تشير العديد من التقارير إلى أن عملية التحول الرقمي ستؤدي إلى أتمتة ( التشغيل الالي) العديد من العمليات الروتينية، وهو ما ينذر باختفاء مجموعة من الوظائف الموجودة اليوم. وقد يبدو الأمر كأنه سيناريو مأخوذ من أحد أفلام الخيال العلمي الهوليودية، لكن التقدم الحاصل في مجال تكنولوجيا المعلومات الحديثة أضحى يهدد بالفعل بخسارة ملايين الوظائف لصالح الآلات والروبوتات، خصوصا في بعض الدول التي لم تتأقلم بعد اقتصادياتها مع التحولات في الطلب على المهارات والتغييرات في طبيعة العمل. وحسب تقرير لمعهد ماكينزي فإن المغرب من بين الدول التي من المرتقب أن يفقد مواطنوها وظائفهم بسبب التحول الرقمي في المستقبل القريب، حيث أن المغرب يعد ثاني بلد افريقي مهدد بخسارة العديد من الوظائف وفرص العمل لصالح الآلات والتقنيات خلف كينيا، خصوصا في ظل توجه الشركات للاعتماد أكثر على التقنية لما في ذلك من تقليل للتكاليف التشغيلية ورفع هامش الربحية. وحسب مروان هرماش، المختص في مجال اليقظة الاقتصادية والاستراتيجيات الرقمية للشركات، فإن نسبة مهمة من إجمالي الوظائف الحالية لن تحتاج إلى اليد العاملة البشرية في المستقبل لكنه أشار بالمقابل إلى أن التحول الرقمي سيساهم بخلق وظائف جديدة. هل سيؤدي التحول الرقمي إلى اندثار وظائف المغاربة في المستقبل؟ يمكن القول أن الثورة الرقمية تسير على خطى الثورة الصناعية الأولى التي جاءت في نهاية القرن الثامن عشر وقامت بتغيير المفهوم السائد عن العمل آنذاك، حيث أصبحت الآلات تزاحم العنصر البشري وتعوضه في بعض الأحيان وهو ما حقق قفزات كبيرة على مستوى تحسين الكفاءة وتسريع العوائد والمساهمة في تخفيض الكلفة. نفس السيناريو يعيد نفسه اليوم في خضم التحول الرقمي الذي يشهده العالم، حيث نلاحظ كيف أن الرقمنة باتت تؤثر في كافة المجالات كما أحدتث تغييرات كبيرة في طبيعة العمل ومن بينها اختفاء بعض المهن خاصة اليدوية منها أو التي يتطلب إنجازها مهارات بسيطة، لتحل محلها الآلات والروبوتات، لكن هذا التحول ساهم أيضا في ظهور مهن جديدة مرتبطة بالتكنولوجيا وبالذكاء الاصطناعي. ماهي القطاعات الأكثر تأثرا؟ ماهو واضح أن الوظائف ستنخفض في كافة القطاعات وكل قطاع سيتأثر بدرجة متفاوتة، حيث نلاحظ كيف دخلت التقنية إلى عالم الفلاحة وأصبحت الآلات تؤدي أدوار المزارع وهو ما أحدث تغييرات في مجال العمالة وطريقة أداء العمل في هذا القطاع، كما أن الصناعة ليست بمنأى عن آثار هذه التغييرات مع توجه شركات التصنيع بشكل متزايد لاستخدام تكنولوجيا الانسان الآلي من أجل تحسين جودة الإنتاج وموجهة ارتفاع التكاليف التشغيلية. وماذا بخصوص الإجراءات المرافقة؟ لا شك في أن سوق العمل أصبح يتغير بسرعة، وفي هذه الحالة من الأفضل المواظبة على التكوين والتحديث المستمر وضرورة الانخراط في زيادة الخبرات فيما يتعلق بتكنولوجيا المعلومات خاصة البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي، كما أن على القطاعين العام والخاص مواكبة التغييرات المتسارعة التي يعرفها العالم في هذا المجال من خلال القدرة على التأقلم وتوظيف اليقظة الاستراتيجية عن طريق جمع المعلومات التي تخص التغييرات بهدف إنشاء الفرص وتقليل الأخطار وتعلم خصائص العالم الجديد.