مصرع 18 شخصًا في تدافع بمحطة قطار نيودلهي بالهند    نتنياهو يرفض إدخال معدات إلى غزة    إعادة انتخاب نزهة بدوان رئيسة للجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع    حمزة رشيد " أجواء جيدة في تربص المنتخب المغربي للمواي طاي " .    توقيف اثنين من المشتبه فيهم في قضية اختطاف سيدة بمدينة سيدي بنور    هذه توقعات أحوال طقس هذا اليوم الأحد    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    فتح باب المشاركة في مهرجان الشعر    غوفرين مستاء من حرق العلم الإسرائيلية في المغرب ويدعو السلطات للتدخل    ريو دي جانيرو تستضيف قمة دول "بريكس" شهر يوليوز القادم    حقي بالقانون.. كيفاش تصرف في حالة طلب منك المكتري تعويض باش تخرج (فيديو)    ابن كيران: تعرضت "لتابياعت" من وزير لايفقه شيئا في السياسة حاول تحريض النيابة العامة علي    رفْعُ الشِّعار لا يُخفِّض الأسْعار!    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة خلال 24 ساعة الماضية    في أول زيارة له للشرق الأوسط.. وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يصل إلى إسرائيل    قنابل أمريكية ثقيلة تصل إلى إسرائيل    بنعلي تؤكد التزام المغرب بنظام تنموي قوي للأمم المتحدة    الصين: 400 مليون رحلة عبر القطارات خلال موسم ذروة السفر لعيد الربيع    العرائش تتألق في البطولة المدرسية    بنسعيد يفتتح الخزانة السينمائية.. ترميم الأفلام ووثائق "الفن السابع"    الوزير بركة يقر بفشل الدعم الحكومي لمستوردي الأضاحي: الملايير ذهبت هباءً والأسعار بلغت 4000 درهم!    ندوة بمراكش تناقش مدونة الأسرة    الجباري: مشروع قانون "المسطرة الجنائية" يتعارض مع مبادئ دستورية    المغرب يعزز حضوره في الاتحاد الإفريقي والجزائر تحظى بمنصب إداري فقط (تحليل)    البطولة الاحترافية.. الرجاء الرياضي يواصل نتائجه الإيجابية بالفوز على شباب السوالم (3-0)    تفكيك شبكة لترويج المخدرات بفاس وتوقيف شخصين بحوزتهما كميات كبيرة من المواد المخدرة    الأرصاد الجوية تحذر من ثلوج وأمطار ورياح قوية يومي السبت والأحد    الغرابي يدعو وزير الاستثمار لمحاربة الدخلاء على النقل الدولي ويؤكد: القوانين الحالية تعرقل تنافسية المغرب أمام الأسطول الأوروبي    إعلام إسباني: المغرب قوة صاعدة في صناعة السيارات    مخاوف الرايس من منافس غير محسوب تدفعه لترشيح القداوي لرئاسة "الاتحاد العام لمقاولات المغرب" بجهة طنجة    حموشي يوقع تعيينات جديدة في هذه الولايات الأمنية    شعبانة الكبيرة/ الإدريسية الصغيرة/ الزميتة وفن العيش المغربي (فيديو)    مسرح محمد الخامس يقدم مكانش على البال لعشاق ابي الفنون    البطولة العربية للريكبي السباعي بمصر.. المنتخب المغربي يحرز المرتبة الثانية    شاعر يعود للتوجه… بثنائية بالدوري الإنجليزي    مفتشو الشغل يضربون احتجاجا على تجاهل الحكومة لمطالبهم    اتحاد طنجة يتغلب على ضيفه أولمبيك آسفي    "أسبوع ارتفاع" ببورصة البيضاء    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    اللوائح الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية‬ تنتظر الطعون    بنعلي: المغرب من بين الدول ذات التنافسية العالية في مجال الطاقات المتجددة    "ليلة شعبانة" تمتع جمهور طنجة    أمطار رعدية وثلوج ورياح قوية مرتقبة بالمغرب يوم غد الأحد    الأسرى الإسرائيليون الثلاثة المفرج عنهم يدعون لإتمام