بمناسبة الاندحار الصهيوني من قطاع غزة اختار القائد المجاهد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، عقد مؤتمر صحافي صبيحة يوم الأربعاء 71 غشت5002 بالعاصمة بيروت في إشارة لا تخلو من دلالات، خاصة وأن الضاحية الجنوبية التي تعتبر معقلا لحزب الله الذي كان وراء دحر الاحتلال الصهيوني من جنوب لبنان، هي التي حازت شرف هذا اللقاء الهام الذي وضع من خلاله الأستاذ خالد مشعل النقاط على الحروف، فيما يتعلق بالإشكالات المثارة بشأن حادث الاندحار الصهيوني، وكذا المخاوف التي تراود العديد من المراقبين بخصوص التداعيات السلبية المترتبة عن الحدث غير المسبوق، ناهيك عن اللغط الشديد حول تقييم الإنجاز في حد ذاته... أخذا بعين الاعتبار كل هذه المعطيات فقد ارتأينا نشر النص الكامل للتصريح الصحافي الذي أدلى به الأستاذ خالد مشعل بالمناسبة تعميما للفائدة، ودفعا للعديد من الالتباسات التي ما تزال تعتم على غير قليل من الملاحظين معاينة معالم النصر المنجز في حجمه الحقيقي من دون تهوين ولا تهويل. وفيما يلي نص تصريح الأستاذ خالد مشعل بسم الله الرحمن الرحيم، منذ أن أعلن الصهاينة عن نيتهم الخروج من قطاع غزة وفق خطة شارون ومنذ أن بدأت تتسارع الخطوات، خاصة في الأيام الماضية مع بداية رحيل المستوطنين عن بعض المستوطنات في غزة، جرى جدل طويل وكبير ومتشعب حول هذا الانسحاب وكل يراه من زاويته، وخاصة الذين يحاولون التقليل من هذا الإنجاز أو يحاولون وضعه في سياق مخالف لسياقه الطبيعي، لذلك في هذا المؤتمر الصحافي أسعى لوضع النقاط على الحروف لمعالجة هذا الجدل ولنضع الاندحار الصهيوني من قطاع غزة في سياقه الطبيعي والموضوعي. وأبدأ بالقضية المركزية في هذا الموضوع وهي: هل هذا الانسحاب الصهيوني من غزة إنجاز للشعب الفلسطيني أم هو مكر وخديعة؟ وماذا يترتب على ذلك؟ وكيف نتعامل مع هذه الخطوات ؟ نستهين بها أم نبالغ فيها؟ نحن ندرك ماذا يريد شارون، شارون يسعى للانسحاب من غزة ليمرر من خلاله السيطرة على الضفة، ويزيد من الاستيطان والتهويد للقدس والضفة، وبناء الجدار، ويعمد خلال ذلك إلى تمرير رسالة مضللة للعالم أنه رجل سلام، وخطا خطوة سلام ومطلوب مقابل ذلك أن يكافئ عليها؛ ويسعى شارون للتغطية على هزيمته التي أجبرته على أن يرحل عن غزة تحت ضغط المقاومة، ويسعى لتصفية القضية وحصر الحقوق الفلسطينية في غزة وأجزاء مبعثرة من الضفة. ليس هناك فلسطيني فضلا عن قادة المقاومة من يجهل هذا، لكن هل هذا يعني أن انسحابه من غزة حدث ليس مهما وليس إنجازا للشعب الفلسطيني؟ لا، الذي يجري اليوم خطوة مهمة وذات دلالات تاريخية، صحيح أنه خطوة أولى ولكنه إنجاز مهم لأنه أول انسحاب حقيقي من الأرض الفلسطينية ولأنه بداية تفكيك المشروع الاستيطاني للعدو الصهيوني، ولأن الأرض التي يريد أن يجلو عنها قطعة عزيزة وغالية من أرضنا وكل أرضنا غالية وعزيزة ولا نفرط فيها، ولأن هذا الانسحاب هو انسحاب إجباري اضطراري أوجبته المقاومة وليس اختيارا من شارون أو تفضلا منه علينا، لذلك من حق الشعب الفلسطيني أن يفرح ليس في غزة وحدها بل في الضفة وفي فلسطين ال48 وفي الشتات، ولكن فرحنا لا يشغلنا عن استكمال مشوار التحرير واستعادة الحقوق. البعض يقول لا تبالغوا، الانسحاب من غزة خطوة صغيرة فغزة لا تمثل أكثر من واحد