بعد إعفاء الملك لأربعة وزراء، تتجه الأنظار إلى التعديل الذي ينتظر أن تعرفه الحكومة، فضلا عن إحداث الوزارة المنتدبة المكلفة بالشؤون الإفريقية، التي سبق أن أعلن عنها الملك في افتتاح دورة أكتوبر البرلمانية. العديد من السيناريوهات محتلمة، أولها مرتبط بحزب التقدم والاشتراكية الذي فقد منصبين مهمين، هما وزارة السكنى، التي كان يتولاها الأمين العام للحزب نبيل بنعبدالله، ووزارة الصحة التي تولاها الحسين الوردي. فهل سيستمر الحزب في الحكومة رغم الزلزال الذي تعرض له؟ من الممكن أن يقترح الحزب ملء المقاعد الشاغرة في الحكومة، كما يمكنه أن يقرر الانسحاب كليا من الحكومة. كل هذا مرتبط بالقرار الذي سيتخذه حزب التقدم والاشتراكية في اجتماع مكتبه السياسي قريبا. "أخبار اليوم"، اتصلت بنبيل بنعبدالله، وزير السكنى المقال، ففضل عدم التحدث عن موضوع استقالته، ولا عن سيناريوهات المستقبل، مكتفيا بإلقاء التحية وقول: "مع السلامة". الأمين العام للتقدم والاشتراكية، كان في مهمة خارج المغرب عندما تلقى خبر إعفائه، أول أمس، ولهذا ينتظر حزبه عودته لعقد اجتماع المكتب السياسي لتقييم الوضع. قيادي في التقدم والاشتراكية، قال ل"أخبار اليوم"، إنه لا أحد داخل الحزب لديه تصور حول كيف سيتعامل الحزب مع هذا التطور. ويتابع المصدر: "أعتقد شخصيا أنه يجب أولا، الاطلاع على المعطيات العميقة حتى يسهل علينا اتخاذ قرار جماعي". بمعنى هل إعفاء نبيل والوردي تم فعلا بسبب مسؤوليتهما التقصيرية، في تنفيذ مشاريع الحسيمة، أم لأسباب أخرى، "سياسية"، خاصة أن هناك أوساطا داخل الحزب تتحدث عن "عقاب" يتعرض له الحزب بسبب تحالفه مع عبدالإله ابنكيران، الأمين العام للبيجيدي. وزير في الحكومة الحالية، استبعد أن يتخذ حزب التقدم والاشتراكية قرارا بالخروج من الحكومة، بعدما بقي له فيها منصب صغير هو كتابة الدولة المكلفة بالماء. الوزير، الذي فضل عدم ذكر اسمه، يرى أن حزب التقدم والاشتراكية معروف بالتعامل ب"ذكاء وبراغماتية"، ولا يرجح أن يختار العودة إلى المعارضة مهما تم تقليص حضوره في الحكومة. من جهة أخرى، هناك سيناريو آخر مرتبط بحزب الاستقلال. هذا الأخير عرف تطورات عدة منذ انتخاب نزار بركة أمينا عاما، بحيث لم يعد حزبا مغضوبا عليه ومرفوضا مشاركته في الحكومة، كما كان الحال في عهد أمينه السابق حميد شباط، ولهذا يروج بقوة سيناريو دخول حزب الاستقلال الحكومة لإعطاء دفعة لنزار بركة وإنعاش حزب الاستقلال، الذي تضرر منذ خروجه إلى المعارضة في 2013. لكن مصدرا حكوميا آخر، استبعد دخول حزب الاستقلال الآن للحكومة، مستندا إلى صيغة بلاغ الديوان الملكي، التي جاء فيها أن الملك كلف رئيس الحكومة "برفع اقتراحات لتعيين مسؤولين جدد في المناصب الشاغرة". المصدر الحكومي يرى أن الأمر لا يتعلق بدخول حزب سياسي جديد للأغلبية، وإنما اقتراح مسؤولين جدد من الأغلبية نفسها. قرار الملك بإعفاء الوزراء تزامن مع اجتماع للجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، أول أمس، ما جعل أنظار التنظيم تتطلع إلى موقع في الحكومة، ولهذا أخذ قرار الملك حيزا مهما خلال المناقشة. وفي هذا الصدد يقول عبدالسلام اللبار، القيادي في الحزب، إن اللجنة التنفيذية اعتبرت أن الملك "مارس صلاحيته الدستورية"، مضيفا "نحن لا نتشفى في أحد، لكن تم تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة". وحول احتمال دخول الحزب للحكومة، رد قائلا: "من السابق لأوانه طرح هذا الموضوع الآن". ومهما كانت السيناريوهات المرتقبة، فإنه سيكون على العثماني من جهة، وضع حزبه في صورة هذه التطورات، من خلال اجتماع للأمانة العامة المقرر اليوم الخميس، قبل أن يستشير الديوان الملكي لاقتراح 5 أسماء على الأقل في حكومته، في مناصب وزارة الإسكان، وزارة الصحة، ووزارة التربية الوطنية، وكتابة الدولة في التكوين المهني، علاوة على الوزارة المنتدبة في الخارجية المكلفة بالشؤون الإفريقية، وسيعتبر هذا أسرع تعديل حكومي تعرفه الحكومة بعد ستة أشهر على تنصيبها في أبريل الماضي.