صفقة التبادل    مجلس إدارة أوبن إيه آي يرفض عرض إيلون ماسك شراء الشركة    المغرب يدعو أمام مجلس السلم والأمن إلى إيجاد حل عبر الحوار يضمن استقرار والوحدة الترابية لجمهورية الكونغو الديمقراطية    الجزائر تحتل المرتبة الرابعة بين الدول العربية في صادراتها إلى إسرائيل    حقيقة تصفية الكلاب الضالة بالمغرب    بعد الهجوم عليها.. بوسيل ترد على سرحان: "تعيشين آخر 5 دقائق من الشهرة بطريقة رخيصة وعنصرية"    إطلاق موقع أرشيف السينمائي المغربي الراحل بوعناني أكثر من 12 ألف وثيقة تؤرخ للسينما المغربية    خبير يكشف التأثير الذي يمكن أن يحدثه النوم على التحكم في الوزن    "بوحمرون" يصل الى مليلية المحتلة ويستنفر سلطات المدينة    تفشي داء الكوليرا يقتل أكثر من 117 شخصا في أنغولا    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرؤية الإصلاحية في ديوان:” ثاتابرات ءينو/ هذه رسالتي” للطيب الطيبي
نشر في أريفينو يوم 30 - 04 - 2011


صورة الشاعر الطيب الطيبي
تقديم:
يمكن تقسيم الشعر الأمازيغي بمنطقة الريف إلى قسمين: شعر الداخل وشعر الخارج. فشعر الداخل هو الشعر الذي كتبه المبدعون الأمازيغيون داخل منطقة الريف، كما عند سعيد المساوي، وعائشة بوسنينة، وفاظمة الورياشي، ومصطفى بوحلسة، ومحمد حنكور… في حين أن المقصود بشعر الخارج ماكتب في بلدان المهجر أوأرض الغربة (ألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وهولندة، وإسبانيا…)، كما هو حال الشعراء التالية أسماؤهم: الحسن المساوي، وأمنوس، وكريم كنوف، ومحمد شاشا، وميمون الوليد، ونجيب الزوهري، ومحمد والشيخ، والطيب الطيبي…
هذا، ويتميز شعر الخارج بالتغني بالغربة الذاتية والمكانية، وتصوير الوحدة والمعاناة الوجدانية، والنقر على تيمة الشوق والحنين، وتذكر الوطن والأرض، والتركيز على آثار الهجرة سلبا أو إيجابا، بله عن تناول مواضيع أخرى تتعلق بالحزن، والمرارة، والإحساس بالظلم، والتهميش، والنبذ، والإقصاء، والتمييز، والدونية، وصعوبة التعايش والاندماج، واستحالة التأقلم مع المجتمع المستقبل. ويعني هذا أن الشاعر الأمازيغي المهاجر يعاني من التغريب، والشعور بالدونية تجاه الآخر.
وعليه، فشاعرنا الأمازيغي الطيب الطيبي من الشعراء الذين نشأوا في منطقة الريف، ثم هاجروا في فترة مبكرة إلى ألمانيا، وقد كان الشاعر لسان حال كل المهاجرين الأمازيغ الذين استقروا بألمانيا ، وذلك بحثا عن لقمة الخبز. ومن هنا، فقد كان شعر الطيب الطيبي وثيقة صادقة في تجسيد وضعية الإنسان الأمازيغي في أرض الغربة، وتشخيص حاله و مآله. لذا، يمكن اعتبار الديوان ” ثاتابرات ءينو/ هذه رسالتي” رسالة حقيقية إلى المتلقي للتعرف على تجارب مهاجرينا في بلاد المهجر. إذا، ماهي التيمات التي يتناولها هذا الديوان الشعري؟ وماهي سماته الفنية والجمالية والأسلوبية؟ وماهي مقاصده القريبة والبعيدة؟ تلكم هي الأسئلة التي سوف نحاول الإجابة عنها في هذه الدراسة المقتضبة.
1- المستوى الدلالي والموضوعاتي:
يستند الطيب الطيبي في شعره إلى الرؤية الدينية الإصلاحية التي تقوم على الموعظة الحسنة، وتقديم النصائح والتوجيهات والإرشادات. ومن ثم، فشعره مبني على النقد الاجتماعي، وذلك عن طريق تشخيص عيوب الواقع، وذكر مساوئه، واستعراض سلبياته من أجل تصحيحها وتقويمها، وذلك بغية السير بالإنسان نحو الأفضل، والسمو به نحو الرقي والعلا. وبالتالي، يصبح التغيير سمة مميزة لشعر الطيب الطيبي.
