حمّل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس ، خالد مشعل، الحكومة الصهيونية والإدارة الأمريكية المسؤولية عن مجزرة غزة والتي راح ضحيتها العشرات من الفلسطينيين بين شهيد وجريح، وطالب السلطة الفلسطينية بالتوقف فوراً عن المفاوضات والتنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني والشروع فوراً بحوار وطني، داعياً الأمة العربية والإسلامية إلى كسر الحصار عن الشعب الفلسطيني كردٍ على تلك المجزرة . وكانت قوات الاحتلال الصهيوني قد انسحبت، مساء أمس من حي الزيتون شرق غزة بعد عملية توغل وأعمال قصف واشتباكات استمرت عدة ساعات اقترفت خلالها مجزرة راح ضحيتها تسعة عشر شهيداً بينهم 13 من مجاهدي كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أحدهم نجل القيادي في الحركة محمود الزهار. وأوضح مشعل خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده ظهر اليوم الأربعاء (16/1) في دمشق أن المجزرة الصهيونية في غزة تأتي في سياق معالجة أولمرت للأزمة الداخلية الصهيونية، وقال: إن أولمرت عبر الدم الفلسطيني، يريد أن يحافظ على ائتلافه الحكومي، ويستبق تقرير فينوغراد؛ فهو (أي أولمرت) يريد أن يهرب من هزيمته في لبنان في صيف 2006 عبر المجازر الصهيونية، وباراك من ناحية أخرى عينه على الانتخابات، يريد أن يقدم نفسه (كرئيس مقبل للحكومة الصهيونية) عبر المجازر . وأضاف: تأتي تلك المجزرة أيضاً في سياق آخر، وهو كيف يعالجون عقدة غزة، وكأن مسار السلام المزعوم مفروش بالورود ولم يتبق سوى غزة . وتابع: يريدون تطبيق خارطة الطريق بشقها الأمني، يريدون أن يعجلوا بتطبيق مؤتمر أنابوليس القائم على المعالجة الأمنية، يريدون من خلال المجازر والمذابح كسر إرادة الشعب الفلسطيني في غزة بالقوة ، مؤكداً فشل رهان الحكومة الصهيونية وحلفائها على كسر إرادة الشعب الفلسطيني المتمسك بحقوقه وبمقاومته. وأضاف: أقول لقادة العدو وعلى رأسهم إيهود أولمرت وإيهود باراك هذا الدم الفلسطيني لن ينقذكم بل سيغرقكم، وسيظل لعنة عليكم وعلى كيانكم المسخ الإرهابي ، وأكد على أن الدم الفلسطيني المسفوح سيقصر أمد الكيان الصهيوني ، مشدداً على أن المجازر الصهيونية لن تجلب أمناً ولا سلاماً للمستوطنين الصهاينة. وقال: إن عمليات القتل والمجازر ليست غريبة على الكيان الصهيوني، ولكن الغريب هو هذا الصمت الدولي المريب . ورفض مشعل بشدة الحجج والذرائع التي تسوقها الحكومة الصهيونية وحلفائها لتبرير العدوان على غزة بأنه رد على الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة، وقال: صواريخ غزة هي رد فعل على الإرهاب الصهيوني . وأكد مشعل أن الطرف الثاني الذي يتحمل المسؤولية عن المجزرة الصهيونية النكراء في غزة هو الرئيس الأمريكي جورج بوش وإدارته، وقال: الذي يجري هو ترجمة عملية لموقف بوش في أنابوليس ، وتابع: في أنابوليس كان القرار السياسي وفي باريس كان التمويل للجريمة الصهيونية . ومضى إلى القول: هناك غطاء أمريكي لهذه الجريمة الصهيونية، عبر لقائي باريس وأنابوليس ، لافتاً الانتباه إلى أن السبعة مليارات وأربعمائة مليون دولار التي رصدت في لقاء باريس هي مال مخصص للكيان الصهيوني، وليس للشعب الفلسطيني، لأنه مخصص لتطبيق خارطة الطريق، ولقتل