قدمت دار الفكر هذا الكتاب باعتباره مدخلاً لكشف حقائق مذهلة تميط اللثام عن خفايا التأثير اليهودي على السياسية الأمريكية، واصفة المؤلف بالجرأة غير المسبوقة، تلك التي دفعته لتجاوز كل المحرمات التي نجحت الصهيونية العالمية في فرضها على العالم باسم مكافحة اللاسامية، والتي أسكتت بها ألسنة الباحثين الجادين والصحافيين الباحثين عن الحقيقة والسياسيين الباحثين عن العدالة، بما في ذلك الباحثين الذين تتوفر لديهم قاعدة بيانات ثمينة المحتوى معلوماتيًا. إطلالة على الكتاب ومحتواه يمثل هذا الكتاب السيرة العملية لصحوة الكاتب، وهو عضو بالكونجرس الأميركي، وكانت صحوته استفاقة من سُبات وهم تسرب إلى وعيه منذ الصغر عن اليهود الأطهار وصورتهم المهيبة في المجتمع الأميركي المخدوع. يروى في هذا الكتاب حكايته مع التدفق المعلوماتي، الذي اكتشف بعد التدقيق فيه أن ثمة تنام لأخطبوط شبه أصولي كاره للغرب، ويسعى إما للسيطرة عليه أو تدميره. يروي الكاتب بداية شكوكه على لسان أمينة مكتبة كانت على وعي بوقوف اليهود خلف الشيوعية التي كانت كابوس الأميركيين خلال فترة صبا الكاتب. ومع اتجاهه كمراهق مشاغب، ولا يقنع بالتعليقات البسيطة الساذجة، للتحقق من الأمر بدأت الكوابيس المعلوماتية لديه تترى عن أصابع اليهود الخفية الساعية لتدمير المجتمع الغربي. جاءت فصول كتابه الأولى حول علاقة اليهود بالشيوعية العالمية، وكيف أن مؤسس الشيوعية هو نفسه مؤسس الصهيونية: المدعو موسى هيس. ويعرض الكاتب معلومات مذهلة مستمدة من مكتبة الكونجرس تتضمن تقارير مخابراتية حول تركيبة النخبة الحاكمة بعد الثورة البلشفية لعام 1917، حيث كانت النخبة المركزية السوفيتية المسيطرة على قرار الاتحاد السوفيتي تتضمن 350 فردًا، كان منهم زنجيان، وثلاثة عشر روسيًا، وكان البقية من اليهود. ثم يمض للكشف عن علاقة اليهود بمعسكرات الاعتقال المسئولة عن قتل وإبادة 66 مليون إنسان وفق تقدير الأديب سولجنستين الحاصل على جائزة نوبل للآداب. ويروى الكاتب علاقته الاستكشافية بتلمود اليهود، واكتشافه أن دمه الخاص مهدر بحكم قراءته للتلمود، تلك القراءة المحرمة على غير اليهودي، وتحكم عليه بالقتل لمجرد القراءة. ويستطرد الكاتب قراءته للتلمود التي اكتشف من خلالها احتقار هذا الكتاب الذي يجمع عليه اليهود للمسيح، والتي تتمثل إحدى مظاهرها في استحضار ساحر يهودي لجسده بعد صلبه ليقتلوه بإغراقه في "مني" يغلي، ومنها وصفه بأن أمه الطاهرة العذراء مريم كانت عاهرة زانية، وأنه يحل لليهود ارتكاب كل الآثام بحق أي إنسان غير يهودي ولا يحل لهم فعل الشيء نفسه مع اليهود. ويستطرد الكتاب في فصول الكتاب حديثة عن دور اليهود في اختراق الدول الكبرى في العالم، وعن نبوءة تشرشل بكون الصهيونية والشيوعية من بنات الفكر اليهودي المعادي للأغيار: غير اليهود، وخرج من هذا السياق إلى دور اليهود في حركات الحقوق السياسية داخل الولاياتالمتحدة، وبخاصة حركات حقوق السود، وحركات حقوق المرأة، ناظرًا للقضية باعتبارها نوع من أنواع إعادة صياغة التركيبة الاجتماعية في المجتمعات الغربية بهدف تفكيك سيطرة الأقلية البيضاء على زمام الأمر في الولاياتالمتحدة، وهي النظرة العرقية التي سنقيِّها فيما بعد. ويستطرد الكاتب شارحًا إسهام اليهود في إعادة إنتاج مجموعة