بالمائة من مساحة فلسطين، نقول المسألة ليست بالمساحة والحجم لكنها بالدلالة وبكونها سابقة، انسحاب ليس بفعل التسوية ولكن بفعل المقاومة، وسابقة تفكيك مستوطنات وسابقة تراجع في المشروع الصهيوني، ولذلك ما نشهده اليوم هو خطوة مهمة على طريق استكمال التحرير واستعادة الحقوق بل بلا مبالغة هو بداية النهاية للاحتلال الصهيوني ولمشروعه الاستيطاني بإذن الله تعالى. لعلنا نحن أبناء فلسطين والأمة الذين نتبني خيار الصمود والممانعة والمقاومة، والذين نملك الإرادة ولا أتحدث عن المنهزمين وإن شاء الله هؤلاء ينحسرون مع كل خطوة إنجاز؛ في رؤيتنا أن المشروع الصهيوني بدأ يتراجع وينحسر، المشروع الفلسطيني القائم على المقاومة ومن خلفه الأمة بدأ يتقدم وينجز، هذه محطة مهمة لابد أن نقرأها كذلك بدون مبالغة؛ وفي منحنى الصراع العربي الصهيوني العدو بدأ طريق الانحدار ومشروعنا الفلسطيني التحرري القائم على المقاومة بدأ طريق الصعود رغم أن عدونا أقوى منا ولايزال متفوقا علينا ولكن منحنى الصراع يشير إلى هذا. إسرائيل كانت تتوسع وتحتل اليوم تتراجع وتنسحب، إسرائيل كانت حدودها مفتوحة واليوم تحدها بالجدار، إسرائيل كان الاستيطان جزء من عقيدتها الصهيونية واليوم رب الاستيطان وأبوه شارون يفككه، إسرائيل كانت تخوض معاركها مع الجيوش في أرض الآخر واليوم المعركة في قلبها ولم تعتد على معركة شعبية مع أصحاب الإرادات ؛ لذلك وبدون مبالغة نحن أمام تحول ولحظة انتصار لكنها لا تزال في البداية وأمامنا جهد كبير حيث لازلنا في الخطوة الأولى على طريق التحول و الانعطاف ولذلك الخروج من غزة له دلالته وأبعاده وله ما بعده. والموضوع الآخر أن شارون سيحصر الحقوق الفلسطينية والمشروع الوطني في غزة، وبالتالي يا فلسطينيون لا تفرحوا القضية مظلمة ولا تتقبلوا التفاؤل وبالتالي مشروعكم منحصر في غزة ؛ نحن ندرك ما يريده شارون، يريد أن يعطينا غزة وأجزاء مبعثرة من الضفة وربما يرحل من أهلنا في الضفة وهناك الكثير من المشاريع التي يسعون من وراءها لتهجير الفلسطينيين عبر البحث عن فرص عمل في الساحات المجاورة ندرك؛ كل ذلك ولكن المهم ماذا نريد نحن؟ هل كل ما أراده شارون تحقق ؟ شارون أراد القضاء على المقاومة والانتفاضة خلال مائة يوم، هل استطاع ؟ شارون أراد أن يذهب بعيدا في مشروع الاستيطان ... ألم يجبر على تفكيك مشروع الاستيطان الآن من قطاع غزة و شمال الضفة ؟ المسألة مسألة إرادات فهل نظل نجادل ماذا يريد العدو و كأن لا وزن لنا في المعركة، هو يريد ونحن نريد، هو له إرادة ربما تعتمد على قوته العسكرية ونحن لنا إرادة تعتمد على عدالة قضيتنا وعلى إيماننا وعلى طول نفسنا وهو الذي لا يملكه شارون . نحن لم نحصر أنفسنا في غزة، غزة أول التحرير، وبعدها الضفة و كل شبر من أرضنا الفلسطينية ولن نلقي السلاح، نحن سنفرض إرادتنا؛ شارون يحاول أن يفرض مشروعه لفك الارتباط على العالم، ليفعل، لكن هنا شعب فلسطيني سيجبر شارون على تغيير استراتيجياته وتكتيكاته، وتنتصر الإرادة الفلسطينية بعون الله ولازلنا في أول الطريق ولم و لن نلقي السلاح . بعد غزوة الأحزاب جاء جبريل عليه السلام إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له أوقد وضعتم السلاح يا رسول الله، والله ما وضعناه نحن، انهض إلى هنا وأشار إلى معاقل بني