وسط جمع احتشد في شوارع تونس العاصمة، احتفالا بقرار الرئيس قيس سعيد تجميد أعمال البرلمان، حملت نهلة ابنتها على كتفيها، بينما كانت تلو ح بعلم بلادها، معربة عن فرحتها بالقرارات، التي اتخذها "الرئيس الذي نحبه". وقالت نهلة لوكالة فرانس برس: "إنها قرارات شجاعة، يخرج سعيد البلاد من مأزقها. هذا هو الرئيس الذي نحب". ويشل صراع مستمر منذ ستة أشهر بين سعيد، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، الذي يعد أكبر الأحزاب تمثيلا في المجلس، عمل الحكومة ويعيق انتظام السلطات العامة. واتخذ سعيد ليلة الأحد سلسلة قرارات، بينها "تجميد" عمل مجلس النواب لمدة ثلاثين يوما، في تدابير قال إنه كان يتعين عليه اتخاذها منذ أشهر عدة. كما أعفى رئيس الوزراء، هشام المشيشي، من منصبه. وأعلن قيس سعيد، عقب اجتماع طارئ، عقده في قصر قرطاج مع مسؤولين أمنيين، وعسكريين، أنه سيتولى السلطة التنفيذية "بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة ويعينه رئيس الجمهورية". وفي حي المنزه في شمال غرب تونس، أبدى ماهر فرحته بإجراءات سعيد. وقال لفرانس برس: "وأخيرا اتخذت القرارات الصائبة! سنتخلص، أخيرا، من علل تونس: مجلس النواب، والمشيشي". ويشعر الرأي العام التونسي بالغضب من الصراعات بين الأحزاب في البرلمان، بينما تواجه البلاد، التي تثقل الديون كاهلها، أزمة اقتصادية، واجتماعية فاقمتها منذ مطلع يوليوز أزمة صحية غير مسبوقة، بسبب تفشي فيروس كورونا. وخرق مئات التونسيين ليلا حظر التجول، وتجمعوا في شارع الحبيب بورقيبة، الذي يعد شريانا رئيسيا في العاصمة، وكذلك في أحياء أخرى، مطلقين العنان لأبواق سياراتهم على وقع الزغاريد، والمفرقعات النارية. وتكرر المشهد في مدن أخرى، بينها قفصة في وسط البلاد، حيث خرج مئات المواطنين إلى الشوارع. وقال فرحات، البالغ من العمر 49 سنة، بينما لف نفسه بعلم تونس: "برهن سعيد أنه رجل دولة حقيقي! لقد أدرك ما يريده الشعب: حل البرلمان وإقالة المشيشي". في مواكب السيارات، التي اخترقت الشوارع، أطلق رجال، ونساء، تحديدا الشباب منهم، الهتافات، وتمايلوا فرحا. ومن نوافذ السيارات، علت الزغاريد وتكرر شعار "تحيا تونس" بينما كان كثر يصورون بهواتفهم النقالة ما وصفوه بأنه "لحظات تاريخية". ولم يتردد شباب توسطوا المحتفلين بإطلاق شعارات مناهضة لحزب النهضة. وأوضح إبراهيم، البالغ من العمر 24 سنة، لفرانس برس "لقد نفد صبرنا، لم يعد ثمة مكان للخاسرين. يكفي، لقد انتهت اللعبة". ونزل السكان إلى الشوارع بعد وقت قصير من إعلان سعيد عن القرارات، التي اتخذها قرابة العاشرة ليلا (9,00 ت غ)، رغم حظر التجول الليلي، المفروض، بدءا من الثامنة مساء حتى الخامسة صباحا، في محاولة للحد من تفشي وباء كوفيد-19. وقبل ساعات قصيرة من إعلان سعيد، تظاهر آلاف التونسيين في مدن عدة في أنحاء البلاد، رغم الانتشار الكثيف لعناصر الشرطة للحد من التنقل. وطالب المتظاهرون تحديدا بحل البرلمان. وندد حزب النهضة بما وصفه بأنه "انقلاب على الثورة". وقال مسؤول رفيع في الحزب لفرانس برس، رافضا كشف هويته: "كل ما يجري منذ هذا الصباح منسق للغاية، ما أقدم عليه سعيد هو انقلاب على الدستور". وأضاف الحزب نفسه: "نحن أيضا قادرون على تنظيم تظاهرات حاشدة لإظهار عدد التونسيين المعارضين لهذه القرارات". وكان رجل، في الأربعينات من عمره، يتابع الاحتفالات من دون أن يبدي أية حماسة، بينما قال لفرانس برس: "يحتفل هؤلاء الجهلة بولادة ديكتاتور جديد".