من الظواهر الاجتماعية المريضة كالفساد السياسي والاجتماعي، وأوضح بالإحصاءات تورطهم في التسبب في إفلاس شركات الإنتاج السينمائي والمؤسسات الصحافية الكبرى التي تهاجمهم، ثم شراءها من المزادات بعد إفلاسها بأبخس الأثمان ليسيطروا من خلالها على القوة الإعلامية الأمريكية، ناهيك عن حديثه عن إدارتهم لكبرى شبكات الدعارة في الولاياتالمتحدة، وتحايلهم وتمكينهم لبعضهم البعض من المناصب السياسية. ويضرب المثل بأن إدارة الرئيس كلينتون شهدت 14 مرشحًا لوزارة الخارجية في فترة ولايته الثانية، كان منهم 13 من اليهود بينهم امرأة واحدة هي مادلين أولبرايت التي تم تعيينها في هذا المنصب. ويذكر أن سفراء الولاياتالمتحدة في أهم دول العالم من كانوا من اليهود، ومنهم من ظل يلاحق حكومات الدول التي تعين فيها لضمان حصول اليهود على تعويضات عما أصابهم زمن النازي (ألمانيا) أو بسبب ودائع اليهود من الذهب في مصارفهم (سويسرا) ولرد اعتبار اليهود فيما يتعلق بسمعتهم (إيطاليا/الفاتيكان).. إلخ. المعلوماتية والإرهاب و11 سبتمبر في هذه الآونة التي تُكتب في إطارها هذه السطور يعيش العالم حمى أميركية اسمها معالجة الإرهاب، وبخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول. وبصرف النظر عن الدلائل التي تشير لتورط اليهود في مثل هذا التفجير بمراعاة أعداد الناجين اليهود من هذه المأساة الحقيقية اللإنسانية، إلا أننا نود أن نربط بين هذا الكتاب وبين السياسية الأمريكية الحالية. فحين تحدث الكاتب عن السطوة الإعلامية والسياسية لليهود عرض مجموعة من الاستشهادات لمفكرين وصحافيين يهودًا يتباهون فيها بهذه السطوة التي صارت لهم، بل إنه يعرض المقتطف من صحيفة معاريف الإسرائيلية، يدعو فيها الكاتب هذا المقتطف إلى ضرورة إعادة النظر في رؤية اليهود لأمريكا، حيث لم تعد أميركا من الجوييم أو الأغيار، وهم غير اليهود الذين يقتضي التعامل معهم التجرد من الأخلاق الحميدة والاعتبارات الإنسانية. ويري كاتب المقال الذي منع هذا الاقتباس أن اليهود في أميركا صاروا شركاء في الحكم الأميركي، مما يجعل أميركا بلدًا لا يستحق معاملته كالأغيار بصورة متجردة من الأخلاق، وهذا يعني أن حضور النفوذ السياسي اليهودي بأمريكا بات واضحًا بصورة لا يمكن تجاهلها أو التغافل عنها، وهو نفسه يقارن بين 20 عامًا مضت كان اليهود فيها يخفون أسماءهم اليهودية لكي لا ينتبه العالم الغربي، والأمريكان خصوصًا، لتسللهم لمراكز صنع القرار، وبين الآونة المعاصرة حيث صار اليهود لا ينكرون هذا الحضور الطاغي لهم في الأوساط السياسية والإعلامية والاقتصادية. إن تكشف الحقائق في هذا المجال، وبخاصة مع حالة القوة الأمريكية المطلعة في العالم وحالة القوة اليهودية المطلقة داخل المجتمع الأميركي، هذه الحقائق حين تتكشف تقود الأطراف التي يعني اليهود بإذلالها وإخضاعها إلى طرح تساؤل: ماذا بعد هذه الهيمنة اليهودية الطاغية؟ ماذا بعد هذه الحلقة المفرغة من الهيمنة والإذلال؟ الكاتب يكتب في طيات كتابه، أو هو نفسه حرص على إبراز، أن اليهود يعاملون كل العالم باعتباره من الجوييم أو الأغيار، بما في ذلك المسيحيين والمسلمين، وأنهم يتسلطون على كل أعدائهم بموجب نصوص تلمودية، مما يجعل إمكانية كسر حلقة التسلط هذه عبر الحوار. ديفيد ديوك يريد أن يقول إن التلمود هو محرك السياسية اليهودية في كل أنحاء العالم، بما في ذلك أميركا. وهذا يجعل من سيطرتهم على ركائز القوة في الدولة الأميركية بالغة القوة هو مفتاح للدخول إلى حلقة مفرغة من حلقات القوة لا يمكن كسرها إلا بالإرهاب، نعم الإرهاب! وهذه معضلة المعلوماتية المستفادة من كشف مراكز القوة غير الإنسانية التي تهيمن على مراكز صنع القرار في الدول العظمى: حيث تُفضي للقول بحتمية العنف. الذي هو وسيلة مرفوضة بكل المقاييس لحسم الخلافات الإنسانية الحياتية المصيرية. كان من الطبيعي إذًا أن يتلو هذه الهيمنة اليهودية الصارمة على السياسة الأميركية أن تتوجه سياسة أمريكا الخاضعة لليهود، نحو مكافحة أي مجال للتعبير السياسي العنيف من أجل كسر هذه الحلقة المفرغة، أي أن يصبح شعار السياسة الأميركية هو: مكافحة الإرهاب، وهو في الحقيقة مكافحة اليهود لكل شكل من أشكال الرغبة في الانعتاق السياسي من هذه الهيمنة الظالمة لليهود على قرارات القوة الغاشمة الأميركية. بالطبع لم يقل ديفيد ديوك هذا القول، وإلا فإنه كان يزج بقلمه ونفسه في عش الدبابير الذي زعم أنه وطأه منذ بدأت عينا وعيه تتفتح على الدنيا. من هذا المنطلق كان لابد من حدوث أحداث 11 سبتمبر، وإن لم يكن المسلمون مرشحين للاتهام فيها فكان من المحتم أن يتم إشراكهم فيها، لأنهم الوحيدون المستهدفون يهوديًا وصهيونيًا بعد أن تم تدجين المسيحيتين البروتستانتية ثم الكاثوليكية، ولهذا كان لابد من انتهاك ديمقراطية أميركا داخليًا وخارجيًا لمنع المسلمين من المساس بمكتسبات اليهود. كان مفتاح الخوض في هذا الحديث، ضربه النائب الأميركي ديفيد ديوك من مثال: ماذا لو وقعت وسائل الإعلام الأميركية بهذه الصورة تحت يد الرئيس العراقي صدام حسين، الذي يتجه لصوغ وعي الأميركيين بما يخدم مصالح العراق والعرب وربما المسلمين، وبعد استعراض سيطرة اليهود الإعلامية يعيد يلمح ديوك إلى إعادة طرح السؤال: مشيرًا إلى أن اليهود حلوا محل صدام حسين في هذا المثال البشع، وهذا المثال المقارن يطرح ضمنيًا ضرورة التعاطي مع وضع اليهود بنفس الأسلوب الذي تم التعاطي به مع وضع صدام الذي جابهته أميركا بالحديد والنار، لكنه تناس، أو ربما سبق الكتاب في صدوره هذه الحرب ليغفل أن اليهود أنفسهم كانوا مفتاح الإدارة الأميركية لضرب بالعراق، عبر استشرائهم داخل إدارة الرئيس بوش الابن كما كانوا قد تغلغلوا من قبل في حكومة ريجان الذي كان بوش الأب هو نائب الرئيس فيها، كما تغلغلوا من بعد في حكومة بوش الأب. هل الكتاب دعاية صهيونية؟ هذا محتمل! الكتاب يستعرض تغلغل النفوذ اليهودي داخل المجتمع الأميركي. والجانب المعلوماتي في الكتاب مهم بلا شك، لكن بعض المداخل الرصدية التي استخدمها النائب ديفيد ديوك في هذا الكتاب وما حواه من معلومات كانت مداخل محكوم عليها باللاأخلاقية، وبخاصة المدخل العرقي، مما يجعل هذا الرجل مستهجن الفكر، وبالتالي يسحب على اليهود صبغة من المشروعية. كيف؟!! ليس عيبًا – من وجهة النظر الأميركية - أن أتهم اليهود في مجتمع مادي اقتصادي كالمجتمع الأميركي بأنهم مرابون، فهذه ليست لديهم تهمة. فالمجتمع الأميركي بأكمله يقوم على الربا كنظام لإدارة الحياة. فالموظف بمجرد عمله لا يستطيع أن يحيا بدون منظومة قروض المنزل والسيارة والهواتف