نحن نقاوم من أجل شعبنا ونهدئ من أجل شعبنا، وبندقيتنا مبصرة وهي في أيد أمينة وطاهرة، ولذلك لم تنحرف بندقية المجاهدين ولم تقطع طريقاً أو تقتل بريئاً، أو تساهم في إشاعة الفوضى أو الفلتان، ونحذر من خطورة الأحداث التي وقعت خلال الأيام الماضية والتي تؤشر على حالة مدانة، ونطالب السلطة بتحمل مسئولياتها في وضع حد لهذا الفلتان الذي يضر بشعبنا ويسئ إلى مقاومته وسلاحه الجهادى يتناول الأستاذ إسماعيل هنية، عضو القيادة السياسية لحماس، ظروف الاندحار الصهيوني من قطاع غزة واستحقاقات المرحلة القادمة وآليات اشتغالها المستقبلية. التحرير ثمرة المقاومة والصمود بفضل الله أن شعبنا سينعم بتحرير جزء غالٍ من أرضنا المحتلة، والذي جاء ثمرة المقاومة والصمود والعطاء والآلام والتضحيات، فقد رسخت المقاومة جذورها، وفرضت على العدو الاندحار بعد أن رزحت هذه الأرض تحت ظلم المحتل ما يقارب العقود الأربعة. واليوم نحن على أعتاب نصر تاريخي، وإن كان البعض يحاول تقزيمه أو حرفه عن السياق التاريخي لحركة الصراع مع الاحتلال، التي قادتها الأجيال المتعاقبة وصولاً إلى انتفاضة الأقصى المبارك، والتي فرضت تراجعات استراتيجية في طبيعة المشروع الصهيوني، وتحرير القطاع وشمال الضفة ترجمة لأهم أهداف المقاومة في تحرير الأرض واستعادة كامل الحقوق، وهنا نستحضر معاناة شعبنا وآلامه وتضحياته وشهدائه، الذين رووا بدمائهم الأرض الطيبة وفي مقدمتهم الشيخ الإمام أحمد ياسين. سنجعل قطاع غزة بارقة أمل لشعبنا يراهن البعض على الاقتتال والفوضى وعدم القدرة على إعادة إعمار ما دمره الاحتلال، وهؤلاء هم الظلاميون الذين يحطمون قدرات هذا الشعب وإبداعاته، نحن واثقون من أن غزة ستكون بارقة أمل لشعبنا في مسيرة التحرير ومسيرة التعمير، وسنعمل مع كل أبناء شعبنا في السلطة والقوى على حماية هذا الإنجاز الوطني وترسيخه كمقدمة لتحرير بقية الأرض، وسنجعل من مستقبل القطاع نموذجاً لشعبنا العظيم في قدرته على مواصلة مسيرته المظفرة، مع التأكيد على حماية وحدة الأرض والشعب، فلن تكون غزة أولاً وأخيراً ولا نقبل ان يكون الانسحاب من غزة على حساب القدس والضفة وبقية الحقوق، وسنعمل صفاً واحداً من أجل حماية ميراثنا الوطني وحقوقنا المشروعة في الحرية والعودة والاستقلال. ومن هنا فإننا نؤكد أن المرحلة التي تلي الانسحاب الإسرائيلي هي الأهم في مسيرة شعبنا فالتحديات الداخلية والخارجية عظيمة، وسوف تكون في بؤرة الحدث العالمي وحماس تسعى مع الجميع إلى تقديم صورة نموذجية ونتطلع إلى توافق وطني حتى لا يتحول الانسحاب إلى كارثة وطنية. الفرحة لا تغطى بغربال يسعى العدو إلى سرقة أفراحنا، وطمس إنجازنا في التحرير والصمود، ويرغب في إظهار الانسحاب على أنه تكتيك إسرائيلي يهدف إلى حماية مشروعه الاستراتيجي ليس الاَّ، وهناك سيناريوهات يرسمها الأعداء والشامتون لشعبنا لإظهارنا كرعاع تحكمه الفوضى وتسيطر عليه الغرائز والجشع، وهناك مظاهر يسعى العدو إلى تلافيها وهي عدم تمكين شعبنا وفصائله المقاومة من إظهار