قال محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح إن الشخص الرسالي هو الصالح المصلح الذي يعمل بكفاءة وفاعلية، والحامل لمشروع إصلاحي يخوض به غمار التغيير والمدافعة والاقتحام ويحقق به الانتشار والتوسع. وأكد في مداخلة تحت عنوان " العمل والرسالية أية علاقة ؟" أن الرسالية تحتاج إلى إتقان في العمل وإحسان فيه. ودعا رئيس الحركة بمقرها في عين السبع بالدار البيضاء، في إطار الملتقى الدعوي الجهوي الذي نظم يومي السبت والأحد 23/24 نونبر 2013 م إلى استحضار مبدأ إقامة الدين على مستوى الأفراد والأسرة والمجتمع والأمة. وعرف الحمداوي العمل بأنه طاقة مصروفة لإحداث تغيير في شيء تنقله من حال إلى حال، ويحتاج إلى صرف الطاقة، فلا توقف. مضيفا أن العمل أفضل مبلغ وله تأثير على الناس أكثر من وعظهم، وإذا غابت القدوة الصالحة يكثر الواعظون ويقل المستجيبون. ونبه الحمداوي إلى أن حملة الإحسان في العمل، تروم التنبيه إلى الاختلال في العمل وتأثيراتها على الدعوة، وبين العلاقة بين الإحسان والإتقان. من جهته عرض أحمد الريسوني، عضو المكتب التنفيذي للحركة " قيمة الإحسان في العمل" وتناول مقام الإحسان في الإسلام، ونبه إلى أن الإحسان ومشتقاته ورد في القرآن كثيرا في عشرات المواضع والسياقات، وحمل المعاني، أما فعل الحسن والأحسن، أو قول الحسن والأحسن، وأداء الأعمال بطريقة حسنة. وأشار إلى حكم الإحسان مدققا في قول الفقهاء الذين قالوا " أن الإحسان فضيلة ونافلة والواجب هو العدل، وهو إما واجب أو مندوب بحسب القرائن، والأدلة الشرعية كقوله عليه السلام " إن الله كتب الإحسان في كل شيء" وشرح " كل شيء" بجميع المجالات: الإحسان في العبادة، الإحسان في الدعوة إلى الله، والإحسان في مدافعة السيئة بالحسنة، والإحسان في مال اليتيم، وفي التخاطب. وختم بأن الإحسان هو الإتقان والتجويد، وأنه هو السبق والمعالي، ومعاملة الناس بالأحسن والحسن، ونبه إلى أضداد الإحسان كالتطفيف والغش والتقهقر. من جهته وقف أبو زيد المقرئ الإدريسي على " قيمة العمل في مشروعنا الحضاري" حيث أبرز أن العمل في القرآن كمفهوم ودلالة يمكن الرجوع فيه إلى كتاب متميز للدكتور يوسف القرضاوي للوقوف على أهميته وربطه بالإيمان والعمل الصالح، كما دل على كتاب " الحركة النقابية حركة إنسانية لجمال البنا والذي تضمن فصولا تمهيدية ونظرية عن قيمة العمل ومكانته في الإسلام. وانتقد المقرئ في مداخلته التصور السلبي لقيمة العمل، ورصده في المتخيل الشعبي وعند غالبية المسلمين، واللبس الحاصل في التفاضل والأولية بين العمل المهني والدعوي، كما بين سلبيات التفرغ وسوء توظيف قول الشافعي وإخراجه من سياقه " لو كلفت شراء بصلة لما فقهت مسألة ". ونبه أبو زيد المحسنين كي ينفقوا على أهل العلم كي يحصلوا على أفضل النتائج كما خصص حيزا كبيرا لتأثيرات الفكر المجرد والذي تأثر في عمومه بالفكر الفلسفي اليوناني واللاهوت الذي رفع من قيمة الفكر النظري غير اللازم للعمل معتبرا ذلك خللا تصوريا ومنهجيا يؤثر على العمل، موضحا أن هذه الشبهة رد عليها ابن تيمية في كتابه " الرد على المنطقيين" الذي أبرز فيه عقم الفكر المجرد عن العمل ونبه إليه أيضا الإمام الغزالي في القرن الخامس لينصرف المسلمون إلى العلوم الطبية والابتعاد عن الجدل العقيم وعلم الكلام الذي لا ينتج عنه عمل. و عرج أبو زيد على مفهوم العمل وتطبيقاته في حياة الأنبياء والصحابة والتابعين والسلف الصالح، وأكد على ضرورة إعادة النظر في تحقير المهن الحرفية التي امتهنا أفضل الخلق الأنبياء والرسل، وعرف بعبقرية عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وتفانيهم في العمل والإحسان فيه. وختم أبوزيد بالحديث عن الجانب العملي، وبين اثر الإتقان والإحسان في العمل على الدعوة ونشرها وتحبيب الدين للنفوس، وقدم لنماذج من أبناء الحركة الإسلامية المغربية الذين أتقنوا عملهم وأثروا به على الناس، وختم بنموذج نجم الدين اربكان المهندس الميكانيكي المخترع لمحرك بألمانيا والذي كان سببا في تدخل دولة ألمانيا لدى تركيا كي لا يعدم مرتين. و أكد عبد الجليل الجاسني، مسؤول الحركة بجهة الوسط أن كل أعمال الدعوة إلى الله تحتاج إلى الإحسان لأنها أعمال لله عز وجل، فكل وحدة من وحدات العمل وكل نشاط دعوي ينبغي أن يقاد بإحسان، لأن هذه البرامج الدعوية إنلم تصبغ بسمة الإحسان والإتقان لن يلتفت إليها، وأضاف أن الله عز وجل قد تعبد المسلم بالإحسان فهو مطالب أن يحسن في كل أعماله لأنه سيسأل عن إحسانه في العمل. وفي تصريح ل " التجديد " اعتبرت الدكتورة حنان الادريسي، مسئولة القسم الدعوي، أن الملتقى الدعوي الجهوي جاء في إطار ملامسة عدد من القضايا القيمية في مناحي متعددة من حياتنا الاجتماعية، ومناقشة قضية في غاية الأهمية تم طرحها على المستوى الوطني وهي " قيمة الإحسان في العمل " وذلك لتجاوز بعض الاختلالات السلوكية المصاحبة لأداء المواطن في عمله وتأثيراتها السلبية على العمل، وتأكيدا على الدور الرسالي المركزي الذي ينبغي أن يقوم به المواطن في دائرته لدعم جهود الدعوة إلى الله تعالى ومدى تأثيره في ساحة التدافع حول الهوية والقيم. و أوضحت حنان أن هدف الملتقى يرتقي إلى الإسهام في الرفع من مستوى الوعي بقيمة العمل ، وإبراز قيمة الإحسان في العمل عند المسلم، والأدوار الرسالية من خلال ممارسة الوظيفة أو العمل، والحرص على تمليك آليات التدافع حول القيم والهوية في الوظيفية او العمل. وختم الملتقى بورشة حول آليات تنزيل الحملة والتي تتناول موضوع "الإحسان في العمل" حيث قدم فيها المشاركون مقترحات إجرائية سواء على مستوى المضامين أو على مستوى الشكل لحسن تنزيلها. ويهدف الملتقى حسب المنظمين إلى: الإسهام في الرفع من مستوى الوعي بقيمة العمل، وإبراز قيمة الإحسان في العمل عند المسلم، والأدوار الرسالية من خلال ممارسة الوظيفة أو العمل، والحرص على تمليك آليات التدافع حول القيم والهوية في الوظيفية او العمل.