وجد الآلاف من المواطنين المغاربة أنفسهم فجأة عالقين في عدة دول حول العالم بسبب قرار الحكومة المغربية إغلاق حدود البلاد أمام الرحلات الجوية لمنع انتشار المتحورة أوميكرون. بموجب هذا القرار، الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من يوم الاثنين 29 نونبرعلى الساعة الثانية عشرة ليلا، جرى تعليق جميع الرحلات الجوية المباشرة للمسافرين في اتجاه المملكة المغربية، لمدة أسبوعين، وهو ما ترك آلاف المغاربة المتواجدين حاليا خارج البلاد يواجهون انتظارا عصيبا ومشوبا بالكثير من الغموض. في تركيا، دفع القرار بالمئات من المغاربة المتواجدين بهذا البلد إلى نفض عباءة السياح عنهم والتوجه إلى وكالات الأسفار والمطارات بحثا عن مقعد في آخر طائرة متجهة إلى المغرب قبل بدء سريان قرار إغلاق الحدود، لكنهم سرعان ما وجدوا أن هذه الرحلات محجوزة بالكامل أو تم إلغائها وتأجيلها لتاريخ لاحق. خارج القنصلية المغربية في اسطنبول اليوم الاثنين، تجمع أكثر من 30 مواطنا ومواطنة في البرد القارس يحملون أسئلتهم للمسؤولين حول موعد عودتهم للوطن، لكن الإجابات بقيت محدودة وغارقة في العموميات ولا تشفي غليل العالقين في فهم ما يدور أو سيتم الإعلان عنه في القادم من الأيام. شابة مغربية ضمن الجمع تتواجد بالمدينة التركية منذ أزيد من أسبوع، في الوقت الذي كان من المفترض أن تبقى فيها بضع ساعات فقط، إذ تم إلغاء رحلتها المتوجهة للدار البيضاء بعدما قضت فترة توقف بإحدى مطارات اسطنبول قادمة من دولة خليجية. في حديث لموقع القناة الثانية، أكدت الشابة أنها اضطرت بعد هذا القرار لكراء غرفة لدى صاحبة شقة صغيرة وسط العاصمة بثمن مرتفع يتجاوز 3 آلاف ليرة تركية. "لا أستطيع الاستمرار في تأمين كل هذه النفقات لذا لجأت إلى القنصلية المغربية لإيجاد حلول من أجل العودة للمملكة في أقرب وقت."
قرب البوابة الرئيسية لمبنى القنصلية بمنطقة بشكتاش، توقف مغربيان في الأربعينيات من عمرهما يناقشان الغموض الذي يلف قرار الحكومة المغربية وما إذا سيتم تمديد فترة إغلاق الحدود خاصة وأن إعادة فتحها سيتزامن مع عطلة نهاية وأعياد الميلاد التي تشهد حركية سفر كثيفة و إقبالا كبيرا للسياح على المغرب. أحد هؤلاء، وهو موظف بمؤسسة للأوراق المالية بالمغرب، كشف للموقع أن إدارة المؤسسة التي يشتغل بها استفسرته حول موعد عودته للعمل لكنه لا يستطيع فعل أي شيء بالنظر لتعليق جميع الرحلات الجوية القادمة إلى المغرب. "إنه أمر محبط ومثير للأعصاب بسبب غياب الوضوح والتواصل حول الموقف." شاب مغربي من المترددين على القنصلية علق قائلا إن ما قد يغفله البعض هو أنه عندما تذهب للسياحة في الخارج يكون لديك ما يكفي من المال لقضاء العطلة فقط، و ليس ما يكفي لعدة أسابيع أو أشهر، مشيرا إلى أنه يشعر بالإحباط خاصة أن دولا أخرى رتبت رحلات عودة لمواطنيها لكن الحكومة المغربية لا تفعل المثل. مواطنة مغربية أخرى قدمت من إحدى مدن الشمال إلى تركيا لعقد قران ابنتها بمواطن أجنبي قبل أن تجد نفسها عالقة باسطنبول، فيما مغربي آخر يشتغل في قطاع التعليم قدم رفقة والدته من أجل السياحة قبل أن يطول بهما المقام. "يبدو أنني سأذهب لحضور كأس العرب في قطر عوض انتظار فتح الحدود"، يعلق ساخرا.
وتتوالى قصص المغاربة ومعاناتهم مع القرار الحكومي حيث تحول هذا الأمر بالنسبة للبعض منهم إلى طقس يومي حيث يتوجهون لمبنى القنصلية لمعرفة آخر التفاصيل والمعلومات بالإضافة للحديث والدردشة حول معيشهم اليومي في بلاد الأتراك. بدوره، حاول موقع القناة الثانية الحديث لمسؤول داخل القنصلية حول التدابير المتخذة لترحيل المغاربة العالقين بتركيا، لكن أحد الموظفين عند البوابة الرئيسية أخبرنا أنه لا توجد أي معطيات حاليا وبأن القنصلية في انتظار التعليمات الرسمية قبل اتخاذ أي خطوة. ويتوافق ما قاله الموظف مع مضمون الرسالة الالكترونية التي عممتها القنصلية في وقت سابق على المغاربة العالقين بتركيا، حيث أكدت أنها ستقوم بربط الاتصال بهم للإبلاغ بأية أخبار جديدة تهم وضعية المواطنين العالقين عبر بريدهم الشخصي، بالإضافة إلى التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.