موظفو المحاكم يعلقون الاحتجاجات بعد لقاء مع وزير العدل    الرجاء يتفق مع المدرب البرتغالي سابينتو    تحليل ثقافي واحتجاج ميداني.. بلقزيز يستشرف قضية فلسطين بعد "طوفان الأقصى"    تطوان تحيي ذكرى 7 أكتوبر بالدعوة إلى التراجع عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل    الرئيس التونسي قيس سعيد يخلف نفسه بعد فوزه بأكثر من 90% من الاصوات    إدارة سجن "العرجات 1" تعتبر ما نشر بخصوص تعرض النقيب زيان لنوبات قلبية "مجرد مزاعم كاذبة"    إقصائيات كأس إفريقيا 2025.. الركراكي يوجه الدعوة للاعب "الرجاء" بالعامري مكان مزراوي المصاب    أمن مراكش يوقف فرنسيا من أصول مغربية متورط في تهريب دراجات نارية باهظة الثمن بلغت قيمتها 450 مليونا    محكمة العدل الأوروبية.. صفعة جديدة لداعمي الانفصاليين في البرلمان الأوروبي    أرباب المخابز يشكون انتشار محلات عشوائية غير مرخصة لإنتاج الخبز    رصاصة شرطي توقف جانحا خطيرا    "خدمة لمصلحة المدينة".. باحجي يستقيل من رئاسة جماعة مكناس    لوديي وبريظ يستقبلان وفد مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يقوم بزيارة للمملكة    الداكي: رئاسة النيابة العامة حريصة على جعل حماية حقوق الإنسان ومكافحة التعذيب أولى أولويات السياسة الجنائية    البوليزاريو: لا صفة له للتفاوض مع السوق الأوروبية المشتركة    توقعات احوال الطقس ليوم الثلاثاء.. أمطار وانخفاض في درجة الحرارة    مديرية الأمن وبنك المغرب يعززان التعاون    المكتب الوطني المغربي للسياحة يطلق حملته الترويجية الثانية "نتلاقاو فبلادنا"    الرجاء والجيش الملكي في مجموعة واحدة بدوري أبطال إفريقيا    "سباق ضد الزمن" .. هل تستطيع إيران إنتاج سلاح نووي في أقل من أسبوع؟    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء        النادي السينمائي لسيدي عثمان ينظم مهرجانه ال10 بالبيضاء    مهنيو النقل الدولي للبضائع يستنكرون توقيف الحكومة لدعم الغازوال    زهير زائر يعرض "زائر واحد زائر مشكل" بالدار البيضاء ومدن أخرى        إحباط محاولة للهجرة السرية بإقليم طرفاية    "القسام": طوفان الأقصى ضربة استباقية وندعو لأكبر تضامن مع فلسطين    اسئلة وملاحظات على هامش قرار المحكمة الاوروبية    تعليقاً على قرار محكمة العدل الأوروبية، وما بعده!!    المنتدى العربي للفكر في دورته 11    المغرب يحتضن النسخة الأولى لمؤتمر الحوسبة السحابية    السلطات المغربية تعتقل مجرما خطيرا فر من السجن بإحدى الدول الأوروبية    اغتيال حسن نصر الله.. قراءة في التوقيت و التصعيد و التداعيات        أهمية التشخيص المبكر لفشل أو قصور وظيفة القلب    جائزة نوبل للطب تختار عالمين أمريكيين هذه السنة    جائزة كتارا تختار الروائي المغربي التهامي الوزاني شخصية العام    بطولة احترافية بمدرجات خاوية!    