في الوقت الذي كانت فيه حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تتكتم بشكل سري على برنامجها للاحتفال بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، حتى مساء الخميس (11/8) فإنها كشفت ليلة الخميس وصباح يوم الجمعة ، عن جزء من هذه الاحتفالات، إيذانا ببدء احتفائها بالانسحاب الإسرائيلي المرتقب من القطاع في أي لحظة. فقد نفذت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة "حماس"، طوال ليلة الخميس وحتى ساعات فجر يوم الجمعة، عروضا عسكرية وتدريبات هي الأكبر من نوعها، لاسيما وأنها كانت بالذخيرة الحية، وذلك في مخيم جباليا، شمال القطاع وحي تل الهوا، جنوب مدينة غزة. وظهر خلال هذه العروض ولأول مرة قادة كبار في الكتائب، وهم من كبار المطلوبين لقوات الاحتلال الإسرائيلي، لدورهم في مقاومة الاحتلال، وتحدثوا للصحفيين باللغتين العربية والعبرية. وظهر خلال العروض المئات من المسلحين من الكتائب بلباسهم العسكري الموحد، وبأسلحتهم الخفيفة وقذائف من نوع "آر بي جي"، ونفذوا تدريبا بالذخيرة الحية بحضور الآلاف من المواطنين، ونصبوا مجسمات للمستوطنات الإسرائيلية، ومثلوا كيف كان رجال الكتائب، الذين اشتهروا بتنفيذ عمليات متنوعة لاقتحامها، كما ظهرت سيارات عسكرية، هي عبارة عن جيبات استخدمت في نقل المقاتلين. وقال القائد العسكري في الكتائب أحمد الغندور المعروف باسم "أبو أنس"، وهو من كبار المطلوبين لقوات الاحتلال الإسرائيلي، إن كتائب القسام لن تلق سلاحها، مهما كان الثمن، مشيرا إلى أن معركتهم لا زالت في بدايتها، فغزة هي جزء صغير من فلسطين، على حد قوله. وتنسب قوات الاحتلال للغندور وقوفه وراء العديد من العمليات العسكرية، من أشهرها تفجير دبابة من نوع مركفاة، شمال غرب بيت لاهيا، قبل أكثر من عامين، والتي قتل فيها أربعة جنود إسرائيليين. وسبق لقوات الاحتلال أن قامت بهدم منزله، كما نجا من عدة محاولات اغتيال. وقال الغندور إن كتائب القسام ستحافظ على قوتها، بل ستحاول زيادتها، وأن الذي سيتغير فقط هو وسائل قتالها وأماكن العمليات، التي ستتركز في الضفة الغربية، التي ستنقل إليها خبراتها. وأكد أن مهمة كتائب القسام الحقيقية هي حماية الفلسطينيين من الاجتياحات الإسرائيلية المستمرة في ظل العدوان المتواصل، الذي تهدد قوات الاحتلال بتوسيعه، نافيا أي نية لعناصر القسام بدخول الأجهزة الأمنية، مستبعدا في ذات الوقت وقوع أي صراع مع السلطة الفلسطينية. كما ظهر خلال هذه العروض الشيخ أحمد الجعبري "أبو محمد"، وهو أحد أبرز المطلوبين لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، الذي نجا قبل عام من محاولة اغتيال، استشهد فيها نجله واثنان من أشقائه وصهره ومرافقه، حينما قصفت طائرة استطلاع منزل عائلته في حي الشجاعية في غزة. وشارك الجعبري والغندور وعدد من قادة كتائب القسام في جولة ميدانية للإشراف على مواقع "المرابطين"، الذين يقومون بحراسة الحدود، شمال القطاع، وهي قريبة من مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي. وما إن انتهى العرض العسكري الكبير في جباليا، في ساعات الفجر الأولى، من اليوم الجمعة، حتى بدأت عروض أخرى في منطقة تل الهوا، الذي أطلقت عليها حركة "حماس" اسم منطقة "تل الإسلام"، وذلك من خلال تدريبات بالذخيرة الحية والقذائف المضادة للدروع. ومن المقرر أن تواصل "حماس"، على مستوى قطاع غزة، هذه العروض العسكرية. كما سيكون لها يوم غد السبت مؤتمر صحفي خاص بإعلان موقفها من الانسحاب، وموقفها مما بعده. ومن المتوقع أن تعلن الحركة عن سلسة من الفعاليات الخاصة بهذه المناسبة. كما قامت بتوزيع أسماء وهواتف عدد كبير من قادتها والناطقين باسمها للصحفيين لتوضيح موقفها من الانسحاب.