قررت النيابة العامة بسلا بعد خمس ساعات من الدراسة والمشاورات حفظ الملف وإخلاء سبيل الشيخ حسن الكتاني وأحد عشر فردا اعتقلوا لأجل الشهادة ضد الكتاني والقول بأشياء لم يفعلها حسب ما أكد لنا بعضهم. وتعود أحداث القضية إلى يوم الثلاثاء الماضي حيث قامت الشرطة القضائية بسلا باستنطاق الأستاذ حسن الكتاني، وبعدها طلب منه لقاء وكيل الملك بسلا في اليوم الموالي ليتم وضعه تحت الحراسة النظرية بمركز الأمن الإقليمي بسلا. وفي أول تصريح له بعد الإفراج عنه، أكد حسن الكتاني للتجديد أن اعتقاله كان بإملاءات أمريكية بقوله: "الرسالة التي يريدون توجيهها هي أن نسعى في تهدئة الأوضاع بالبلاد، وهذا من منهجنا، فنحن ندعو الشباب للالتزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكنا نرى أن اعتقالنا تم بموجب أمريكي، ولم نفعل شيئا يستحق ذلك، وكان وضعنا غريبا، تذكرنا حينها النبي صلى الله عليه وسلم وأئمة الإسلام الذين أوذوا وقلنا ينبغي أن نصبر في طريق الدعوة وأن نتحمل". كما استنكر بعض الدعاة ما حصل للشيخ الكتاني، حيث قال الشيخ محمد عبد الوهاب الرفيقي المكنى بأبي حفص إنه لا يستغرب ما حصل للكتاني، مضيفا أن السلطة أمام استحقاقات أمنية محلية ودولية، ولابد لها من إجراءات تجعلها منسجمة مع الحملة الأمريكية، على ما يسمى بالإرهاب، واعتبر أن السلطة وجدت في الشيخ حسن الكتاني كبش فداء، بسبب مواقفه الجريئة في نصرة المستضعفين من المسلمين في العالم. ووصف أبو حفص التهم الموجهة إلى الكتاني بأنها أتفه من أن يرد عليها، وتساءل متى كانت مخالفة المذهب المالكي جرما يعاقب عليه المخالف، وأضاف أن الكتاني عرف بتدريسه لكتب المذهب المالكي والاهتمام بتراثه، والدعوة إليه. وكرر الرفيقي أن ما وقع للشيخ حسن الكتاني ينخرط في سياق الحملة الدولية على الحركات الإسلامية بمختلف تياراتها. ورأى أن إطلاق سراحه هو جزء من إعادة الأمور إلى نصابها، ودعا إلى تعزيز مكانة العلماء. وصرح الشيخ أبو عاصم عمر الحدوشي للتجديد بقوله أن ما حدث للعلامة حسن الكتاني سبة وإساءة للعلم والعلماء، خاصة المالكية، وتعجب كيف يسجن عالم من العلماء بتهمة مخالفة المذهب المالكي. كما خلف انتظار عائلة الكتاني استياء عبر عنه الدكتور بدر الدين الكتاني، شيخ الطريقة الكتانية، وهو خال الأستاذ حسن الكتاني، وقال :"هذه محنة يجتازها حملة الفكرة الإسلامية بالمغرب، في الوقت الذي نجد فيه الإباحية ضاربة أطنابها ولارادع لها، والأفكار العلمانية منتشرة، ولاحظنا سابقة لم يتقدم لها نظير تتمثل في سب وقذف الصحابي الجليل أبي هريرة والقذف في الإمام البخاري صاحب الصحيح، ودامت هذه الحملة شهورا ولم تتحرك أي قوة نهائيا ولم يحاكم أصحاب هذه الأفكار، الذين ينشرون الإلحاد داخل البلدان الإسلامية". وأضاف بدر الدين الكتاني أن هذه المحاكمات يمكنها أن تثير الرأي العام المغربي، وتوقظ الحس والشعور، ومن شأنه أن يوقظ حماس وشعور الشعب المغربي برمته، ورأى أنه لامعنى لحراسة نظرية، لشخص مقيم وهو شخصية معروفة، كما صرح أن العائلة الكتانية كان يمكن أن تعطي ضمانة من أجل إطلاق سراحه، وأن المسؤولين رأوا أنفسهم في حيص بيص، وتركوا مكاتبهم رغم انتهاء الحراسة النظرية. وتساءل الدكتور بدر الدين الكتاني لماذا جاء توقيت المحاكمة متأخرا عن الأحداث التي عرفها مسجد مكة، وربط اعتقال ابن أخته بالعدوان المنتظر على العراق، حيث إن الجماعات الإسلامية بالعالم الإسلامي يخشى أن تقوم برد فعل في حالة غزو العراق، وتحسبا لردود الفعل ، يضيف الكتاني، يراد محاكمة رموز الحركة الإسلامية لمحاولة الردع. أما دفاع الكتاني الأستاذ عبد الله لعماري، الذي