وعليه، فإن الديوان يتحول إلى رسالة دينية توجيهية، يقدم فيها الشاعر مجموعة من النصائح الأخلاقية للمتلقي أو المستمع، وذلك قصد تمثلها واستيعابها، والعمل بها سلوكا ومنهجا وتصرفا. ومن هنا،تحوي قصائد الديوان نزعة تعليمية صوفية قائمة على الزهد والتقوى والإيمان الصادق. كما تنبني هذه القصائد الشعرية على ثنائية الترغيب والترهيب، ولاسيما أن الشاعر معروف عنه أنه واعظ وخطيب في المساجد؛ مما جعل النزعة الوعظية الإصلاحية تغلب على قصائده الشعرية. ويذكرنا هذا الديوان الشعري التوجيهي بقصائد الشاعر العباسي أبي العتاهية، التي قيلت في الزهد، و ذم الدنيا، وابتغاء الآخرة. وفي هذا الصدد، يقول الشاعر الأمازيغي الطيب الطيبي:
ءاتا تابرات ءينو ءاجيختيد ءييوذان
ءييني دغايسان ءورا ويذا يدجان
حوما ءاتاف ءاذاسنان مانا ياني ياعذان
الحياة ناخ ثاكوار ثساماح ءاگاوذان
ذاغيا ثعاداثان برا ماكيس رهان
ءاناناخ الدنيا يادجيس ن شيطان
ءاضاوار نييبريس واني ءيتيتاخسان
تاتاغاوام ءسماحاث خثابراتا وايكميران
خاص مارا وياداران ءاخدياج ءاواران
ءاتا تابرات ءينو ءيواني دغاياسان
ءاكيخ سا عذيخ ءاجيغاوام ءاواران
ءييني دغاياسان حوما ذاتفكاران
زد على ذلك، يعاني الشاعر من الغربة الذاتية والمكانية، ولاسيما أن الشاعر من المهاجرين الأمازيغيين الذين ارتحلوا إلى ألمانيا في فترة مبكرة؛ وقد دفعته هذه الغربة والوحدة إلى الحنين والشوق إلى بلده كلما حان صيف العودة. كما ينتقد الشاعر تصرفات الناس، ويصور أحوالهم البئيسة والمشينة، وذلك بسبب انحرافهم عن شريعة الله، واتباع خطوات الشيطان:
لغوربا ثشاناخ نشين نوكي ءانقناع
حيضاش ءارشهار ذيلخاريج نجماع
خمي غاناراواح ذيشهار ءاتانزادجاع
غاواني شغايينين رخارءاقايوساع
التامان ءيعالاق قاران واخا ءيتفاغ
ءاكزار ذوخاضار رموس خمي يقضاع
التاجار ءيتغماز ءاسمسار ءيتباع
ءاخاوان ءيخزار ءيماني شغايامناع
علاوة على ذلك، ينتقد الشاعر أحوال المهاجرين الأمازيغ في بلاد الغربة، ولاسيما في ألمانيا، ويسخر من أوضاعهم المتردية، وينتقد تصرفاتهم الغريبة والمسيئة إليهم وإلى دينهم، فيصور أحوالهم المعيشية المزرية، والتي تنم بشكل من الأشكال عن حياة الذل والمهانة والعار، وذلك على الرغم من المظاهر الزائفة التي يعنى بها المهاجر الأمازيغي كثيرا ، وذلك أثناء عودته إلى بلده الأصل بعد غربة طويلة ، وعمل شاق ومضن، وجمع مرهق للأموال التي سينفقها في شهر واحد، ليعود مرة أخرى إلى أرض التعاسة والشقاء والمهانة:
ءاتواريذ توموبين
تغيراش مباراع
كورباطا تسيقسيق
ثاقميجات ثبلاع
ءاتينيذ ناش روحاخ
قيماخ ذا مضياع
ذيلخاريج تحاذان
رقفار ناتا ءيذفاع
رخباني ذانقصي
حاد ءيفاراض زناقي
حد ياربوثيزافتا
حاد ءيتيزي ثيماسي
باباس يارضار
زيميس ءيكيغار
ءيغاريث طماع
ياغراب خاس رحار
ءيني ءيدي نجمان
ذروس ءيكينجحان
ءيتهوم برارعقار
مسكين. ربدا تالاع
هذا، ويعطي الشاعر مجموعة من الانطباعات السلبية حول الضفة الأخرى، فينصح الشباب المهاجرين بالتشبث بأرضهم، وعدم التفريط فيها، وتمثل القناعة سلوكا في حياتهم اليومية، وعدم الثقة في النساء اللواتي حولن الزواج إلى عقود مزيفة. وبالتالي، فكل الأحلام المرتبطة بالهجرة هي في الحقيقة سراب واهم وطمع زائل:
