انتهى يوم السابع من أكتوبر 2016 بحصيلة غير مختلفة عن ما عاشه المغرب في نفس الموعد منذ 5 سنوات، رئيس الحكومة يحافظ على مكانه، المصباح يواصل الاكتساح، والمعارضة تعود إلى ثكناتها، إلا أنه ورغم أن النتيجة واحدة، إلا أن المحافظة على نفس النتيجة يعتبر نقلة ديمقراطية كبيرة، ساهم بها وبشكل أساسي الشعب المغربي، الذي أظهر أنه قادر على التقييم والنقد والاختيار. الشعب المغربي وبعد الانتخابات المبكرة لسنة 2011، تجاوز دوره العادي والكلاسيكي من مشارك في الانتخابات والاستفتاء، بالذهاب إلى صناديق الاقتراع، إلى المشاركة عن طريق مراقبة "العرس الديمقراطي" حتى يكون المصوت على اقتناع تام أن من نجح في الاختبار، كان هو فعلا من حصد أكبر عدد من الأصوات الانتخابية. فإن كان للدولة طرق مراقبة عن طريق استدعاء بعض الخبراء من الداخل والخارج، فللمجتمع أيضا طرقه من أجل الحفاظ على شفافية الاقتراع، طرق عديدة أصبح أهمها وأبرزها "العالم الافتراضي" خروقات وثقها الفيس بوك منذ الساعات الأولى للعملية الانتخابية، كان عاديا أن يبدأ دوي "الخروقات" يسمع من هذا المكتب وذاك، خصوصا أن عددا من الأحزاب السياسية المغربية على رأسها حزب العدالة والتنمية حذرت من تدخل بعض أعوان السلطة المحلية في العملية الانتخابية. الصفحات الفيسبوكية، نشطت بشكل كبير في تسليط الضوء على الخروقات الانتخابية "الفجة" أحيانا، والتي كانت تهدف حسب ما قال متتبعون إلى تغيير النتيجة التي انتهى بها اليوم الانتخابي. البداية كانت بمدينة بني ملال، حيث تناقل عدد من النشطاء الفيسبوكيين فيديو لأحد مدراء مكتب الاقتراع يقوم بوضع أوراق انتخابية "جاهزة" في الصندوق الشفاف الذي يضم أوراق "الناخبين". ناشطون اعتبروا أن الأمر يعتبر غريبا فعلا، لأن مدير المكتب قام بالأمر دون حتى الالتفات خلفه لمعرفة هل كان هنالك شخص يراقبه، حيث وضع الأوراق مطمئنا ثم خرج يمشي خارج المكتب بأريحية كبيرة. وفجر الفيديو العديد من الانتقادات للطريقة الفجة التي تمت بها هذه العملبة، وهو ما جعل عزيز الرباح القيادي بحزب العدالة والتنمية يؤكد أن حزبه قدم شكاية في مدير المكتب بعد أن تم التعرف عليه. خرق ثاني تناقله رواد موقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر فيديو لعدد من المواطنين يحتجون ضد باشا مدينة الخميسات، عبر القيام بوقفة أمام مكتب الاقتراع، بعد أن قام هذا الأخير حسب تصريحهم بدفع أعوان السلطة إلى توجيه المواطنين من أجل التصويت لحزب معين، وهو ما جعل المحتجين حسب الفيديو يهتفون بشعارات من قبيل "يا باشا يا مسئول، هادشي ماشي معقول" و" هذا عيب هذا عار، النزاهة في خطر" مطالبين السلطة المحلية بعدم التدخل في الشئون السياسية. نشطاء حزب العدالة والتنمية أيضا استعملوا وسائل التواصل الاجتماعي من أجل توثيق بعض الخروقات، كنشرهم صور وجود جرار مع عربته المحمولة وشاحنة تظهر أنها مهجورة في الطريق المؤدية إلى مكاتب التصويت بجماعة بني حرشن، لاعتراض طريق مراقبي الحزب نحو مكاتب الاقتراع. مجموعة من هذه الخروقات ردت عليها وزارة الداخلية ببلاغات متتالية، أشارت فيها إلى أن الكثير منها مجرد إدعاءات. الفيسبوك أداة رقابة لكنها ليست كافية من جهته قال الطيب بياض، الأستاذ الجامعي بكلية الحسن الثاني بعين الشق أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت بالفعل تحوز على أهمية كبيرة في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية لدى المغاربة شعبا وسلطة، وهو ما جعلها تلعب دور الرقيب "الشعبي" على الانتخابات التشريعية الأخيرة، لكن هذه المراقبة لن تكون كافية لأنها لن تكون رادعة لجميع التجاوزات التي تتم. وأضاف بياض في تصريح خص به "اليوم24" أن ما تغير حقيقة هو توثيق هذه التجاوزات الانتخابية، ففي الأمس القريب كان الجميع يعلم أنه هنالك تجاوزات حقيقية من طرف السلطة، لكن هذه التجاوزات كان يتم الحديث عنها في المهرجانات الحزبية والجلسات الخاصة وبين المواطنين، دون أن يكون هنالك أي دليل حقيقي على هذا الأمر، فيما الفيس بوك وإخوته الآن استطاعوا توثيقها بالصوت والصورة، بل وبشكل لحظي، ما جعل بعض الأحزاب تقوم بوضع شكايات خروقات موثقة في وقت مبكر من اليوم الانتخابي. واعتبر بياض أن وسائل التواصل الاجتماعي أخذت فعلا زخما واهتماما كبيرين، ما جعل بعض الساسة يحرصون على صورتهم أمام هذا الشعب الافتراضي كقيام مصطفى الرميد وزير العدل والحريات بتشارك الغرامة التي أداها بسبب السرعة حتى يحافظ على صورته أمام الناخبين، مضيفا أن خطورة هذه الوسائل وأهميتها تكمن في أن حساب الأستاذ الجامعي أو السياسي المحنك قد لا يتجاوز عدد متابعيه 1000 شخص، فيما تجد شخصا عاديا من عوام الشعب لديه ما يزيد عن 200 ألف متابع، لسبب واحدة هو أنه من الشعب ويتحدث لغة الشعب والشارع والحي الذي ينتمي إليه.