والأدوات الكهربائية والملابس المباعة بالتقسيط، فهذا النظام على قدر ما يحفل به من ظلم، إلا أنه هذب نفسه بحيث أصبح ملجأ وملاذًا للأمريكيين برغم ما به من ظلم. كما أن غير اليهود يعملون بالربا، وينشئون المصارف، فلم تعد هذه التهمة مقتصرة على اليهود وحدهم. ويبقى أن الحديث عن جشع الربا الوارد في التلمود هو حديث للاستهلاك الإعلامي في المجتمع الأميركي المتعطش للقراءة في الكتب ذات الصلة بالموضوعات الغيبية، ناهيك عن المجتمع المسلم الذي سيُترجم إليه الكتاب. كما أن الحديث عن اليهود والدعارة أيضًا يدخل في نفس الإطار. فعلى الرغم من أن الغرب ينظر لهذه الظاهرة في إطار علم الأمراض الاجتماعية، إلا أنه امتصها، وصار يتعامل معها باعتبارها نشاط اقتصادي مربح يدفع الضريبة، وينقذ ملايين العاهرات والقوادين من الموت جوعًا والخنوع تحت خط الفقر الذي يحيا تحته 40% من سكان الولاياتالمتحدة نفسها، وكمصدر ضخم من مصادر الدخل القومي عبر سياحة الجنس والمقامرة التي تمثل النشاط الاقتصادي لبعض كبرى مدن أميركا، وعلى رأسها لاس فيجاس وغيرها. والخلاصة أن العهر لم يعد نشاطًا يبرع فيه اليهود وحدهم، بل تشاركهم فيه مؤسسات استثمارية كبرى، وبعض المؤسسات التبشيرية المسيحية المتخفية كما اتضح من خلال فضيحة القس جيمي سواجارت، بالإضافة إلى ألمافيا، فلم يعد اليهود وحدهم المعنيين بهذا النشاط، بل صارت الأمة كلها معنية به. أما المثير لحفيظة القارئ الواعي حقيقة أن الرجل يتحدث من منظور عرقي، وينتصر للعرق الأبيض المرتبط بأصول اليانكي الأميركية: المنحدرة من سلالات أوروبية بيضاء، ويعتبر أن نشاط اليهود أدى لتراجع مد الالتزام العرقي، الذي يميز بين الأعراق بناء على ما يتمتع به العرق الأبيض من ذكاء وقدرة على العمل المبدع الخلاق، ويرى أن اليهود قضوا على هذه التطلعات العرقية عبر تسربهم لعلوم الفيزياء ونفيهم تمايز الأعراق فيسيولوجيًا، وخروجهم بالقضايا العرقية من حقل العلوم الطبيعية لحقل العلوم الاجتماعية ليبرهنوا على أن التمايز في القدرات هو بسبب البيئة الاجتماعية لا الجينات الوراثية. ومن هذا المنظور العرقي البغيض يتحدث النائب ديفيد ديوك عن دور اليهود في هدم بنيان المجتمع الأميركي عبر مناصرتهم لحركات الحقوق المدنية للسود والمهاجرين المكسيكيين غير الشرعيين. هل يمكن لرجل معاد لليهود أن يطرح نفسه بهذا المدخل العرقي البغيض، ثم يحاول أن يصم اليهود بواقع كونهم غير عرقيين، وأنهم يناصرون حركات حقوق الإنسان، وأنهم كان لهم الفضل في إثبات أن اختلاف الأعراق فسيولوجيًا لا يعني احتكار البيض وحدهم لطاقات الذكاء والتفكير والبراعة الاقتصادية والسياسية. لابد من أن نؤمن جميعًا بأن كثيرًا من المدخل التآمري يفسد التفكير ويهدم المناهج التحليلية ذات الصبغة الموضوعية، لكن القليل من هذا المدخل التآمري يشحذ الخيال السوسيولوجي للباحثين، ويدفعهم لصوغ افتراضات غير مألوفة للبحث الاجتماعي، وقد يدفعهم لبذل جهد لإثباتها أو دحضها. والمراد من تحليلنا في هذا الجزء تنبيه القارئ العربي إلى مغالطة قد يريد اليهود إيقاعنا فيها، ألا وهي نقدهم، عبر ربط تحركهم في المجتمع الأمريكي بمحاولات تعزيزهم لحقوق الجماعات العرقية الأميركية المغلوبة على أمرها، وهو ذلك المنطق الذي يجرنا إليه