"وزارة التعليم" تعلن تسوية بعض الوضعيات الإدارية والمالية للموظفين    مسؤول فرنسي رفيع المستوى .. الجزائر صنيعة فرنسا ووجودها منذ قرون غير صحيح    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    جريمة بيئية في الجديدة .. مجهولون يقطعون 36 شجرة من الصنوبر الحلبي    "حماس": منفذ الطعن "مغربي بطل"    الكاف : المغرب أثبت دائما قدرته على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة يقلب الطاولة على بنفيكا في مباراة مثيرة (5-4)    ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي    "سبيس إكس" تطلق 21 قمرا صناعيا إلى الفضاء    الحاجب : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد (فيديو)    ارتفاع عدد ليالي المبيت السياحي بالصويرة    كأس أمم إفريقيا 2025 .. "الكاف" يؤكد قدرة المغرب على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    "البام" يدافع عن حصيلة المنصوري ويدعو إلى تفعيل ميثاق الأغلبية    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    تركيا.. ارتفاع حصيلة ضحايا حريق منتجع للتزلج إلى 76 قتيلا وعشرات الجرحى    التحضير لعملية "الحريك" يُطيح ب3 أشخاص في يد أمن الحسيمة    لمواجهة آثار موجات البرد.. عامل الحسيمة يترأس اجتماعًا للجنة اليقظة    الحكومة: سعر السردين لا ينبغي أن يتجاوز 17 درهما ويجب التصدي لفوضى المضاربات    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    تركيا.. يوم حداد وطني إثر حريق منتجع التزلج الذي أودى بحياة 66 شخصا    وزارة التربية الوطنية تعلن صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور الأساتذة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    مطالب في مجلس المستشارين بتأجيل مناقشة مشروع قانون الإضراب    اتخاذ إجراءات صارمة لكشف ملابسات جنحة قطع غير قانوني ل 36 شجرة صنوبر حلبي بإقليم الجديدة    توقيع اتفاق لإنجاز ميناء أكادير الجاف    مجلس المنافسة يكشف ربح الشركات في المغرب عن كل لتر تبيعه من الوقود    الدفاع الجديدي ينفصل عن المدرب    اليوبي يؤكد انتقال داء "بوحمرون" إلى وباء    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    هل بسبب تصريحاته حول الجيش الملكي؟.. تأجيل حفل فرقة "هوبا هوبا سبيريت" لأجل غير مسمى    أنشيلوتي ينفي خبر مغادرته ريال مدريد في نهاية الموسم    المجلس الحكومي يتدارس مشروع قانون يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة    ندوة بالدارالبيضاء حول الإرث العلمي والفكر الإصلاحي للعلامة المؤرخ محمد ابن الموقت المراكشي    المبادلات التجارية بين المغرب والبرازيل تبلغ 2,77 مليار دولار في 2024    الغازوال والبنزين.. انخفاض رقم المعاملات إلى 20,16 مليار درهم في الربع الثالث من 2024    مطالب برلمانية بتقييم حصيلة برنامج التخفيف من آثار الجفاف الذي كلف 20 مليار درهم    تشيكيا تستقبل رماد الكاتب الشهير الراحل "ميلان كونديرا"    انفجار في ميناء برشلونة يسفر عن وفاة وإصابة خطيرة    المؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية: "خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة"    العمراني : المغرب يؤكد عزمه تعزيز التعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد تنصيب ترامب    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    ترامب يوقع أمرا ينص على انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية    إيلون ماسك يثير جدلا واسعا بتأدية "تحية هتلر" في حفل تنصيب ترامب    ترامب: "لست واثقا" من إمكانية صمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    المغرب يدعو إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    الإفراط في اللحوم الحمراء يزيد احتمال الإصابة بالخرف    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    دوري أبطال أوروبا.. مواجهات نارية تقترب من الحسم    ياسين بونو يتوج بجائزة أفضل تصد في الدوري السعودي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    القارة العجوز ديموغرافيا ، هل تنتقل إلى العجز الحضاري مع رئاسة ترامب لأمريكا … ؟    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرؤية الدينية والصوفية في الشعر الأمازيغي بالريف (شعر ملود اليبراقي نموذجا)
نشر في أريفينو يوم 20 - 09 - 2014


ملود اليبراقي
المقدمة:
يعد ملود اليبراقي من أهم شعراء منطقة الريف الذين ينتمون إلى مدرسة الخارج التي تسمى أيضا بمدرسة الاغتراب أو مدرسة المهجر أو شعر المنفى، ويمثلها كل من: أمنوس (بلغد عبد الرحمن)، وكريم كنوف، وأحمد الصديقي، والحسن المساوي، وميمون الوليد، ومحمد شاشا، ونجيب الزوهري، ومحمد والشيخ، وأحمد الزياني، والطيب الطيبي، وصالح الحوري، وحميد بوسدرة…
بيد أن الشاعر ملود اليبراقي قد تجاوز هموم الذات والوطن والأمة إلى قضايا الدين والزهد والتصوف، ويشاركه، في هذا الطابع الروحاني، الشاعران: حسن المساوي والطيب الطيبي.
