في ظل التعثرات التي يعرفها مسار تشكيل الحكومة، وما تلا ذل من تطورات في المشهد السياسي، كان آخرها البلاغ الذي أصدره عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، ردا على البلاغ الرباعي، فبعد ثلاثة أشهر من المفاوضات قصد تشكيل الحكومة للعودة لنفس التشكيلة السابقة، يرى المؤرخ والمحلل السياسي المعطي منجب، أن أول الرابحين من هذا البلوكاج، هو بنكيران ومن خلاله حزب العدالة والتنمية، ذلك أنه استطاع أن يقاوم و لمدة ثلاثة أشهر إرادة السلطة المركزية التي تريد أن تفرض عليه أغلبية لا يرلايدها ولا يثق فيها، أغلبية لا يقودها البيجيدي، بل يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار بزعامة أخنوش. وعن سؤال "لماذا كل هذا الرفض لوجود حزب الاستقلال في الحكومة، وما الخطر الذي يمكن أن يسببه غياب حزب طالما كان ممثلا في الحكومات السابقة؟"، يقول منجب أن السلطة لا تريد أن تتكرر تجربة الخمس سنوات السابقة، ولاجتناب ذلك حاولت أن تفرض على بنكيران أمرين: أولها إبعاد حزب الاستقلال لأن السلطة لا تريد أن يحدث تحالف بين الإسلاميين و أحزاب الحركة الوطنية لما يشكله الأمر من قوة رمزية، والأمر الثاني هو تكوين بلوك أو تحالف صلب مشكل من الأحرار و الحركة و الاتحاد الدستوري في مواجهة تحالف البيجيدي والتقدم والاشتراكية. وقد اعتبر منجب، أن شباط رغم أنه وضع بنكيران في موقف محرج بتصريحاته الأخيرة، غير أنه ظهر مثل ابن آوى حقيقي بالغ الذكاء، حين قرر ان يساند الأغلبية وإن كان خارج الحكومة. واعتبر منجب أن أخنوش رجل طارئ على السياسة، وقد فشل في إحداث شرخ بين حزب المصباح وحزب الميزان، حيث تأكد أن بنكيران أصبح يحظى بمساندة سياسية لا مشروطة من قبل أعرق حزب بالمغرب. واعتبر منجب أن الحملة التي استهدفت شباط أظهرته، وكأنه شهيد قوى التحكم التي عانى من ويلاتها قبله بنكيران، كما أن الأزمة التي مر منها حزب الاستقلال هي أزمة عرضية وعابرة لا تؤثر على وحدة الحزب و هذا ما أثبتته تصريحات مجمعوعة من قادة الحزب ممن فيهم معارضوا شباط، يضيف منجب. وعما إذا كان البلوكاج قد حقق فرزا في الخريطة السياسية للأحزاب بين المستقلة والفاقدة لاستقلاليتها، يقول منجب، أن الاستقلال أظهر نزعة ةاستقلالية بشكل طارئ وأنه حاول أن يربط الاتحاد الاشتراكي بعجلته، غير أن هذا الأخير رفض، واعتبر أنه لأول مرة يظهر لشكر وجناحه داخل الاتحاد الاشتراكي للقواعت الشعبية وكأنه يصطف في جهة السلطة مائة بالمائة. كما اعتبر أن هذا الأخير الخاسر الثاني، في هذه المرحلة حيث لم يقدر أن الدخول للحكومة ليس بالضرورة دخولا لبيت الطاعة. واعتبر منجب أن الاتحاد الاشتراكي، لازال علامة باررزة بمعنى "الماركوتينغ"، وأن على قيادته أن تستيقظ من سباتها العميق لإعادة بناء هذا الحزب التاريخي. وفي رد على سؤال ما إذا كان أخنوش سيشكل رجل المرحلة المقبلة، يرى منجب أن السلطة تريد أن تجعل من أخنوش رجل المرحلة المقبلة وهي تريده أن يعوض دور إلياس العماري، وذلك في احترام تام للمظهر الدستوري، بعد أن رفض بنكيران التدخلات غير الدستورية وقاومها من أي جهة كانت، واعتبر منجب أنه عوض أن نعيش "أخونة الدولة" البعبع، الذي هاجمة به خصوم بنكيران هذا الأخير خلال الولاية السابقة، فإنه سنعيش محاولات ل"أخنشة الحكومة" نسبة للسيد أخنوش. كما اعتبر منجب أن فيدرالية اليسار، سيكون من مصلحتها أن تحافظ على استقلاليتها وأن تعارض معارضة بناءة، و أن تكون معارضتها معارضة لطبيعة الحكم الاستبدادية وليس للحكومة فقط، أي ألا تكون معارضة من أجل المعارضة. وعما إذا كان الحوار اليساري الإسلامي، قد فاقم الفجوة داخل مكونات اليسار بعدما كانت هناك محاولات لرأب الصدع، يقول منجب، أن وجود البام كحزب ذو خطاب موجه لليسار يقدم فيه نفسه كداعية للحداثة والمساواة، قد ساهم إلى جانب النقاش حول اليساري الإسلامي في خلق شرخ داخل اليسار، حيث اعتبر أن هناك يساريين يتقبلون النظام كأخف الضررين ويساريون، يرون أن الأفق الوحيد لإضعاف المخزن و تحقيق الديمقراطية هو التقارب مع الاسلاميين باعتبارهم اتجاه قوي، كما أن التوجه الفرنكوفوني للعلمانيين المغاربة يساهم في توسيع الهوة بين مكونات اليسار حين تم اتخاذ مبادرات من أجل الحوار و التقارب هذا.