بقلم: مراد بابعا تضاربت الآراء في موضوع اختيار الحرف المناسب لكتابة الأمازيغية وذلك لما للأمر من حساسية اعتبرت في كثير من الأحيان بالغة الأهمية، فهناك من المهتمين اللغويين من طالب، بل ألح على اعتماد الحرف العربي إلى درجة أن هذا الفريق هدد بالخروج والتظاهر في الشارع في حالة ما إذا تم تجاهل الحرف العربي، فريق آخر انتصر للحرف اللاتيني، وفريق ثالث وقف بين بين وقال باعتماد «تيفيناغ» حرفاً رسمياً لكتابة الأمازيغية. ورغم الاختلاف بين كل هذه المواقف، فإن الهدف الأساسي وربما الوحيد الذي ينشده الجميع هو التطوير والرقي بهذه اللغة لإلحاقها بمستويات اللغات الكونية الأخرى حتى يمكن إخراجها من بوثقة الحلقية والمحلية التي تنعت بها. هذا ويقتضي التطوير والارتقاء بأية لغة من اللغات الانسانية توفرها على العديد من القواعد والأسس اللغوية المتينة التي تبقي على مكانتها وتميزها بين اللغات الأخرى، وأول هذه الخصائص الحرف الذي تكتب به على اعتبار أنه مفتاح تفكيك الرموز المشفرة لأي لغة كانت. أما فيما يرتبط بالأمازيغية فإنها اللغة التي عمرت طويلا وظلت تستعمل خلال الفترات السابقة وتتداول شفهيا، ولكنها استطاعت رغم ذلك الصمود حيث سجلت حضورها في تاريخ العديد من البلدان ليس في المغرب لوحده بل في الجزائر أيضا ومصر والنيجر ومالي على اختلاف تعابيرها من دولة لأخرى. ولقد بذلت الكثير من الجهود من أجل الأمازيغية وبخاصة في المغرب، بحيث تم الحسم في الحرف، وذلك باعتماد «التيفيناغ» لكتابتها وتم كذلك إدماجها في المنظومة التربوية بالرغم من الانتقادات التي وجهت لهذه التجربة على أساس الاختلالات التي شابتها، ومن بين هذه الانتقادات تلك التي اتجهت صوب الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وخصوصا المادة المتعلقة منه بالأمازيغية حيث اعتبر تدريسها للاستئناس فقط. ويذكر أن حروف تيفيناغ وجدت منقوشة على الصخور وعلى الصفائح بوليلي وتامودا وفي الهوكار جنوبالجزائر وفي مناطق أخرى، وهي بذلك اعتبرت من أقدم الأبجديات التي عرفتها الإنسانية إلى جانب الكتابة المسمارية والفنيقية، ويرجع الفضل، حسب ما ذهب إليه مجموعة من المؤرخين، إلى أمازيغ الصحراء «الطوارق» في الحفاظ على «تيفيناغ». حاليا هذا الحرف يطرح إشكالية كبيرة تكمن في أن الأقلية القليلة فقط من أمازيغ المغرب هي من يعرف فك طلاسم هذا الحرف، والسواد الأعظم لا يفقه شيئا فيه، ولهذا ستبقى معرفة «تيفيناغ» حكرا على عدد قليل من التلاميذ والطلبة الذين تعلموا المبادئ الأولى لفك رموزه. وذهب بعضهم إلى اعتبار حروف «تيفيناغ» عائقا أمام من يريد تعلم الأمازيغية ، على أن تدريسها لازال في مراحله الجنينية، سيما وأن المرحلة تتميز بغياب معاهد متخصصة في مجال تدريسها وبالتالي لاحظ الكثيرون عزوفا عن تعلم «تيفيناغ» خاصة من جانب الطلبة. إن اختيار «تيفيناغ» لكتابة الأمازيغية كانت له حمولة ثقافية وتاريخية كبيرة، ويعتبر تميزاً لها، لكن عملية تلقينه والتدريس به تطرح أكثر من إشكال، فالكثير من المهتمين بالشأن الأمازيغي لايزالون متشبثين بالحرف اللاتيني أو العربي مع إضافة بعض التعديلات لملاءمته مع طبيعة اللغة وخاصيتها، وهذا ربما بإمكانه حل جزء كبير من المشكل، على اعتبار أن هناك لغات أخرى اعتمدت نفس المبدأ كالفارسية والأفغانية والتركية إلى بداية حكم «أتاتورك».