يستعد نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، للترشح لقيادة حزب الاستقلال في مؤتمره السابع عشر. في هذا الحوار يشرح موقفه من تطورات الوضع داخل الحزب، وينتقد نتائج تدبير حميد شباط، الأمين العام للحزب، ويعتبر أنه إذا فاز بولاية ثانية سيشكل ذلك تهديدا لمستقبل الحزب. الكثير من المتتبعين يتساءلون لماذا برز نزار بركة فجأة، وقرر الترشح لقيادة حزب الاستقلال وهو الذي غاب عن الحزب، وعن اجتماعات المجلس الوطني منذ سنوات؟ أولا، أنا لم أبتعد عن الحزب. صحيح أنني ابتعدت عن القيادة، وهذا قرار اتخذته بعد المؤتمر السادس عشر سنة 2012، حيث أصدرت بلاغا حينها أعلنت فيه سحب ترشيحي لعضوية اللجنة التنفيذية، لأنني اعتبرت أن من الصعب عليّ أن أكون عضوا في اللجنة التنفيذية، بالنظر إلى طبيعة الحملة التي قادها الأخ حميد شباط للوصول إلى الأمانة العامة، وبحكم معرفتي بأسلوبه في تدبير الخلاف. لكنك كنت من داعمي شباط في ذلك الوقت؟ هذا غير صحيح، أنا كنت دائما من داعمي الأخ عبدالواحد الفاسي، ولم أغير موقفي. أكثر من ذلك، أعتبر أن الأخ شباط له نضاله، وله أسلوبه، ولهذا فإن ابتعادي كان موقفا من خطابه ومنظوره للسياسة الذي لم أتقاسمه معه. لا تنس أنني كنت عضوا في اللجنة التنفيذية مرتين، وكان معنا الأخ شباط، وعرفته عن قرب، لهذا اعتبرت أنني لن أكون رقما مكملا للفريق الذي كان حينها متجانسا، لأنه كان مكونا من مساندي شباط فقط. لكن لم نسمع لك أي موقف مع حركة "بلا هوادة" التي قادها عبد الواحد الفاسي؟ لم أنخرط في جمعية "لاهوادة للدفاع عن الثوابت"، لأنني اعتبرت أن النقاش والتفاعل لا بد أن يكون من داخل المؤسسات، والأخ عبد الواحد الذي تعامل مع الموقف بروح عالية في المسؤولية ونكران الذات، لم ينجر إلى الانقسام داخل الحزب رغم طرده من المجلس الوطني مع إخوانه في الجمعية. لقد اعتبرت أن التفاعل يجب أن يكون داخل المؤسسات وأكدت أنه من الضروري احترام المشروعية، ممثلة في الأمين العام وفريقه، فهو يقوم بواجبه الحزبي، خلال هذه المدة، وسيأتي وقت المؤتمر للتقييم. إذن، خروجي اليوم، متجانس مع موقفي الأول وغيرتي على الحزب وانضباطي، ولهذا خرجت من الحكومة، تنفيذا لقرار المجلس الوطني للحزب. لماذا لم توقع النداء الذي وقعته العديد من الشخصيات الاستقلالية، وعلى رأسها الراحل امحمد بوستة، والقيادي امحمد الخليفة، فضلا عن قياديين آخرين، الذين أعلنوا نزع الشرعية عن شباط، رغم أنهم عرضوا عليك التوقيع؟
لقد استجبت لمغزى النداء، الذي هو التغيير، ولكنني اعتبرت في سياق الانسجام مع مواقفي، أن التغيير يجب أن يتم في المؤتمر وداخل المؤسسات، طبقا للقواعد الديمقراطية. أنا أعتبر أن من حق الأمين العام حميد شباط الترشح لولاية ثانية، لأن قوانين الحزب تمنحه هذا الحق، رغم أنه سبق أن صرح بأنه لن يتقدم لولاية ثانية، وهذا أمر يهمه. هل معنى هذا أنك لم تكن متفقا مع نداء القيادات الاستقلالية ضد شباط؟ ما أؤكده هو أنني استجبت لمغزى النداء، واقترحت مقاربة أخرى، هي "رؤية أمل من أجل إنقاذ الحزب" التي أعلنتها في فبراير الماضي، والتي أكدت فيها على أربعة محاور: الأول، ضرورة العمل على الحفاظ على وحدة الحزب. ثانيا، ضرورة العمل على أن يكون الجميع جزءا من الحل، ولهذا عرضت على الأخ حميد شباط هذا النداء، كما عرضته على قيادات وبرلمانيين وأعضاء في مجلس رئاسة الحزب، واعتبرت أن الأخ شباط يجب أن يساهم في إيجاد الحل. ثالثا، ضرورة النقد الذاتي، أي تجاوز المنطق العاطفي، وتحليل الوضع بموضوعية انطلاقا من تحولات المشهد الحزبي والسياسي والتحديات المطروحة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، وأخيرا اعتبرت، أن الديمقراطية هي المفصل، أي لا يمكن أن نكون في منطق المرشح الوحيد، أو منطق الإقالات. لكن شباط توجس من مبادرتك؟ لقائي معه حول المبادرة كان إيجابيا، لأننا خرجنا بنتيجة مفادها دراسة ما يمكن القيام به وتقديم حلول واقتراحات، وما وقع في المؤتمر الاستثنائي الأخير ترجمة لروح مبادرتي. لقد كان هناك خطر يهدد الحزب بالدعوة إلى عقد مجلس وطني استثنائي، ولكن بعد وساطات الإخوة عبدالواحد الفاسي ومحمد السوسي، وبوعمرتغوان، وانخراط الأخوين الحاج حمدي ولد الرشيد وعبدالقادر الكيحل، تم التوصل إلى توافق. وعلى هذا الأساس تم عقد مؤتمر استثنائي، من أجل ضمان الانضباط لقانون الحزب وتغييره حتى تكون اللجنة التحضيرية قانونية، من جهة، وملاءمة المادة 54 من جهة ثانية. بخصوص علاقة الدولة بالأحزاب، هناك شعور بوجود تدخلات خارجية في الشأن الحزبي، لدعم طرف ضد طرف. هل تلمس حقيقة مثل هذه التدخلات، خاصة مع ما يجري داخل الاتحاد الاشتراكي، وكذا حزب الاستقلال؟ أولا، لا يمكن أن يُقبل تدخل الدولة في الحياة الحزبية خارج ما يحدده الدستور والقانون. ومن جهة أخرى، لا يجب إخفاء الشمس بالغربال. هناك من يقدم منطق المؤامرة والتحكم للهروب من الحساب. عندما يصل القول إلى حد ادعاء أن شخصية سامية هي التي أملت على المجاهد الكبير المرحوم امحمد بوستة، نص النداء الذي تم توقيعه ضد الأخ شباط، نتساءل إلى أين يمكن الوصول في هذه المزايدات؟ ويقال أيضا إن جهات خارج الحزب هي التي أوعزت لك بالترشح لإزاحة شباط؟ المناضلون هم من طلبوا مني الترشح، وذلك منذ مدة، أي منذ 2012، كما أنني استجبت لغيرتي على حزب الاستقلال، وأكثر من ذلك اعتبرت أن من مسؤوليتي أن أقوم بواجبي الحزبي، من أجل ضمان وحدة الحزب، وإعطاء نفسٍ جديد للحزب، وفتح المجال للارتقاء الحزبي بناء على الاستحقاق وليس الولاءات، وكذا انطلاقا من قناعتي بأن في الحزب طاقات وقدرات تمكنه من لعب دوره كاملا في خدمة هذا الوطن.
مؤتمر حزب الاستقلال تأخر عن موعده، والأجواء التي يتم فيها التحضير للمؤتمر تبدو غير طبيعية، مع انشقاق نقابة الاتحاد العام للشغالين، وصدور أمر قضائي لافتحاص مالية الحزب، كيف يمكن عقد مؤتمر في ظل هذه الظروف؟ صحيح أنه اليوم يمكن اعتبار ما يقع في الاتحاد العام للشغالين، أمرا غير معهود من قبل، و لكن الحزب محصن إلى يومنا هذا من مثل هذه المخاطر. من جهة أخرى، فقد وقع توافق على ترتيبات عقد المؤتمر، ومن بين بنود الاتفاق، توقيف كل المتابعات القضائية، والعمل على إعداد وتوزيع المقاعد إقليميا انطلاقا من معايير جديدة، والتوصل إلى تحديد تاريخ المؤتمر ووضع أجندة للمؤتمرات الإقليمية وانتخاب ممثلي المنظمات الموازية، وتحديد أعضاء اللجنة التحضرية. وهناك لجينة تشتغل على ذلك، وأتمنى أن يتم الحسم في هذه النقاط في أقرب وقت ليمر المؤتمر في أحسن الأجواء، لكن يجب التذكير بأن الأجواء اليوم، أفضل من أجواء ما بعد المجلس الوطني الاستثنائي في 31 دجنبر الماضي. فمنذ ذلك المجلس إلى أواخر شهر فبراير، كان هناك تهييء متعجل للمؤتمر واتخذت مواقف وقرارات بدون إشراك اللجنة التنفيذية، وكان هناك اتجاه نحو المرشح الوحيد. أما اليوم، نحن في أجواء أفضل، لأن اللجنة التنفيذية تجتمع أسبوعيا، وهناك اتفاق يجب تنفيذه، كما تم فتح المجال لكل أعضاء اللجنة التنفيذية الحاليين والسابقين للترشح، وبهذا مررنا من أحقية 26 عضوا حاليا في الترشح إلى أكثر من 60 مرشحا محتملا. لا ينبغي أن ننسى أنه بدءا من أواخر مارس، أصبح حزبنا في وضع تجاوز فيه الآجال القانونية، ولهذا لا يجب أن نضع الحزب في وضع هشاشة، بل يجب أن يساهم الجميع في إنقاذ الحزب، وإنجاح المؤتمر، وتجديد الهياكل الحزبية.
