أوضح المنتدى، في تقرير له حول "الملاحظة الانتخابية للانتخابات الجماعية والجهوية لرابع شتنبر" قدمه خلال ندوة صحافية، أن مظاهر هذا الحياد تمثلت أساسا في توقيف وزارة الداخلية لمجموعة من رجال السلطة كالقياد والأعوان على الخصوص بعد ثبوت دعمهم لمرشحين في الانتخابات، وتنقيل البعض منهم وإرسال لجان تفتيش مشكلة من ممثلي وزارتي العدل والحريات والداخلية بعد توصلهم بشكايات حول سلوكات بعض رجال السلطة. وأبرز التقرير، الذي أنجزه المنتدى بتعاون مع مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية أن الملاحظات والملاحظين رصدوا الممارسات الجيدة التي طبعت العملية الانتخابية وتحسن المناخ العام الذي جرى فيه الاقتراع، مشيرا إلى استعمال الدولة لوسائل التواصل الحديثة بغية تشجيع المواطنين على التسجيل والمشاركة في الاقتراع، ووضع آليات جديدة رهن إشارة الأحزاب السياسية، بهدف التواصل مع المواطنين. واعتبرت الوثيقة أن هذه الانتخابات تؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ تجربة نظام اللامركزية في المغرب من خلال تقوية مركز رئيس مجلس الجهة الذي أصبح آمرا بالصرف ومنتخبا بالاقتراع العام المباشر. وبخصوص المشاركة الانتخابية، اعتبر التقرير أن نسبة المشاركة المحصل عليها في الانتخابات الجماعية والجهوية التي جرت يوم الجمعة، "ما زالت تحتاج إلى تقوية علاقة المواطنين بالحقل السياسي وإعادة الاعتبار للحياة السياسية والعمل السياسي في أفق الرفع من مستوى المشاركة"، مسجلا وجود تفاوتات في المشاركة بين الجهات حسب خصائصها الاجتماعية والاقتصادية، إلى جانب بعض الصعوبات التقنية التي قد تحول دون المشاركة (كغياب ولوجيات بالنسبة للمعاقين والمسنين). وعلى مستوى التنافسية، أشار التقرير إلى أنه بالنسبة لجميع التنظيمات السياسية "ما زال الشعور سائدا بأن الحياة السياسية المغربية لم تعرف بعد بشكل معمق تنافسية تشمل مجموع التراب الوطني". وفي ما يتعلق بالاختلالات التي اعترت هذه الانتخابات، سجل التقرير أن رواد العالم الافتراضي اضطلعوا بدور أساسي في توثيق الخروقات من خلال رقابة مواطنة عمدت إلى فضح بعض حالات "العنف" وسلوكات خارجة عن الإطار التنافسي المشروع، إذ تم تسجيل مجموعة من "التهديدات"، والتي لم تؤثر على نتائج الاقتراع، بالإضافة إلى التجاوزات الناتجة عن رشوة الناخبين بمبالغ مالية وهدايا لاستمالتهم، وتسخير الأطفال والحيوانات في الحملة الانتخابية واستغلال بعض التنظيمات الحزبية لمقاطع موسيقية أثارت السخرية وأساءت بالتالي إلى صورة الأحزاب وجدوى الانتخابات. وأضاف أن الحملة الانتخابية الافتراضية أبانت عن نواقص تمخض عنها حالة من "الهلع التواصلي" نتج عنه في الوقت نفسه فتور ونفور دفعت بالبعض إلى الدعوة إلى "تنظيف الفضاء الافتراضي من "التلوث الانتخابي". ولاحظ التقرير أن أغلب الأحزاب المشاركة في استحقاقات 2015 لم تحترم في حملاتها الافتراضية مقتضيات دستور 2011، الذي نص على التنوع الثقافي والازدواجية الرسمية، مضيفا أن الحملة الافتراضية اتسمت ب"الإفراط في الخطاب الشعبوي واستعمال نسق لغوي ولفظي وتجريحي عبر تبادل الشتائم والاتهامات" وليس عبر مقارعة البرامج الانتخابية، ما يطرح إشكالية التعايش والتداول بين المنخرطين في الحملات. وحسب هذه الوثيقة، فإن التواصل الافتراضي يتطلب تكوينا معمقا ومستمرا للنخب السياسية لتتمكن من مسايرة التطورات التكنولوجية والنجاح في إقناع وتسويق مشروعها السياسي بلغة ومنطق سكان العالم الافتراضي. ويرتكز هذا التقرير حول الملاحظة الانتخابية على المعطيات التي تم تجميعها من خلال تقارير الملاحظات والملاحظين قبل الحملة وأثناءها وخلال يوم الاقتراع، بالإضافة إلى عمل لجنة التتبع المركزية التي تضم أعضاء من المنتدى المدني الديمقراطي المغربي ومن مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ولجنة الصياغة النهائية المكونة من خبراء وباحثين واكبوا وراكموا تجربة مسلسل الملاحظة الانتخابية وتطور الحياة الانتخابية بالمغرب. وبلغ عدد الملاحظين الرسميين وغير الرسميين التابعين للمنتدى المدني الديمقراطي المغربي ومركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية 360 ملاحظة وملاحظا قاموا بتغطية جميع جهات المملكة، أي بمعدل 30 ملاحظا في كل جهة.