انتقد تقرير أولي للمجتمع المدني بالمغرب، قدمه النسيج الجمعوي، في لقاء دولي، نظم الجمعة الماضي بالرباط، تقرير المندوبية السامية للتخطيط حول الأهداف الألفية الإنمائية في المغرب، برسم 2009. وخلال اللقاء، الذي نظم حول موضوع "أهداف الألفية للتنمية وإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: الحصيلة والآفاق"، تساءل عزيز شاكر، خبير اقتصادي واجتماعي، أشرف على إعداد تقرير المجتمع المدني، عن مفهوم الفقر، باعتباره يختلف بين الدول المتقدمة والدول النامية، مشيرا إلى أن تقرير المندوبية سجل، سنة 2008، أن معدل سكان الاتحاد الأوروبي تحت عتبة الفقر يقدر بحوالي17 في المائة، وأن عددا من الدول الأوروبية الكبرى، كإيطاليا، وإسبانيا، وبريطانيا، واليونان، كشفت أن معدل الفقر بها بلغ 20 في المائة، أما في المغرب، حسب شاكر، فإن نسبة الفقر المسجلة في الفترة نفسها تقل عن 10 في المائة، حسب المندوبية السامية للتخطيط، متسائلا إن كان المغرب أقل فقرا من دول أوروبا. وأضاف شاكر أن "المغرب، حسب المندوبية، تمكن من تقليص معدل جميع أنواع الفقر في الفترة بين 1990 و2008 إلى ما يفوق النصف (84 في المائة بالنسبة لعدد السكان الذين يقل دخلهم عن دولار في اليوم، و80.4 في المائة بالنسبة للفقر الغذائي، و71.2 في المائة للفقر المطلق). وحول الهدف الثاني المرتبط بالتعليم، سجل تقرير الفضاء الجمعوي أن المغرب حقق تقدما على المستوى الكمي، وفقا للمندوبية السامية للتخطيط، من حيث بناء وإعادة تأهيل العديد من المؤسسات التعليمية وتعميم والتعليم الأولي، لكن النتائج المسجلة على مستوى الجودة لم ترق إلى المستوى المطلوب، من وجهة نظر شاكر، الذي أكد أن هناك تحديات كبرى في قطاع التعليم يجب رفعها، كما جاء في تقرير المجلس الأعلى للتعليم سنة 2008 حول نظام التعليم، ونتائج البحوث الدولية، وتقرير البنك الدولي حول حصيلة التعليم في العالم العربي سنة 2007، الذي أشار إلى ضعف مستوى التلاميذ في نظام التعليم المغربي، وارتفاع معدل الهدر المدرسي. وأشار شاكر إلى أن "الدولة "خسرت أزيد من 15.5 مليار درهم عام 2007، نتيجة تدني جودة التعليم، وفقا لتقرير رابطة إدارة الجودة المتخصصة في نظم التعليم والتدريب". وعزا هذا الضعف إلى سوء التدبير والتسيير للنظام البيداغوجي، الذي تؤدي نتائجه إلى التسرب من المدارس، وتغيُب المدرسين، وتوقيف الدروس دون مبرر، في تناقض مع الميزانية المخصصة لقطاع التعليم، التي بلغت، سنة 2007، حوالي 35 مليار درهم . أما بخصوص الهدف الرابع، المتعلق بخفض نسبة وفيات الأمهات والأطفال، فذكر تقرير الفضاء الجمعوي أن إحصاءات المندوبية أظهرت أن معدل وفيات الأمهات انتقل من 227 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية، عام 1997، إلى 132 حالة وفاة عام 2009، مسجلا أن هذا الرقم أقل ارتفاعا، مقارنة مع العديد من الدول العربية، إلا أنه يظل مرتفعا من وجهة نظر الفضاء الجمعوي. وأوضح شاكر أن قطاع الصحة يواجه العديد من الإكراهات، من ضعف الموارد البشرية والجودة الصحية، التي تختلف نسبها من منطقة إلى أخرى، فضلا عن مشاكل أخرى مرتبطة بضعف الإمكانيات المادية، والأمية والعزلة بالنسبة لسكان بعض المناطق. وسجل تقرير الفضاء الجمعوي أن السياسة العمومية في قطاع الصحة لم تعط ثمارها بعد، إذ احتل المغرب الرتبة 115 من طرف منظمة الصحة العالمية في ما يتعلق بمعايير "الأولويات الصحية"، و110 في ما يخص مستوى الصحة. ولاحظ التقرير أن الميزانية المخصصة للقطاع لا تتناسب مع احتياجاته، إذ بلغت 10.8 ملايير درهم سنة 2011، مقابل 11.3 مليار درهم عام 2010، أي 5.5 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 10 في المائة، التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية. ولاحظ التقرير، بخصوص الهدف الثامن، الذي يخص الشراكة العالمية من أجل التنمية، أنه، من خلال النقاشات المتبادلة حول هذا الهدف بين الباحثين وجمعيات المجتمع المدني، تبين أنه لا يثير اهتماما كافيا لدى السلطات المكلفة برصد وتتبع تنفيذ أهداف الألفية للتنمية. وأشار شاكر إلى أن المغرب شارك، عام 2008، في دراسة استقصائية، بشأن فعالية المساعدة في الميدان الاقتصادي، وتبين أن البلاد تعتمد كثيرا على المساعدات المالية، إذ بلغت قيمتها، سنة 2007، ما مجموعه مليارين و268 مليون دولار، وهي لا تمثل سوى 2 في المائة من الميزانية الوطنية، أي 1.8 مليار درهم. وحسب تقرير النسيج الجمعوي، يعتبر البنك الدولي الممول الرئيسي للمغرب بنسبة 18.8 في المائة من مساعدات التنمية، يتبعه الاتحاد الأوروبي (13.6 في المائة)، والبنك الأوروبي للاستثمار (9.7 في المائة)، والأمم المتحدة (1 في المائة)، والولايات المتحدة (0.9 في المائة)، وأن معظم هذه المساعدات تمنح للمغرب في شكل قروض وليس هبات.