إذاً، ما أهم القضايا الدلالية والفنية والجمالية التي يزخر بها ديوان (ءارخزراث زي راگاج/ نظرة من بعيد)؟ هذا ما سوف نرصده في موضوعنا هذا.
☚ الجوانب الدلالية:
تتميز قصائد ملود اليبراقي بروح النضال والصمود والتحدي، والحث على العمل والصبر والوحدة والمثابرة من أجل تحقيق النصر، وعدم الاستسلام للكسل والتعب والتواكل، بغية الظفر بالعيش الكريم، وتحقيق الاستقرار الأفضل. ومن هنا، لايمكن أن يتحقق ذلك إلا بالاحتكام – جميعا- إلى الحق والعدالة والقانون:
أَذْوَا ذَبْرِيذْانَّغْ اسْثَرْيَاسْثْ اقَ يَحْمَر
نَكُّوارْ انَمْسَكَارْ خَرْحَقْ انَسِّيوَرْ
أَرْحَقْ قَنَتْوَرَاثْ يَتْوَفَّا سَرْبَطَرْ
أَنُيُوَارْ غَرَزَّاثْ نَشِّينْ وَرَنْتِيحَرْ
أَنَسْمُونْ ارَاغِي وَنْ يِكوْجَنْ اذِسَرْ
كما يدافع الشاعر عن الفقراء والبؤساء والمساكين، ويصور حالتهم المأساوية المزرية والمضنية؛ بسبب الفاقة وكثرة الحرمان وضيق الحال. وفي الوقت نفسه، يشيد بصبرهم وثباتهم وأملهم الكبير في الله والمستقبل:
أَرْمَسْكِينْ اصَبَّارْ اخْ ثُوذَاثَ ذَعَسَّاسْ
إِتَكّارْ يَتْوَطَّا ثِزَمَّارْ وَلُو غَاصْ
رَبْدَا يْتَرِي يَطَّارْ وَتْيُوفِي اثْوَدَّرَاسْ
إِتَمْسَيْسِي اكْذْ ازْمَانْ نَتَّا قَيَصْبَرَاسْ
يوُحَرْ يُورِي ثِسَوْنِينْ امْ ادجِّرَثْ اذْوَاسْ
يُوحَرْ يَفْسِي ايشَدَّانْ اسْوَشَّانْ اتَّغْمَاسْ
كما تحضر تيمة الهجرة لدى الشاعر شأنه في ذلك شأن باقي شعراء الريف الذين تغنوا بالهجرة ومغادرة الأرض، وتصوير ما ينتج عن ذلك من فراق وشوق وحنين؛ وما تعانيه الأم بسبب ذلك، كأن تلتجئ إلى البكاء والعويل والحزن حينما تفتقد ابنها ، وتعلم أنه قد هاجر إلى الضفة الأخرى، فتنقطع أخباره جملة وتفصيلا، فتستسلم الأم لأنياب الحيرة والشك والتيه ، متأرجحة في ذلك بين اليأس والرجاء، والألم والأمل:
يَتَّفُّودْ وَيَدجِّي يَفَّغْ أوشَا يُويوارْ
منْتَمَّواثْ ذِي يَدجَّا مَنِي إيرُوحْ إوَدَّارْ
اتْسَقْسِيغْ إمْسَبْرِيذَنْ مَوَاثْزْرِيمْ اعْمَارْ
إمَانِي غَايِيرِي مَنِي إيرُوحْ إيهَجَارْ
أمِّي نَرَزُّو خَاكْ رَبْدَ ا قَنَغْ ارِي ضَارْ
مَقَّاشْ ذِي اثْمُورَايَا نِيغْ غَوَانِي رَبْحَارْ