تعريف بمشاريع المغرب في مجال الطاقة المتجددة ضمن أسبوع القاهرة للطاقة المستدامة2024    الدحاوي تمنح المغرب الذهب ببطولة العالم للتايكوندو للشبان في كوريا الجنوبية    منتخب "U17" يواجه السعودية استعدادا لدوري اتحاد شمال إفريقيا    "حزب الله": لا بد من إزالة إسرائيل    مشعل: إسرائيل عادت إلى "نقطة الصفر"    فيلم "جوكر: فولي آ دو" يتصدر الإيرادات بأميركا الشمالية    حماس تعلن إطلاق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل تزامنا مع إحياء ذكرى 7 أكتوبر    بنحدو يصدر ديوانا في شعر الملحون    انطلاق منافسات الدورة ال25 لرالي المغرب    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    إسرائيل ربحت معارك عديدة.. وهي في طورها أن تخسر الحرب..    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاجتهاد والتحديث للدكتور سعيد بنسعيد العلوي
نشر في التجديد يوم 16 - 07 - 2002

"الاجتهاد والتحديث" هو العنوان الرئيس لكتاب الدكتور سعيد بنسعيد العلوي. ولمزيد من البيان الموجز أضاف المؤلف تحت العنوان الأول قائلا دراسة في أصول الفكر السلفي في المغرب، ثم اختار أن يهديه إلى والده رحمه الله الذي دله على أول الدرب في قراءة الفكر السلفي بالمغرب، وإلى أخيه المرحوم محمد المنوني تقديرا لعلمه واعترافا بفضله.
يحتوي الكتاب على مقدمتين وقسمين، أما المقدمتان فالأولى للطبعة الثانية وكتبها الرجل في الرباط يوم 3 فبراير 1002 وأما الثانية فللطبعة الأولى، وكتبت في الرباط أيضا يوم 62 يونيو 1991.
القسم الأول يتوزع على فصول ثلاثة وخاتمة. الفصل الأول عنوانه سبل التحديث ومسالك الاجتهاد، والثاني الإصلاح والاجتهاد الضرورة والحماية والتحديث، والفصل الثالث ضرورات العصر ومقاصد الشرع : النظام والاقتصاد والتجديد.
وفي القسم الثاني نصوص وبيبلوغرافيا. وكل هذا على امتداد 732صفحة.
طموح الكتاب:
في مقدمة الطبعة الأولى، وفي أولى جملها يفصح عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط وأستاذ الفلسفة والفكر الإسلامي بها سعيد بنسعيد العلوي عن طموح كتابه فيقول: تطمح هذه الدراسة إلى الإسهام المتواضع في التاريخ للفكر العربي المعاصر في المغرب، أي للنتاج الفكري العربي المعاصر في وجهه السلفي وفي صورته المغربية منذ ثمانينات القرن الماضي (ق 91) إلى مستهل الأربعينيات حتى القرن الحالي (ق 02)" ثم يسترسل في تبيان اختياره للفكر العربي المعاصر في المغرب عوضا عن الحديث عن "الفكر المغربي" أو "الفكر السلفي المغربي" مثلا «إذ لا سبيل إلى فهم» " الفكر السلفي في المغرب" كما يؤكد سعيد بنسعيد، إلا بحسن فهم واستيعاب القضايا الرئيسية التي يصدر عنها الفكر العربي المعاصر إجمالا (..) ولذلك فإن الشأن في النتاج النظري في المغرب في الأزمنة المعاصرة لا يشذ عما هو عليه في مناطق أخرى من المشرق المغربي».
ويجزم المؤلف أيضا أن الفهم المستقيم للفكر العربي المعاصر في المغرب لا يصح بل ولا يكون إلا متى وعينا حق الوعي وأدركنا تمام الإدراك معطيات التاريخ والسياسة والاجتماع في المغرب، مثل بنية الدولة والمجتمع وخضوع البلاد للاستعمار الغربي فترة من الزمان، والصراع الخفي الذي ظل محتدما بين المغرب والقوى الاستعمارية قبل "الحماية" وأثناءهما. وبذلك تغتني دراسة الفكر العربي المعاصر عامة، والفكر السلفي خاصة، بدراسة نصوص المفكرين السلفيين في المغرب وآرائهم ومناهجم، لمراجعة بعض من أحكامهم وقناعاتهم.