موقعها المتقدم في تحقيق هذا الإنجاز، وينزلق البعض في ساحتنا وللأسف إلى هذه الهاوية، من خلال بروز جانب العامل الأمني والإجراءات الميدانية التي توحي وكأن هناك شعباً يعيش في العصر الحجري وسوف يفلت من عقاله فور الانسحاب ليهلك الحرث والنسل، ونستغرب عملية التحشيد التي تهدف إلى أن تضرب طوقاً بشرياً حول المغتصبات المحررة وذلك عبر التوظيف للآلاف للقيام بمهمة السور البشرى، والتدريبات والتعليمات ونشر ثقافة التخويف التي تقوم بها بعض الجهات الرسمية في خطوة استباقية لترسيخ سياسة التفرد والاستئثار (والتكويش) وتسخير الامكانات لتحقيق مكاسب ضيقة، وقطع الطريق على مساحات العمل المشترك. إننا نؤكد على ضرورة الاحتفال بهذا النصر الكبير، والتعبير الوطني والمنظم لإظهار فرحة الشعب في الانعتاق من الظلم والاحتلال. وندعو إلى أن يتم ذلك بشكل منظم ومنضبط يعكس الصورة الحضارية الراقية لشعبنا ومقاومته وللقيم التي تربينا عليها. سلاح المقاومة وتشكيلاتها شرعية هذا ما نريد التأكيد عليه في ظل الصيحات الإسرائيلية والمعادية المطالبة بنزع سلاح المقاومة ورفع الشرعية عنه وملاحقة المجاهدين والمناضلين، وهذا الموقف يندرج في سياق المخطط الإسرائيلي لنزع عوامل الصمود التي يمتلكها شعبنا، والتخطيط لنقل الصراع إلى ساحتنا الداخلية، والتغطية على فشله في حسم المواجهة عسكرياً وأمنياً مع شعبنا، وهذا يحتم علينا التأكيد على ثوابتنا في مشروعية المقاومة وحماية سلاحها وتشكيلاتها المختلفة كأساس نبنى عليه في تحقيق تطلعات شعبنا في التحرير، ولا أعتقد ان السلطة الفلسطينية وهي التي تعرضت لمآسي الاحتلال يمكن أن تلجأ إلى المساس بالمقاومة وشرعيتها، وللفصائل الفلسطينية موقف موحد إزاء هذا الموضوع كذلك. الانقلابات ليست خيارنا نحن ننتمي إلى حركة وسطية الفكر وموصوفة بالاعتدال في النهج والسلوك، ولم نلجأ إلى المنهج العنفى أو الانقلاب من اجل الوصول إلى التغيير، بل اعتمدنا منهجية هادئة وتجنبنا الاحتكام إلى العنف الدموي، لأننا لسنا من أصحاب هذا الفكر أو التوجه. وقد استغربنا المواقف، التي صدرت مؤخراً والتي كانت تؤشر على منهجية انقلابية لدى الحركة، فمن يطلع على ميثاق الحركة ويتابع أدبياتها وسلوكها السياسي والميداني وحتى في اللحظات الحرجة التي مرت بها الساحة سيكون أكثر قناعة بعدم صحة الاتهامات، وحركة حماس وقفت أمام محطات معينة في الوضع الفلسطيني الداخلي كان بإمكانها تغيير قواعد البنية الفلسطينية، ولكنها لم تشأ أن تفعل ذلك وتمسكت بطهرها السياسي، ولم تغلب المصالح الخاصة على العامة، ولم تقبل اللعب على المتناقضات أو استغلال الظروف، بل ساهمت ومن موقعها ومسئوليتها الوطنية في رأب الصدع وتخفيف الاحتقانات وحمل المطالب على محاملها الوطنية سواء في الإصلاح والتغيير أو في محاربة الفساد. وتوجت الحركة هذا المسار باعتمادها الخيار الديمقراطي والمشاركة السياسية والتداول السلمي واحترام التعددية السياسية والمشاركة في الانتخابات على أساس ان صندوق الاقتراع وحده