أضف إلى ذلك، فقد صور الشاعر آثار الغربة القاسية على المهاجر نفسيا وواقعيا واجتماعيا، سواء أكانت تلك الغربة مكانية أم ذاتية. ومن ثم، يتسلح الشاعر بلغة الشوق والحنين والتذكر، والتلذذ بالرغبة الملحة إلى العودة إلى الوطن عاجلا أو آجلا:
وَحْشَخْشَمْ ايَمَّا اسْوَطَّاسْ وَدجِّي سَذْرُوسْ
أَسْقْذْغَانْدْ إيجْ انْتَبْرَاتْ زِي اثْمُورَايَا غَاسُوسْ
اْورِيخْتْ سِمَطَّاوَنْ وَطَّنَيِدْ خُفُوسْ
أَشْحَارْ غَنَكْ نَشِّينْ انْتَتْلِيعْ اخْرَكْنُوسْ
نُسَدْ غَاثْمُورَايَا ذِزَاعَنْ افَقُّوسْ
نُحَرْ نَيْسِي ارْهَمْ انْتْمُورَياَ زِينَسْحُوسْ
أَرْهَمْ انْدجْغْرُبَيَّثْ يَكَّا ذَا يَقَطُّوسْ
مَنَبْرِيذْ غَشُقَغْ اذْزَرْمَضْ نِيغْ اذْيَفَّوسْ
إِرْسَوَنْ ذَا قَضْعَنْ أمْ وقَسِّي نَرْمُوسْ
ومن ناحية أخرى، يدافع الشاعر عن لغته الأمازيغية قولا وكتابة، وينافح عن هويته الإنسية الأصيلة، فيتباهى بارتباطه المتين بجذوره العريقة الممتدة في تاريخ تامازغا وحضارتها التليدة والعتيدة:
سَثْمَزِيخْثْ انَسِّيوَرْ سَثْمَزِيخْثْ انَارِي
أنَارِي ثَقَسِّيسْثْ أنَارِي ايجْ انْيزْرِي
وَخَّا يَنْدَرْ اطْرَامْ اثْفُوشْثْ وَخَّا ثَغْرِي
أتْنَارِي ذِي ثَفْرَايْ غَارْ اطْيَا نَتْزِيرِي
أتْنَارِي أتَنْغَارْ وَذَانَغْ اتْوَدِّيرِي
إمَانِي مَّا نَدجَّا اثْمَزِيخْثْ كِينَغْ ثِيرِي
ازَّيَسْ اينَسَّوَارْ وَغَانَغْ اتِّيزِي
أكِيسْ ايغَا نَقِّيمْ اكِيسْ ايغَا نِيرِي
ولم ينس الشاعر أرضه التي ترعرع فيها إلى أن شب وكبر، فهي التي أرضعته بلبان ثديها ، وأسقته ماءها النمير، وغرست فيه قيم الرجولة والعز والكرامة والإباء. ومن ثم، فلن يجد أرضا مثلها، وإن اجتاز الأرض طولا و عرضا:
وَشَمْ تَتُّوغْ يَثَموُّاثْ خَرْقَغْ ذَيَمْ ايْمِيغ
أثْزَذْغَذَايْ ذِي رَعْقَرْقَوَزَّيَمْ اسْخِيغْ
رَهْنَا ذَيَمْ يَدجَّانْ ذِهَا قَوَثَزْرِيغْ
أكِّيغْ قَاعْ ثِمُورَا رَهْنَ انَّمْ وَثُفِيغْ
وَتْغِيرَغْ رَبْحَارَا أثْشُوقَغْ اثَزْوِ يغْ
انْهَا رْ رَمِي يُيواغْ غِرَايْ وَتَنْدَمِّيغ
أخْيَجْذِي انَّمْ اقِّيمَغْ ذَكوَّزْرُو أذَرِيغْ
خَامْ ارِيغْ ثَقَسِّيسْتْ اسْرَحْرُوفْ أومَزِيغْ
