في اطار مواكبة جريدة العلم للوضع الصحي والاجتماعي بالمغرب استضفنا الأستاذ بدر الدين ايت الخوي، اب لطفل توحدي، باحث في ميدان التوحد وكاتب مغربي له اصداران حول التوحد ليحدثنا عن هذا الاضطراب، الذي هو إحدى الاضطرابات التي يعاني أصحابها من عدم القدرة على التواصل الاجتماعي، وفي ما يلي نص الحوار: العلم: حاوره – وليد الميموني
بداية بصفتكم من المهتمين بمرض التوحد عرِّف لنا مرض التوحد؟ للتعريف وتصحيح المعلومة فالتوحد ليس بإعاقة او مرض بل اضطراب نمائي يمس جزء من العقل ينتج عن خلل في وظائف الدماغ؛ مما يجعل الطفل يعاني من إعاقات في التطور والنمو خلال الأعوام الثلاثة الأولى من عمره، ومن الملاحظ أن الطفل يفقد قدرته على التواصل اللفظي والكلام بعد بلوغه سن 18 شهرا، يبدأ بعدها يعاني من صعوبات في التطور والنمو خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية المتبادلة، واللغة بالإضافة إلى السلوك فيصبحون منغلقين على أنفسهم، وأحيانا يتسمون بالعدائية ويفقدون المهارات اللغوية التي اكتسبوها. يشير بعض العلماء إلى أن سبب الإصابة بمرض التوحد يرجع إلى البيئة الخارجية والعوامل الوراثية، هل تؤيد ذلك؟ وكيف يتم اكتشاف المرض؟ -الى هذا اليوم تظل اسباب التوحد مجهولة. هناك من يربط التوحد بالتلقيح كسبب وهناك من يربطه بزواج الاقارب وتلوت البيئة والتغذية. لكنها تبقى كلها فرضيات في انتظار إثباتات علمية موثوقة. يتم تشخيص التوحد من خلال الاعراض المرئية على الطفل لعدم التجاوب مع الوسط الذي يعيش فيه. انعزاله وطرق لعبه المختلفة عن باقي الاطفال اضافة الى انعدام التواصل وادراكه للأشياء المحيطة به. التوحد وكيفية اكتشافه لدى الأطفال ما أهم الاضطرابات في المهارات الاجتماعية لدى مرضى التوحد؟ وماذا عن المهارات اللغوية؟ وكيف يؤثر ذلك على سلوك مريض التوحد وتفاعله مع المجتمع المحيط به؟ معاناة الاشخاص التوحديين ليست معاناة فردية بل اسرية بحكم ان الاسرة تجد نفسها مجبرة على التكفل بابنها كليا امام غياب دور الدولة في ذلك. مما يجعل مهمة الاسرة مستعصية هو عدم توغرها على اليات وامكانيات للتكفل الصحيح بالشخص التوحدي الءي يتطلب دمجه في المجتمع عمل شاق وكبير ولسنوات عديدة وطويلة. – نلاحظ أن من الأعراض المرضية لمرضى التوحد عدم الإحساس لديهم ما أسباب ذلك؟ شخصيا لا اظن ان الاشخاص التوحديين عديمي الاحساس بل عكس ذلك فهم اكثر احساسا. لربما صعوبة التواصل هي التي تدفع الاخر للقول انهم عديمي الاحساس. في ظل ما يحدث من أعراض وسمات مرضى التوحد، هل يمكن أن نجد لديهم مواهب خاصة يمكن استثمارها لتحسين تفاعلهم مع غيرهم؟ الاشخاص التوحديون لهم مواهب وقدرات خاصة يمكن استثمارها للفهم وكذا تغيير الصورة النمطية المرسومة , اذ ان التوحديين لا يختلفون في إمكانية وجود مواهب لديهم عن غيرهم ولكنها تخضع لمعايير ذاتية تكمن في التشخيص الطبي وبيئية، بتهيئة البيئة المناسبة لاستقبال هذا المريض، كما أن بعض مصابي التوحد المصابين بالتخلف العقلي من الصعوبة بمكان اكتشاف مواهبهم وتنميتها، ولكن من يتمتعون بنسبة من الذكاء نجد أنه يمكن استثمار طاقاتهم، والتاريخ يُشير إلى أن العالم أينشتين كان توحديا، ما أود أن أطرحه أن الإبداعات تتفجر بالاكتشاف المبكر، والمتابعة الحثيثة من الأهل، بعد تقبلهم وجود هذا الشخص في العائلة، ومن المؤسسات المعنية بالفئات المختلفة من ذوي الاحتياجات الخاصة. التوحد وكيفية اكتشافه لدى الأطفال هل من سلوكيات خاطئة قد تجعلنا نعتقد أن هذا الطفل مريض بالتوحد؟ الواجب الاعتماد على التشخيص للتعرف على الشخص التوحدي. اذ أن بعض الأطفال تأتي بهم أسرهم معتقدين إصابتهم بمرض التوحد، ولكنهم مصابون "بطيف التوحد" الخطير أن الكثير من هؤلاء الأطفال تضعهم أمهاتهم أمام شاشات التلفزيون المخصصة للأطفال لساعات طويلة ،ريثما تنهي أعمال المنزل، يتوحد الطفل مع هذه القنوات ويبدأ يتراجع في تواصله اللفظي ويفقد السيطرة على سلوكه، ولكن بعد فترة من التدريب والبعد عن مشاهدة تلك القنوات يعود الطفل إلى طبيعته، فالأجدر بالأمهات أن تعتني بأطفالهم وتعمد إلى تطوير علاقاتهم الاجتماعية والنفسية واللغوية، بدلا من إهمالهم إلى أن يصبحوا أطفالا توحديين. كما ان نسبة التوحد تختلف من شخص الى اخر. كيف تُقيم دور الأسرة والمؤسسات الخاصة في العناية بذوي الاحتياجات الخاصة ومرضى التوحد؟ إن الجهود التي يبذلها الأهل من أجل الحصول على المعلومات اللازمة حول مشكلة ابنهم وكيفية التعامل معها تجعل العلاقة والارتباط بين الأهل وابنهم أقوى وخاصة عندما يدرك الأهل أن احتياجات هذا الطفل تختلف عن احتياجات الأطفال الآخرين وان مساعدة ابنهم تتطلب وقتاً وجهداً أكبر. وكمحصلة نهائية يتمكن معظم الآباء والأمهات من التكيف مع واقعهم ويصبحون أكثر عقلانية في التعامل مع المشكلات التي تواجههم، ويكون تركيزهم منصباً على تلمس أفضل السبل للوفاء بحاجات طفلهم بعد أن يكونوا قد تعرفوا على نقاط القوة والضعف عند طفلهم وكيفية التعامل معها بطريقة أفضل. هل تعتقد أن عدم الاكتشاف المبكر طبيا للإصابة بالتوحد مشكلة يُعاني منها اطفال المغرب؟ بكل تأكيد، فبعض الأطباء لا يعرفون عن مرض التوحد شيئا؛ مما يؤثر على عملية الاكتشاف المبكر والتأهيل والمعالجة الطبية لهؤلاء المرضى، والتي تكون بإزالة المعادن الثقيلة من جسم الطفل التوحدي، في حال ارتفاع نسبتها في دمه، وبرأيي أن الاكتشاف المبكر يؤدي إلى تدخل مبكر؛ لتحسين مستوى التحصيل اللفظي والكلامي، بواسطة برامج خاصة من قبل أخصائيين كبرامج السمع والنطق. التوحد وكيفية اكتشافه لدى الأطفال