المعبر عن الإرادات الشعبية في الاختيار والتمثيل. الحوار بشأن اللجنة الوطنية مكانك سر لم نتوصل إلى اتفاق بشأن اللجنة الوطنية للتعامل مع ملف الانسحاب، على الرغم من مرور شهور على الحوار في القاهرة ودمشق وغزة، وقد طرحت أفكار عديدة ولكنها ظلت حبيسة ولم تر النور بما فيها اعتبار لجنة المتابعة الجهة المشرفة على ذلك، لأن البعض يريد لجنة لا تملك صلاحيات لا في القرار ولا في التنفيذ. وموقفنا واضح بهذا الخصوص بضرورة تشكيل لجنة وطنية للإشراف على ملف الانسحاب وإظهار الصورة الحضارية لشعبنا، وهي ليست بديلاً عن السلطة ولا هي إدارة مستقلة للقطاع بل هي جهة وطنية جامعة تكون مهامها وضع الضوابط الوطنية التي تحكم التصرف في الأرض وغيرها وتتابع التنفيذ الدقيق لما يتم الاتفاق عليه، وتساهم في الاستثمار الأمثل للانسحاب من خلال لجان متخصصة تتابع مع اللجان الفنية التي تعمل في الوزارات ذات الاختصاص ولكن للأسف لم نصل إلى تفاهم حول هذا الأمر، مع أن الانسحاب بدأ فعلياً وأصبحنا على أعتاب الاستحقاقات الوطنية، وهناك غموض يلف مستقبل الأيام على هذا الصعيد فالسلطة وكبقية الدول القطرية في حقبة الخمسينات والى السبعينيات تحرص على حماية الرموز التي تحافظ عليها، وكأن هناك من يتنازع معها على السلطة، وذلك بدلاً من الانخراط الجدي والفعلي في حوار معمق يفضى إلى ترتيب البيت الفلسطيني، وهذا بالمناسبة في مصلحة السلطة بالدرجة الأولى. غير أن كل الحوارات السابقة لم تفض إلى شيئ بسبب رفض التعاطي مع المعروض من قبل الحركة، مما ينعكس سلباً على طبيعة وفلسفة العمل المشترك وهذا الأمر لا يبشر بخير. اتفاق على لقاء الرئيس أبو مازن حال عودته إلى القطاع هذا ما تم على هامش الاحتفال بذكرى ثورة 32 يوليوز، الذي أقامته السفارة المصرية في القطاع، فهناك العديد من الملفات والقضايا التي تحتاج إلى قرار وموقف رئاسي تنهي الضبابية والتردد، وتضع حداً للاستحواذ الممهور بمقولة (كل من في إيده له). إننا ننوه إلى خطورة تكريس نظام الإقطاع على حساب الشعب المغلوب بل وعلينا قطع الطريق على الاستعمار الاقتصادي الذي يحضر للقطاع والذي يلوح في الأفق بتدخل الصندوق الدولي والشركات الكبرى والمشاريع الخاصة. واللقاء مع الرئيس أبو مازن سوف يبحث كذلك في الشأن الداخلي وحقوق المواطنة حيث أن الحرمان الوظيفي بسبب الانتماء السياسي آخذ في الاتساع وهذا ما يسبب قلقاً بالغاً من عدم القدرة على العيش ونيل الرزق من قبل المواطنين، هذا إلى جانب عملية استبعاد غير علنية في بعض الأجهزة الأمنية تحت حجج ضعيفة. مع الانسحاب لا ننسى الأقصى والأسرى لأن المشروع التحرري لم يكتمل بعد وأمامنا مشوار صعب وطويل، والأقصى والقدس في خطر جراء سياسة العزل والتهويد والعزل عن محيطهما الفلسطيني والعربي والإسلامي، وهذا يستوجب الانتباه من أجل حمايتها واستردادهما، ولا يقل أهمية عن ذلك قضية الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال الذين يعانون من سياسات القمع والذل والحرمان. والحركة وبقية