ويتجاوز الشاعر همومه الذاتية والمحلية والوطنية نحو هموم قومية وإنسانية، إذ يتغنى بالقضية الفلسطينية، مدافعا عن الحق الإنساني للفلسطيني في امتلاك كل شبر من أرضه المباركة، مع التنديد بغطرسة الصهاينة الكفرة الفجرة:
أدُّونَشْثْ اتْوَرَا سْثِطَّوِينْ اثْخَزَّارْ
خَزَّارَنْ َذكوُّذَايْ غَرِنَقْ يَتْكَزَّارْ
اخْمِنْخَدْمَنْ وُذَايَنْ ارْحَقْ وَرَتَّقَّارْ
أدُّونَشْثْ اثْخَزَّارْوَثَنِّي شَا ثَسْقَارْ
أكْذَمَّنْ ذِمَطَّاوَنْ يَحْمَرْ زَّيْسَنْ يَغْزَارْ
أنْتَمْغَرِينْ ذِسَيْمَانْ يُذَفْ ذَيْسَنْ سُضَارْ
إِتَزَّا إِهَدَّمْ ذَجْهَذْ اشْحَا يَمْغَارْ
إِهَدَّمْ زَكوْجَنَّا زِثْمُواثْ رَا زِرَبْحَارْ
حُمَا ضِنَغْ ابْنَذَمْ وَيَتْغِيمِي يَدَّارْ
ومن ثم، فلابد أن يعود الحق إلى أصحابه الأصليين، مهما طال الزمن أو قصر، ومهما تمادى العدو وتجبر، فلابد لليل أن ينجلي، ولابد للقيد أن ينكسر، ولابد أن تنتصر مشيئة الله – حتما- بنصر المغلوبين المظلومين على الغالبين الظالمين:
فَلَسْطِينْ اتَّمُّواثْ انَّغْ نَشِّينْ ذَثْبَابْ انَّسْ
عَمَّاصْ وَرَنْقَبَّرْ اشْبَارْ ازَّيَسْ يَنْقَسْ
ذَرَبِّي اتْغَيَحْضَانْ نَتَّا أَقَّثْ اكِذَسْ
أَرَبِّي إِيخَزَّارْ وَيِكوِّيجْ قَيُذَسْ
ألدُّنَشْتْ قَثَسْقَارْ وَرَثْفِيقْ زَكِّيضَسْ
أخْمِنْخَدْمَنْ وُذَيَنْ اتْوَشَافْ زَكِّرَسْ
وَرَنِّينْ مَنَوْيَا الدُّنَشْتْ اثْخَزَّا ذَيَسْ
أثْخَزَّا ذِي رَعْذُوايْتَكْ ذَيْنَغْ مَمَشْ يَخْسْ
إِقَدجَّع اسَّجُّوارْ زِي ثِيَّاثْ ايتَكَّسْ
بيد أن اليبراقي يتميز ، عن باقي شعراء منطقة الريف، بقصائد الزهد والتصوف شأنه في ذلك شأن الحسن المساوي والطيب الطيبي، إذ نظم مجموعة من القصائد الشعرية في الوعظ والإرشاد والنصح، داعيا الآخرين إلى التحلي بالأخلاق الحميدة، والتمسك بالشرع الرباني، والاقتداء بالنبي (صلعم)، والاستعداد لملاقاة الله بإعداد الزاد الحقيقي الذي سينفعهم يوم الحساب:
يُمَرِشَكْ ارَبِّي ثِذَتْ ايغَا ثِنِيذْ
خَرَّصْ ذِي ثِوَشَّا اذْ مَانِي غَثِرِيذْ
أَدُو شَارْ اذْوَزْرُو ذِنِّي غَتْوَسَقْسِيذْ
أَشْ يَسَّقْسَا رَبِّي إِمِنْدَاسْ غَثِنِيذْ
وَشِنَفَّعْ وَكْرَا تَّرَّاوْثْ إيذَا ثَجِّيذْ