انتظر إلى جانب تسعة محامين قرار النيابة العامة، فقد اعتبر القضية مفتعلة، ودعا إلى سياسة أمنية تخدم المجتمع وحيى موقف النيابة العامة التي اعتبرها وقافة عند القانون، كما صرح لعماري أن افتعال مثل هذه القضايا في هذه الظروف الحساسة لعب بالنار. يذكر أن الأستاذ حسن الكتاني ألقى كلمة بعد الإفراج عنه وسط جموع غفيرة من الشباب شكر فيها إخوانه وأصحابه من حي وادي الذهب بسلا، كما لم يفته شكر رجال الأمن الذي وجد منهم حسن المعاملة. ويشار إلى أن قدوم الأستاذ حسن الكتاني من مركز الأمن الإقليمي كان تحت حماية أمنية مشددة، كما أن مئات المواطنين الذين أتوا من سلا والرباط وتطوان والبيضاء وفاس رابطوا أمام المحكمة الابتدائية بسلا منذ الساعة العاشرة صباحا إلى حدود العاشرة ليلا، وقت إطلاق سراح الأستاذ حسن الكتاني. خديجة عليموسى
استنكرت أسرة الشيخ الحسن الكتاني ما تعرض له من اعتقال وتحقيق معه من طرف الشرطة القضائية بمدينة سلا أواخر الأسبوع الماضي. وناشدت الأسرة الكتانية في بيان لها القوى الحقوقية والسياسية في المغرب من أجل الوقوف إلى جانبها في هذه القضية. وفي ما يلي نص البيان
بيان من الأسرة الكتانية إلى الرأي العام:ندعو كافة فصائل المجتمع إلى الدفاع عن الأستاذ حسن الكتاني
استنكرت أسرة الشيخ الحسن الكتاني ما تعرض له من اعتقال وتحقيق معه من طرف الشرطة القضائية بمدينة سلا أواخر الأسبوع الماضي. وناشدت الأسرة الكتانية في بيان لها القوى الحقوقية والسياسية في المغرب من أجل الوقوف إلى جانبها في هذه القضية. وفي ما يلي نص البيان:
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، القائل في ما رواه عن الله تعالى: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا"، والقائل: "الظلم ظلمات يوم القيامة". وبعد، فإننا أسرة العلامة الداعية إلى الله تعالى الشيخ محمد الحسن بن محمد بن علي بن محمد المنتصر بالله الشريف الكتاني لنستنكر أشد الاستنكار اعتقال أخينا المذكور وحجزه على قيد التحقيق، بتاريخ الأربعاء 5 فبراير 2003، ونعتبر هذا الإجراء تعسفا وانتهاكا لحقوق الإنسان المغربي، وإهانة لعالم من علماء المغرب، ولأصوله الشريفة، ولعائلته التي ضحت بالغالي والنفيس من أجل استقلال المغرب وبث العلم والاستقرار به. ذلك أن الشرطة القضائية بمدينة سلا استدعته بتاريخ 4 فبراير 2003 من أجل الحوار معه في (أمر عاد جدا). ثم أخبرته أن أربعة عشرة من المصلين في مسجد "قلة" بحي الواد بسلا رفعوا ضده دعوى بتهمة أنه كان لا يؤذن في يوم الجمعة ثلاث أذانات، ولا يقرأ الحزب القرآني قبل الصلاة، وأنه صلى بهم مرة ركعة واحدة فقط في صلاة الجمعة. مما اضطرهم إلى ترك الصلاة في المسجد المذكور. ثم أحيل العلامة مولاي الحسن في اليوم التالي على النيابة العامة، وأنكر تلك الاتهامات أشد الإنكار، مبديا أن الأذان وقراءة الحزب من اختصاص المؤذن لا خطيب الجمعة. ومعلنا أن العوام لا يحاكمون العلماء، وأن أمرا كهذا إنما هو من اختصاص نظارة الأوقاف لا "البحث الجنائي"!! ثم أمر ضابط التحقيق بالمركز الأمني لمدينة سلا بحجز الأستاذ المذكور على ذمة التحقيق لمدة (48) ساعة، منع فيها حتى من لقاء أهله والتحدث إليهم، ورفض وكيل جلالة الملك إعطاء المحامين الموكلين في هذه القضية أخبارا تفصيلية عن وضعية موكلهم، مكتفيا بالتصريح بأنه مأمور بذلك أيضا. وقد عجزت السلطات الأمنية عن استدعاء أصحاب الدعوى، وبقي الأمن الجنائي طول ليلة الخميس (6 فبراير) يبحث عنهم في حي الواد، ثم تم اعتقال أربعة من أهل الحي المذكور متابعين أمنيا ببعض التهم، وضغط عليهم ضابط التحقيق بأن يسامحهم الأمن عن التهم الموجهة