أجمعت مداخلات المشاركين في الندوة التي نظمتها لجنة المناصفة والتنوع بالقناة الثانية حول موضوع "التوحد: من أجل اندماج اجتماعي جيد"، يوم الخميس، على أهمية التشخيص المبكر لمرض التوحد والمشاكل التي تواجهها الأسر في إدماج هذه الفئة في المنظومة التربوية، بالإضافة إلى النقص الحاد في الاختصاص الطبي والنفسي للأطفال التوحديين بالمستشفيات المغربية. كما أكدت المداخلات، على دور المجتمع المدني والإعلام ومساهمتهما في تغيير الصورة النمطية بكون التوحد يدخل ضمن "الطابو"، مشددين على دور التحسيس والتوعية من أجل تمكين وإدماج عال لهؤلاء الفئة في المجتمع. وفي هذا السياق، قدمت غزلان بنجلون، رئيسة قسم الطب النفسي للأطفال بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، تشخيصا طبيا وتفاصيل علمية عن اضطراب التوحد عند الأطفال، وأكدت في مداخلتها على أهمية التشخيص المبكر. وشددت بنجلون، على أن التشخيص الطبي المبكر يمكن لأولياء الأمور الأطفال التوحديين بأن يوفروا لأطفالهم الرعاية والمتابعة المناسبة لحالتهم حتى يسهل إدماجهم الجيد في المجتمع. من جهتها عرضت عواطف الإدريسي، رئيسة جمعية " la vie en Bleu " وأم لإحدى المصابين بمرض التوحد، شهادتها للحاضرين، وتحدثت عن المشاكل اليومية التي تواجه أي أسرة لديها طفل يعاني من التوحد خاصة فيما يتعلق بالاندماج في المنظومة المدرسية. أما ممثل جمعية "إدماج" بالحي الحسني بالبيضاء، عبد الرحمان بنبراهيم، تطرق إلى تجربة الأقسام المندمجة التي أقيمت خصيصا للأطفال المصابين بالتوحد. من جانبه أكد عبد الحي العراقي، مخرج الفيلم السينمائي "علي يا علي"، على أهمية الفن والتلفزيون في بناء الوعي المجتمعي حول اضطراب التوحد. فيما اعتبرت خديجة بوجنوي، رئيسة لجنة المناصفة والتنوع بالقناة الثانية، أنه من الضروري كوسائل الإعلام ومواطنين، فتح النقاش العمومي حول اضطراب التوحد، مبرزة أن التوحد غير معروف لدى فئة واسعة وتم الإساءة الفهم له مما يؤثر على سلوكات مئات من المغاربة. وأكدت على أن مثل هذه النقاشات تمكن من إسماع صوت الأشخاص الذين يعانون من مرض التوحد وحتى أسرهم والعاملين في المجال الطبي، فضلا عن المجتمع المدني. يذكر، أن اضطراب التوحد يبلغ معدل انتشاره في المغرب ما يقارب 340 ألف شخص حسب إحصائيات تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد بالمغرب. أما على الصعيد العالمي أكدت منظمة الصحة العالمية، أن التوحد يصيب طفلا واحدا من بين كل 160 طفلا حسب آخر التقديرات، مشيرة إلى أن هذا الاضطراب هو "عبارة عن مجموعة من الاضطرابات المعقدة في نمو الدماغ، وتتميز هذه الاضطرابات بمواجهة الفرد لصعوبات في التفاعل مع المجتمع والتواصل معه، ومحدودية وتكرار خزين الاهتمامات والأنشطة التي لديه". وأكدت المنظمة أنه من الصعب تحديد اضطرابات طيف التوحد لدى الطفل قبل بلوغه سن 12 شهرا، ولكن يمكن تشخيصها بصورة عامة عند بلوغه سن عامين، ومن السمات المميزة لظهور المرض لديه التأخر أو التراجع المؤقت في تطوير مهاراته اللغوية والاجتماعية وتكرار القوالب النمطية في سلوكياته، مشيرة إلى أن أسباب الإصابة عديدة وراثية وبيئية على حد سواء.