إِلَّا مَرَا ثَرْقِيتْ اسْوُورْ انَّشْ يِرِيذْ
علاوة على ذلك، فقد ثار الشاعر على إنسان هذا الزمان الذي تغيرت قيمه الأخلاقية الأصيلة، فانحطت ملامحها في مجتمع منحط، إذ أصبح هذا الإنسان ثعلبا لأخيه الإنسان، لا يمكن الثقة فيه مهما كانت صفته وهيئته وحاله، ولا يمكن التعايش معه بسلام؛ بسبب أطماعه ونفاقه وشجعه وغدره الماكر، على الرغم من أن الموت هو مصير كل ابن آدم:
أزْمَانَا ذِي نَدجَّا ارْعِيشْ ذَيَسْ يَوْعَارْ
أزْمَانْ انْوَمْرُوشِّي اذْوَسْرَاخْ ذٌو قَزَّارْ
أزْمَانْ ايمَطَّاوَنَ زِغاَ يَحْمَرْ يَغْزَارْ
ابْنَذَمْ يَسَّوَارْ غَاصْ ايرْسْ ذَزِرَارْ
يَقَّارْ مِينْ وَيَدجِّينْ ارْحَقْ اثِزَوَّارْ
هذا، ويكثر الشاعر من التبتل والورع والتقوى، مع تذكير الآخرين بيوم الحشر والهول الخطير، يوم يسأل الله عباده عما اقترفوه من الذنوب والمعاصي والسيئات.لذا، ينصح الشاعر الناس باتباع طريق الله، وتنفيذ أوامره، وتجنب نواهيه. فالموت مصير كل امرئ، ولن تدوم الحياة بترفها وجشعها وطمعها، إذ تنشب المنية أظفارها في روح الإنسان في اللحظة المناسبة.ومن ثم، يحث الناس على التوبة والاستغفار والندم، والرجوع إلى الله عز وجل من أجل نيل رضاه ورحمته التي وسعت كل شيء:
أسَنْطَاعْ إيرَبِّي يَنْهَيَنَغْ يُمَارْ
مَرَّا زَّيَسْ نَكوَّذْ نَتَّا أقَ يَمْغَارْ
أولاَبُودْ انَمَّثْ أشْحَارْ غَنَكْ نَدَّارْ
أرْمَوْثْ اقَ ثَكوُّادْ غَوْمَزْيَانْ ذُوَسَّارْ
نَشِّينْ اقَا نَتُّو مَشْ ذَانَغْ غَثَمْسَارْ
أنْدَمَثْ وَرَتْفَكِّي نَشِّينْ مَرَا نخْسَارْ
أنْخَرَّصْ ذَكوَّنْدَرْ أرْحَارْانَّسْ يَوْعَارْ
يَارَبِّ اصَّرَنَغْ أنْهَارْانِّي يَنَكَّارْ
أصَّارْ رَعْيُوبْ انَّغْ مَخْمِي غَنَمْسَكَارْ
ومن جهة أخرى، يدعو الشاعر إلى توحيد الله، وعدم الشرك به؛ لأن ذلك عمل فظيع غير مرغوب فيه.لذا، فعلى الإنسان أن يتقرب إلى الله، ويتوب إليه، ويستغفره عما ارتكبه من زلات وهفوات وكبائر، فالله يرى أفعال عباده ويترقبها، ويعلم سرائر نفوسهم، ويطلع على نوايا صدورهم. لذا، فالفوز بالجنة يكون بالمآل إلى الله، والإنابة إليه تبتلا وصبرا وتوبة وتذللا:
أعْبَذْ وِشْ إيخَرْقَنْ وِكِيسْ تَكْ بُو وَشْرِيشْ