الشعب الفلسطيني وللدفاع عن إسرائيل ، حسب تأكيده. ومضى القيادي الفلسطيني البارز إلى القول: أما جولة بوش في (الأراضي الفلسطينية والمنطقة) التي تزامنت مع المجزرة، فقد أعطت غطاءً لهذه المجزرة ، وأشار إلى أن بوش مارس التحريض ضد الشعب الفلسطيني ومنح الاحتلال حق القيام بعمليات عدوانية في الضفة والقطاع، وقال: بوش ترك لليد الصهيونية القذرة أن تفعل ما تشاء في قطاع غزة . واستطرد بالقول: جورج بوش لم يأتي لإحلال السلام في المنطقة إنما جاء ليطلق الحرب ، مضيفاً بوش صانع إرهاب وحرب وليس صانع سلام . وفيما يتعلق بموقف رئاسة السلطة الفلسطينية؛ أكد مشعل أنه لا يكفي أن تقوم السلطة بإدانة الجريمة الصهيونية أو أن تعلن الحداد، وقال: الرد الحقيقي المطلوب (من رئاسة السلطة) يتمثل بوقف المفاوضات العبثية، والعمل على إعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية ، مشدداً على أن المفاوضات مع الاحتلال هي إهدار للوقت ولكرامة المفاوض الفلسطيني وأيضاً استنزاف للكرامة الوطنية. ودعا مشعل إلى حوارٍ وطني غير مشروط، وقال موجهاً كلامه لرئاسة السلطة عليكم أن تبادروا إلى حوار غير مشروط ، معرباً عن استهجانه من قيام رئاسة السلطة بفرض الاشتراطات على شعبها مقابل إذعانها للحوار الوطني، في الوقت الذي لا تقدم فيه (رئاسة السلطة) أية شروط في مفاوضاتها مع حكومة الاحتلال التي تواصل عملياتها العدوانية والاستيطانية، وقال: إن ذلك مفارقة مؤلمة . وأكد مشعل استعداد حركته لتقديم المرونة اللازمة من أجل إطلاق وإنجاح الحوار الوطني، غير أن شدد على رفضه لشروط السلطة المطالبة بعودة رموز الفساد إلى مناصبهم في الأجهزة الأمنية بقطاع غزة، وموافقة حركة حماس على شروط الرباعية، وقال: نريد حواراً غير مشروط، وكل القضايا قابلة للبحث . وأشار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خلال المؤتمر الصحفي أنه أجرى اتصالات مع عدد من المسؤولين والزعماء العرب، كما أجرت الحركة اتصالات مع الأطراف دولية للمطالبة بالرد على المجزرة الصهيونية بموقف جريء ، حسب وصفه. وقال: إذا كان على السلطة الفلسطينية الرد على المجزرة الصهيونية بوقف المفاوضات وإعادة اللحمة الداخلية، فإن على العالم العربي والإسلامي والدولي أن يكون رده على المجزرة بكسر الحصار عن قطاع غزة ، وأشار إلى أن هناك نقصاً حاداً في المستلزمات الطبية لعلاج جرحى المجزرة. ورداً على سؤال حول المؤتمر الوطني الفلسطيني، أكد مشعل أن الدعوات قد وجّهت إلى كافة الفصائل والقوى الفلسطينية بما فيها حركة فتح ورئاسة السلطة، وذكّر بأن هذا المؤتمر ينعقد تحت عنوانين: التمسك بالحقوق والدعوة إلى معالجة الأزمة الداخلية ، معرباً عن أمله بأن تحضر جميع القوى والفصائل هذا المؤتمر. وكان مشعل قد أعرب في مستهل مؤتمره الصحفي عن إشادته واعتزازه بمقاومة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتصديه للعدوان الصهيوني، وتوجه بالكلام للقيادي في حركة حماس لدكتور محمود الزهار الذي استشهد ابنه حسام في المجزر الصهيونية، قائلاً: عظم الله أجركم وهنيئاً لك أن قدمت اثنين من أبنائك خالد أولاً وحسام ثانياً ، مؤكداً على أن الزهار هو النموذج الحقيقي للقادة الحقيقيين . للإستماع إلى المؤتمر الصحافي اضغط هنا