والمحاماة بسبيل إلى المستقبل.. يتطلع رجال ونساء الدفاع إلى أن تتجاوز مهنتهم أزمتها و التي تتصل في جزء كبير منها بأنماط التسيير و التدبير و أساليب الممارسة وما تفرزه من وضعيات مهنية ..و بالبرامج المعتمدة لتأهيلها و تأطيرها ..و بطبيعة اختيارات المهنيين للهياكل التي تشرف عليها و تسهر على شؤونها. كل ذلك و غيره من العوامل و الأسباب المرتبطة بعلاقة المحاماة بمحيطها السياسي والاقتصادي و الاجتماعي .. تجعل مستقبل المحاماة مطروحا على بساط النقاش و البحث لتحديد المسؤوليات و تقييم الأوضاع و رصد مكامن الضعف و التفكير في سبل تجاوز النظرة الآنية للمشاكل المطروحة و الحرص الجاد على توقع ما تأتي به الأيام استنادا إلى أن ممارسة المسؤولية يجب أن تستحضر دائما ما قد تواجهه المهنة من تحديات وما يستوجبه ذلك من مواقف مناسبة و شجاعة و نافعة. و على هذا الأساس فإن مسؤولية الشأن المهني تفترض فيمن يتحملها أن يكون متشبعا بحس التوقع والنظر إلى الغد و العمل من أجل حل مشاكل اليوم بالموازات مع طرح الحلول لمعالجة مشاكل الغد . التوقع يحمي الممارسة المهنية من الأخطار و يسلحها بالحذر و يوسع أفق فهم الواقع و المستقبل معا، ويجنبها اعتماد الحلول الفجة و الغير مجدية ..و التركيز على الحكامة الجيدة و الشفافة في كل ما يتصل بتدبير شؤون المهنة ووضع حد للارتجالية المهنية الشعبوية بكل أنواعها و تلويناتها .. وحتى لا يظل ما صار على ما صار .. الحاجة اليوم إلى إعادة ترتيب البيت المهني و تنظيمه و تقويم قدراته في اتجاه الإسهام في ركب التطور و التحديث و الاستلهام من التجارب المهنية الناجعة لتأهيل المهنة و دعم قواعدها و مساعدتها على تجاوز كل نظرة ضيقة أو محدودة في الزمان و المكان نحو آفاق مستقبلية واعدة مثمرة و منفتحة .. مستقبل المحاماة رهين بتحديد المقاصد و توقع الأهداف ومرتبط أساسا بمستوى وعي القواعد المهنية وانخراطها في عملية الإصلاح و التقويم و التأهيل و بمدى إيمانها بجدوى النضال المهني الصادق و المخلص في الارتقاء بالممارسة المهنية وإشعاع رسالتها و تمكين الدفاع من مواصلة الاضطلاع بأدواره الطلائعية داخل المجتمع.. بعقيدة مهنية موحدة و ثابتة و منضبطة لأعراف المهنة و تقاليدها و ملتزمة بقيمها الراسخة.. و حتى يأخذ ما سبق إفرازه من أخطاء و سلبيات مكانه من التاريخ .. و كل الأمل في أن يواصل رجالات و نساء الدفاع بإرادة مشحوذة على الدوام سعيهم الواجب لتعزيز مكتسباتهم و تحصين مهنتهم متحلين بروح السلف و بتضحياته و مجددين العهد بالمبادئ السليمة و القيم الرفيعة تحقيقا لأهداف رسالتهم الجليلة .. وإن في التاريخ لساعات حاسمة على من يتحمل مسؤولية تدبير الشأن المهني أن يتخذ فيها الخطوة الصحيحة و المناسبة في الوقت الملائم .. فالزمن لا يرحم إذا غلب ..