أمَّرَّا مِنَتَّكَّذْ ارَبِّي قَيَزْرِيشْ
أَرَبِّي قَيُذَسْ اقَّاثْ رَبْدَا أَكِيشْ
إِمَانِي مَّا ثَدجِّيذْ ارَبِّي يَرَوْسِيشْ
أَتَّارَسْ إيرَبِّي خَكْ إيوَسَّعْ ارْعِيشْ
أَرَبِّي ذَمَقْرَانْ نَتَّا قَيَرَزْقِيشْ
ويتضمن ديوان الشاعر قصائد في المديح النبوي، حيث يشيد الشاعر بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويذكر بصفاته الفضلى والمثلى، ويدعو الناس إلى فهم سيرته العاطرة، وتمثلها قولا وفعلا وسلوكا، مع العمل بمواعظ القرآن الكريم، والتحلي بصفات النبي الأكرم، والاهتداء بخلاله وشمائله النيرة ، مع خشية الله، والابتعاد عن السيئات والذنوب والمعاصي بغية نيل رضا الله عز وجل، والفوز بجنته الخالدة:
اسْيِسَمْ نَارَبِّي رَبْدَا قَاثْ يَرَحَّمْ
أنَزَّادْجْ خَالنَّبِي مَرَّا خَاسْ انْسَدجَّمْ
أَنَحْمَذْث ارَبِّي خَالدِّينْ انْغْ امَسْرَمْ
انْتَتَّا ذَنَغْ يَهْذَا غَوَبْرِيذْ ايسَكَّمْ
ذَكوَّبْرِيذَا نِيرِي مَرَّا خْيِيجْ انْوُوذَمْ
أَرَبِّي يَنَّانَغْ مَرَّامِنْغَا ثَكَّمْ
ذَيَسْ ايغَا ثُيُوامْ اتْشُوقَم اتَكَّمْ
وعليه، يتميز ملود اليبراقي – كذلك- بكونه شاعر التوحيد والهداية والدعوة إلى الدين الحنيف، فهو يحث الآخرين على نبذ الشرك، ويغريهم بالرجوع إلى الله، والإيمان بوحدانيته وتعاليه وجبروته؛ لأن الله خالق البشر أجمعين، وخالق هذا الكون بسماواته وأراضيه وجنه وإنسه:
أَنَامَنْ زِي رَبِّي نَتَّا قَذَمَقْرَانْ
قَاوَاكِيسْ بُووَشْرِيشْ غَوَحْذَسْ اييَدجَّانْ
إِتَكْ غَا مَمَشْ يَخْسْ نَتَّا يَدَّبَّارَانْ
ذِي ادُّونَشْتْ اذْرَخَاثْ نَتَّا وِسِزَمَّانْ
نَتَّا إيخَرْقَنْ ثُذَاثْ ذَدُّونَشْتْ غَيَفْنَانْ
يَخْرَقْ ثِمُورَايَا يَخْرَقْ رَذِجَنْوَانْ
كما يشكر الشاعر الله على نعمه الكثيرة التي لاتعد ولا تحصى، ويحمده على فضله الكبير الذي عم سائر عباده ، فليس هناك أفضل من نعمة المطر التي تدل على رحمة الله الواسعة، ومشيئته المطلقة الدالة على العظمة الربانية:
أنَّيَّثْ ذِي رَبِّي أتِيرِي ذِي بَدُّو
مَرَّا ازَّيَسْ نَكوَّذْ ارْحَدْ وَثَنْعَدُّو
أنِيرِي ذَكوَّبْرِيذْ ارَبيِّ خَانَغْ يَعْفُو
أوَّثْ ايَنْزَارْ اوَّثْ انْتَتَّارِشْ نَارَزُّو .
