أعلن حميد شباط وعبد الواحد الفاسي، القياديان في حزب الاستقلال، وعضوا المجلس الوطني، أنهما يرفضان جميع مبادرات الوساطة وأنهما متمسكان بالتنافس على كرسي الأمانة العامة إلى أن تعقد أول دورة للمجلس الوطني المخصصة لانتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية والأمين العام الجديد. وأكدا القياديان، في هذه المقابلة على صفحات "المغربية"، أنهما يتمتعان بالشرعية النضالية الكافية داخل الحزب التي تمكنهما من الترشح لمنصب الأمانة العامة، وأنهما مؤهلان لقيادة الاستقلاليين في المرحلة السياسية الحالية المطبوعة بتصويت المغاربة على دستور جديد يفتح الباب على مصراعيه لدولة الحق والقانون والمساواة وربط المسؤولية بالمحاسبة. وبينما لاحظت "المغربية" قابلية حميد شباط للتنحي، في حالة توصل البيت الاستقلالي إلى حل توفيقي يقضي بترشيح اسم آخر غيرهما لتحمل مسؤولية الأمانة العامة، سجلت تمسك عبد الواحد الفاسي بترشيحه إلى النهاية دون أن يبدي أي استعداد لقبول خيار ثالث يجنب الاستقلاليين الانقسام. وأجاب شباط عن سؤال حول هل هناك إمكانية للتنحي إن لاح في الأفق خيار ثالث تكون حكمته لا غالب ولا مغلوب داخل البيت الاستقلالي؟ بالقول "نحن نفكر في الأمر بجدية، وأنا مستعد لقبول حل توفيقي، ما المانع في ذلك"؟، في حين أجاب عبد الواحد الفاسي، عن السؤال نفسه، بأنه متمسك بالترشيح إلى النهاية وغير مستعد للتنازل، لأنه ترشح تلبية لرغبة الاستقلاليين، وليس هدفا شخصيا له. وحول أسباب تأجيل انعقاد الدورة الأولى للمجلس الوطني، قال شباط "كان لنا طلب ملح لتأجيل انعقاد المجلس الوطني لأننا وجدنا أن هناك نوعا من الإنزال لأشخاص لا يتوفرون على صفة مؤتمر أو صفة عضو بالمجلس الوطني، حضروا للمؤتمر ويحملون بادجات مدونة تؤكد أنهم مؤتمرون وأعضاء المجلس الوطني في الوقت الذي لا تربطهم أية علاقة بالحزب". وأضاف شباط أن العديد من أنصاره أبلغوه أن هناك بعض الاستقلاليين الذي فشلوا في المؤتمرات الإقليمية في انتخابهم بصفة مؤتمرين إذ حضروا المؤتمر وحصلوا على بادج المؤتمر وصفة عضو بالمجلس الوطني. وأكد شباط أن رئاسة المؤتمر منكبة، في الوقت الحالي، على جرد عضوية أعضاء المجلس الوطني المنتخبين في المؤتمرات الإقليمية، وقال "حينما تنهي اللجنة عملها ستدعو إلى انعقاد أول دورة للمجلس الوطني ليجري استكمال هياكل الحزب بانتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية والأمين العام الجديد". وحرص عبد الواحد الفاسي على توضيح أن الصراع على الأمانة العامة بينه وبين شباط لا يفسد للود قضية، وأنهما متنافسان وليس عدوين، وأن نتيجة انتخاب أعضاء المجلس الوطني للأمين العام لن تؤثر سلبا على الحزب، بل إنها ستدفع بالاستقلاليين إلى صيانة الرصيد النضالي لحزبهم، إلا أنه أكد أنهما منقطعان عن الاتصال في ما بينهما، إذ قال "ليس هناك أي اتصال بيننا في الوقت الحالي". عبد الواحد الفاسي: لا مجال للانسحاب وأنا متمسك بالترشيح إلى النهاية عبد الواحد الفاسي، هل أنت متمسك بالترشيح إلى النهاية أم أن هناك مجالا للتفاوض من أجل صنع حل ثالث فلسفته لا غالب ولا مغلوب؟ *لا مجال للانسحاب، وأنا متمسك بالترشيح لأنني لست من أراد الترشيح لمنصب الأمانة العامة، بل ترشحت لأن الكثير من الاستقلاليين طلبوا مني ذلك، هذه هي الحقيقة، وسأستمر إلى نهاية الطريق. علما أن الجميع متمسك بالترشيح إلى حين انعقاد المجلس الوطني وانتخاب الأمين العام. كيف ترد على من يقول إنك مرشح العائلة الساعي إلى بقاء كرسي الأمانة العامة داخل بيت الفاسيين؟ *حينما كنا في المؤتمر كان لي توجيه واحد لكافة الاستقلاليين يهدف إلى ضرورة أن نخرج جميعا من المؤتمر موحدين الصفوف، وكنت أقول لهم تماسكوا. أما من يريدون حصر الترشيح في زاوية العائلة، إنهم يريدون تمييع النقاش السياسي المسؤول الذي تفرضه المرحلة، وحينما لم يجدوا ما يطعنون به في ترشيحي انطلقوا في صنع الإشاعات. وأؤكد لك هنا، أن تركيز النقاش على العائلة لا أهمية له لأن فيه احتقارا للاستقلاليين. أعتقد أن مسألة انتسابي لعائلة الفاسي هي قضية جينية ليس إلا، علما أن علال الفاسي كان، رحمه الله، حالة خاصة من المستحيل أن نجد مثله، وكان شخصية كارزمية تجتمع فيه صفة العالم المقاصدي، والفقيه السلفي، والمناضل السياسي والشاعر الأديب، والمنظر للعمل الحزبي، وصاحب مشروع فكري. ألا تعتقد معي أن تمسككما بالترشيح إلى الأمانة العامة قد يعرض الحزب إلى الانشقاق؟ *لا أعتقد أن يحدث انشقاق في حالة التمسك بالترشيح إذا احتكمنا إلى قواعد الديمقراطية داخل الحزب، بل إن العكس هو الصحيح، يعني إذا تنازلت عن الترشيح قد يكون الحزب معرضا للمخاطر. ووجودي على رأس الحزب سيقوي دور حزب الاستقلال في الساحة السياسية المغربية، وسيجعله مستمرا في أداء مهمته الوطنية التي لعبها في الماضي وينجزها في الحاضر، ويتعهد بالقيام بها في المستقبل، ولذلك علينا أن نكون أقوى لخدمة الصالح العام. إن حزب الاستقلال هو حزب كل المغاربة، لأن مبادئه وأفكاره تخدم الجميع، أتمنى أن يبقى دائما قويا، وأن يكون ضمير الأمة. هل في برنامجكم إجراءات عملية للمحافظة على تراث علال الفاسي؟ طبعا، تراث علال الفاسي دائما موجود ومحفوظ، ولا نعتبره تراثا فقط بل هو المنهاج الذي يجب أن نتبعه لخدمة الوطن، وعلال الفاسي هو من وفر للاستقلاليين المبادئ الخاصة بهم وصنع ثوابت وأسس حزب الاستقلال، التي ما زالت صالحة للحزب إلى اليوم. وإذا تحملت مسؤولية الأمانة العامة سأعمل على تقوية الواجهة الفكرية للحزب دون تغيير في تراثه. هل خيط الاتصال منقطع مع حميد شباط في الوقت الحالي؟ نعم ليس بيننا أي اتصال، وهذا ليس معناه أننا أعداء، أو في حرب، بل بالعكس تربطني مع شباط علاقة عادية، لكن لم يحدث بيننا اتصال في هذه الفترة، وأؤكد أننا متنافسون وليس أعداء. إذا تحملتم مسؤولية الأمانة العامة هل ستعيدون النظر في علاقتكم مع الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي الحالي، وبالخصوص مع حزب العدالة والتنمية؟ *لا أبدا، إن علاقتنا مع أحزاب التحالف علاقة جيدة وسنعمل على تقويتها، أما بخصوص حزب العدالة والتنمية أؤكد لك أنه ليس هناك أي مشكل مع هذا الحزب الذي ندبر معه الشأن الحكومي. كيف تعلق على المتابعات القضائية داخل المحاكم لقياديين من حزب الاستقلال أبرزها المتابعات التي تتعرض لها عائلة خصمكم في الأمانة العامة حميد شباط والقيادي قيوح؟ أعتقد أنه ينبغي أن نفصل الأمور، وأن نترك الحزب جانبا، لأن المنتمين إلى حزب الاستقلال هم بشر داخل المجتمع، والبشر يقوم بأفعال ويرتكب أخطاء وتلفق له تهم لا صلة لها بالواقع، لذلك لابد من أن نفرق بين كل هذه الأمور. .................................... حميد شباط: نريد أن يخرج الحزب من سياسة الصمت وانعدام المبادرة ماذا يروج داخل حزب الاستقلال؟ *إن ما يروج هو حراك يهدف إلى تقوية الحزب الذي كان دائما يعاني الهيمنة والاستحواذ، وكان دائما يتقدم فيه مرشح وحيد إلى الأمانة العامة، وأن كل من أراد أن يخلق جو التحميس أو خلق نوع من المنافسة الشريفة، عبر مخطط عمل أو عقد برنامج ما بين القيادة وجميع الاستقلاليين، إلا ويجري إزاحته إما بتدخل عائلي أو بمحاولة إرضائه أو بطريقة أخرى. اليوم، نريد أن نقول كفى لأن بلادنا تشهد ظروفا غير عادية نظرا للحراك العربي وتأثيره على الداخل، والتصويت على دستور جديد، كل هذه الأشياء نستحضرها في حزب الاستقلال، ونريد أن نحدث الحزب لتقويته أكثر، كما نريد أن يخرج الحزب من سياسة الصمت وانعدام المبادرة، وأن يكون حزبا متحركا قادرا على مواجهة كل الصعوبات التي تعترض المغرب. كان لك السبق في تكريس الترشيح إلى الأمانة العامة عبر برنامج، كيف تلقى أعضاء اللجنة التنفيذية ذلك؟ البرنامج الذي قدم للاستقلاليين، والذي يعتبر سابقة في تاريخ الأحزاب السياسية، لم يستحسنه بعض أعضاء اللجنة التنفيذية، وفي الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية قال الأمين العام عباس الفاسي ما يلي إن "الأمين العام المقبل يجب أن يكون صامتا وألا يتصل بوسائل الإعلام ولا يتكلم"، وهذا ما يفيد أن الأمين العام بهذه المواصفات يجب ألا يحل مشاكل الناس. هذا هو توجيه الأمين العام، الذي اعتبره خطرا على البلاد، ولا يمكنني أن اتفق معه. وقلت له لا بالعكس الأمين العام المقبل يجب أن يكون منفتحا على مختلف وسائل الإعلام، وأن يكون له السبق في الخبر وتوصيل المعلومة، وأن يكون رجل المبادرة، وتكون له كاريزما من نوع خاص. وأريد أن أشير هنا إلى أن دور الحزب هو الدفاع على الدولة وتقويتها، كما أن قوة الدولة تأتي من قوة الأحزاب عبر ديمقراطيتها الداخلية. كيف كان رد باقي أعضاء اللجنة التنفيذية؟ *هناك من الإخوة سامحهم الله، من قال لي "احنا باقيين ما تربينا على المنافسة، ويجب أن ندرجها في القوانين للعمل بها". كيف ذلك؟ هل نحتاج إلى وضع قانون حتى يحق للاستقلاليين الترشيح لمنصب الأمانة العامة؟ وهنا وجدنا أنفسنا أننا أمام جيلين، جيل ما قبل الدستور الجديد وقبل الحراك العربي وجيل ما بعد الدستور. وعندما قدمت ترشيحي عبر برنامج قلت إنني سأعمل على الحفاظ على تراث الحزب المتمثل في المنتوجات الفكرية لعلال الفاسي الذي لا يجب أن يغلق عليه في مقرات الحزب، بل يجب التعريف به، وأن يشرع في تدريسه للأجيال لأنه ذاكرة وطنية وتربط شباب المغرب بتاريخهم النضالي. هناك من يقول إنه لو تسلم حميد شباط الأمانة العامة من الممكن أن يدفع الحزب في اتجاه الخروج من التحالف الحكومي؟ *لا أبدا، لأنني ساهمت عن قرب في تشكيل هذه الحكومة، وساهمت في تسهيل المأمورية للأمين العام من أجل مشاركة الحزب في الحكومة، وأحيلك على أول تصريح لي بعد تشكيل الحكومة هو "إننا ندعم هذه الحكومة" قبل أن يتخذ المجلس الوطني قرار المشاركة. لنا قناعة أن فشل الحكومة اليوم، سيعيد المغرب إلى نقطة الصفر ونحن لا نريد ذلك إطلاقا. ماذا تريدون فعله بخصوص علاقة حزب الاستقلال مع الاتحاد الاشتراكي؟ *إذا تحملت مسؤولية الأمانة العامة سأحيي الاتصال بالاتحاد الاشتراكي بهدف إعادة الحياة للكتلة لاسترجاع تاريخها المشرق في حياة المغرب، لأن الكتلة تحملت مسؤولية تاريخية في فترة عصيبة، ولكن لم تحتكم إلى مناضيليها لبناء قواعد متكتلة قوية. كيف ترد على من يرى أن الحزب على انشقاق وشيك؟ *إن الطريقة التي يشتغل بها عباس الفاسي هي سبب كل المصائب التي أصابت حزب الاستقلال، لأنه فتان يفتن البلاد والعباد، وجعل الحزب أرضا محروقة، إذ لا يمكن أن يكون أمين عام في أي حزب لا يتتبع أشغال المؤتمر مثل ما فعل عباس الفاسي، الذي كان غائبا عن المؤتمر وهو من زاد في الطين بلة. وأطمئن الجميع أن حزب الاستقلال سوف يمر إلى المرحلة المقبلة سالما وبجميع قيادييه وليس هناك أي انشقاق محتمل، وأن من يروج للانشقاق هم من لا يريدون للاستقلاليين الخير، والاستقلاليون عازمون على تقوية حزبهم بفتح المجال لكافة الشعب المغربي ليلج إلى المسؤوليات داخل الحزب. ما علاقتك بعبد الواحد الفاسي؟ * "السي" عبد الواحد الفاسي رجل طيب ورجل مخلص، لكنه سقط ضحية لعباس الفاسي، إذ كان لعبد الواحد الفاسي أن يكون أمينا عاما للحزب في الولاية السابقة وما قبلها وهذا هو الواقع، وكان في تلك المرحلة صالحا مائة في المائة، أما اليوم فهناك مرحلة أخرى.