تعتبر العملية البحرية التي نفذتها كتائب "عز الدين القسام" الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" يوم الجمعة الفائت قبالة شواطئ غزة تطورا نوعيا في عمل المقاومة الفلسطينية , التي استخدمت أسلوبا جديدا فيها من خلال "طوافة" تستخدم لأول مرة في العمليات الفدائية، كما يعتبر منفذها باكورة الاستشهاديين في حي الصبرة في مدينة غزة. وكشفت مصادر فلسطينية مطلعة أن كتائب القسام استخدمت في هذه العملية ولأول مرة طوافة لمباغتة خفر السواحل الإسرائيلية الذين يفرضون حصارا مشددا على شواطئ قطاع غزة. وكانت كتائب القسام أعلنت صباح الجمعة الفائت أن أحد أعضائها ويدعى محمود ياسين الجماصي (22 عاما) من حي الصبرة في مدينة غزة قد نفذ عند الساعة العاشرة من صباح الجمعة عملية بحرية استشهادية مقابل شواطئ "مستوطنة دوغيت" اليهودية المقامة على أراضي الفلسطينيين في بيت لاهيا شمال قطاع غزة دون أن تعطي المزيد من التفاصيل عن الوسيلة التي استخدمها المقاوم الفلسطيني في هذه العملية. وأضافت المصادر أن الوسيلة التي استخدمتها كتائب القسام في هذه العملية النوعية والأولى من نوعها هي عبارة عن عوامة تم تطوريها لتصبح "طوافة" تم طلاؤها بنفس لون الماء لعدم كشفها بحيث يتمكن قائدها من الغوص تحت الماء من أجل أن يقطع مسافات طويلة للوصول إلى هدفه. وقال صيادون فلسطينيون إنهم وأثناء إبحارهم للصيد ارتطموا بجسم غريب تحت الماء فظنوا انه حمولة ألقيت في البحر وحاولوا جرها للشاطئ لكنهم فوجئوا بشاب يخرج لهم من داخل هذا الجسم الغريب الذي لم يعرفونه ويشهر سلاحه في وجوههم ويطلب منهم مغادرة البحر فوراً. وأضاف الصيادون انهم انصاعوا لأوامر الفدائي، وأدركوا في حينها انه في طريقه لتنفيذ عملية فدائية، وأنهم وبعد مغادرتهم البحر بقليل سمعوا صوت إطلاق نار من سلاح من نوع كلاشنكوف وهو عادة ما يستخدمه رجال المقاومة ومن ثم وقع انفجار قوي داخل البحر. وأكد أصدقاء الشهيد أنه كان يداوم في الفترة الأخيرة على الذهاب للبحر والتعلم على إتقان السباحة والغطس حتى أصبح يمتلك مهارات كبيرة في السباحة والغطس، وأنه يتمكن ن البقاء تحت الماء لفترات طويلة ويعوم كذلك على سطح الماء دون حراك، مشيرين إلى أنه خرج قبل ذلك أكثر من مرة لتنفيذ هذه العملية لكن هناك ظروف لم تمكنه حتى تم ذلك يوم الجمعة. وفي المقابل ادعت مصادر إسرائيلية أن قوات الاحتلال فجرت يوم الجمعة عوامة مفخخة، قرب سفينة "دفور" التابعة لسلاح البحرية الإسرائيلية التي أبحرت قرب مستوطنة "دوغيت" في شمال قطاع غزة. ولم يبلغ عن وقوع إصابات في الجانب الإسرائيلي. حسب المصادر الإسرائيلية التي فرضت تعتيما كاملا على العملية. وأضافت المصادر أن الطاقم الذي كان على متن "دفور" قد رصد عوامة فلسطينية في منطقة أمام سواحل قطاع غزة، يحظر الإبحار فيها. وأطلق طاقم السفينة الإسرائيلية النار باتجاه العوامة مما أدى إلى انفجارها، مرجحة أن العوامة اقتربت من سفينة "دفور" بهدف تنفيذ عملية تفجيرية. ويعتبر الشهيد الجماصي منفذ هذه العملية باكورة الاستشهاديين في حي الصبرة الذي يقطنه الشيخ أحمد ياسين زعيم ومؤسس حركة "حماس" خلافا عن بقية أحياء المدينة التي قدمت أعدادا كبيرة من الاستشهاديين خلال انتفاضة الأقصى. وقال مسؤول محلي في حركة "حماس" في الحي المذكور إنهم يعانون كثيرا من كثرة الطلبات المقدمة إليهم من قبل الشبان الفلسطينيين الذين يريدون أن يكونوا استشهاديين وان ردهم على ذلك هو أن ذلك من صلاحيات الجهاز العسكري. وأشار إلى أن الشهيد الجماصي كان اكثر الشبان إلحاحا على قيادة الحركة من اجل أن يخرج في عملية استشهادية، منوها إلى انه كتب وصيته في شهر رمضان الماضي قبل شهر ونصف الشهر ليكون جاهزا في أي وقت لذلك حتى تحقق له ما أراد في عملية نوعية، حسب قوله. وعلى الرغم من أن أشلاء الشهيد قد تطايرت في عرض البحر وامتزجت بمائه ولم يبق شيء من جثته من اجل دفنها، إلا أن أهله أبو إلا أن يسيّروا له جنازة رمزية ساروا فيها الليلة الماضية انطلقت من ميدان فلسطين وسط مدينة غزة بمشاركة نحو عشرة آلاف فلسطيني تقدمهم أعضاء في كتائب "عز الدين القسام" واتجهت نحو منزل الشهيد وهم يحملون نعشا رمزيا عليه صورة الشهيد، محتفين برائد الاستشهاديين في حي الصبرة . وعند وصول الجنازة الرمزية إلى منزل الشهيد أقام أعضاء كتائب القسام بزيهم الرسمي عرضا عسكريا شارك فيه العشرات من المسلحين الذين أطلقوا النار في الهواء وتعهدوا على الاستمرار في طريق المقاومة. وأقيمت في مكان بيت العزاء الذي يؤمه الآلاف من الفلسطينيين منذ يوم الجمعة صلاة الغائب على روح الشهيد حيث أم الآلاف الذين شاركوا في هذه الصلاة والد الشهيد وهو الشيخ ياسين الجماصي قاضي غزة الشرعي، كما تم عرض وصية الشهيد المصورة على شاشات كبيرة في الحي وسط هتاف الآلاف من الشبان "بالروح بالدم نفيك يا شهيد "، والتي أكد فيها أن عمليته هذه جاءت انتقاما للمجازر التي ترتكبها الدولة العبرية بحق الشعب الفلسطيني. ويعتبر حي الصبرة في مدينة غزة والذي يقطنه قرابة 50 ألف نسمة أحد الأحياء التي عرفت بالمقاومة خلال العمليات المسلحة ضد الاحتلال في عقد السبعينيات كما كان لها دور كبير وبارز خلال الانتفاضة الكبرى (1987-1994). وكان هذا الحي الصغير، الذي قدم منذ اندلاع الانتفاضة الأولى 15 شهيدا من أبنائه؛ أول المناطق الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة الذي يُقتل فيها جنود إسرائيليون خلال الانتفاضة الأولى، وكان ذلك حينما تمكن ثلاثة من أبنائها من عائلة الكردي من قتل عدد من جنود القوات الإسرائيلية الخاصة " المستعربين" طعنا بالسكاكين في الثاني من نيسان (أبريل) من عام 1988 قبل استشهادهم بنيران الجيش الإسرائيلي. غزة (فلسطين) - خدمة قدس برس