ءاغيمي ذاوليمان غاس يالا ياجان ثاواث
رمراش ءانيءاغشاش ذا السوس ن توذاث
واني غاذ المقصود تكانت ءام رقانداث
وايهام ماتاروماشت ثوذاشت؛ ما تاوساث
مارا ءاتاليمانت ءاخافاس ثاساواث
ءاتنذدار غابارا قبار ءيما ذيحاث
ءاما ثامغراباشت ءاتيعاصار. ذي ثغماث
خذام جماع ءاويد ءارياز قا ذانتاث
غاك ءاتنهازاذ ءاتباداذ ذي ثاواث
ءيباعاش واجذناش ءاشاندان غار ثامواث
كما يلمح الشاعر إلى مجموعة من المشاكل التي يعاني منها المهاجرون الأمازيغ كمشكل الزواج الزائف، والذي تحول إلى سلعة رائجة لتهريب الشباب الراغب في الهجرة الشرعية. مما جعل هذا الزواج يتحول إلى نفاق وخداع وغدر، لايمت بأية صلة إلى فلسفة الزواج في الإسلام ، والمبني على المحبة الصادقة، والمساكنة الفاضلة، والتعاقد الشرعي، والاستمرار في الإنجاب والتحصين، والسعي من أجل الاستقرار الدائم:
غام ءاتانشمثاذ ءاماتغير ذاخادام
ءاديصيواض رواقت سييضاص ذواخام
غاذيحاث خ فيزا ءاشام يار غايامام
رمراش نخداع ذامازاك . ذاسامام
فكار قبار ءاتانياذ خ ءوييس برا يايام
مارا غام ءيحانجان ثوذاث ءاقاضاطرام
ءيغزار ني ءاحاسي واذاياس بو رامان
ماواني ياكوران ءيغاق ذاياس ءاعاوام
فضلا عن ذلك، يقدم الشاعر مجموعة من النصائح الوعظية لتغيير المجتمع ، وتصحيح مااعوج من سلوكه الشائن، فيندد بالفرقة والجفاء، ثم ينهي فيما يقدم من نواهيه عما يقع بين المسلمين من إحن وصراعات وأحقاد لايقبلها الإسلام بأي حال من الأحوال:
مينيوغين ءيغزران مينيوغينءيذورار
مينيوغين رغاباث ثيسراو ثوكي ءاتامغار
ءانزار واديهاكوي ياجا كولشي ءيوادار
ذيثماسرانت قانس ماح ناخس ءاتنغايار
نخرا ثيمزيذاوين ءورا ذيج ءومحضار
رفقيه وايتحاديث يسماح را ذي رفجار
ءاجماعاث ءاروحان ءيجان واريحاطار
زيرعيذ ءارعيذ نطاح ءانمعايار
ناراني غاذي راعما الدين ناخ ءيوادار
ولا ينسى الشاعر أن يقدم نصائحه إلى فئات من المجتمع كالشباب والنساء والشيوخ، فينصحهم بالتقوى، والابتعاد عن دنيا الغرور، ويعظهم بالحذر، وينبههم إلى ضرورة ترقب الموت الذي يخدع الإنسان، فيأتيه في أية لحظة غير محسوبة، ثم ينهي حياته العاجلة:
ميكوغين ءاواسار يكار ذيرقهاوي
يكوار ءاذيارواح غارابي سلخاوي
زيصباح ءارغاثاغري ناتا ذيني ياغمي
خمي دغاياراواح ءاديبذا سومانغي
رمسكينا ثانوغ ءيصابيت ءارابي
رمسكينا ثانوغ هاجوع هايامانغي
باطاطا قاثاقضا ءاغروم والو ذيني
ءافاق مارا ثاخساذ واتغيما ياماني
كفا مايان ياعذان ذاغيا ذوارغارابي
ثامزيذا قاثوذاس ءاروح غمي ذيني
مارا وارتسريذ شاك ءاقاثعميذ
ذروس ءيكيقيمان ءاتخزاذ رموفيذ
القرآن واتسيناذ الحديث واتفاهيماذ
ثمازيخت ءاقاثذراق ماني غاثاروحاذ
وعليه، فقصائد الشاعر كلها تدور حول تيمة الإصلاح والنقد الاجتماعي والأخلاقي والديني.لذا، تتحول قصائده الشعرية إلى مقطوعات وعظية، أوإلى منظومات تعليمية تربوية وقيمية وزهدية، تدل على مدى غلبة البعد الوعظي على الشاعر، وانطلاقه من رؤية سلفية معتدلة تستند إلى تمثل العقيدة الإسلامية الصحيحة سلوكا ومنهجا ونبراسا، وترك شوائب الدنيا، والابتعاد عن زيف الحياة ، واتقاء بريقها الواهم والزائف.
