خيّمت مظاهر الفرح والاحتفالات في جميع أرجاء قطاع غزة، لاسيما مع البدء بشكل رسمي بجلاء قوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه عن القطاع، بعد احتلال استمر أكثر من سبعة وثلاثين عاماً. وجاء اندحار الاحتلال من غزة وشمال الضفة "إنجازاً للمقاومة وثمرة لتضحيات شعبنا وصموده وآلامه ومعاناته" كما قالت حركة حماس في بيان أصدرته يوم (13/8)، مؤكدة أنه "دليل على قدرة المقاومة على الإنجاز وتحقيق الأهداف، خاصة في مواجهة عدو كعدونا الصهيوني الذي لا تجدي معه إلاّ القوة". "أربع سنوات من المقاومة غلبت عشر سنوات من المفاوضات "بهذه العبارة التي علقها كوادر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في شوارع قطاع غزة، وبأداء صلاة الشكر والقنوت لله عز وجل شكراً، بدأت حركة حماس احتفالاتها باندحار الاحتلال الصهيوني عن قطاع غزة"، وانطلقت بعدها دعوات التهليل والتكبير والشكر لله في مساجد قطاع غزة إيذاناً ببدء أول أيام "النصر والتحرير"، وصدحت المساجد والشوارع بعبارات النصر المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم "الله أكبر.. الله أكبر، نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده". مشعل: القدس في الطريق وحق العودة في الطريق رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" الأستاذ خالد مشعل هنأ الشعب الفلسطيني بالإنجاز الكبير ببدء الاندحار الصهيوني، ودعا الشعب الفلسطيني أن يبقى متماسكاً موحداً وأن ينشغل بمسؤولياته وليس بالغنائم، مشدداً على ضرورة وجود وبقاء تشكيلات المقاومة، ومستنكراً تصريحات الذين يتحدثون عن ترك السلاح مشيراً إلى أنه لا ثقة لنا بهذا العدو الذي سبق وأن خرج من أرضنا وعاد إليها". ويضيف مشعل في حديث لإذاعة "صوت الأقصى" التي تبث من غزة اليوم (15/8) "أقول لشعبنا في الداخل والخارج أن نستذكر فضل الله علينا ورسولنا الحبيب أعطانا نهجاً في التواضع في لحظات النصر، ففي مقام النصر ليس هناك تبختر ولا كبر ولا خيلاء وإنما تواضع لله صاحب الفضل في هذا النصر العظيم ويجب أن نفرح دون كبر وهذا يدعونا للتقرب إلى الله كما يجب أن نفرح بعيداً عن الفساد والمفسدات"، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني ليس سوى في أول المعركة أمام مسؤوليات كبيرة و"نريد أن نقدم نموذجاً حضارياً وأن ننجح في مهماتنا وأن ننجح في معركة الإصلاح ومكافحة الفساد". ويشير مشعل إلى أن الفرحة بالانسحاب من غزة لا تعني أننا منخدعون بخطة شارون، والذي ينجز خطوة للتحرير قادر على إنجاز بقية الخطوات وقال:"القدس في الطريق وحق العودة في الطريق، وهذه أرض لا يمكن أن تعيش إلا في ظل العروبة والإسلام والعز والاستقلال ولا بد من الصبر فهي الطريق الوحيد لإنجاز الأمنيات". "فآواكم وأيدكم بنصره" من جانبه، ووسط حشد غفير من المصلين الفلسطينيين، ألقى الناطق باسم حركة حماس مشير المصري كلمة مركزية للحركة في المسجد العمري الكبير بمدينة غزة ليلة (14-15/8)، أكد فيها أن هذا النصر يأتي من الله سبحانه وتعالى و"أن هذه الليلة سيظل الفلسطينيون يذكرونها طوال السنوات القادمة، حيث يتذكر فيها شعبنا الفلسطيني الشهداء وعلى رأسهم الإمام الشهيد الشيخ أحمد ياسين والدكتور الشهيد القائد عبد العزيز الرنتيسي والقادة الشهداء إبراهيم المقادمة والمهندس إسماعيل أبو شنب والشيخ صلاح شحادة وأبو علي مصطفى وفتحي الشقاقي وجهاد العمارين، تالياً قوله تعالى: "واذكروا إذ كنتم قليل مستضعفون تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره" . وخلال حديثه أكد المصري أن الاحتلال يخرج مندحراً وخيار المقاومة ينتصر ويصبح خيارا استراتيجياً بعدما أثبت نجاحه وفشل خيار التسوية والمفاوضات والتنسيق الأمني، معتبرا أن هذا هو نصر الشعب الفلسطيني بأكمله ومحطة في طريق الانتصار الشامل يستحضر فيها المسلمون عظمة الله عز وجل. راية الجهاد ستبقى مشرّعة حتى زوال الاحتلال ومضى المصري قائلاً: "الاستشهاديون والمقاومون وصواريخ "القسام" وصواريخ "البنا" و"الياسين" والعمليات الجهادية هي التي أخرجت العدو الصهيوني من قطاع غزة ولقنت العدو دروساً لا ينساها ليفر من غزة صاغراً، كخطوة على طريق تحرير باقي الأرض الفلسطينية" مشددا ً على أن سلاح المقاومة سيبقى حتى زوال الاحتلال عن كامل التراب الفلسطيني، وقال: "لا يحلم أحد أن تلقي حماس أو المقاومة سلاحها طالما هناك شبر من أرض فلسطين تحت الاحتلال إذ ستبقى راية الجهاد يرفعها أبناء حماس وكافة فصائل المقاومة. وتابع المصري كلامه في ليلة النصر قائلاً: "في هذه الليلة التي يحي فيها الشعب الفلسطيني بدء الانتصار، يقضي على ثقافة الانهزام والانبطاح التي يحاولون زرعها في هذه الأمة"، مشدداً على أن حماس ستواصل حمل خيار المقاومة وترى أن خروجهم من غزة يعد أول خطوة في خروجهم من القدس على طريق التحرير، فهم يفرون من أمام ضربات المجاهدين