تطمح الحكومة إلى بلوغ مليون جمعية في غضون السنوات القليلة المقبلة، كما صرح بذلك الحبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، حين أكد أن الجمعيات تجاوز عددها عتبة ال100 ألف جمعية، وأن طموح الحكومة هو بلوغ مستوى المليون جمعية في السنوات القليلة المقبلة، شريطة توفير الإطار القانوني، وتفعيل الضبط، والمراقبة، والحكامة الجيدة. وتطفو في مقابل هذا الطموح أرقام اعتبرها الفاعل الحكومي ذاته "مقلقة" في مجال الدعم المالي المقدم للجمعيات، حيث أكد الشوباني أن 95 بالمائة من الجمعيات لا تقدم أي كشف بخصوص حساباتها، وأن حوالي 0.3 من الجمعيات تستحوذ على 36 بالمائة من مجموع الاعتمادات الموجهة للشراكة بين الدولة والمجتمع المدني، والأكثر من ذلك أن 80 بالمائة من الاعتمادات المالية المخصصة لدعم المجتمع المدني تذهب إلى 20 بالمائة من الجمعيات فقط، علما أنها تستفيد من دعم مالي من الداخل والخارج يقدّر مجموعه حسب الأرقام الرسمية في حده الأدنى بحوالي 3 مليارات من الدراهم (300 مليار سنتيم) في السنة المنصرمة، هذه الأرقام المقلقة أذهلت الشوباني، وجعلته يقول إن "التمويل في عالم الجمعيات أقرب إلى الغموض"، وأن "نسبة الوضوح في هذا المجال نسبة محدودة جدا"، في الوقت الذي سجل فيه غياب تقرير وطني شامل حول معطيات الدعم والتمويل. الدعم الأجنبي أكد إدريس الأزمي، الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، أن قيمة الهبات الخارجية الممنوحة للجمعيات ذات المنفعة العامة تقدر بأزيد من 410 مليون درهم خلال عشر سنوات منذ سنة 2002 إلى سنة 2012، موضحا أن الجمعيات ذات المنفعة العامة استفادت من استثناءات ضريبية على شكل إعفاءات أو تخفيضات ضريبية وقد تم اعتماد 52 إجراء لفائدة الجمعيات والمؤسسات ذات المنفعة العامة، استنادا على تقرير النفقات الضريبية لسنة 2013 بمعدل 12.6 في المائة من مجموع الإجراءات البالغ عددها 412. وتشير الدراسات العلمية حول "خارطة المجتمع المدني العربي"، كما نقلتها دراسة أماني قنديل "مؤشرات فاعلية منظمات المجتمع المدني، الشبكة العربية للمنظمات الأهلية، 2010"، أن مصادر التمويل ذاتية في الدرجة الأولى بنسبة (35.5 بالمائة)، يليه التمويل الحكومي (22.4 بالمائة)، فالتبرعات والهبات (12.2 بالمائة). وأن التمويل الأميركي هو الرافد الأساسي للتمويل بنسبة 6.8 بالمائة، حيث يسجل أعلى نسبه في لبنان (11.5 بالمائة)، ثم مصر (8.5 بالمائة)، ثم اليمن (7.1 بالمائة)، فالمغرب (5 بالمائة)، يليه تمويل الاتّحاد الأوروبي (مسجلاً أعلى نسبه (11 بالمائة) في المغرب الذي ينخفض فيه التمويل الأميركي انخفاضاً شديداً حسب التقرير)، في مقابل اختفاء التمويل الأميركي والأوروبي كلياً في حالة بلدان أخرى مثل الإمارات، وأن مجال النشاط الرئيسي للجمعيات في الوطن العربي هو خدماتي بنسبة 36.5 بالمائة، وتنموي بنسبة 25.9 بالمائة، وخيري تطوّعي بنسبة 18.4 بالمائة، وحقوقي بنسبة 8.8 بالمائة. انعكاس الاختلالات رصدت أبحاث وطنية مجموعة من الاختلالات التي تشوب الدعم المقدم للجمعيات والذي ينعكس على عدم استفادة جمعيات أخرى، حيث كشف تقرير وطني حول "مؤشر المجتمع المدني بالمغرب"، أنجزه الفضاء الجمعوي، بتعاون مع المنظمة الدولية «سيفيكوس»، وبدعم من وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية أن 50 بالمائة من الجمعيات لا تحصل على التمويل الحكومي، وهذا الرقم يرتفع إلى 91 بالمائة في حالة التمويل الخارجي، ونسبة 88.9 بالمائة بالنسبة للتمويل الذي يخصصه القطاع الخاص، مسجلا أن 18.8 بالمائة من الجمعيات ليس لديها أي تمويل بما فيه الذي يأتي من تبرعات أعضائها. مقابل 34 بالمائة من الجمعيات لديها تمويل وتحصل عليه فقط من مساهمات أعضائها، فيما نسبة 16.3 بالمائة من الجمعيات فقط هي التي تحصل على تمويلها بالكامل بفضل مساهمات أعضائها. وأكد البحث الوطني للمندوبية السامية للتخطيط حول "المجتمع المدني" أن أكثر من نصف الجمعيات المغربية لا تتوفر على مقر، وأن 80 في المائة من الجمعيات تعاني من نقص في التجهيزات الضرورية، وأن 32 بالمائة من موارد الجمعيات تأتي من الهبات والتمويلات الجارية المقدمة من الأسر بنسبة 12.7 بالمائة، أو الدولة 6.1 بالمائة أو المقاولة بمعدل 5.7 بالمائة أو من الخارج 5 بالمائة أو الجمعيات الأخرى بنسبة 2.5 بالمائة، وأن 5.4 بالمائة فقط من الجمعيات تتوفر على ميزانية تفوق 500 ألف درهم. وأن 145 جمعية لكل 100 ألف نسمة في 2007.