منذ اعتراف أمريكا بمغربيّة الصّحراء والأوساط الإسبّانية تنسجُ مآلات هذا الاتّفاق وتأثيراته المحتملة على وزن مدريد في المنطقة ومصالحها الإستراتيجية، وكذا علاقتها مع الرّباط، إذ ترى في الدّعم الأمريكي تهديداً حقيقياً قد يجعلها لاعباً ثانوياً في الصّحراء، لاسيّما مع دخول فواعل جديدة في ساحة التّجاذبات الإقليمية. واعترف الرّئيس الأمريكي دونالد ترامب في آخر أيّام ولايته بسيادة المغرب على الصّحراء، وبعد فترة وجيزة، أعلنت الحكومة الإسبانية تأجيل الاجتماع رفيع المستوى الذي كان سيعقده البلدان في 17 دجنبر بالعاصمة المغربية، وهو أول لقاء ثنائي يجمع مدريد والرّباط منذ أكثر من خمس سنوات. وتتخوّف الأوساط الإسبانية من أن يتحوّل الموقف الأمريكي في الصّحراء إلى ورقة ضغط تلوّح بها الرّباط في قضايا إستراتيجية، تبقى أهمها الحدود البحرية ووضعية سبتة ومليلية المحتلتين، اللتين مازالت تراهن عليهما المملكة لتحقيق إقلاع اقتصادي في منطقة الشّمال. ويبرز هذا التّخوف في تحليلات بعض الباحثين الإسبان، الذين يحاولون ربط الاعتراف الأمريكي الأخير بمغربية الصّحراء بالوضع الدّاخلي في إسبانيا، ومحاولة المملكة استغلال هذه الظّرفية "الحرجة" للذّهاب بعيداً في مطالبها الإستراتيجية. وقال فرنانديز منديز، الباحث في معهد إلكانو الملكي، لEFE: "اعتراف ترامب أحادي الجانب، بعيداً عن منظومة الأممالمتحدة ومجلس الأمن". وقال الباحث في معهد Elcano Royal إن "القرار الأمريكي الجديد يمكن أن يؤثّر أيضًا على إسبانيا، وهو قرارٌ ستكون له تداعيات إقليمية خطيرة"، مبرزاً أنّه "قد يؤثر على المطالبات الإقليمية للمغرب بشأن مدينتي سبتة ومليلية الإسبانيين المتمتعتين بالحكم الذاتي – وكلاهما في شمال إفريقيا"، وزاد: "إذا تحدثنا واقعياً فهذا شيء يجب أخذه بعين الاعتبار". وقد يستغلّ المغرب الوضع الدّاخلي في إسبانيا لفرض وجهة نظره على مدريد، بينما تدرك إسبانيا أهمية وجود علاقات جيدة مع المغرب. وأوضح المحلّل ذاته: "هناك العديد من القضايا المشتركة في هذه العلاقات والتعاون والاقتصاد الخ... إسبانيا هي الشريك الاقتصادي الرّئيسي للمغرب منذ بضع سنوات". وأكد الخبير أيضا أنه "سيكون من الضروري معرفة ما ستفعله دول الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد"، مضيفاً: "ستكون هناك مواقف متضاربة داخل الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير على أساس فكرة عدم وضع سوابق يمكن أن تؤدي إلى استخدام القوة من قبل بعض الدّول للحصول على الأراضي المتنازع عليها، ومن ثم الاعتراف بها من قبل القوى الدولية". وفي رسالة على "تويتر"، رحّب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشّؤون الخارجية والسياسة الأمنية، الإسباني جوزيب بوريل، "بالخطوات المهمة في العلاقات بين إسرائيل والمغرب"، مردفا: "هذا من شأنه تعزيز تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، بما يسهم في جهود السلام في الشرق الأوسط".