قريضة الذين غدروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك المعركة لم تنته ولم نلق السلاح. موضوع مطروح أن الانسحاب من القطاع ليس شاملاً، وهذا صحيح لا تزال الأجواء والمياه الإقليمية يحتلها العدو والمعابر أمرها حتى اللحظة غامض خصوصا معبر رفح، ولذلك نحن نراقب وسنعتبر أي شكل من أشكال الوجود الإسرائيلي في القطاع مزارع شبعا ولا أقول الفلسطينية ولكن غزيه، لأن مزارع شبعا الفلسطينية هي في كل فلسطين طولا وعرضا مما يوجب المقاومة ويعزز مشروعيتها؛ أي وجود إسرائيلي على الحدود والمعابر أو أجواء القطاع أو مياهه، هي مزارع شبعا غزيه فلسطينية، ولذلك سنسعى وسنستكمل مشروعنا في تحرير غزة ودحر الاحتلال عنها وسننتزع ذلك انتزاعا فالحقوق لا توهب نحن ننتزعها انتزاعا، هذه الخطوة انتزعناها ولم يتلطف بها أحد علينا، ولذلك دعوتي في هذا المؤتمر لكل أهل فلسطين أن يستعدوا للجولات القادمة، ولأهلنا في القطاع الذين صمدوا وصبروا مع إخوانهم في كل فلسطين في الداخل والخارج أن يواصلوا مشوارهم فالطريق لازال في أوله، نريد إتمام تحرير القطاع، نريد بناء القطاع بعد تحريره و نريد من أهلنا في غزة أن يواصلوا دورهم الوطني مع أبناء شعبهم في استكمال مسيرة التحرير وأهلنا في القطاع لن يلقوا السلاح كما هم أهل الضفة وأهل شعبنا في كل مكان ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة. الموضوع الآخر والمطروح كذلك وللأسف فيه جدال غير مبرر، من هو صاحب الإنجاز ؟ وللأسف البعض يحاول أن يستذكي علينا في تمييع الموضوع، لأنه طبعا مضطر أن يميع لأن التسوية لم تأت بهذا الإنجاز، وليس ثمرة للتفاوض، وفي المقابل يريد أن يتجاهل حقيقة دور المقاومة في هذا الإنجاز، هذا جدل غير مبرر وغير موضوعي وغير منهجي، المقاومة هي التي حققت هذا الإنجاز بعض فضل الله تعالى، إن الذي أجبر شارون على الخروج و التراجع من غزة هي المقاومة وتضحيات شعبنا الفلسطيني، والمقاومة هي القادرة على إنهاء الاحتلال واسترجاع الأرض والحقوق، وفي هذا المقام أيها الإخوة والأخوات هنا نستحضر في هذه اللحظات العظيمة والتي هي فاتحة خير على شعبنا الفلسطيني نتذكر بأن الفضل لله سبحانه وتعالى قبل كل شيء، الله هو الناصر والمعين هو الذي أعاننا وقوانا وثبت شعبنا وألقى في قلوب أهلنا السكينة والطمأنينة هو الذي بارك في جهودنا وفي صناعاتنا العسكرية المتواضعة هو الذي أوهن كيد العدو و أربكه فلم تغن عنه قوته، الله سبحانه وتعالى هو صاحب الفضل وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم . حين نرى مستوطني غزة يرحلون ويحرقون ويدمرون بنيانهم نستذكر قول الله سبحانه وتعالى وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار. إذن الفضل لله وسنظل نؤمن بالله ونثق بالله ونتوكل عليه هو وحده سبحانه وتعالى؛ والذين أسهموا في هذا الإنجاز من بعد ذلك هم كثيرون، هم أهلنا في القطاع والضفة والثماني والأربعين، وأهلنا في الشتات هم جميع فصائل المقاومة، فالفضل لا ينحصر بفصيل بمفرده بل الجميع أسهم في هذا الإنجاز الكبير، وأسهم فيه كذلك جماهير الأمة العربية والإسلامية الذين وقفوا إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعموه وناصروه... لكن في مقدمة أصحاب الإنجاز صناع هذا النصر وهذه الخطوة المباركة