كما يدعو الشاعر إلى الأخوة والمحبة والصداقة والتعاون والإيثار والتضحية من أجل إسعاد الآخرين، مع نبذ التهميش والإقصاء واحتقار الآخرين:
أشْحَارْ غَنَكْ نَشِّينْ نَقَّارَصْ انَبْنَا
أشْحَارْ غَنَكْ انْتَرِي ثِسَوْنِينْ قَنَفْنَا
أشْحَارْ غَنَكْ نَرَزُّو مَنِي يَدجَّا رَهَنَا
أشْحَارْ ذِشَثْشِثَنْ اشْحَارْ اتِّمَنَّا
أشْحَارْ ذَوَمْ انْرُو اشْحَارْ ذَوَمْ نَنَّا
أشْحَارْ ذِمَطَّاوَنْ اتِّغُويَّا ذَكوْجَنَّا
وفي الأخير، نصل إلى أن الشاعر ميلود اليبراقي قد تناول مواضيع الذات والواقع والأمة العربية الإسلامية، مع التركيز على قضايا الدين والزهد والتصوف.ومن ثم، فهو شاعر مناضل وملتزم وإصلاحي تنويري، يدعو إلى تغيير الواقع تغييرا شاملا على المستوى الديني والروحاني والإنساني.
☚ الجوانب الفنية :
لقد وظف الشاعر مجموعة من الأغراض الشعرية، مثل: الشعر الواقعي الاجتماعي، وشعر الزهد والتصوف، وشعر المديح النبوي، وشعر الرثاء، وشعر الوصف، وشعر الشوق والحنين، والشعر الوطني، والشعر القومي…
ومن هنا، فقد كتب الشاعر قصائده الشعرية بأمازيغية الريف، ولاسيما أمازيغية قبيلة قلعية. ومن ثم، تمتاز لغته بالأصالة والرقة والفصاحة والسلاسة واللين من جهة، وبقوة السبك ورصانة اللفظ وبلاغة الأسلوب من جهة أخرى.ويعني هذا أن لغته الشعرية مهذبة ومنقحة ، ومستواها الشعري راق وسام ونبيل، ولم يتدن فنيا وجماليا ولغويا كما عند بعض الشعراء الأمازيغ الآخرين. ومن هنا، فحقوله الدلالية متنوعة، مثل: حقل الذات، وحقل الطبيعة، وحقل الدين، وحقل الواقع، وحقل الأمة…
وكذلك، تتميز قصائد الديوان بهرمونية الإيقاع الداخلي والخارجي؛ بسبب توازي الأنغام، وتواتر المقاطع الموسيقية، وميل الشاعر إلى وحدة الروي والقافية تارة (الميم، والشين، والضاد،والغين،الراء…)، وتنويعها تارة أخرى، كما يبدو ذلك جليا في قصيدة (يوماراناغ ءارابي/أمرنا الله)
علاوة على ذلك، تتكئ القصائد الشعرية على بلاغة الأمثال والحكم، وبلاغة الجناس، وبلاغات أخرى تتعلق ب: الأمر، والنفي، والنهي، و السجع، والطباق، والمقابلة، والتكرار، والتضمين، والكناية، والتشبيه، والمجاز، والاستعارة…
لكن الشاعر يستعمل أساليب تقريرية مباشرة في معظم قصائد الديوان؛ والسبب في ذلك ميل الشاعر نحو الزهد والتصوف والوعظ، والارتكان إلى الوظيفة التعليمية.
الخاتمة:
وخلاصة القول، يتبين لنا ، مما سبق ذكره، بأن الشاعر الأمازيغي الريفي ملود اليبراقي من أهم شعراء الخارج أو شعراء مدرسة المهجر الذين تغنوا بالهوية، والأرض، والكينونة الأمازيغية، وأكثروا من الشوق والحنين والتطلع إلى الأرض، مع التغني بالغربة والوحدة والكآبة.
بيد أن الشاعر لم يقتصر ، في قصائده الشعرية، على ماهو ذاتي ومحلي ووطني وقومي، بل كان شاعر الدين والزهد والتصوف على غرار الشاعرين الأمازيغيين المتميزين: الحسن المساوي والطيب الطيبي.
أنقر هنا لتحميل الديوان
تعليق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.