ويعترف الدكتور سعيد بنسعيد العلوي أن مشروعا كهذا يعجز عن حمله رجل واحد، فلابد له من أولى عصبة في الفكر والتحليل من شعب ومجالات مختلفة يتعاونون على أثقال هذا العمل ويجتنبون أوزاره، ويجنون من ثمرات مختلف ألوانها ومنافعها. ولعل العقبات التي اقتحمها هو بنفسه في سبيل الوصول إلى الأصول المخطوطة لأولى الفكر الذين يرجو دراسة أفكارهم وما خطته أيديهم، تنبئ بالجهد الجهيد والصبر الجميل الذي امتحن فيه السمع والبصر والفؤاد، حتى يبصر ويرى، ويحقق سطرا سطرا، ويفرز ويصنف، ثم يطبع ويؤلف، ثم يخرج للقراء والمفكرين ورطبا جنيا، يقرؤنها على مهل ومكث. وتلك مشقة ينبغي أن لا تنسى، وعقبة لا يستهان بها، وأشياء لا يبخس حقها.
سبل التحديث ومسالك الاجتهاد والحماية
ما التحديث؟ وما الاجتهاد؟ ذلكم ما يبدأ بتعريفه مؤلف والاجتهاد والتحديث». أما الأول فيراه الرجل «عملية تتعلق بالمجتمع من جهة أولى، وترتبط بالتاريخ من جهة ثانية، وترجع إلى الايديولوجيا وفعاليتها من جهة ثالثة (...) فهو مجموع الكيفيات التي يسلكها الفكر والمجتمع في النظر إلى التحول الاجتماعي الحادث وفي التغيير السياسي الضمني أو الصريح المواكب لذلك التحول أو الناتج عنه» وهو أيضا «مجموع الحلول المقترحة في الرد على الإشكالات الحاصلة وحصيلة الإجابات النوعية الدقيقة أو المضطربة، على الأسئلة الحرجة التي تمثل في صورة تحد يريد أن يعصف بالبناء الاجتماعي الموجود ويطمح بالأنسجة الاقتصادية والسياسية والفكرية التي يكون بها قوام ذلك البناء ووجوده».
وأما الاجتهاد فهو «نظر في الدين وفي الشريعة بغية تقديم الحلول والأجوبة الشرعية على المستجدات التي تحدث في المجتمع الإسلامي» وهو «جواب الشرع في مستلزمات التطور ومقتضيات التحول والتغيير».
وبعد تفصيل غير ممل في التعريفين، ينتهي الباحث إلى وجود اختلاف وتغاير بين المفهومين بل وإعراض من الشريعة عن التحديث ونفور من الحداثة واشتقاقاتها. وآثارهما على تشكيل الوعي السياسي والاقتصادي.
وقبل أن يستعرض الدكتور سعيد بنسعيد حدثي هزيمة معركة إيسلي وحرب تطوان في القرن التاسع عشر وآثارهما على تشكيل الوعي السياسي والاقتصادي يتوقف قليلا ليحدثا عن تميز السلفية المغربية عن السلفية المشرقية، وعن استفادة الحركة الوطنية المغربية من السلفية المغربية، واهتدائها بهديها. أما إيسلي وتطوان فكانتا صدمتين متتابعتين من صدمات الحضارة زلزلتا الفكر المغربي زلزالا شديدا، ليستجيب لهما، ويبحث عن تفسير لما وقع، أهو بسبب بدع جامدة أم مبتدعات وافدة، وما السبيل إلى الخروج؟
ولرصد طبيعة ردود الفعل التي أظهرها دعاة الفكر الإصلاحي السلفي بالمغرب تسجيلا وتحليلا، قدم الباحث نموذجين لمفكرين، يتوفران على قراءة ذكية وواعية لشريط الوقائع والأحداث الجسام التي عرفها المغرب في العقدين السابقين على إعلان الحماية، ثم في السنوات القليلة الموالية والمعاصرة لحوادث الحرب العالمية الأولى، ثم يصدران عن رؤية «سلفية» ومن الذين تتوفر فيهم الصفات اللازمة ليكونوا نماذج، ذكر المؤلف جماعة جريدة «لسان المغرب» التي كانت تصدر بطنجة في مطلع القرن العشرين، ومن أهم رموزها الذين «اجتمع فيه ما تفرق في غيره» أحمد بن المواز العالم والموظف المخزني السامي ومحرر البيعة الحفيظية، ومن أهم مؤلفات «حجة المنذرين على تنطع المفكرين» و»خطوة الأقلام في التعليم والتربية والإسلام».
