سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في اللقاء الفكري الذي نظمته الجمعية المغربية للبحث التاريخي بالرباط: "التحديث " كلمة قبيحة في اللغة العربية وهناك فرق بين السلفية الوطنية و السلفية الوهابية
في إطار أنشطتها العلمية نظمت الجمعية المغربية للبحث التاريخي يوم 10يناير الحالي لقاء فكريا بمعهد التاريخ والأركيولوجيا بكلية الأداب والعلوم الإنسانية بالرباط. وتضمن اللقاء قراءة في كتاب الأستاذ سعيد بنسعيد العلوي : "الاجتهاد والتحديث، دراسة في أصول الفكر السلفي بالمغرب". وقد قام الأستاذان المؤرخان محمد العيادي و إبراهيم بوطالب بقراءة في الكتاب من وجهتين متكاملتين، حيث عرض إبراهيم بوطالب بداية الخطوط والعناوين العريضة للكتاب مبرزا جوانب الفكر السلفي واستكناه مشروعه في المغرب، وكذا التعريف بمن حاول من السلفيين المغاربة الإدلاء بأرائهم ومواقفهم في قضايا التحديث المستجدة، مشيرا إلى الفرق بين الاجتهاد والتحديث، فيعني بهذا الأخير مجموع الكيفيات التي يسلكها الفكر والمجتمع في النظر إلى التحول الاجتماعي الحادث في التدين السياسي الضمني والصريح المواكب لذلك التحديث أوالناتج عنه، بينما الاجتهاد هو نظر في الدين وفي الشريعة بغية تقديم الحلول والأجوبة الشرعية على المستجدات التي تقع في المجتمع الإسلامي. متخذا من ابن المواز ومحمد بن الحسن الحجوي نموذجين أساسيين للوقوف على بعض مظاهر التفكير السلفي من خلال فتاواهما و موقفهما من النوازل الحاصلة، كالموقف من الحماية التي اعتبرها ابن المواز إيجابية، وتعليم البنات، المحدد عند البلوغ بالنسبة للحجوي، وقضية استعمال البرق وزكاة الأوراق النقدية. ويلاحظ الأستاذ إبراهيم بوطالب على الكاتب البدء بالتحديث قبل الاجتهاد مع أن كلمة التحديث لم تكن موجودة في النصوص كمادة للبحث، وهي كلمة قبيحة في اللغة العربية يقول إبراهيم بوطالب. كما يتساءل عن موقع هؤلاء العلماء ووضعيتهم وتأثيرهم في المجتمع مع العلم أنهم كانوا لسان المخزن . واعتبر الأستاذ محمد العيادي المؤَلّف عملا شخصيا يحضر فيه إبداع الكاتب في استخراج مضامين النص من خلال قراءته الخاصة. وفي تعليقه على عنوان الكتاب اعتبر كلمة أصول لم تصب في التأصيل للفكر السلفي بالمغرب من ابن المواز والحجوي. إذ يعتبر هذه المرحلة استمرارا لما قبلها، أي ما قبل معركة إيسلي عام 1844م. عكس ما ذهب إليه صاحب الكتاب . ويلخص الأستاذ محمد العيادي جديد الكتاب في عنصرين يتعلق الأول بإلقائه الضوء على جانب فكري كان مغيبا في جوانح الدولة. والعنصر الثاني يعبر عن أطروحة الكتاب، وهي القول بأن الفكر السلفي المغربي لم يكن معزولا عن الفكر العربي، بل هو تعبير محلي للفكر العربي. وبين الأستاذ العيادي أن السلفية اتخذت أوجها متعددة، فيفرق بين السلفية الوطنية التي لا تتعارض فيها الحداثة مع الدين، بينما عند السلفية الوهابية يوجد تعارض بين التجديد والحداثة. وفي تعليقه عن السلفية المغربية التي أشار إليها بنسعيد العلوي وصفها بالبرغماتية النوازلية، حيث كانت تتفاعل مع القضايا السياسية. وفي معرض تعقيبه دعا الأستاذ سعيد بنسعيد العلوي إلى ضرورة تجاوز التصنيف بين" وطني" و"خائن" في البحث العلمي. ويقول إن "بعض العلماء" في المغرب كانوا "خونة" كعبد الحي الكتاني الذي اعتبره رمزا للخيانة الوطنية، ونفس الأمر اتهم به الحجوي، وابن المواز الذي كتب البيعة الحافظية. والنقطة الثانية بحكم اهتمامه بالفكر السياسي الإسلامي العربي، والحركة الوطنية المغربية بالخصوص، اعتبرها مسؤولة عن نقل المغرب إلى زمن التحرر، وتحديث فكره من الأمية والخرافة وسيطرة الطرقية، وبكل شجاعة يعتبر هذه الأخيرة كانت عائقا أمام التحديث وتعاملت مع الاستعمار، فإن كانت في مرحلة سابقة لعبت دورا جهاديا، فهي في مطلع القرن العشرين كانت سببا في ضياع منطقة توات كما كانت وراء الإقطاع والتواطئ مع الاستعمار. فللسلفية الوطنية أيضا جذورفي التصوف وأغلب عباقرتها جاؤامن بوادي نائية، مما يفسر في نفس الوقت أوجه القصور في التعاطي مع قضايا التحديث، مشيرا في ذلك إلى ما كتبه الطيب بنكيران في الرد على الوهابية. ويذكر أن الكتاب "قد صدر في طبعته الثانية سنة 2001 عن مطبعة النجاح الجديدة في قسمين، كان الأول تحليلا ودرسا للنصوص، والثاني جمع فيه صاحبه نصوصا توثيقية لمجموعة من العلماء يمثلون جذور السلفية في المغرب. عبد العالي الشرفاوي