2- المستوى الفني والجمالي:
يستعمل الشاعر لغة أمازيغية واضحة وسهلة ومهذبة، وهي لغة مرتبطة بمنطقة الريف ، ولاسيما لغة (قرية ءاركمان) القريبة من قبيلة قلعية. لذا، تجد كثيرا من الألفاظ التي تنطق بطريقة مخالفة لما تعود عليه سكان قبيلة قلعية( الناظور ونواحيها). كما تتخلل قصائد الديوان ألفاظ عامية من الدارجة المغربية، مع تشغيل بعض الألفاظ الأجنبية كما في قصيدته الأخيرة حول ألمانيا. وقد استعمل الشاعر حقولا معجمية متنوعة كحقل الطبيعة، وحقل الدين، وحقل القيم، وحقل المجتمع، وحقل الذات…
وعلى مستوى الإيقاع الموسيقي، فقد استعمل الشاعر تنغيمات متنوعة، تارة يلتزم بوحدة الروي والقافية، وتارة أخرى يتحرر من هذه القافية.، وتارة أخرى يمزج بين قافيتين أو أكثر داخل القصيدة الواحدة كما هو الحال في هذه القصيدة التالية:
ءيشام ءاثاوساث مايشام ءيتعايانان
جماع ءيضان نام ءاواح خايكازانان
ءيشام ءاثاوساث مايامو ءيغاثقيماذ
ءاواح خايكازانان ءاقا گكوارءاتمثاذ
ويصادقان ءاكازان زيثماسرانت ءيباعاذ
ياكفار زيرابي ذانابي محمذ
نيخ ناش ءاكازان ياعذا شواي الشيطان
ءاگوذ خام ءارابي زيمانايا حيياذ
ومن بين هذه القوافي المستعملة نستحضر: (التاء، والعين، والميم، والنون، والراء، والذال، والسين…). كما لم يلتزم الشاعر في قصائده الشعرية بإيقاع معين، فقد التجأ إلى التنويع العروضي المتعدد ، بل نجد أكثر من ذلك تنغيمات موسيقية قصيرة إلى جانب تنغيمات موسيقية طويلة، والعكس صحيح أيضا.
