في المغرب 4 ملايين فقير، يتركّزون، أساسا، في البوادي وداخل جهات معينة دون أخرى. هؤلاء الفقراء الذين أحصتهم المندوبية السامية للتخطيط، يتوزعون بين مجموعتين مختلفتين، الأولى تضم الفقراء من الناحية النقدية، أي ممن يتلقون دخلا ماديا هزيلا، وهؤلاء يفوق عددهم المليون ونصف مليون مغربي. أما المجموعة الثانية، التي تضم فقراء بفعل مستوى الخدمات العمومية والبنيات المحيطة بهم، فيبلغ عددهم مليونان و800 ألف مغربي. بين هذه الفئة وتلك، يوجد نصف مليون مغربي ممن يجمعون بين نوعي الفقر، أي الذين يتوفرون على دخل مالي هزيل أو منعدم، وتحرمهم الدولة والجماعات من الخدمات والبنيات الأساسية لمباشرة الحياة اليومية في حدودها الدنيا، بفعل سوء التدبير والتوزيع غير العادل للموارد العمومية. فبعد نحو ستة أشهر من كشفها خريطة توزيع الفقر النقدي بين جهات وأقاليم وجماعات المغرب؛ كشفت المندوبية السامية للتخطيط، أول أمس، عن خريطة جديدة ترسم معالم فقر آخر، ينتج عن غياب خدمات التعليم والسكن والصحة والطرق، والتي تجعل المعنيين بها في وضعية فقر وعوز، وإن توفروا على دخل مالي مرتفع. المعطيات الجديدة التي استخرجتها المندوبية من نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى الذي جرى عام 2014، تقول إن 1.4 في المائة من سكان المغرب أي ما يناهز 463 ألف شخص، يعانون من الفقر المدقع، ولا يتوفرون لا على دخل مالي للإنفاق على حاجياتهم الأساسية، ولا الخدمات الاجتماعية الأساسية. إلى هؤلاء ينضاف نحو مليونين ونصف مليون مغربي، ممن يجعلهم تدبير الشأن العام فقراء بالمعنى متعدد الأبعاد، إلى جانب مليون و200 ألف ممن يعانون من الفقر النقدي، في مقابل توفر الحد الأدنى من الخدمات الاجتماعية. الفقير، بالمعنى الجديد الذي كشفت عنه المندوبية السامية للتخطيط، مساء أول أمس، هو المغرب الذي يسجّل عجزا يفوق 30% من حاجياته الأساسية في مجالات التعليم والصحة وظروف العيش. المسؤول الأول عن فقر المغاربة حسب الخلاصات الجديدة التي كشفتها المندوبية، هو التعليم بصنفيه، أي الخاص بالكبار والموجه للأطفال الصغار. واعتمدت المندوبية 10 مؤشرات لقياس مدى فقر الأسر المغربية، وتتوزع بين مؤشرين خاصين بالتعليم، ومؤشرين آخرين يتعلقان بالصحة، فيما تهم المؤشرات ال6 المتبقية ظروف العيش. المندوبية حددت عتبة الفقر في مجال التعليم، بمعرفة ما إن كان هناك طفل داخل الأسرة يتراوح سنه بين 6 و14 سنة لا يتابع دراسته، أو ما إن كان هناك شخص بالغ لم يستكمل خمس سنوات من التحصيل العلمي. أما الفقر في علاقته بالصحة، فقامت المندوبية بقياسه عبر تحديد ما إن كان أحد أفراد الأسرة يعاني من عجز في وظائفه البصرية أو المرتبطة بالسمع أو المشي أو الإدراك، ثم ما إن كان أحد أطفال الأسرة قد توفي قبل سن 12 سنة. أما المؤشرات التي استعملتها المندوبية لقياس الفقر المرتبط بظروف العيش، فتهم معرفة ما إن كانت الأسرة تحتاج إلى المشي أكثر من 30 دقيقة للوصول إلى مصدر الماء، وما إن كان بيت الأسرة غير مرتبط بشبكة الكهرباء، أو لا تتوفر على مرحاض خاص بها، أو مع إن كانت أرضية البيت متسخة أو من تراب، ثم الطريقة التي تستعملها الأسرة في طهي طعامها، وما إن كانت تستعمل الحطب أو الفحم في ذلك، وأخيرا ما إن كانت الأسرة تفتقر لأي ممتلكات من قبيل السيارة أو الجرار أو الشاحنة، ثم إذا كانت تفتقر إلى جهازين على الأقل من أجهزة البيت الضرورية، أي الثلاجة والتلفزيون والهاتف والمذياع والدراجة العادية. المندوبية السامية للتخطيط قالت في خلاصاتها الجديدة، إن الفقر متعدد الأبعاد تقلّص في المغرب خلال العقد الممتد بين 2004 و2014 بنسبة 9.4% سنويا، وانتقل من سبعة ملايين ونصف مليون فقير، إلى مليونين و800 ألف. أي من 25% من مجموع سكان المغرب، إلى 8.2% في آخر إحصاء للسكان. لكن هذا التقليص اقتصر على المدن والحواضر، حيث تنخفض نسبة الفقر متعدد الأبعاد إلى 2%، مقابل أكثر من 17.7% في البوادي. وخلصت المندوبية إلى أن أكثر من 85% من فقراء المغرب بالمعنى متعدد الأبعاد، يعيشون في المجال القروي. وأوضحت المندوبية أن التعليم لوحده مسؤول عن أكثر من نصف الفقر متعدد الأبعاد الذي يوجد في المغرب. أما التوزيع الجهوي للفقر متعدد الأبعاد، فيجعل جهة بني ملالخنيفرة في الصدارة، حيث تضم 13.4% من عدد سكانها في خانة الفقر، تليها جهة مراكش تانسيفت، ثم درعة تافيلالت. أما جهات الصحراء فتأتي في ذيل الترتيب بنسب فقر ضعيفة. وكشفت المعطيات الجديدة التي نشرتها المندوبية السامية للتخطيط، أن معدل الفقر متعدد الأبعاد انخفض في جميع عمالات وأقاليم المغربي، في العقد الممتد بين 2004 و2014، باستثناء إقليم واحد شهد ارتفاعا كبيرا في نسبة الفقر، هو إقليم فكيك. وأوضحت المندوبية أن نسبة الفقر في هذا الإقليم انتقلت من 28% سنة 2004، إلى 34.5% في 2014، مفسرة ذلك بالارتفاع الكبير في عدد سكان المجال القروي التابع لهذا الإقليم خلال هذه الفترة. فيما يأتي إقليمالصخيراتتمارة، في صدارة ترتيب أقاليم المملكة من حيث نسبة تقليص الفقر، حيث تجاوزت نسبة الانخفاض هذه 80%. وفيما تتصدّر فكيك ترتيب الأقاليم من حيث نسبة الفقر، تتلوها مباشرة أقاليم أزيلال وتاونات وشيشاوة والصويرة واليوسفية وشفشاون وميدلت وكرسيف وبولمان.