في الوقت الذي يبدو فيه أن التحركات الميدانية التي كانت تعرفها قضية الصحراء في الأيام الأخيرة، خاصة في المخيماتومنطقة معبر الكركرات، قد توقفت بعد توقف ما سُمي «المسيرة الشعبية» التي كان يقال إنها متوجهة إلى إغلاق معبرالكركرات؛ مازالت رمال هذه القضية تتحرك على الصعيد الإعلامي والمدني والقبلي بالتزامن مع النقاش السائد حولالتقرير الأممي الأخير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، لمجلس الأمن الدولي، تمهيدا لمناقشتهفي الأيام المقبلة قبل صدور القرار الأممي مع نهاية الشهر الجاري. وردا على استفزازات جبهة البوليساريو، أعلِنت فيالساعات الماضية مبادرة مغربية عبارة عن مسيرة سلام من الرباط إلى الكركرات يوم 16 أكتوبر الجاري. لكن، إلى حدودالساعة، لا يعرف الكثير عن هذه المسيرة المحتملة. وعلى غرار العيون، انتقد شيوخ وأعيان قبائل الصحراء المغربية بجهة الداخلة–وادي الذهب الاستفزازات «اليائسة» الأخيرة لجبهة البوليساريو، حيث أكدوا، أول أمس الأحد، أن هذه الاستفزازات تستهدف التشويش على استقرار المنطقةوأمنها وتنميتها، عبر اختراق المنطقة العازلة، والقيام بمناورات عسكرية، ومحاولة إغلاق النقطة الحدودية الكركرات، سعياإلى شل حركة المغرب التجارية والإنسانية، وكذا عرقلة حرية التنقل، وضرب المصالح المغربية الاستراتيجية مع دول إفريقياجنوب الصحراء. وفي ظل محاولة الجبهة والجزائر خلق كيان سياسي انفصالي يتمثل في ما يسمى «الهيئة الصحراويةلمناهضة الاحتلال المغربي»، المعلنة يوم 20 شتنبر المنصرم، جدد شيوخ وأعيان قبائل الصحراء المغربية بالجهة تشبثهمب«انتمائهم التاريخي للمملكة المغربية ولروابط البيعة لملوك الدولة العلوية الشريفة التي تزين أعناقهم، ولضامن وحدتهاواستقرارها وازدهارها على الدوام صاحب الجلالة الملك محمد السادس». وفضلا عن الشيوخ والأعيان، نددت جمعيات من المجتمع المدني بجهة الداخلة–وادي الذهب بالمناورات والدعواتالتحريضية التي تستهدف الوحدة الترابية للمملكة ومكتسباتها الدستورية والحقوقية، وأكدت، أيضا، أول أمس الأحد،أنها «بصفتنا جمعيات مجتمع مدني بالداخلة، ندين ونشجب ونستنكر هذه المناورات التي لا تستند إلى شرعية قانونيةودولية، ونؤيد حق المملكة المغربية في الدفاع عن كامل ترابها من طنجة إلى الكويرة». وفي إقليم طرفاية، انتقد، كذلك،منتخبو وشيوخ وأعيان قبائل الصحراء المغربية إحداث كيانات معادية للوحدة الترابية تخدم الأجندات الأجنبية، وتستغلأجواء الحرية والديمقراطية التي تنعم بها الأقاليم الجنوبية للمملكة من أجل المساس بالسيادة والثوابت الوطنية. في المقابل، أصدر تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان، المعروف اختصارا ب«كوديسا»، والذي خرجت منرحمه الهيئة الانفصالية الجديدة بعد الخلاف بين الرجل البارز فيه، علي سالم التامك، ورئيسة الهيئة الجديدة، أمينتوحيدر، تقريرا حول الوضع الحقوقي في الصحراء بالتزامن مع نشر التقرير الأممي الذي يدين جبهة البوليساريو، وفقمصادر صحراوية مطلعة. ويزعم تقرير «كوديسا» أن السلطات المغربية تنتهك حقوق الإنسان في الصحراء، وضربالمثل بما سماه مصادرة وقطع راتب إحدى الموظفات الصحراويات بعد مشاركتها في المؤتمر التأسيسي ل«كوديسا» قبلأيام. في هذا السياق، عاد منتدى فورساتين ليؤكد أن التحركات والاستفزازات الانفصالية الأخيرة المهددة بإغلاق معبرالكركرات تعكس الصراع الدائر بين الجناحين العسكري والمدني السياسي داخل البوليساريو. ويقول المنتدى إن الجيشالتابع للجبهة «انتقم من الجناح المدني، ونسب إلى نفسه أنه أوقف المتجهين إلى الكركرات لأن العملية يقف وراءهاالمغرب، والطرف الآخر يصرح بأنها مبادرة مدنية بتأطير مسؤولين بالجبهة!؟»، وتابع: «وبين هذا الطرف وذاك، ضاعالأتباع واحتاروا في أمرهم، قبل أن يظهر الزعيم الكرتوني، إبراهيم غالي، الذي أثبت بحق أنه زعيم كرتوني، ويصرحللجزائريين، عبر القناة الجزائرية الثالثة، بإمكانية نصب مخيم بالكركرات، لنيل رضاهم»، وأضاف: «لكن، بالتزامن معتصريحه (غالي) كانت ميليشياته العسكرية توقف من أرسلهم الجناح المدني حفاظا على طريق الكفاح السياسي». وفي الوقت الذي يظهر أن التهديد بإغلاق معبر الكركرات مجرد ورقة استعملتها البوليساريو للعودة إلى واجهة الأحداثمع قرب صدور التقرير الأممي، أُطلقت مبادرة «مسيرة السلام لصلة الرحم من الرباط إلى الكركرات» يوم 16 أكتوبرمن الرباط، والتي ستتوجه إلى أكادير وكلميم وطانطان واخفنير والطاح والعيون وصولا إلى معبر الكركرات يوم 20 أكتوبر.