استقر اختيار المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على اعتماد حرف تيفيناغ لكتابة اللغة الأمازيغية، وجاء هذا الاختيار خلال اجتماعه المنعقد يومي الخميس والجمعة الماضيين. حيث تم اعتماد مسطرة التصويت في مرحلتين حصل الحرف العربي في الأولى على 5 أصوات وتيفيناغ على 14اللاتيني 13ليتم اللجوء للمرحلة الثانية والحاسمة التي أعطت 24 صوتا لصالح اعتماد حرف تيفيناغ و8 أصوات لصالح الحرف اللاتيني بينما لم يحصل الحرف العربي على أي صوت. وأوضح إبراهيم أخياط عضو المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في اتصال هاتفي ب"التجديد" أن "مناقشة الأطروحات خلال يومين من العمل داخل المعهد، حيث دافع كل طرف عن أطروحته من الناحية العلمية والبيداغوجية والسياسية، وفي النهاية تم الاحتكام إلى التصويت الذي غلب اعتماد حرف تيفيناغ"، معتبرا أنه الخيار الموضوعي والهوياتي لأن حرف تيفيناغ هو حرف اللغة الأمازيغية. وأضاف >لا يمكن الفصل بين الحرف واللغة، لأن المسألة مرتبطة بالهوية والبيداغوجية، إذ يستحيل أن ندرس لغتين بحرف واحد في نفس الوقت لما يخلق من تشويش عند الطفل<. اختيار حرف تيفيناغ لكتابة اللغة الأمازيغية بالنسبة للدكتور أحمد الريسوني (رئيس حركة التوحيد والإصلاح) وإن كان عنده أهون شرا وأقل ضررا من المطلب الشاذ والغريب باعتماد الحرف اللاتيني في كتابة اللغة الأمازيغية، فإنه اختيار مفتعل الغرض منه قطع الطريق على الاستمرار في كتابة اللغة الأمازيغية بالحرف العربي. وقال في تصريح ل"التجديد": "لقد قلنا مرارا إن اختيار الكتابة بالحرف العربي هو اختيار الأمازيغ واختيار تيفيناغ الآن هو اختيار مجموعة من الناس تريد أن تفرض رأيها على ملايين المغاربة الأمازيغ وغيرهم. بينما اختيار الحرف العربي اختيار شعبي تاريخي تم عن اقتناع وطواعية".وأضاف "قرار اعتماد حرف تيفيناغ تعسفي وليس ديمقراطيا ويفتقد إلى المشروعية وليس في صالح الأمازيغية ولا في صالح وحدة وهوية الشعب المغربي"، آملا أن تكون هناك محطة لتصحيح هذا الخطأ. وتأسف ذ. المقرئ الإدريسي أبو زيد (أستاذ اللسانيات) لقرار المعهد المذكور المبعد للحرف العربي الذي قال عنه >إنه كان دائما بالنسبة للشعوب الإسلامية غير العربية من أندونيسيا إلى المغرب الأقصى هو عنصر التوحيد الجامع بينها من جهة وبينها وبين اللغة العربية والقرآن الكريم، وإنه الذاكرة والخزان الثقافي لتراث هذه الشعوب المتوحدة حول القرآن ولغته، ولم يكن كتابة هذه اللغات التي تعد بالعشرات بآسيا وإفريقيا بالحرف العربي تغريبا لها عن ذاتها أو ابتعادا بها عن خطها، إن كان لها خط سليم وموحد أصلا<. وأضاف في تصريح ل "التجديد": >كان بودنا أن تحفظ اللغة الأمازيغية على نفسها هذا المكسب الذي كسبته منذ 14 قرنا وأن تبقي خط التواصل بينها وبين تراثها الضخم الذي سجل بالحرف العربي في بطون الكتب وكنا نتمنى ألا تبدأ الأمازيغية من الصفر وكأنها لغة نكرة ليس لها جذور ضاربة في عمق التاريخ وليس لها أصالة إسلامية ممتدة طيلة 51 قرنا<، معتبرا >أن اعتماد حرف تيفيناغ قرار تلفيقي وتوفيقي بين دعاة الحرف العربي ودعاة الحرف اللاتيني الذين كانوا يريدون قذف الأمازيغية في مهاوي التغريب الأكثر بعدا وسحقا ضدا على الأمة وتراثها ودينها<. تلفيقية قال عنها ذ. أبو زيد أنها >ستأتي على حساب اللغة الأمازيغية والثقافة الأمازيغية نفسها على اعتبار أن حرف تيفيناغ ليس عليه إجماع وليس موحدا ولا يؤدي من الناحية الصوتية إلى تمثيل البنية الصوتية الأمازيغية تمثيلا جيدا، وعنده مشاكل تقنية كبيرة<. مشيرا إلى أن الخيار المذكور سيضرب بسور من حديد بين مجموعتين تؤلفان الشعب المغربي؛ المجموعة العربية والمجموعة الأمازيغية". وتمنى ذ. أبو زيد "أن تستيقظ ضمائر وعقول قادة التيار الأمازيغي لينظروا إلى مصلحتهم أولا لأن النية النبيلة وراء تدريس اللغة الأمازيغية سوف تنقلب إلى عكسها بتهميش الحرف العربي، منتظرا أن يكون هناك تدخل ملكي في الموضوع بما يقوي وحدة الشعب المغربي. من جهة أخرى اعتبر إلياس لعماري (فاعل أمازيغي) المناصر لحرف تيفيناغ أن أي حرف يبقى غريبا بالنسبة للطفل عندما يلج المدرسة لأول مرة، وأن حرف تيفيناغ حسب ما يؤكده خبراء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سيكون جاهزا في نهاية الموسم الدراسي الحالي، محملا إياهم المسؤولية في التسريع بإنجاز ما سماه بآخر الرتوشات للتمكن من تدريسه الموسم الدراسي المقبل في القسم التحضيري. وقد تعذر علينا معرفة رأي مناصري الحرف اللاتيني في قرار المعهد المذكور، حيث امتنع البعض عن التعليق، فيما ظلت هواتف الباقين موصدة أو خارج التغطية. يذكر أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مؤسسة استشارية ترفع تقاريرها إلى جلالة الملك محمد السادس الذي تعود له صلاحية الحسم والقرار. محمد عيادي