الكاتب. ومن يدري فقد يكون هذا الكتاب أسلوب ذكي جدًا من أساليب اعتذار هذا النائب لليهود، بما يجعله يصل معهم لاتفاق يقضي بعدم محاربتهم له. ففي كتابه يعرض النائب ديفيد ديوك للممثل العالمي الشهير مارلون براندو الذي خرج على العالم في برنامج شهير يصف فيه اليهود بأنهم لا يسمحون لمن يعارضهم بالكلام، ويشير إلى أن هذا دفع الإعلاميين السينمائيين اليهود إلى التضييق عليه، ومنعه من العمل. وأنه سعى لتجاوز تلك المحنة من خلال قيامه بترتيب لقاء له مع ديسينتال أحد عمالقة صناعة السينما الأميركية وركع على ركبتيه وقبل يدي ديسينتال؛ راجيًا الصفح والعفو، ويصف الكاتب: النائب ديفيد ديوك، الأثر المترتب على هذا المشهد التراجيدي قائلا: " فأحله ديسينتال من ذنبه، ومن ذلك الحين لم يقل براندو عن اليهود سوى ما هو إيجابي". فهل يمثل هذا الكتاب مشهد ركوع تراجيدي جديد وذكي ومبتكرًا من قبل النائب الأميركي ديفيد ديوك؟ هذا محتمل. فكل شيء قابل للبيع في السوق الأميركية، بما في ذلك الصدقية والكرامة. اقتراب يجب الحذر منه الكتاب لا يكتم سرًا، بل هناك فقرات كاملة في الكتاب تفضح المدخل والأغراض العرقية لمؤلفة، وهذا يدفعنا إلى تساؤل مهم، يسهم في تقييم الكتاب، هذا التساؤل هو: هل التركيبة النفسية العرقية لهذا الرجل تنأى عما وصف به اليهود؟ هذا الكتاب محاولة (محتملة) للنائب ديفيد ديوك للتعاطي مع وضع أمته المتسلطة، ضد اليهود الذين رآهم بعينيه يتسلطون عليها، فماذا سيفعل أنصار وأمثال هذا الرجل لو أتيحت لهم السيطرة على قرار أميركا في تجربة تاريخية مغايرة؟!! لقد أثير خلال الفترة القليلة الماضية الحديث عن تحالفات تضم العرب والمسلمين في الولاياتالمتحدة وأمثال هذا النائب، وهذا من أعظم الخطر على عرب ومسلمي الدول الغربية. إن المسلمين أقوام ذوو رسالة سماوية، يجب بموجبها ألا يتحالفوا إلا مع كل حركة عادلة تنتصر للإنسانية وللعدالة وللخير وللحرية الملتزمة المسؤولة وللحقوق المغيبة والضائعة، لا أن تتحالف مع ذوي التوجهات العرقية اليمينية المتظرفة. ثم كيف يتفاعل المسلمون المهاجرون مع مثل هذا التيار العرقي وهم أخلاط من عروق شتى؟! إن هذا الرجل الناقم على اليهود لإنتاجهم مسلسل الجذور Roots الذي عالج أوضاع القهر التي عاشها الزنوج في المجتمع الأميركي؛ ماذا سيفعل لو صار هو نفسه صانع القرار؟ إن كسر حلقة القرار الصلبة التي يسيطر عليا اليهود متروكة لصور النضال السياسي، لكن الأمل المظلم يلف احتمالات كسرها، غير أن الأمل الأكثر إظلامًا يطل عندما تتصور مثول هذا الرجل أو أمثاله لحلف يمين الحكم في أميركا. إن هذا يجعل الكتاب في قيمته الحقيقية موجهًا لمراجعة البرامج السياسية لليمين الأميركي الذي يعد جورج بوش الابن نموذج مخفف لغلوائه. إن أي تعاضد قد يتم بالترتيب مع مثل هؤلاء ينبغي أن ينصرف لرفع الغشاوة عن أعين العالم فيما يتعلق بتسلط اليهود وسلوكياتهم الرامية لرمي الأمم ببعضها البعض. لكن لا تحالفات تتم في البرنامج السياسي. فليس من المشروع لمسلم أن يسوس الناس بهذه الروح العنصرية العرقية البغيضة. والله أعلم.. قام بالمراجعة: وسام فؤاد الإشارة المرجعية للكتاب: ديفيد ديوك، الصحوة: النفوذ اليهودي في الولاياتالمتحدة، ترجمة د. إبراهيم يحي الشهابي، دار الفكر، دمشق، 2002، ط:1.