هم الشهداء، ليس شهداء الجيل الحاضر بل شهداء الأجيال المتعاقبة في التاريخ الفلسطيني منذ القرن العشرين، الذين رووا أرض فلسطين بدمائهم، قافلة الشهداء الطويلة تواكبت، واليوم أثمرت وأينعت وستتوالى المسيرة بإذن الله، وعلى رأس الشهداء الشيخ أحمد ياسين عليه رحمة الله، وأسماء الشهداء القادة من جميع الفصائل وفي كل الأجيال قائمة طويلة كلها حاضرة في أذهاننا وأذهانكم واليوم هم أبرز صناع هذا النصر، وكذلك الأسرى الثمانية آلاف من الأسرى والأسيرات الذين يفرحون في سجونهم بهذه الخطوة وإن شاء الله سيشتركون مع شعبهم في فجر الحرية وإن شاء الله يحطمون الأغلال التي حشروا خلفها في سجون العدو والذين لهم دين وحق كبير في أعناقنا، وكذلك المجاهدون الذين لا زالوا ينتظرون كما قال سبحانه وتعالى ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا كل هؤلاء هم صناع هذا النصر، وفي هذا المقام يحق لأمهات وآباء الشهداء والأسرى والمعذبين والذين هدمت بيوتهم والذين جرفت مزروعاتهم واللواتي ولدت الأجنة في أرحامهن عند الحواجز و المخاسيم، كل هؤلاء يحق لهم أن يفرحوا. وألتقط مشهدا اليوم والمستوطنات في غزة تفكك، أم نضال فرحات الذي أصبح لاحقا شهيدا، وأم محمد فرحات التي أرسلت ابنها ذو 17 عاما إلى مستوطنة عتصمونا اليوم يحق لها أن تفرح وأن تزغرد لأن دماء ابنها كما هي دماء أبناء الشهداء جميعا لم تذهب سدى، بل هي أورقت وأينعت بفضل الله تعالى، هذه الملحمة العظيمة التي سطرها شعبنا بدعم وإسناد من جماهير الأمة العربية والإسلامية هذه الملحمة هي التي صنعت هذه الخطوة العظيمة النصر وإلى مزيد من الخطوات بإذن الله تعالى، الذي صنع هذه الملحمة ليس الجدل السياسي وليس التفاوض وإنما صنعتها البطولات و التضحيات والعمليات الاستشهادية في طول فلسطين وعرضها وصواريخ القسام وتفجيرات الألغام تحت مواقع العدو وكل العمليات التي قامت بها فصائل المقاومة الفلسطينية دون استثناء . قضية أيضا تتعلق بسلاح المقاومة، والجميع يجادل في هذه القضية ويطالب الفصائل المقاومة وخاصة حركة حماس أن تنزع أسلحتها تحت ضغط إقليمي وضغط دولي وصهيوني، ونقول طالما لازلنا في أول المشوار وطالما غالبية الأرض الفلسطينية والحقوق الفلسطينية محتلة ومصادرة فالمقاومة هي الخيار الإستراتيجي لا حيدة عنه وسلاح المقاومة حق مشروع بأيدي جماهير شعبنا وفصائله، ولن نقبل أي مساس بسلاح المقاومة من أي يد كانت هذا السلاح حق للشعب الفلسطيني لأن مسيرة التحرير لم تكتمل بعد، ثم حتى بعد في غزة من يضمن أن لا يعتدي العدو عليها، من يحمي غزة؟ تحميها سواعد المجاهدين والمقاومة، ثم حتى الدول المستقلة التي تحررت من الاحتلال أو التي لم تكن محتلة في تاريخها لها سلاحها وجيوشها بل عندها سباق في التسلح، فإذا الدول المستقلة تتسلح كيف ينزع سلاح الشعوب المستضعفة التي لا تزال تعاني من الاحتلال والتشريد، حتى السلاح في غزة يدافع عن غزة ويسهم في بقية مسيرة التحرير ويظل درعا حصينا للوطن وهو سلاح كما تعلمون راشد و منضبط ولا ينطبق عليه فوضى السلاح، سلاحنا ليس إلا في معركتنا في وجه الاحتلال وموجه إلى صدر العدو ولم يستعمل في أي خلاف داخلي. أما موضوع السلطة، فمن نافلة القول التي أصبحت مقولة شائعة وثابتة في التعبير والسلوك في الميدان نحن لن ننازع