وعلى مستوى الإيقاع الداخلي، يلتجىء الشاعر إلى توظيف اللازمة الشعرية بكثرة، وتشغيل التكرار، واستخدام التوازي بكل أنواعه (يبادار/ يغايار)، وتشغيل الأصوات المجهورة والمهموسة المتجانسة تآلفا أو المتقابلة تضادا:
ءيشام ءاثاوساث مايشام ءيتعايانان
جماع ءيضان نام ءاواح خايكازانان
ءيشام ءاثاوساث مايامو يغاثقيماذ
ءاواح خايكازانان ءاقا كوارءاتمثاذ
ويصادقان ءاكازان زيثماسرانت ءيباعاذ
هذا، ويغلب التقرير على شعر الشاعر تعيينا وتصريحا، حيث تتحول جمله الشعرية إلى دروس في الوعظ والإرشاد، مما يجعلها جملا خبرية مباشرة بعيدة عن الإيحاء والانزياح الشاعري. ويعني هذا أن الشاعر أكثر من جمل الخبر على حساب جمل الإنشاء الطلبي وغير الطلبي. فلم ينوع أساليبه التعبيرية، بل استعمل جملا فعلية واسمية تتراكب تعيينا وإخبارا ووعظا وتوجيها. ومن المعلوم أن الشعر حينما يدخل باب الدين أو الخير يلين ويضعف كما قال الأصمعي قديما، أو كما قال أدونيس في كتابه:” الثابت والمتحول” بأن الشعر حينما يرتبط بمنظومة الثبات عقيدة ودينا وأخلاقا يكون بعيدا عن التجديد والشاعرية الحقة. وإن كنا نخالفهما بأن المهم في الشعر هو الرسالة والمقصدية، فلابد للشعر من أن يؤدي وظيفة في المجتمع، وألا يبقى شعر لهو ومجون وهراء وانحراف وخيال مجاني، فلابد من أن يقوم الشعر بوظيفة الإصلاح، والدفاع عن الحق والعدالة، ونقد المجتمع سلبا وإيجابا، وتغييره بما هو أحسن وأفضل.
هذا، ويستعمل الشاعر صورا بلاغية متنوعة كصورة التشبيه الحسي، وذلك بتشغيل أداة التشبيه الأمازيغية (ءام أو أمشناو)، وذلك بغية تقريب مجموعة من المشبهات من المشبهات بها، وذلك للتنديد بالواقع المحبط،والمنحط أخلاقا وسلوكا وتصرفا:
كوشي يبادار
كوشي يغايار
ءام ءومسرام
ءام لكافار
ءام ءوماسعي
ءام تاجار
ءام لعالم
ءامءوقامار
ءام ءوفدجاح
ءام ءوكازار
ما ثيمغارين
شواي كثار
راذرحاج ءام ءوشافار
كوشي يابسار
ويعني هذا أن الشاعر أكثر كثيرا من التشبيه، إلا أنه في استخدامه للصور البلاغية كان حريصا على المقاربة في الوصف والتشبيه، والابتعاد عن الغموض والإبهام والإيغال في التجريد، بل نجد الشاعر وفيا في ارتباطه بالبيئة المادية والحسية التي يعيش فيها الشاعر.
وبما أن الشاعر يشغل مقصدية الوعظ والتأثير، فيهيمن في قصائده الشعرية ضمير المخطاب تذكيرا وتأنيثا، لأن وظيفة الشعر لديه هي أداء رسالة تربوية وعظية قائمة على التغيير، والتأثير، والنقد الاجتماعي، والإصلاح الديني والأخلاقي.
3- المستوى المقاصدي:
يلاحظ أن الشاعر في ديوانه ينطلق من رؤية للعالم تنبني على الرؤية الإصلاحية الدينية، والقائمة على الموعظة والإرشاد والتغيير القيمي والأخلاقي. ومن ثم، يتحول الشاعر في هذا الديوان إلى خطيب ومصلح اجتماعي يقدم خطبة في الترغيب والترهيب مقترنة بالعاجلة والآجلة، وذلك لتغيير الأوضاع المنحطة في المجتمع، وتقويم سلوكيات الإنسان الأمازيغي وتوجيهها نحو الأمثل والأفضل. ويقترب الشاعر الطيب الطيبي في هذا المجال من الشاعر الأمازيغي الحسن المساوي الذي خصص مجموعة من دواوينه الشعرية للزهد والتصوف والنصائح الأخلاقية. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على مدى التحولات الكمية والكيفية التي مست منطقة الريف بشكل من الأشكال؛ مما أثر ذلك سلبا على القيم الأخلاقية والأعراف والعادات. وازداد هذا التحول شراسة مع ازدياد الهجرة الشرعية وغير الشرعية.
تركيب واستنتاج:
وهكذا، نستنتج، مما سبق قوله، بأن الشاعر الطيب الطيبي شاعر إصلاحي ديني وناقد اجتماعي، اتخذ من شعره وسيلة للتغيير عن طريق آليتي الترغيب والترهيب. لذا، تحول ديوانه إلى منظومات شعرية تعليمية وقصائد تربوية تهذيبية، ترتكن إلى التصوف والزهد، وترك مباهج الدنيا ومساويها، والإقبال على الآخرة ، والعمل لها عبادة وطاعة وسلوكا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.