بالنظر إلى التطورات التي يعرفها الحزب، هل تعتبر أن حميد شباط انتهى؟ لا أتفق مع منطق النهاية، أو عدم النهاية، لأن حميد شباط هو أمين عام الحزب، وهو مرشح للأمانة العامة لولاية ثانية كما صرح بذلك، والذي سيقرر في استمراره في الأمانة العامة أم عدمها هم المناضلون. ماذا إذا فاز شباط بولاية ثانية؟ سيشكل فوز شباط بولاية ثانية خطرا وتهديدا على مستقبل الحزب، ليس من منظوري الشخصي فقط، بل من منظور عدة إخوان، لذلك سنعمل على ألا يتحقق ذلك. المؤشرات تبين أنه في عهد الأخ شباط تراجع الحزب في كل الاستحقاقات، وضيعنا 30 في المائة من الأصوات، وأصبحنا في عزلة سياسية، لا نحن في المعارضة ولا في الأغلبية. لكن حميد شباط، كان يحظى بدعم معظم القيادات داخل الحزب، واليوم يقال إنه أصبح مغضوبا عليه من الدولة، منذ أن اتهمه وزير الداخلية السابق بابتزاز الدولة، ولهذا انفض عنه مقربوه. هل تعتقد فعلا أن الدولة غاضبة منه؟ لا أعتقد أنه يمكن القول إن هناك موقفا للدولة من الأمين العام الحالي. لكن تم الاعتراض على مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة بسبب شباط؟ حزب الاستقلال لم ينجح في الدخول إلى الحكومة لثلاثة اعتبارات، أولا، الحزب أعلن أنه سيدعم الحكومة قبل تشكيلها، لكن لم يتم إشراكه، وثانيا حزب التجمع الوطني للأحرار له مبرراته، منها ما قيل إن الأغلبية السابقة هي التي يجب أن تستمر. ثالثا، وهذا هو ما أكده الأخ بنكيران في بلاغ "انتهى الكلام"، حيث حصر مكونات الحكومة في الأغلبية السابقة، ولم يكن ضمنها حزب الاستقلال. لأن بنكيران صرف النظر عن مشاركة الاستقلال بسبب تداعيات تصريحات شباط عن موريتانيا؟ تماما، ولهذا يجب أخذ مثل هذه التصريحات أيضا بعين الاعتبار. أيضا الدكتور سعد الدين العثماني لم يدخل حزب الاستقلال إلى الأغلبية، ولم يقم بإشراكه في إعداد البرنامج الحكومي، رغم إعلانه دعم الحكومة بدون شروط. بل لما استقبل وفد حزب الاستقلال طرح عليه سؤالا: "متى ستعقدون المؤتمر؟". السؤال المطروح هو لماذا وصلنا إلى هذا الوضع؟ أعتقد أن هناك أزمة ثقة مع الأحزاب السياسية بسبب تقلبات المواقف والمواقع، وهذا نتيجة سياسة وأسلوب جعل الحزب لا يساهم في هذه الحكومة. أثير جدل حول المادة 54 من قانون الحزب، التي تشترط أن يكون المرشح للأمانة العامة عضوا في آخر لجنة تنفيذية للحزب، ما كان يعني إقصاؤك، لكن المفارقة أنه يقال إنك ساهمت في وضع هذه المادة سنة 2012؟ هذا غير صحيح. لقد كنت ضد هذه المادة منذ 2012، ولدي ما يثبت ذلك. قبل 1998، كان يتم انتخاب الأمين العام لحزب الاستقلال من المؤتمر، وكان المرشح وحيدا، لكن في 1998، وقع تطور، وتم الاتفاق على انتخاب الأمين العام من المجلس الوطني، على أن يكون المرشح أمضى ولايتين في اللجنة التنفيذية، وفي 2009، أصبحت ولاية واحدة، لكن في المؤتمر 16 تم وضع شرط الولاية الأخيرة، وهذا كان تضييقا لا يتماشى مع مسار الدمقرطة الداخلية للحزب. ثانيا، المادة 54 لم تعدل في اجتماع اللجنة التنفيذية آنذاك لكي أساهم فيها، بل تم ذلك خلال المؤتمر، الذي أفرز لجينة اقترحت هذا التعديل في المؤتمر. من كان في هذه اللجينة، هل عباس الفاسي مثلا؟ لم يكن الأخ عباس الفاسي ضمن أعضاء هذه اللجينة، ولا داعي لذكر الأسماء لأنهم معروفون. أكثر من هذا اتصلت بالأخ شباط يوم المؤتمر وقلت له إنني سأقدم تعديلا على هذه المادة، لتوسيع الترشيح، لأعضاء من خارج اللجنة التنفيذية. وفعلا تم تقديم هذا التعديل من قبل عدد من المؤتمرين في لجنة القوانين، لكن تم رفضه في ظل أجواء التجييش التي مر فيها المؤتمر. هذا التعديل كان قد استهدف أساسا ترشيح محمد الوفا؟ هذا ما يُقال. هل تقصد أن جناح شباط هو من وقف وراء المادة 54؟ الواضح أنه ساهم بوضوح في إخراجها. الأساسي اليوم، أن الكل اقتنع أنها مادة غير ديمقراطية، وغير ملائمة لقانون الأحزاب، ولا تنسجم مع فكر حزب الاستقلال. إذا فزت بالأمانة العامة لحزب الاستقلال، كيف سيكون موقفك تجاه مسألة التحالفات والعلاقة مع الحكومة، وهل ستقود معارضة قوية أم ستسعى إلى التقارب مع الحكومة؟ عمليا لسنا في المعارضة اليوم، نحن عمليا محايدون. القرار في هذا المجال سيعود إلى المجلس الوطني، وإلى القيادة الجديدة التي سيفرزها المؤتمر. وترشيحي للأمانة العامة هو حامل لمشروع. أعتبر أن الإشكال المطروح هو إعادة الاعتبار للشأن السياسي، وإعادة الثقة في العمل السياسي وانخراط الشباب في العمل السياسي. وهنا يجب أن نتجاوز منطق القطبية: قطب محافظ إسلامي يقوده العدالة والتنمية، وقطب حداثي يقوده الأصالة والمعاصرة، لأنه تبين من التجربة أن هذا التقاطب ليس مطابقا للواقع السياسي الوطني المبني على التعددية. التقاطبات يجب أن ترتكز على قيم، وعلى مشاريع مجتمعية، وعلى برامج، وعلى تحالفات تحددها مواثيق. لقد ساهمت شخصيا في برنامج الكتلة الديمقراطية لسنة 1992 مع الوزير السابق الأخ الدكتور عبدالحميد عواد، وفي برنامج الحكومة لسنة 2007، وحينها كان المنطلق هو ميثاق الكتلة. لا بد أن ينصب العمل على برامج للمستقبل لخدمة المواطنين وتقوية الارتقاء الاجتماعي، والعمل على إعطاء نفسٍ جديد، وتوسيع الطبقة المتوسطة، ودعم الدمقرطة، ودولة الحق والقانون. لكل هذا سنحدد تحالفاتنا بناء على البرامج. لكنك مرشح لقيادة الحزب ولك أفكارك، نريد معرفة موقفك من حزب الأصالة والمعاصرة، الذي تأسس سنة 2008 وتقدم بدعم معروف على حساب حزبي الاستقلال والاتحاد؟ فهل يمكنك التحالف مع هذا الحزب مستقبلا؟ أولا، وكما قلت لك، التحالفات ينبغي أن تتأسس على قيم ومشاريع مجتمعية وبرامج. ثانيا اخترت الاشتغال بمقاربة تشاركية ويجب الإنصات للمناضلين، واتخاذ المواقف والقرارات انطلاقا من قناعتنا المشاركة. ولا يخفى عنكم أن حزب الاستقلال كانت له دائما علاقات طيبة واحترام متبادل مع باقي الأحزاب. وبالتالي نرحب بأي حزب سيأتي لتعزيز التعددية السياسية في بلادنا. عندما تم تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة اعتبر الإخوة في الحزب أن كل ما من شأنه تشجيع الشباب على المشاركة فهو مهم، لكن ينبغي أن يكون العمل في إطار القواعد الديمقراطية. ما أؤكد عليه هنا، هو ضرورة تجاوز التقاطبات المصطنعة، لأن هناك خيارات أخرى يجب أن تترجم على أرض الواقع، وحزب الاستقلال باعتباره حزبا نابعا من المجتمع وله مرجعية إسلامية، ومشروع مجتمعي تعادلي، وتجربة مهمة في تدبير الشأن العام، يمكن أن يلعب دورا مهما في هذا الإطار. إطار قرار الانسحاب من الحكومة
