلال. الإمبراطورية المسلمة قصم الله ظهرها لأنها وصلت إلى مثل هذه الحالة، وكذلك الفرس والروم ومن بعدهم بريطانيا وروسيا. وهذا بطبيعة الحال ينطبق على أمريكا، إذا تغطرست وتكبرت فيكسر الله ظهرها. وأنا أتمنى ألا يقصم الله ظهرها. فسؤالك في حيثياته يعطي الانطباع أن الإدارة الأمريكية بكاملها ضد الإسلام، وهذا غير صحيح، وليس من مصلحة المسلمين الاعتقاد بهذا. لأننا سنبني نظرياتنا وممارساتنا على أسس خاطئة. نعم، هناك ممارسات سيئة في الإدارة والمجتمع الأمريكيين. هناك نظريتان تروجان في الولاياتالمتحدة حول المسلمين. فمن يقول إن الإسلام بطبيعته دين عدواني عنفي تهديدي، ويدعو إلى القتل والتخريب، وبالتالي يدعو أصحاب هذه النظرية إلى أن المسلمين لا يجوز أن يعيشوا في أمريكا وينبغي إبادتهم في العالم كله. هؤلاء الناس يعيشون بهذه النظرية مثل بات روبرتسون وفرانك نكويرم، والذين نسميهم في أمريكا بالجناح المسيحي الأصولي المتطرف. هذه المدرسة لا شك أنها أقلية لا تزيد عن 10 أو 15 في المائة من المجتمع، إلا أنها أقلية قوية غنية وبيدها الإعلام والخطة. الأغلبية من المجتمع الأمريكي تقول: لا. الإسلام مثله مثل المسيحية واليهودية وغيرها. فكما قبلنا المسيحية والبودية واليهودية ينبغي أن نقبل الإسلام. بالعكس هناك من غير المسلمين من يقول إن في الإسلام شيئا ليس في المسيحية، وأن في الإسلام ما يمكن أن يقدم شيئا إيجابيا للشؤون الأسرية والعائلية والاجتماعية والحوار بين الأديان والحضارات، وهؤلاء يدعون حقيقة إلى إدخال المسلمين في المؤسسة السياسية والعسكرية. فما جلسنا مع مسؤول سياسي أمريكي من هؤلاء إلا وقال: أين أولادكم؟ نريدهم أن يعملوا معنا. والحقيقة لا نجد منا من المؤهلين من يدخل هذه المسالك. المطلوب من المسلمين أن يكونوا على قدر التحدي. الإدار ة الأمريكية الحالية لا شك أنها إدارة خاطئة، والموقف الذي تقفه مع الفريق الأول، الذي ينتمي إليه بات روبرتسن وفرانكلين غراوند. ورأيي هذا ليس هو رأي المغربي أو الأردني ولكنه موقف المواطن الأمريكي... الجمهوريون اليوم يطالبون من الإدارة أن تغير علاقاتها بالجناح المسيحي الأصولي المتطرف. أما عبارة الحروب الصليبية التي يفهمها العالم الإسلامي في سياق تاريخي معين، ارتبط بالحروب الصليبية، والاستعمال اليومي للمصطلح عند الأمريكيين له معنى آخر، ولم يكن بوش يقصد ما فهمه المسلمون. فأنا بدوري وكل الأمريكيين نستعمله. فنقول سأطلق كروسايد (أي حربا صليبية) ضد الفقر أوضد الجهل أو ضد المخدرات.... ومعنى هذا الرغبة في التصدي للفقر والجهل والمخدرات... وبوش عندما صرح بذلك في هجمات 11 شتنبر، كان يقصد التصدي بإطلاق الحرب على الذين اعتدوا على بلده. نعم، إذا تم الاعتداء على الحقوق المدنية للمسلمين في أمريكا سيكون نذير وبال على أمريكا. إذا انتهى الوجود الإسلامي في أمريكا بالحديد والنار سيكون هذا نهاية أمريكا، لأن أمريكا قامت على التعددية السياسية والتعددية الفكرية والتعددية الدينية، وأي اعتداء على المسلمين هو اعتداء على الدستور وما قامت عليه أمريكا من مبادئ. الهرتازي: معذرة أستاذ يحيى، أمريكا اليوم استشعرت الوجود الإسلامي داخلها وتعول عليه في تحسين صورتها - وهذا ليس عيبا ، فكيف ترون هذا التوظيف بالنظر إلى أن أمريكا لا تغير من سياساتها في ما يتعلق بقضايانا العربية والإسلامية، في فلسطين والعراق، مثلا؟ تغيير السياسات لا يأتي بين يوم وليلة، تغيير السياسات يحتاج إلى تعليم وتثقيف واستراتيجيات. وأنا أعتقد أن في الخطاب الإسلامي والعربي الموجه إلى الإدارة الأمريكية من التناقض ما يكرس الوضع وما يبقي أمريكا على ما هي عليه. الخطابات العربية تتناقض أمام الإدارة الأمريكية، فتجد من هذا الطرف الرسمي أو المدني من يطلب المساعدة لضرب طرف آخر لمصلحته السياسية، لأنه يريد دعما. دعوتي دائما هي أنه لابد للعرب والمسلمين أن يعيدوا ترتيب البيت الداخلي. وأنا كعربي ومسلم وأكاديمي لا أعتقد أن الإدارة الأمريكية ستتغير إلا إذا تم ترتيب البيت العربي والإسلامي من الداخل سياسيا واجتماعيا وتنظيميا وخططيا في العديد من القضايا، ومنها تثبيت الديموقراطية. ولقد أضحكني يوما سياسي ومثقف عربي عندما قال على فضائية، أنه لا نقبل بالديموقراطية ما دامت تأتي من بوش ومادام بوش ينادي بها. هل ستغير أمريكا من سياساتها ومواقفها؟ وهل نختزل السياسة الأمريكية في بوش وجماعته؟ هم رجال ونحن رجال، ولا شك أن بوش رجل وأنا رجل، وقد يكون لي دكتوراه وليس له هذه الدكتوراه. فهل بإمكاني أن أقنعه أو أغير مواقفه؟ نعم بإمكاني ذلك. فأدعو إلى استراتيجية واضحة في التعامل مع الإدارة الإمريكية والمجتمع الأمريكي والمثقف الأمريكي في ما يخص السياسات التي نراها نحن غير مناسبة. وفي الوقت نفسه يجب، ونحن نجلس مع خصمنا على الطاولة، أن نستحضر أنه يمكن أن نكون على صواب أو على خطإ. أعده عبدالرحمان الهرتازي * سبق للدكتور يحيى هندي أن أنجز بحثين عن التراث المعماري في المغرب، وفق ما كشف فيما بعد.