القوى جعلت من الإفراج عن أسرانا بكل الوسائل أولوية لأن هذا واجب في أعناقنا جميعاً. إن حماس حريصة على أن تسير في استكمال مشروع التحرر من الاحتلال، وفي مشروع البناء وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، ولن يكون أحدهما على حساب الآخر، مع قناعتنا بان التحرير ضروري لينعم شعبنا بالحرية ويتمتع بالقدرة على الاعمار والبناء والتواصل الجغرافي والإقليمي والدولي. مقاومتنا مبصرة والفلتان الأمني لا علاقة لنا به عودت الحركة أبناء شعبنا بأنها تكون حيث تكون مصلحته في المسار الجهادى أو السياسي، وترسيخاً لذلك فإن الحركة سوف تتصرف في المرحلة القادمة بدرجة عالية من المسئولية الوطنية حتى يتم إنجاز الانسحاب ولجم آلة العدو وتوجهاته العدوانية ضد شعبنا. نحن نقاوم من أجل شعبنا ونهدئ من أجل شعبنا، وبندقيتنا مبصرة وهي في أيد أمينة وطاهرة، ولذلك لم تنحرف بندقية المجاهدين ولم تقطع طريقاً أو تقتل بريئاً، أو تساهم في إشاعة الفوضى أو الفلتان، ونحذر من خطورة الأحداث التي وقعت خلال الأيام الماضية والتي تؤشر على حالة مدانة، ونطالب السلطة بتحمل مسئولياتها في وضع حد لهذا الفلتان الذي يضر بشعبنا ويسئ إلى مقاومته وسلاحه الجهادى. أمتنا عمقنا الاستراتيجي ونحن على أعتاب الانسحاب من القطاع وشمال الضفة نستحضر المواقف المشرفة لأمتنا العربية والإسلامية والتي ساهمت في دعم شعبنا وصموده، ووفرت له الغطاء الشرعي لمقاومته الباسلة ولذلك فنحن نهدى هذا التحرير لشعبنا وأمتنا العربية والإسلامية ونعاهدهم على الوفاء لنهج التحرير وسلامة المسير حتى نستعيد حقوقنا وفي مقدمتها عودة اللاجئين والمشردين إلى ديارهم التي هجروا منها. دخان الإشاعات سوف يتبدد بحقائق الواقع كثرت الإشاعات في الآونة الأخيرة التي تهدف إلى المساس بصورة الحركة ومصداقيتها تمحورت حول التحضير للسيطرة على القطاع، وتجهيز آلاف البزات والسيارات العسكرية وإعداد جيش سري للسيطرة على المغتصبات وما إلى غير ذلك. ونؤكد بأن دخان هذه الإشاعات ستبدده الوقائع على الأرض، فالإشاعات إنما تهدف إلى الإساءة والتحريض على الحركة والاستقواء بالخارج، وأبعد من ذلك تبرير الخطوات الانفرادية الجارية على الأرض، والحركة لم ترد على هذه الإشاعات لأنها لا تستحق، غير أننا ننبه إلى خطورة الاتكاء عليها من قبل البعض لتنفيذ ما سبق ذكره. فالحركة ولدت من رحم شعبها ولشعبها وهي ليست في خندق العداء مع أحد، وترى أن إنجاز الانسحاب هو إنجاز للجميع، وهي تحرص على الابتعاد عن الاقتتال والصراعات ومن هنا فقد سارعت إلى تطويق الأحداث التي وقعت مع السلطة في الآونة الأخيرة وعقدت اجتماعات عديدة مع الإخوة في قيادة فتح وبقية الفصائل من أجل نزع الفتيل ومعالجة الأسباب التي أدت إلى اندلاع الأحداث. تحية لشهدائنا الأبرار وجرحانا الميامين وأسرانا الأبطال الذين ضحوا بدمائهم وأنفسهم وحريتهم حتى نصل إلى هذه اللحظة التي ينجلي فيها الاحتلال عن جزء من أرضنا، وتحية لأهلنا وشعبنا وقياداته في الداخل والشتات.