1. الرئيسية 2. المغرب ترانسبرانسي المغرب تُجمّد عضويتها في لجنة محاربة الفساد احتجاجًا على تعمّد رئيس الحكومة توقيف الاجتماعات وتعطيل مهامها الصحيفة - خولة اجعيفري الثلاثاء 28 يناير 2025 - 15:41 أعلنت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، المعروفة باسم "ترانسبرانسي المغرب"، تجميد عضويتها في اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد، احتجاجًا على ما وصفته بغياب الإرادة الحقيقية لتفعيل عمل اللجنة ومكافحة الفساد في البلاد، سيما في ظل امتناع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عن الدعوة لانعقاد اجتماعات اللجنة منذ ثلاث سنوات، خلافًا لما يفرضه القانون، مستنكرة نهج الحكومة الحالية في التضييق على المؤسسات الدستورية المعنية بالرقابة والنزاهة والحكامة الجيدة، وإضعاف دورها من خلال تجاهل تقاريرها أو التشكيك في مصداقيتها. وفي بيان شديد اللهجة يحمل انتقادًا لاذعًا لغياب الإرادة السياسية في محاربة الفساد، أعلنت جمعية "ترانسبرانسي المغرب" عن قرارها بتجميد عضويتها في اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد، إلى حين ظهور مؤشرات ملموسة من السلطات العمومية تعكس التزامًا فعليًا وجادًا بمكافحة الفساد. هذا القرار الذي يأتي في سياق متوتر، إثر دعوة وجهها رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بتاريخ 16 دجنبر 2024، للجمعية لتعيين ممثل جديد عنها في اللجنة، خلفًا للراحل عبد العزيز النويضي، الكاتب العام السابق للجمعية، لم يكن عشوائيًا، بل استند إلى سلسلة من المؤشرات التي عددتها الجمعية وعززت لديها الشعور بغياب الجدية في محاربة الفساد. ومن أبرز هذه المؤشرات التي ذكرتها الجمعية في بيانها الذي تتوفر عليه "الصحيفة"، امتناع رئيس الحكومة عن عقد اجتماعات اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد على مدى ثلاث سنوات متتالية، بالرغم من أن النص المؤسس للجنة يفرض اجتماعها مرتين على الأقل كل سنة، مشيرة إلى أنها سبق وراسلت رئيس الحكومة بتاريخ 25 شتنبر 2023، مطالبةً بعقد اجتماع للجنة، التي لم تنعقد سوى مرتين فقط منذ تأسيسها قبل ثماني سنوات. وفي إطار تحضيرها لاجتماعات اللجنة، طلبت الجمعية من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، تزويدها بوثائق ومعلومات حول حصيلة عمل اللجنة، والتحديات التي تواجهها، ورؤيتها المستقبلية، إلا أن هذه الطلبات بحسبها، قوبلت بالتجاهل التام، ولم يصلها أي رد رسمي حتى دعوة رئيس الحكومة في دجنبر 2024 لتعيين ممثل جديد عنها في اللجنة. وشددت الجمعية في بيانها اللاذع على ضرورة تبني مقاربة تشاركية تأخذ بعين الاعتبار ما تحقق وما لم يتحقق في تنفيذ اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، إضافة إلى معالجة النواقص في مجالات الوقاية، والزجر، وتعزيز مؤسسات الحكامة، وآليات التعاون الدولي. وأضافت الجمعية، أن من بين الأسباب الرئيسية التي دفعت الجمعية إلى اتخاذ هذا الموقف، سحب الحكومة لمشروع القانون المتعلق بتعديل مجموعة القانون الجنائي، والذي كان يهدف إلى تجريم الإثراء غير المشروع، وقد تم سحب هذا المشروع بعد سنوات من النقاش خلال الولاية التشريعية السابقة، مما أثار تساؤلات حول جدية الحكومة في مكافحة الفساد، كما انتقدت الجمعية القيود التي فرضتها الحكومة على منظمات المجتمع المدني والسلطة القضائية، خاصةً من خلال المواد 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، والتي تحد من إمكانية تحريك الدعوى العمومية في قضايا الجرائم المالية، ما يعد انتهاكًا لمقتضيات دستور 2011 والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب. علاوة على ذلك، عبرت الجمعية عن استيائها من التضييق على المؤسسات الدستورية المكلفة بالرقابة والنزاهة والحكامة الجيدة، حيث يتم تجاهل تقاريرها أو التشكيك في مصداقيتها، مما يضعف دورها ويعطل تأثيرها في المشهد الوطني، وأمام كل هذه المعطيات، خلصت الجمعية إلى أن استمرار مشاركتها في اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد بات أمرًا عبثيًا، ما لم تظهر السلطة التنفيذية التزامًا واضحًا وفعليًا بتفعيل أدوار هذه اللجنة وتنفيذ سياسات جادة لمكافحة الفساد. وتأسست جمعية "ترانسبارنسي المغرب" يوم 6 يناير 1996 كفرع رسمي للمنظمة الدولية لمحاربة الفساد "Transparency International"، لتكون مرجعا في رفع تقارير عن حالات الفساد في تدبير الشأن العام بالمغرب. وتركز الجمعية على محاربة الفساد بمختلف أشكاله، من خلال كشف مخاطره على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتسعى لتعزيز مبادئ الشفافية داخل المؤسسات العامة والخاصة على حد سواء، مع الدفع نحو تكريس أسس الحكامة الجيدة والرقابة الفعّالة، كما تضطلع الجمعية بدور هام في الترافع لتحسين التشريعات والسياسات العمومية المتعلقة بمكافحة الفساد، وضمان العدالة والنزاهة في مختلف القطاعات. وياتي قرار تجميد ترانسبرانسي لعضويتها في اللجنة، بعد أسابيع عن ظهور أرقام ومعطيات حول وضعيت الفساد في المملكة كشفت عنها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وأكدت فيها استشراء هذه الآفة، والضعف الحكومي في محاربة الظاهرة التي تكلف أزيد من 50 مليار درهم سنويا، وعدم تفاعل رئيسها عزيز أخنوش مع مراسلة الهيئة التي تدعوه فيها إلى عقد اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التي لم تنعقد منذ تنصيب الحكومة الحالية. وهذه المعطيات التي أفرجت عنها المؤسسة الدستورية، لم ترق الحكومة التي هاجمت من خلال الناطق الرسمي باسمها، مصطفى بايتاس، خلال الندوة التي أعقبت اجتماع المجلس الحكومي، الهيئة داعية إياها إلى القيام باختصاصاتها الدستورية أولا، ومطالبتها للحكومة بمحاربة الفساد، دون النظر إلى الاختصاصات التي يضعها الدستور على عاتق هذه الهيئة، إذ تساءل بايتاس حينها "أين هو المجهود الذي قامت به هذه المؤسسة لتفعيل المقتضيات المنصوص عليها بنص الفصل 167 من الدستور، والذي ينص على مساهمة الهيئة في تخليق الحياة العامة، وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، وثقافة المرفق العام، وقيم المواطنة المسؤولة"، معتبرا أنه لا يمكن لأي كان أن يعتقد أنه يحارب الفساد أكثر من طرف آخر، "هي معركة نساهم فيها على قدم المساواة، السلطة التنفيذية والمؤسسات الدستورية الأخرى، بما فيها هيئة النزاهة".