إليهم في مقابل شهادة الزور على الأستاذ الكتاني بما ذكر من الاتهامات. غير أن الإخوة الأربعة رفضوا أشد الرفض في فورة غضب، لما يكنونه من وافر الاحترام للأستاذ المذكور. وفي اليوم الموالي الخميس (6 فبراير) قامت الشرطة بمداهمة منزل العلامة الكتاني بحي النهضة بالرباط، وتفتيشه التفتيش الطويل والدقيق، وصادرت مجموعة من الكتب والأشرطة، وجهاز الحاسوب، أمام مرأى من عشرات المواطنين الذين امتلأت قلوبهم غيظا على مشاهدة العلامة الكتاني يخرج من حاملة الأمن الوطني بتلك الحالة السيئة، وعشرين من أفراد الأمن الوطني بمختلف فصائلهم يحدقون به. وقد رفض الضباط إعلان تصريح وكيل الملك لتفتيش البيت، وإبرازه لأسرة الأستاذ الكتاني، كما أن حضورهم لم يقتصر على شرطة سلا، إنما حضرته كافة الأجهزة الأمنية بصورة لم تعهد إلا في قناة الجزيرة عند تصويرها لإجرام الجيش "الإسرائيلي" في فلسطين. ثم انطلق رجال الأمن إلى منزل والد العلامة الكتاني، الأستاذ الدكتور علي بن المنتصر الكتاني المستشهد في قرطبة بتاريخ 10 4 2001 في ظروف مشبوهة، وأرادوا اقتحام المنزل، والذي هو في ملك الورثة، وتفتيشه ليس من اختصاص هذه القضية، ورفضوا الإدلاء بأمر السيد وكيل الملك أو قاضي التحقيق باقتحام البيت. وعند رفض أسرة المجني عليه الأستاذ الكتاني السماح لهم بدخول البيت، هددوا باقتحامه عن طريق كسر الباب، واستدعوا أجهزة التدخل السريع لتطويق المنزل، والكائن في طريق زعير قبالة مسجد العتيبة، في حي دبلوماسي يقطنه السفراء والوزراء ووجوه البلاد. وبعد اضطرار الأسرة للسماح لهم بالدخول، وإشارة المحامي الأستاذ توفيق مساعف لهم بذلك، دخل رجال الأمن وفتشوا مختلف مرافق البيت ومحتوياته والتي ليست في ملك الأستاذ الكتاني، إنما ملك مشاع أو خاص بوالدته وإخوانه. ثم في المساء قامت الشرطة بحملة اعتقالات في حي الواد حسب مصادر من نفس الحي وقاموا باعتقال أربعة عشر مواطنا من الحي المذكور، وقاموا بتعذيبهم وإهانتهم طول ليلة الجمعة (7 فبراير)من أجل إجبارهم على الشهادة على الشيخ الكتاني لما ذكر من التهم الموجهة إليه أعلاه. إننا أسرة الأستاذ حسن الكتاني لنستنكر أشد الاستنكار هذا التصرف الأرعن ضد شخص نبيل لطيف، قمة في السمو الأخلاقي، عالم صالح، داعية إلى الله تعالى، منحدر من أصول خدمت المغرب خدمة امتلأت بها كتب التاريخ، ونعتبره استفزازا صارخا وعدوانا مقيتا علينا كأسرة، وعلى المجتمع المغربي عن طريق إهانة وجوهه، وضرب رموز الإسلام فيه، كما ندعو السيد وزير الداخلية، والسيد وزير العدل الموقرين إلى أن يأمرا بالحال بإطلاق سراح العلامة الكتاني، ورد الاعتبار إليه وإلى أسرته التي تشعر بالإحباط الشديد تجاه دولة الحق والقانون. مع العلم أن الأستاذ الكتاني أوقف من الخطبة بمسجد مكة، والذي كان يخطب فيه مجانا في سبيل الله بتاريخ أكتوبر من عام 2001. ولهذا فإننا ندعو كافة فصائل المجتمع من الأحزاب السياسية بكافة تياراتها، والنقابات، والجمعيات الحقوقية، والثقافية، والإسلامية، إلى الوقوف معنا في هذه القضية، والدفاع بكل ما في وسعهم عن الأستاذ المذكور. إن لهذه القضية ما بعدها، وإذا أقدمت الأجهزة الأمنية اليوم على الاعتداء على عالم وطني غيور داعية، لم تثبت عليه أية جريمة، ولا إخلال بالأمن العام، وكافة تصريحاته تنم عن الغيرة على الوطن، والاحترام للحكومة والأجهزة الأمنية والاعتزاز بالعرش العلوي المجيد، فماذا سيكون مستقبل المفكرين وأصحاب الرأي الحر، ممن ليسوا رجال دين، ولا ينتمون إلى بيت عريق في خدمة الوطن؟! (ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز). أسرة العلامة حسن الكتاني الجمعة 7 2 2003