تطل قضية الصحراء مرة أخرى على إسبانيا لتخلق لها أزمة جديدة، وهذه المرة ذات طابع اقتصادي، وذلك بعدما دق الفلاحون الإسبان ناقوس الخطر بخصوص الاستراتيجية الفلاحية "الجيل الأخضر" التي أطلقها الملك محمد السادس في 15 فبراير 2020، والتي ستشمل إنشاء 5000 هكتار من الأراضي الزراعية الخاصة بإنتاج الطماطم في الأقاليم الجنوبية للمملكة، والتي سيكون جلها موجها للتصدير، ما يعني تهديد الطماطم الإسبانية بالكساد. ودقت تنسيقية منظمات الفلاحين ومربي الماشية في إسبانيا ناقوس الخطر بخصوص هذا البرنامج الممتد ما بين 2020 و2030، وتحديدا فكرة إنشاء 5000 هكتار من البيوت البلاستيكية الخاصة بزراعة الطماطم في منطقة الداخلة، وهو الأمر الذي سيقتل، في نظرهم، هذه الزراعة في مناطق ألميرية ومالقة وغرناطة ومرسية جنوب البلاد، لكون النسبة الأكبر من المنتج المغربي ستُوجه للسوق الأوروبية، أي أنها ستنافس الطماطم الإسبانية في معقلها الرئيس. ويرى المزارعون الإسبان أن المنافسة مع المغرب "غير متكافئة" فالرباط تشكل حاليا الخصم الأول للطماطم الإسبانية داخل الاتحاد الأوروبي، ومع إضافة 5000 هكتار إلى إجمالي المساحة المزروعة بهذه المادة سيعني ذلك "القضاء" على المنتج الإسباني وخسارة المئات من العاملين في القطاع لعملهم خلال السنوات القادمة، لذلك فإن ما يقترحونه لمواجهة المشروع الذي يصفونه ب"مدينة الطماطم الكبرى" هو تصدي الاتحاد الأوروبي للصادرات القادمة منها على أساس أن مصدرها "منطقة متنازع عليها". ويدفع لوبي الفلاحين الإسبان في اتجاه حث بروكسيل على تعزيز مراقبة الصادرات الفلاحية المغربية المتمتعة بامتياز جمركي، من خلال فرض قيود صارمة على المواد الغذائية الفلاحية القادمة من الأقاليم الصحراوية تبعا لقرار صادر عن محكمة العدل الأوروبية قبل 5 سنوات، والذي يسمح باستيرادها شريطة الإشارة لمصدرها واستثمار عائداتها لصالح مشاريع التنمية الموجهة لسكان الصحراء، إذ ترى تنسيقية الفلاحين أن الرباط لا تحترم ذلك وتحديدا ما يخص الإشارة للمصدر. والمثير في الأمر هو ازدواجية المعايير التي تتعامل بها إسبانيا بخصوص الأنشطة الاقتصادية في الأقاليم الصحراوية، فمدريد قاتلت داخل الاتحاد الأوروبي حتى يتم القبول باتفاقية الصيد البحري مع المغرب التي تستفيد منها سفنها بحصة الأسد، رغم أنها تشمل الخط الساحلي الأطلسي للمملكة من طنجة إلى الحدود الموريتانية، لكنها تريد استثناء الصادرات المغربية الفلاحية من قرار مماثل رغم أن أسواق العديد من دول الاتحاد الأوروبي تستفيد من السعر التنافسي والجودة العالية للمنتجات المغربية.