كشف مؤشر المجتمع المدني بالمغرب أنه شهد تطورا كبيرا ومتنوعا يعتمد، أساسا، على مشاركة المواطنين والعمل التطوعي، مع انخراط ضعيف لفئة الشباب في النقابات والأحزاب السياسية. الفضاء الجمعوي خلال تقديم الدراسة أمس الأربعاء بالرباط (كرتوش) وأظهرت دراسة، أنجزها الفضاء الجمعوي، بتعاون مع المنظمة الدولية "سيفيكوس"، وبدعم من وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية، معدلات انخراط ضعيفة لفئة الشباب في النقابات والأحزاب السياسية مقارنة مع منظمات المجتمع المدني، خاصة النشطة في مجالات التعليم، والصحة، والخدمات الاجتماعية. وتفيد نتائج الدراسة أنه، في سنة 2010، سجلت أعلى نسب للانخراط في منظمات المجتمع المدني على مستوى الجمعيات الرياضية، بنسبة 8.3 في المائة، والمنظمات التربوية أو الثقافية (6.8 في المائة)، والجمعيات التنموية (4.8 في المائة)، فيما بلغت نسبة الانخراط في منظمات حقوق الإنسان 1.3 في المائة. وأوضح البحث أنه، مقارنة بالمسح العالمي للقيم لسنة 2005، انخفضت معدلات الانخراط، سيما في الجمعيات الرياضية، إذ انتقلت من 12.7 في المائة إلى 8.3 في المائة، والنقابات، من 8.1 في المائة إلى 1.4 في المائة. وسجل البحث، الذي شمل عينة من ألف و297 شخصا، اختلافات كبيرة في الانخراط في المجتمع المدني بين الجنسين، ففي الوسط الاجتماعي والفئات العمرية، تبلغ نسبة الانخراط في منظمات التنمية 2.5 في المائة بالنسبة للرجال و1.4 في المائة بالنسبة للنساء، وكان معدل انخراط الشباب تحت سن 35 سنة أعلى، إذ بلغ 2.8 في المائة، في حين، لم تتجاوز نسبة الانخراط في المناطق الريفية 0.6 في المائة، كما سُجلت اختلافات مماثلة على مستوى المنظمات الأخرى. بالمقابل، سجل البحث حضورا أكبر نسبيا للشباب ببعض المنظمات مقارنة بمن يتجاوزن سن 35 سنة، كما هو الحال مع منظمات حقوق الإنسان، بنسبة 0.6 في المائة لمن هم دون سن 35، مقابل 0.3 في المائة لمن يزيد سنهم عن 35. وسجل البحث، الذي قدمه الفضاء الجمعوي، في لقاء نظم، أمس الأربعاء، بالرباط، أن معدلات انخراط الشباب في النقابات والأحزاب السياسية تبقى ضعيفة. وعلى مستوى الثقة في المؤسسات وجدوى الجمعيات ومعرفتها، يضع المستجوبون ثلاث مؤسسات، في مقدمة المؤسسات، التي تضطلع بدور مهم بالنسبة للمجتمع المدني، ويتعلق الأمر بالمدرسة، بنسبة 74.8 في المائة ووسائل الإعلام (53.3 في المائة)، والقضاء (49.2 في المائة). ولم تحظ مؤسسات مجلس النواب (24.1 في المائة) والأحزاب السياسية (25.6 في المائة) والحكومة ( 30 في المائة) بالاهتمام نفسه. وسجل البحث المتعلق بمنظمات المجتمع المدني برسم 2010، الذي شمل عينة من 211 هيئة، موزعة على مختلف أنحاء المغرب، أن أنشطة جمعيات المجتمع المدني يمكن أن تشمل مجالين مختلفين، أو مجالات متعددة، فضلا عن وجود جمعيات تشتغل في الحقل الديني، بيد أنها تفضل القول بأنها تعمل في المجال الاجتماعي أو الثقافي، لأسباب سياسية أو غيرها. وتفيد معطيات حول توزيع منظمات المجتمع المدني أنه شهد تطورا كبير خلال العقدين الماضيين، ويتجلى ذلك في الارتفاع الملحوظ لعدد المنظمات وفي تنوعها الكبير. إلا أنه تبينت، حسب البحث، هيمنة أصناف معينة من المنظمات، إذ أن ثلاثا منها تمثل 50.2 في المائة من المجموع، ويتعلق الأمر بجمعيات التنمية المحلية (19.4 في المائة)، والصحة والخدمات الاجتماعية (17.5 في المائة)، والجمعيات الثقافية (13.3 في المائة)، إضافة إلى مجموعة من الجمعيات النسائية، وجمعيات حقوق الإنسان، التي تمثل 9 في المائة. ولاحظ البحث أن هذا التوسع في المجتمع المدني يعتمد، بشكل كبير، على ارتفاع عدد المنخرطين والعمل التطوعي، وأن جزءا كبيرا من المنظمات يفتقر للحد الأدنى من الهياكل الإدارية، وتواجه صعوبات كبيرة في مجال التمويل. ووصف البحث تقييم أنشطة منظمات المجتمع المدني بالإيجابي عموما، إذ تعتقد الجمعيات المستجوبة أن لها أثرا كبيرا في مجالات نشاطها، كالتعليم (53.6 في المائة)، والتنمية الاجتماعية (42.7 في المائة)، وتقديم المساعدة للفقراء (24.6 في المائة)، فيما لم يرد ذكر الإسكان (1.4 في المائة)، والدعم الغذائي (0.9 في المائة)، والتشغيل (2.9 في المائة) إلا قليلا. ولاحظ البحث أن مجال حقوق الإنسان لم يرد إلا من 6.6 في المائة من المستجوبين. وخلصت نتائج البحوث المنجزة والمؤشر الخاص بالمجتمع المدني إلى أن إمكانيات تطور المجتمع المدني تبقى كبيرة، إلا أن هذا المسعى يصطدم بقلة الموارد البشرية الموظفة، والقدرات المالية، التي تكاد تكون منعدمة، فضلا عن أن القيود المفروضة على التمويل تحد، بشكل كبير، من استقلالية المجتمع المدني، وتعزيز مهنيته.