يوما ما على السلطة، ولن ننازع على السلطة، إنما نحن نقوم بمسؤوليتنا باستعادة أرضنا وحقوقنا والدفاع عن شعبنا لكن من حقنا، ومن حق جميع أبناء وقوى شعبنا أن ترفض التفرد، الحديث عن السلطة لتمرير أمر الاستفراد مرفوض، آن الأوان لتصحيح الخلل، لا بد من ترتيب البيت الفلسطيني بحيث نحقق شراكة حقيقية في القرار والمسؤولية، لكننا لا ننازع على السلطة، وأما ثوابتنا المعروفة في حماية السلطة و تحريم الدم الفلسطيني واعتباره خط أحمر وحصر المعركة في الاحتلال فهي ثوابت لازلنا عليها وسنبقى عليها ولن تتغير بإذن الله . البعض يتخوف على مشروعنا الوطني التحرري أن يتميع أو يتآكل في ظل دخول المرحلة الجديدة مرحلة غزة بعيدا عن الاحتلال مع ترتيب البيت الفلسطيني والانتخابات أقول بوضوح قدرنا نحن أبناء فلسطين ونحن رجال وأبناء وقادة المقاومة أن نتحمل المسئولية الكاملة على كل الجبهات و الصعد، جبهة مواصلة المقاومة واستكمال التحرير واستعادة الحقوق، و جبهة البناء خاصة في قطاع غزة بعد خلاصه من الاحتلال ليعيش شعبنا حياة كريمة، ولنقدم للعالم نموذجا لسلوك الشعب الفلسطيني كيف هو عظيم في المقاومة وكيف هو عظيم في البناء، وجبهة الإصلاح ومحاربة الفساد، و جبهة ترتيب البيت الفلسطيني وتعزيز الديمقراطية والشراكة، سواء على مستوى إدارة ملف الانسحاب من غزة أو على مستوى الضفة و القطاع من خلال الانتخابات البلدية والتشريعية و إيجاد مرجعيات القرار أو مستوى الداخل والخارج من خلال بناء مرجعية وطنية عليا تعزز وحدة القضية أرضا وشعبا وموضوعا ومصيرا وأهدافا، وتبنينا أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية بعد إعادة بنائها على أسس سياسية وتنظيمية جديدة، إذن نحن أمام مسؤوليات متوازية متكاملة لا يلغي أحدها الآخر، حماس وقوى المقاومة لن تنحني عن مشروع المقاومة، نحن نشترك في جبهات عدة ولا تعارض بينها، وكل شعب محتل ملزم بهذه المسئوليات يد تقاوم ويد تبني وعقل يفكر و وحدة وطنية وشراكة في القرار، هذه مسئوليات متكاملة ومتوازية و من يشترط علينا حتى نشارك في القرار السياسي وفي مؤسسة القرار و الانتخابات و الذين يتناغمون مع الأطروحات الأمريكية والإسرائيلية نقول لهم مهلا، هذه اشتراطات العقل لا يقبلها ولا الواقع، حماس ستظل تقاوم وتسعى لمشروعها الوطني مع بقية القوى والجماهير وستشارك في البناء ولديها تجربة في نظافة اليد والحرص على خدمة الإنسان الفلسطيني وستواصل دورها في تعزيز الوحدة الوطنية والشراكة . وهنا أدعو أصحاب الأموال العربية و خاصة أصحاب الأموال الفلسطيني في الخارج أن يلتفتوا إلى الوطن في مرحلة ما بعد الاحتلال في أرض غزة ليسهموا في عملية البناء وتطوير الوطن، حيث يتاح الاستثمار وأمن الاستثمار هنا واجب على الجميع لنسهم في البناء دون أن يعطل ذلك أو يخل بالمسؤوليات الوطنية المطالبين بها. وأيضا دعوة للدول العربية أن لا تستعجل التطبيع مع العدو الصهيوني، غير مطلوب التطبيع مع العدو لا الآن ولا غدا، فكيف وغالبية الأرض لا تزال محتلة والقدس لا تزال مهودة، والعدو لا يزال يقتل ويغتال، و أذكر الدول العربية أن شارون بعد الخروج من غزة سيصعد عدوانه بعد أن يكون قد أنهى مشروعه في فك الارتباط وليزايد على نتنياهو في المنافسة على رئاسة حزب الليكود، سنشهد تصعيدا، فمهلا