ابن المواز هذا، ينتهي إلى إثبات الارتباط بين الحماية والضرورة من وجه أول وبين التحديث والضرورة من وجه ثان، وبين التحديث والحماية من وجه ثالث.
الحجوي العالم التاجر المخزني
ويقدم الباحث في الفصل الثالث نموذجا ثانيا لعلماء المغرب السلفيين الذين عاشوا الصدمة الأولى للاستعمار، ويتعلق الأمر برجل حظي بقسط من اهتمام الدارسين يفوق ما حظي به معاصروه، ألا هو محمد بن الحسن الحجوي الذي جمع بين الوظيفل المخزني السامي، والمكان العلمي المرموق، وذلك لغزارة إنتاجه وتنوعه بين التاريخ والمذكرات والتقاييد والفتاوى فضلا عن المؤلفات وأشهرها كتابه «الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي». الحجوي والذي عاش بين 4791 و6591، رجل اجتمعت فيه، كما يقول بنسعيد العلوي، جنبا إلى جنب شخصية السلفي «المتنور» والليبرالي المتمسك بالفكر «السلفي» فهو موظف مخزني سامي، وفقيه عالم، وتاجر متمرس بالتجارة وعارف بأساليبها معرفة ولد عن أبيه.
ومن أهم المفاهيم التي وقف عليها المؤلف عنه الحجوي ثلاثة هي التعليم والاقتصاد والاجتهاد. ففي التعليم انشغل الحجوي بنقد النظام التعليمي بالقرويين والدعوة إلى إصلاحه، والدعوة إلى وجوب تعليم الفتيات، والمناداة بوجود فتح أقسام التعليم التجاري وتشجيع أهله ورعايته.
وفي الاقتصاد عقد الرجل آمالا عريضة على التجار ليقوموا بعملية الحديث الدولة والمجتمع معا. والأمران السابقان أي التعليم والاقتصاد يستدعيان «الاجتهاد» ويرسمان له سبله وآفاقه. وقد سعى الحجوي إلى ذلك وهو يرمق إلى «المخزن الشريف» بعين ويلحظ بالأخرى «الدولة الحامية».
خاتمة:
ينتهي الدكتور سعيد بنسعيد العلوي في خاتمة بحثه حول أصول الفكر السلفي في المغرب إلى أن الحركة الوطنية المغربية لم تفلح في قيادتها لعمل التحرر الوطني وفي التحامها بعمل الملك محمد الخامس رحمه الله، في تحقيق مانادت به من عمل مزدوج: التحرير السياسي والتحرير الفكري. وهذا الحكم الأخير مبني على مقدمة سالفة قضت بأن في الفكر الإيديولوجي الوطني جزء بل أجزاء من مكونات الخطاب السلفي الإصلاحي لابن المواز والحجوي ومعاصريهما. ولذلك لم يمكن للحركة الوطنية المغربية وللدولة أن تستعيد برنامج «التجديد» الذي حمله الفكر السلفي وعمل على تطويره في مراحل من التطور منذ منتصف القرن 91 وإلى نهاية الخمسينات من القرن 02. لم يمكن أو على الأقل لم يمكن بكيفية شاملة.
حسن السرات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.