سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأستاذ إبراهيم أخياط رئيس الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي ل "لتجديد": عندما ندعو إلى تدريس الأمازيغية بحرف تيفيناغ، لا ندعو إلى توقيف الكتابة بالحرف العربي
يوضح الأستاذ إبراهيم أخياط رئيس الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي في هذا الحوار موقف الجمعية من النقاشات الدائرة في الساحة الثقافية و السياسية حول حرف كتابة اللغة الأمازيغية، و يرى أن حرف "تيفناغ" هو الحرف الأنسب لذلك، لما يحمله من دلالات حضارية و تاريخية، و ثقافية، كما يبين الأستاذ بعض المشاكل التي تعترض الجمعية، و حقيقة ما يتداول من أخبار حول المشاكل التي برزت بين أعضائها، وخاصة حقيقة الحملة الانشقاقية التي يتزعمها أحمد عصيد، و غيرها من المواضيع التي تضمنها هذا الحوار نود في البداية معرفة جديد الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي شكرا لجريدة "التجديد" على هذه المبادرة التي نثمنها، أنتم تعلمون أن جمعيتنا تشارك في المعرض الدولي للنشر والكتاب باستمرار منذ حوالي خمس سنوات، وعملنا هذه السنة على إصدار عدة عناوين (حوالي ستة عناوين جديدة) في مواضيع تمس قطاعات فكرية مختلفة، ومنها "خطابات إلى الشعب الأمازيغي" للصافي مومن علي، و"الموسيقى الأمازيغية وإرادة التجديد، أوسمان نموذجا"، و"أمارك نتباعمرانت" الذي جمعنا فيه جل الأشعار التي غنتها فاطمة تباعمرانت، و"من أجل ترسيم أبجدية تيفيناغ لتدريس الأمازيغية"، إضافة إلى كتاب "الأمازيغية في ميثاق التربية والتكوين أو الميز اللغوي"، إذن هذا هو جديد الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي بالإضافة إلى نشاط ثقافي مواز لمعرض الكتاب وهو عبارة عن ندوة حول إشكالية حرف كتابة الأمازيغية، ونحن بصدد التحضير للاحتفال بالذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس الجمعية، ومقبلون أيضا على المؤتمر الحادي عشر للجمعية. هل من مشاكل تعترض جمعيتكم؟ طبعا من يعمل تصاحبه المشاكل، وكل عمل جمعوي أو نضالي أو ثقافي فيه مشاكل سواء مادية أو تنظيمية أو إعلامية أو غيرها. وهذه كلها مشاكل تسير موازية لعملنا في الجمعية، ولكن هذه هي لذة ونكهة العمل. ماهي مشاكلكم من الناحية المادية؟ أولها أن الدعم المرصود لنا من وزارة الثقافة ليس مناسبا لعملنا، فموازاة مع عملنا وما أصدرناه من عناوين وما بذلناه من جهود، لم نتلق الدعم الكافي، وحتى إذا قارناه بعمر الجمعية التي صمدت طيلة 25سنة في خدمة قضية هي من القضايا الكبرى الآن في المجتمع المدني، واستطاعت أن تسمع خطابها. وجمعيتنا للأسف لم يعترف بها كجمعية ذات النفع العام، في حين أنها وضعت ملفها ولم تتلق أي رد بعد في الموضوع. ولكنكم تلقيتم في الصيف الماضي دعما من وزارة الثقافة قدره 50 ألف درهم؟ هذا المبلغ لا يساوي شيئا إذا قارناه بما تتلقاه الجمعيات التي تدعمها وزارة الثقافة، وبما تتلقاه تنظيمات موالية للحزب الذي يدير حاليا وزارة الثقافة، فلا مجال للمقارنة. بل أكثر من هذا، في السنة ما قبل الأخيرة تلقينا دعما قدره 120 ألف درهم لكنه أيضا لم يكن كافيا، وللأسف تقلص هذه السنة. فنحن بقدر ما نرفع من وثيرة عملنا ونشاطنا، بقدر ما تنقص لنا الوزارة من الدعم... وماهو السبب في تقليص هذا الدعم في نظركم؟ هذا موقفهم، وليس لنا حتى حق المناقشة، نحن نحتج، وقد حاولنا عقد جلسات مع وزير الثقافة في الموضوع ولم نفلح. يتداول الكثيرون أن جمعيتكم تعرف مشاكل بين أعضاء مكتبها الوطني مامدى صحة هذا الكلام؟ أن يكون هناك مكتب وطني وليس فيه وجهات نظر مختلفة أو متكاملة، فهذا غير طبيعي، أما الاختلاف في المواقف والأفكار والآراء، فهذه مسألة طبيعية، ووجود الاختلاف لا يعني أن هناك أزمة، فالجمعية تسير ومكتبها يجتمع ويدير شؤونها... هناك من يذهب إلى حد القول بأن هناك حركة انشقاقية يقودها أحمد عصيد؟ أنا لم أسمع قط بحركة انشقاقية من هذا القبيل، وأحمد عصيد مازال عضوا في المكتب الوطني للجمعية، ولم يقدم استقالته، ولم يتم توقيفه ولم نصدر في حقه أي موقف، له وجهة نظر خاصة، وله اختيار شخصي من تلقاء نفسه، حيث سار وعمل مع المجموعة المنبثقة عن بيان محمد شفيق، وهذا اختياره، وله الحرية في أن يختار ما يشاء كما اختار من سبقوه من تامينوت والجامعة الصيفية وغيرها. وجمعيتنا مدرسة تكون أجيالا، وعندما تظهر عند بعض الأشخاص تطلعات أو توجهات أخرى قد تكون مكملة، فهذا عمل صحي ولا نرى فيه أي مانع. ما أفق هذا الاختلاف، هل ستحتوونه أم سيتطور، خصوصا وأنه تسجل أيضا على أحمد عصيد مواقف متطرفة تجاه الإسلام، ويطالب بالعلمانية ويتبنى الطرح الداعي إلى كتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني، وكل هذه مواقف مصادمة للمواقف الرسمية للجمعية؟ مواقف الجمعية هي المواقف التي يصدرها المكتب الوطني موقعة من طرف الجمعية. هذه هي المواقف التي تحسب علينا. أما ما يتخذ من مواقف من أطراف أو أشخاص، فهذا من حقهم لأن الجمعية ليست سجنا لأحد، كما أن الجمعية مثل العديد من الأحزاب السياسية وباقي التنظيمات، حيث يكون هناك بعض الأشخاص الذين لهم آراء ومواقف خاصة وشخصية، وهذا من حقهم، وهذا نعتبره غنى في المواقف. ومواقف عصيد لا تحرجنا في شيء ولا تحملنا أية مسؤولية، والجمعية لا تتحمل إلا مسؤولية مواقفها الرسمية. شهدت الساحة الثقافية والسياسية المغربية في الآونة الأخيرة نقاشا ساخنا حول حرف كتابة الأمازيغية، وتموقعت جمعيتكم في خط الدفاع عن حرف تيفيناغ، لماذا هذا الموقف؟ هذا الطرح الذي تعرفه الساحة الآن لموضوع حرف كتابة الأمازيغية فيه نوع من المزايدات، وفيه مواقف غير عقلانية ولم يتم تدارسها بعمق، سواء من هذا الطرف أو ذاك. والإشكالية التي نتحدث عنها داخلة في سلسلة من الإشكاليات التي كانت تطرح منذ أن طرحت القضية الأمازيغية في الستينات، ونحن نعتبر هذه الإشكاليات مصطنعة من باب احتواء الأمازيغية، مثل إشكالية أصول الأمازيغ هل هم عرب أم أوروبيون أم أفارقة، ومثل إشكالية الأمازيغية هل هي لغة أم لهجة أم لهجات؟ وبعد تجاوز هذه الإشكاليات ودخول الأمازيغية مرحلة التدريس التي نحن مقبلون عليها، جاءت إشكالية الحرف. فبالنسبة لي كلا الطرحين سواء الداعي إلى الحرف اللاتيني أو الداعي إلى الحرف العربي كلاهما طرح مغلوط، لأننا عندما نتحدث عن اللغة الأمازيغية لا نتحدث عنها مجزأة، بل في شموليتها، يعني أن لها صرفها ولها نحوها ولها فكرها وثقافتها ولها أيضا حرفها. فلماذا إذن نطرح سؤال بأي حرف نكتبها؟ لو لم تكن الأمازيغية لها حرفها، لجاز أن نطرح هذا السؤال. فمنذ أن عرفت شمال إفريقيا الإنسان الأمازيغي، عرف بلغته وحرفه ونظرا لما عرفه المغرب من استعمارات مختلفة من الوندال والفنيقيين والرومان والعرب والفرنسين وغيرهم، وقع تقهقر وتمت محاربة الأمازيغية وحروفها، فبقيت صامدة في منطقة صحراء شمال إفريقيا فقط (الطوارق والنيجر ومالي). وبعد استقلال المغرب وظهور سؤال الهوية، تم تطوير الأمازيغية وكتابتها وحرفها وأدخلت إلى الحاسوب، ولم يعد فيها إشكال، وكان الأولى أن تطرح إشكالية حرف تدريس الفرنسية بدل حرف تدريس وكتابة الأمازيغية. إذا كان حرف تيفيناغ كما تقولون هو الحرف الملازم للأمازيغية والأنسب لكتابتها، فلماذا لا نجد تراثا أمازيغيا مكتوبا بتيفيناغ، حيث إن ما وجد مكتوبا به لحد الآن لا يعدو ن يكون رسوما أركيولوجية؟ الذي أقوله أنا هو أنه يجب تدريس (وأسطر على هذه الكلمة بخط أحمر) يجب تدريس الأمازيغية بحرفها للأجيال القادمة. فالطفل بيداغوجيا يجب أن يدرس اللغة مرتبطة بحرفها، فيجب تدريس الأمازيغية إذن بحرفها تيفيناغ حتى يحس الطفل باستمرار هويته المتكاملة كلغة وحرف وحضارة، لأن هذا الحرف موجود عنده في الزربية وفي الوشم وفي المعمار، هو إذن يمارس هذا الحرف يوميا. (أقاطعه) ولكنه لا يتصوره كحرف، ولكن كرموز وزخارف فقط؟ حتى الحرف العربي نجده في الزخارف واللوحات، فتيفيناغ أيضا يلعب دوره الفني كباقي الحروف. أما ما هو إرث مكتوب على مستوى الإبداع أو البحث العلمي، فالحرفان معا سيبقيان قائمين بدورهما، ولا أحد سيوقف الكتابة بالحرف العربي لأننا لا نطرح الثنائية التي يركب عليها البعض وهي ثنائية الإسلام والأمازيغية لأنها ثنائية مصطنعة. ونحن عندما ندعو إلى تدريس الأمازيغية بحرف تيفيناغ، لا ندعو إلى توقيف الكتابة بالحرف العربي، وقد أصدرنا أخيرا كتاب "أمارك نتباعمرانت" بالخط العربي، لأن الذي يهمنا هو لمن نوجه هذا المكتوب. أستاذ إبراهيم أخياط، سؤالي واضح وكان متجها نحو نقطة واحدة، وهي لماذا لم يخلف أجدادنا تراثا مكتوبا بتيفيناغ، كما خلفوا تراثا مكتوبا بالحرف العربي؟ أجدادنا عبر التاريخ تعاملوا مع جميع حروف العالم وهم لم يتركوا فقط تراثا بالحرف العربي، بل تركوه باللاتينية كذلك، لأن "سانت أوكيستان" و"دوناتوس" و"أبولي" وغيرهم من مفكري شمال إفريقيا قبل دخول الإسلام إليها، كتبوا باللاتينية. ونحن لا ننكر أننا قدمنا للعربية لغة وثقافة الشيء الكثير، كما قدمنا لغيرها. لكن الاستعمار الديناتي كان يقطع أيادي كل من يكتب لفرض لغته الوحيدة وثقافته الوحيدة، فتحداه الإنسان الأمازيغي والمرأة على الخصوص حيث زينت جسدها بحرف تيفيناغ تحديا لهذا الاستعمار، كما أدخلت حرف تيفيناغ إلى الزربية الأمازيغية، والمهندس كذلك زخرف البيوت الأمازيغية بحرف تيفيناغ، وأنا أكرر أننا لا يجب أن نضع الأمازيغية في إطار ثنائيات إيديولوجية وديماغوجية. في جناحكم بالمعرض الدولي الأخير للكتاب بالدار البيضاء، روجتم كتاب "أصول الحرف الليبي" لعبد العزيز النويضي، لكن هذا الكتاب يقول إن الحرف الليبي ذو أصل عربي، وأن الأمازيغ لهم أصول عربية، وهذا نقيض ما تدافعون عنه الآن؟ أحسنت لما قلت "ليبي" وليبي معناه أنه مرتبط بالقذافي، ونحن لا نمارس الإقصاء، وجمعيتنا على الخصوص أسست لثقافة الحوار منذ الستينات، وحتى في الجامعة الصيفية بأكادير أعطينا الميكروفونات لكل من يناقضنا في التوجهات، لأن القضية الأمازيغية هي قضية كل المغاربة ولابد فيها من حوار مع الآخر. فلما جاء القذافي إلى حكم ليبيا أتى إليها بقوميته العربية فجعل كل الأمازيغ وكل الدول الإسلامية عربا، إلى درجة أنه كان يعدم كل من خالف رأيه ومنهم الأمازيغ، وشجع كل المؤلفات التي تسعى لتثبت الأصول العربية للأمازيغ والشعب الليبي يتحدث الأمازيغية، ويفتخر بذلك والمعارضة الليبية أغلبها أمازيغ، وهذه الثقافة التي تحاول أن ترجع الشعوب إلى أصول معينة لخدمة ثقافة وإيديولوجية معينة، هي مجرد خرافات، وبقدر ما يمكن أن تقدم من دلائل في هذا الاتجاه، بقدر ما يمكن أن تقدم أيضا دلائل في الاتجاه الآخر. بالإضافة إلى ما قلتم من كون تيفيناغ هو الحرف الملازم للأمازيغية، ما الذي دعاكم إلى رفض الطرح الداعي إلى تبني الحرف اللاتيني؟ أنا لا أرفض الكتابة لا بالحرف اللاتيني ولا بالحرف العربي ولكن أدعو إلى تدريس الأمازيغية بتيفيناغ، لأنه لا أحد سيقف أمام الكتابة أو الإبداع بأي حرف، لأن المهم بالنسبة لنا هو التواصل وتفادي الصراع الإيديولوجي، فنحن أصبحنا الآن في صراع عربوفوني وفرنكوفوني على الأمازيغية، وهي بريئة من كل هذا، لأننا لا نريد أن نكون عربوفونيين ولا فرنكوفونيين، فنحن أمازيغ لنا حضارتنا وثقافتنا وتميزنا وأكرر أن تدريس الأمازيغية بحرفها تيفيناغ سيجنبنا المشاكل في إطار الوطنية والموقف الوطني والاستمرارية الهوياتية والتميز. وللأسف كل الدول التي استعمرت المغرب حاولت أن ترجع أصل الأمازيغ إليها حتى تشرعن استعمارها. وهذا ما يدعو إلى ضرورة إعادة كتابة تاريخ المغرب بعقلية موضوعية وعلمية. هناك من يحتج ضدكم بكون حرف تيفيناغ غير متداول يعاني صعوبات بيداغوجية وتقنية؟ هذه الصعوبات كلها حقيقية، ولكن هذا لا يعني التخلي عن الحرف الأمازيغي، لأننا إذا أردنا أن ندخل إلى التبريرات العلمية ووضع الصعوبات كعراقيل، سوف لن ندعو إلى تدريس الأمازيغية أساسا، وإذا كنا سنتعامل مع الأمازيغية تعاملا منفعيا فهي أساسا ليس فيها منافع اقتصادية. وأنا أتساءل من الذي أوصل الحرف اللاتيني والعربي إلى المعلوميات إنه عقول أصحابهما وإرادتهم للنهوض بحرفهم وثقافتهم ولغتهم، وإذا كنا سننتظر حتى تتطور الأمازيغية وتتوفر لها كل الشروط لنأخذ بها، فلا داعي أساسا لأن نتحدث عنها الآن. وبهذا المنطق أيضا بجب على العالم أن يتخلى عن العربية والفرنسية والإسبانية وغيرها، ويأخذ الانجليزية فقط لأنها اللغة الأكثر تداولا وتطورا الآن. التعامل مع اللغات الوطنية سواء الأمازيغية أو العربية يجب أن يكون من منطلق هوياتي، وبمنطق نكون أو لا نكون. والحرف العربي نفسه حتى الآن فيه مشاكل حتى بالنسبة للغة العربية، إلى درجة أن أعداد جريدة الشرق الأوسط ورد فيه أن عالما عربيا استطاع أن يطور من الحرف اللاتيني صيغة لكتابة اللغة العربية، ونحن مارسنا كتابة الأمازيغية بالحرف العربي وكذا بالحرف اللاتيني وعرفنا مشاكلهما جيدا، ولا نقول هذا ضدا على اللغة العربية، فكتابة الأمازيغية بالحرف العربي ستستمر ولا أحد سيوقفها، وجمعيتنا هي التي حققت كتاب "الحوض" لمحمد بن علي أوزال، ونحن الذين كتبنا السيرة النبوية بالأمازيغية وكتبناها بالحرف العربي، أنتجنا، وما زلنا سننتج بالحرف العربي لأن القصد هو التواصل، ولكن في ما يتعلق بتدريس الأمازيغية وطنيا وموضوعيا وعقلانيا وسياسيا حرف تيفيناغ هو الأنسب في نظرنا. ننتقل أستاذ أخياط إلى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي أنتم عضو في مجلسه الإداري، ما رأيكم في من يقول إن التعيينات التي عرفها المعهد كانت مبنية على الترضيات وعلى سياسة "سد الأفواه"؟ هذا لا ينطبق على المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية فقط، بل على كل مؤسسات الدولة التي تبنى على التعيينات، وأنت بنفسك لو أوكل إليك تعيين أعضاء مؤسسة ما، فسوف لن تخرج عن هذا المنطق أي منطق الترضيات ومنطق اختيار من سينسجم مع أهدافك ويحقق حدا أدنى من الانسجام والتوافق. فالمعهد إذن فيه عناصر تتوخى منها الدولة إعطاء المصداقية له، وآخرين معروفين بنضالاتهم في الحقل الأمازيغي، وهناك تعيينات أخرى خضعت لمعايير علمية (باحثين ومتخصصين ومؤرخين وسوسيولوجيين وأنتروبولوجيين... الخ). وهناك طبعا تعيينات كان الهدف منها ترضيات لخواطر معينة من هذا الجانب أو ذاك، وهذا ما حدث حتى في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، فالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إذن ليس مؤسسة شاذة في هذا الباب، وعلى كل حال فهذا هو بلدنا. يقول البعض إن الصراعات التي عرفتها الحركة الثقافية الأمازيغية انتقلت إلى المعهد، مما قد يؤدي إلى شل عمله، هل هذا في رأيكم صحيح؟ فالبرلمان فيه أكثر من ذلك ولم يشل عمله. والعضو في أي مؤسسة كيفما كانت، من حقه إن كان له توجه سياسي معين أن يدافع عن وجهة نظره، وذلك خير من أن يسكت، والغنى والجودة يتحققان بتعدد الرؤى واختلافها، وليس العكس. ولا أرى مصلحة في شل عمل المعهد لأي كان، وقرارات المعهد تحسم بالأغلبية، ولا مانع من أن تعبر الأقلية عن موقفها ورأيها. بناء على هذا، يقول البعض الآخر إن الرأي الغالب في المعهد هو الذي يتبنى أصحابه الرؤية الرسمية للأمازيغية. يمكن أن يكون هذا صحيحا، ولكن عن أي توجه رسمي نتحدث أولا، هل هناك توجه رسمي في القضية الأمازيغية فالدولة تتعامل مع كل القضايا المطروحة، وتحاول أن تكون محايدة، وفي النهاية ترسم توجها عاما لايخلف مشاكل، لأن الدولة أيضا لها إكراهاتها وتأخذ بعين الاعتبار عددا من العوامل المطروحة في الساحة. ذهب فاعلون أمازيغيون إلى أبعد من هذا وقالوا إن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مؤسسة أمنية أحدثت لاحتواء نضال الحركة الثقافية الأمازيغية؟ وماهو الدليل على هذا؟ من حق كل واحد أن يقول ما شاء، ولكن العمل هو الذي يحسم الأمور، وقد صرحت مرارا أن المعهد سواء كان في إطار الدولة أو حتى في إطار مؤسسة خارجة عن تأطير الدولة، فهو مكسب لأنه كان دائما ضمن مطالب الحركة الثقافية الأمازيغية منذ ميثاق أكادير سنة 1991، لأن مؤسسة مثل هذه ضرورية لأنه لا يمكن لأي جمعية مهما كانت قوتها ومهما كان رصيدها أن تقوم بمثل ما سيقوم به المعهد. ولا يمكن الحكم عليه الآن إلا من خلال عمله وإنتاجه. وإذا أردنا أن نتعامل بالاتهامات، فيمكن أن نتهم أي شيء بأنه مخزني، بل حتى بطاقة التعريف الوطنية بهذا المنطق تعتبر مخزنية. ذكرت مصادر إعلامية أن التعويضات التي يتلقاها أعضاء المعهد (6000 درهم) تستهلك حوالي 70% من الميزانية المخصصة للمعهد، وهو ما اعتبروه هدرا للأموال والطاقات بدون نتيجة؟ أعضاء المجلس الإداري للمعهد هم الذين يتقاضون أضعف نسبة في ما يتعلق بالميزانية و70% من الميزانية تنفق على التسيير بصفة عامة وليس في التعويضات فقط. والأعضاء يتقاضون ما يتقاضاه أعضاء أكاديمية المملكة، لأن المعهد طبق عليه ما يطبق على أكاديمية المملكة، وأعضاء المجلس الإداري لم يقرروا على هذه التعويضات، بل تركوا ذلك للأجهزة الرسمية، والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يتقاضى أضعاف هذه التعويضات. ومناضلو الحركة الأمازيغية عملوا وناضلوا بتفان وتطوع في هذا المجال منذ أربعين سنة، فهل معني هذا أنهم الآن يتقاضون ثمن نضالهم، أبدا، لأن هذا النضال، لا يقدر حتى بالملايين. ولأول مرة تصرف الدولة بعض السنتيمات على الأمازيغية وقد قلت في المجلس الإداري عندما كانت تناقش الميزانية أن الدولة يجب أن تطبق على الأمازيغية ما طبقته على تعويض المعتقلين والمختطفين، لأنها كانت مسجونة مدة 40 سنة، فعلى الدولة إذن أن تجمع مقدار ما أنفقت على التعريب وعلى الفرنكفونية مدة 40 سنة وتعطيها للأمازيغية إذا أرادت أن تعدل في حقها. حاوره محمد أعماري