ولا تتورطوا في مشروع التطبيع مع العدو الصهيوني، حرام أن يكافأ هذا العدو، فعلى ماذا يكافأ على كل هذه السنوات من الاحتلال و القتل و المعاناة التي سببها لشعبنا بل حتى للعرب والمسلمين؛ وأقول للإخوة في السلطة الفلسطينية دعونا نبني مرحلة جديدة والله شعبنا الفلسطيني الذي أعطانا هذا العطاء يستحق منا سلوكا أفضل، شعبنا يريد ديمقراطية حقيقة، يريد إصلاحا يريد إنهاء الاحتكار وأصحاب الثراء الفاحش والامتيازات يريد عدالة اجتماعية وحياة نظيفة حتى يعطينا المزيد في مشروع التحرير و استعادة الحقوق ؛ لنجعل من غزة نموذجا ولنجعل من أرضنا الفلسطينية نموذجا، يكفي العشر سنين الماضية وإن كنا غير مستعدين لتكرار أخطاء السنوات الماضية، نريد مرحلة جديدة لا ينفرد فيها أحد، حماس وفتح وكل القوى يضعون أيديهم في أيدي بعض لنبني حاضرنا ومستقبلنا و نتحمل جميعا المسؤولية، أما العدو الصهيوني فنقول لجنوده ومستوطنيه وقادة العدو ارحلوا عن أرضنا لا مقام لكم على أرضنا إذا أردتم أن لا تسفك دماؤكم فليس لكم إلا الرحيل، لا أمن لكم مع الاحتلال، ولا أمن لكم مع العدوان ولا تظنوا أن قوتكم و الدعم الأمريكي سوف يغني عنكم وسيحميكم نحن سننتصر عليكم، نعم أنتم أقوى منا، ولكننا سننتصر عليكم و سنهزمكم فاختصروا الطريق، واتعظوا بتجارب الاستيطان والاحتلال في التاريخ. أما المجتمع الدولي، و خاصة الأوروبي، الذي يحاول البحث عن مخرج لشلال الدم في المنطقة، نقول له أقصر الطرق إلى تحقيق الاستقرار و الأمن في المنطقة هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي على أرضنا، بدون إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه لن يكون هناك استقرار، والحقوق الفلسطينية حقوق واضحة وهي الأرض والقدس و حق العودة والسيادة الحقيقية و أن نعيش في كيان حقيقي يملك القرار و الإرادة، وهذه الثوابت بالنسبة لنا ثوابت لا حيدة عنها، وأدعو أهلنا في الشتات، وأنا هنا في لبنان حيث مخيمات اللاجئين وفي كل مخيمات الشتات والمهجر، نقول لهم أبشروا دخلنا طريق النصر انعطفنا نحو الإنجاز و إن شاء الله ستعودون إلى أرض الوطن، عذاباتكم ستنتهي عن طريق المقاومة والوحدة الوطنية بإذنه تعالى . وأخيرا كما أشرت في الاستهلال الأسرى هؤلاء الذين هم أصلا صناع هذا الإنجاز و هذه الملحمة البطولية على أرض فلسطين الأسرى و الأسيرات في سجون العدو سيظلون على رأس الأجندة الوطنية الفلسطينية ولن نركن إلى وسيلة واحدة للإفراج عنهم ولن نناشد أحدا، لن نعتمد على الاستجداء والاستعطاف، الشعب الفلسطيني الذي أخرج الاحتلال من غزة و أجبره على تفكيك المستوطنات هو ذاته القادر على الإفراج عن الأسرى و المعتقلين، والتهدئة التي جعلنا على رأس شروطها الإفراج عن المعتقلين، فالتهدئة ليست مفتوحة، وستقرر حماس والمقاومة الموقف بشأنها في الوقت المناسب، وسنكون حاضرين بجميع الأحوال وربما بما لا يتوقع العدو، بما يمكننا من الإفراج عن أسرانا بإذن الله ونستكمل مشروع التحرير واستعادة الحقوق . إذا في ظلال هذا الحدث التاريخي والكبير بدلالته وإن كان محدودا بحجمه، أردنا أن نضع هذا الحدث في سياقه الطبيعي وهو أنه أولى خطواتنا على طريق النصر واستعادة الحقوق و بلا مبالغة وبكل ثقة بداية النهاية للاحتلال الصهيوني ولمشروعه الاستيطاني.