التقرير يوصي بتخصيص نسبة تصل إلى %1 من الميزانية العامة للدولة للنهوض بالعمل الجمعوي أظهرت نتائج أول تقرير وطني حول مؤشر المجتمع المدني بالمغرب تطورا مهما للمجتمع المدني خلال العشرين سنة الأخيرة، من خلال توسع وتعدد الجمعيات، مسجلا أن المجتمع المدني مازال يغلب عليه وجود ثلاثة أنواع من الفئات والتي تمثل أكثر من 50%، ويتعلق الأمر بالجمعيات التي تنشط في مجال التنمية المحلية وتمثل 19.4%، وفئة الجمعيات العاملة في المجال الصحي والخدمات الاجتماعية بنسبة 17.5%، والجمعيات الثقافية ب13.3%، هذا بالإضافة إلى الجمعيات النسائية ومنظمات حقوق الإنسان التي تمثل نسبة 9%. وكشف التقرير الذي أنجزه الفضاء الجمعوي بتعاون مع المنظمة الدولية «سيفيكوس» وبدعم من وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية، بأن توسع المجتمع المدني يعتمد بالأساس على تطور عدد المنخرطين والمتطوعين، فالمتطوع الناشط الذي يشتغل مجانا يحتل مكانة مركزية في السير اليومي للجمعيات، في حين أن المشكل الأهم الذي تعاني منه الجمعيات خاصة على المستوى التنظيمي يتمثل في ضعف أو غياب عاملين يتقاضون راتبا حيث أن 62% من جمعيات المجتمع المدني ليس لديها عناصر تتلقى مقابلا ماديا على العمل الذي تقوم به، وأن متوسط عدد العاملين لا يتعدى 3.8، وهذا الأمر يختلف بشكل كبير بين الجمعيات الثقافية التي تصل فيها نسبة العاملين 1.8، و حالة الجمعيات المهنية والنقابات التي تسجل بها نسبة 7.9. وأبرز في هذا الصدد، أن الدور المهم والحاسم الذي يلعبه المتطوع بالإضافة إلى غياب عاملين يتقاضون المقابل داخل هيئات المجتمع المدني يعود بالأساس إلى الصعوبات المالية وبالأخص التي تفرضها محدودية الموارد المالية المتاحة والمنتظمة. وعلى مستوى التدبير الإداري للجمعيات أفاد التقرير أن جزءا كبيرا من الجمعيات لا تتوفر على الحد الأدنى من بنيات التدبير الإداري وتعاني صعوبات حقيقة على مستوى التمويل، حيث أن 50% منها لاتحصل على التمويل الحكومي، وهذا الرقم يرتفع إلى 91% في حالة التمويل الخارجي، ونسبة 88.9% بالنسبة للتمويل الذي يخصصه القطاع الخاص، مسجلا أن عدد الجمعيات التي تحصل على نسبة مهمة من التمويل الخارجي أو ممولين آخرين تقلصت، وهذا الأمر يعد من وجهة نظر التقرير علامة إيجابية فيما يتعلق بمسألة استقلالية المجتمع المدني على مستوى التمويل، في حين أن 18.8% من الجمعيات ليس لديها أي تمويل بما فيه الذي يأتي من تبرعات أعضائها. مقابل 34% من الجمعيات لديها تمويل وتحصل عليه فقط من مساهمات أعضائها، فيما نسبة 16.3% من الجمعيات فقط هي التي تحصل على تمويلها بالكامل بفضل مساهمات أعضائها. وعلى مستوى تقدير أثر عمل وأنشطة جمعيات المجتمع المدني على المجتمع، قسم التقرير عملية قياس هذا التأثير إلى ثلاث مستويات، فعلى المستوى الاجتماعي، أفادت المعطيات أن الجمعيات لها تأثير كبير على مجال التعليم، حيث تفوق النسبة 53%، وفي مجال التنمية الاجتماعية يتجاوز تأثيرها نسبة 42%، فيما مستوى التأثير بالنسبة لمساعدة الفقراء يفوق 24%، في حين أن تأثير يبدو جد ضعيف في مجال السكن حيث لا يصل حتى إلى 2%، والمساعدات الغذائية بنسبة 0.9%، والشغل بنسبة 2.9%. ولاحظت نتائج التقرير، أن تقييم تأثير عمل الجمعيات داخل المجتمع في مجمله كان إيجابيا، حيث اعتبر 50% من المستجوبين بأن له تأثيرا ملموسا، في حين أكد 44% أن تأثيره يبقى محدودا. مضيفا أن هذا التقدير الإيجابي لتأثير الجمعيات يتقاسمه عدد من الملاحظين وخبراء أجانب، حيث أكدوا أن تأثير الجمعيات كان مهما في المجال الاجتماعي بنسبة تتجاوز 52%، وفي مجال حقوق الإنسان قارب تأثيرها نسبة 42%، والتعلمي نسبة 27.5%، هذا في مقابل تسجيل محدودية لتأثيرها في مجال السكن والشغل والمساعدة الغذائية. هذا ومن أبرز مظاهر الضعف التي يشكو منها المجتمع المدني والتي تم الكشف عنها، ضعف التمويل، حيث عبرت عن ذلك نسبة 35.5% من المستجوبين، فيما نسبة 27% تربط ضعف المجتمع المدني بانتشار السلوك الانتهازي والمحسوبية داخله، ومحدودية الاستقلالية. ويضاف إلى عناصر الضعف هذه مسألة ضعف التنسيق والتواصل، وغياب التنظيم والمهنية. أما فيما يتعلق بالعقبات التي تعيق تطور المجتمع المدني، أفاد التقرير أن أغلب المستجوبين خاصة منهم الفاعلين الخارجيين يضعون الحكامة الداخلية للجمعيات على رأس تلك المعيقات بنسبة تتجاوز 72%، واستعمال الجمعيات في أهداف غير تلك التي تأسست من أجلها بنسبة تفوق 70%، وعدم احترام قيم الديمقراطية بنسبة تفوق 54%. ومن بين أهم التوصيات التي اقترحها التقرير للنهوض بجمعيات المجتمع المدني، توجد مسألة الرفع من الموارد المالية العمومية المخصصة للجمعيات عبر تخصيص مثلا نسبة 1% من الميزانية العامة للدولة، أو تخصيص نسبة 0,5% من الناتج الداخلي الخام، وتوزيع هذا الغلاف المالي بشكل عقلاني ديمقراطي ووفق معايير الشفافية.