تعيش المملكة الإسبانية سنة انتخابية بامتياز، يحتدم فيها التنافس بين بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الحالي المنتسب إلى حزب العمال الاشتراكي، والمرشّح لخلافته بقوة، وفق استطلاعات للرأي، ألبرتو فيخو، باسم حزب الشعب المُعارض. وعلى الرّغم من أن التنافس على من يسكن "قصر مونكلوا" اعتبارا من دجنبر 2023 القادم، تفصله عن المغرب الحدود الجغرافية والسياسية، إلا أن الأخير (المغرب) يحضر بشكل شبه يومي في النقاشات الحزبية والحكومية، وفي بعض الأحيان حتى في جلسات الكونغرس الإسباني. وفي تصريحات سابقة أدلى بها خوسيه مانويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، في مقر الكونغرس، حذّر صراحة من "خطورة" تمكّن رئيس حزب الشعب من تولي رئاسة الحكومة الإسبانية على العلاقات مع المملكة المغربية، وقال: "إذا حكم الحزب الشعبي فإنه سيؤدي بإسبانيا إلى صدام كبير مع المغرب". ونبّه ألباريس خلال حديثه إلى خوان خوسيه إمبرودا، زعيم حزب الشعب في مليلية المحتلة ورئيسها السابق، إلى أن حزب الشعب "ينزلق بشكل خطير إلى منعطف مناهض للمغرب في مواقفه السياسية"، واصفاً ذلك ب"الخطير"، مذكّراً إياه برغبة حزب فيخو في "العودة إلى زمن الاشتباكات في جزيرة ليلى، وهذا أمر سلبي للغاية بالنسبة لسبتة ومليلية"، وفق تعبيره. وعند استحضار حجم التصريحات المعادية للمغرب التي يدلي بها ألبرتو فيخو بشكل متواصل وفي مناسبات مختلفة، خاصة بعد تغيير حكومة بيدرو سانشيز موقفها من الصحراء المغربية، إذ زادت حدّة الهجوم من منتسبين إلى الحزب أيضا، من بينهم خوان فيفاس، رئيس سبتةالمحتلة، تُطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين البلدين في حال تولّي حزب الشعب رئاسة الحكومة. نبيل دريوش، خبير في العلاقات المغربية الإسبانية، قال إن هذه التصريحات "لا تعدو كونها تدافعا سياسيا داخليا ومزايدات تدخل في سياق التحضير للاستحقاقات المُقبلة، على الرّغم من حقيقة أن موقف حزب فيخو من المغرب غير واضح بعد". وأضاف دريوش أنه "لا يمكن الانتظار من حزب يقبع في موقع المعارضة أن يثمّن عمل حكومة سانشيز، بينما يؤمن بأن دوره يكمن في إحراجها، لاسيما حزب الشعب الذي عاش هزّات سياسية متعدّدة ومتتالية، حيث غيّر ثلاثة من رؤسائه في خمس سنوات فقط". وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن ما يحرّك هذا الحزب هو "لوبي سبتة ومليلية" داخله، الذي لا تهمه العلاقات بين المغرب وإسبانيا بقدر ما تهمّه المصالح الاقتصادية للمدينتين التي تضرّرت بعد وقف المغرب التهريب المعيشي، وزاد شارحا: "لذلك، تجدهم يدافعون على الإسراع بفتح الجمارك التجارية في معبري بني أنصار وتراخال". وبالنّسبة إلى دريوش، فإن تضرّر العلاقات المغربية الإسبانية في حال فوز حزب الشعب في الانتخابات المقبلة يبقى مستبعدا، "لأن مواقف السياسيين تتغيّر بتغيّر مسؤولياتهم، إذ سيكون على فيخو آنذاك مراعاة مصالح بلاده التي تكمن-دون شك-في علاقات جيّدة وتعاون مستمر مع المغرب، لاسيما في موضوع الهجرة". وذكّر المتحدث في هذا السّياق، بمواقف رئيس حزب الشعب والحكومة الإسبانية الأسبق، ماريانو راخوي، التي أخرجت سنة 2010 مسيرة عارمة في الدارالبيضاء، بعد دعوته البرلمان الأوروبي إلى التحقيق في "أحداث اكديم إزيك"، غير أنه بعد تولّيه رئاسة الحكومة الإسبانية وزيارته إلى المغرب، قال: "إنني أعتبر نفسي صديقا للمغرب".