دعني أعود معك إلى قرار الانسحاب من حكومة عبدالإله بنكيران؟ لقد كنت حينها وزيرا للمالية، فهل كنت موافقا على هذا القرار؟ هذا قرار اتخذه المجلس الوطني، وبالتالي، فهو ملزم لكل أعضاء المجلس، وللوزراء. وأذكر أن الأخ الأمين العام عقد لقاء معنا كوزراء وفسر لنا الدوافع، وقام باستشراف ما سيتم بعد خروجنا من الحكومة، وقد اعتبرت آنذاك، أن هذا القرار سيكون له انعكاس سلبي على الحزب. بماذا أخبركم شباط؟ هل كان ينتظر حدوث شيء بعد خروجكم من الحكومة كأن تسقط حكومة بنكيران؟ المجالس أمانات.. لكن ما يمكنني قوله هنا أن ما كان ينتظره الأخ شباط لم يتحقق. لقد اعتبرت حينها أنه ستكون هناك تداعيات على الحزب ليس لأننا خرجنا من الحكومة، ولكن السؤال الذي طرحته، هو ماذا سنفعل في المعارضة؟ وأية معارضة سنمارس؟ وكيف سنهيئ أنفسنا للاستحقاقات المقبلة انطلاقا من موقعنا في المعارضة؟ لقد تبين من التجربة والمواقف التي اتخذت فيما بعد أن ما كان منتظرا لم يتحقق، وأن الخطة لتشكيل بديل لم تتم، لا فكريا ولا اقتراحيا، بل تبين أن الحزب عرف تقلبات في المواقف. قبل الانتخابات الجماعية سنة 2015، كان الحزب في تحالف مع حزب الأصالة والمعاصرة الذي كان يعتبر قائد المعارضة في وقت كان يفترض أن يكون حزب الاستقلال هو الذي يقود المعارضة بحكم عدد مقاعده في البرلمان، ثم جاءت الانتخابات الجماعية، وانتخابات الجهات، ولم نتمكن من الفوز بجهة فاس، فتقرر فجأة دعم العدالة والتنمية في الجهات، ثم جاءت الانتخابات التشريعية فقام الحزب بحملة ضد العدالة والتنمية، وبعد الإعلان عن النتائج قرر المجلس الوطني بعدها مساندة العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة، ثم عدنا إلى منطق، لا مساندة ولا معارضة، بعد تقديم البرنامج الحكومي. وهذا التقلب في المواقف، وعدم تقديم مقاربات وحلول ورؤية واضحة المعالم لتجاوز الإشكاليات المطروحة، أدى إلى تراجع الحزب في الانتخابات الجماعية والتشريعية، والخروج من المدن الكبرى. حميد شباط يرفع اليوم شعار: "استقلال القرار الحزبي"، ضد كل التحركات التي تستهدفه، ويتهم منافسيه بأنهم ليسوا مستقلين في قرارهم.. لكن بالعودة إلى قرار الانسحاب من الحكومة، سمعنا أنه كان مملا على شباط من خارج الحزب، هل تؤكد هذه المعلومة؟ تعلمون أن الحزب له مؤسسات، وما يروج من إشاعات بهذا الشأن، لا أستطيع تأكيده، لأنني لم أكن في القيادة، لكن ما يمكنني قوله، هو أن بعض القياديين في اللجنة التنفيذية يقولون، إنهم إلى يومنا هذا لا يعرفون لماذا اتخذ قرار الانسحاب من الحكومة. وبخصوص استقلال القرار الحزبي، فلا يمكن إلا أن نكون غيورين على استقلال قرارنا، لكن التقلب في المواقف، وكيف أصبح حزبنا ملحقة لحزب آخر، يسائلنا أين كانت استقلالية القرار في هذه المرحلة؟