يبدو أن جبهة البوليساريو، بتنسيق مع الجزائر، تحاول أن تغير من استراتيجيها العملية والإعلامية هذه المرة، تجنبا للمواجهة مع الأممالمتحدة في معبر الكركرات، إذ إنها في الوقت الذي تعبر فيه عن عدم مسؤوليتها عن تحركات المدنيين الذين يهددون بإغلاق المعبر في الأيام المقبلة والاعتصام به في محاولة لتكرار واقعة "اكديم إزيك"، تقوم بتوفير لهم اللوجستيك والنقل والتموين كما يظهر في فيديوهات نشرتها بعض المواقع الصحراوية والنشطاء، علما أن كل الإعلام الإلكتروني التابع للجبهة لا يواكب الموضوع بالكثافة المطلوبة، باستثناء موقع المستقبل الصحراوي الذي تطرق للموضوع. وفي الوقت الذي تظهر فيه فيديوهات مصورة لعملية شحن صحراويين من المخيمات تجاه معبر الكركرات، قالت جبهة البوليساريو إنها لم تتلق أي طلب أو تحذير من الأمم يطالبها بعدم عرقلة حركة السير المدنية والتجارية المنتظمة في المعبر. ورغم أن الجبهة تضع، خطابيا، مسافة بينها وبين ما يسمى اللجنة الشعبية لإغلاق المعبر، إلا أن بلاغها الأخير يظهر أنها تدعم خطة إغلاق المعبر، بحيث اعترفت قائلة: "يجدر التذكير بأن جبهة البوليساريو قد عبرت دائما عن رفضها القوي لاستمرار وجود الثغرة المغربية غير القانونية بحزام الذل والعار بمنطقة الكركرات التي تمثل خرقا متواصلا لوقف إطلاق النار ولبنود الاتفاق العسكري رقم 1 ولروح خطة التسوية"، وطالبت مجلس الأمن بإلحاح بإجبار المغرب على الغلق الفوري لهذه "الثغرة" غير القانونية التي تبقى مصدر توتر دائم قد يقود إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة بأسرها. وعلى غرار الفيديوهات المصورة، كشف تسجيلات صوتية نشرها منتدى "فورساتين" من قبل مخيمات تندوف التطورات الأخيرة في محيط معبر الكركرات، إذ إن هناك تنسيقا بين الجناحين العسكري والمدني في الجبهة حول التحركات المدنية، لكن الفوضى التي يعرفها هذا التحرك في الساعات الماضية، ربما، قد يكون راجعا إلى "حجم الخلافات على طبيعة التحرك". ويعتقد المنتدى أن الجناح العسكري يريد تحركا ميدانيا يؤثر على الوضع القانوني للمنطقة، ويراهن على إغلاق معبر الكركرات وتشييد مخيم مدني يتخذ من خلاله المدنيين دروعا بشرية لتحقيق أهدافه. في المقابل، يريد الجناح المدني تحركا ميدانيا مقتصرا فقط، على البعثة الأممية والتضييق عليها، ويحاول تفادي إدانة دولية، ويتحاشى خرق القانون الدولي. خبير مغربي، ملم بملف الصحراء، ألمح في حديث مع الجريدة أن هناك نوعا من الغموض يلف التحركات الأخيرة لإغلاق معبر الكركرات، مشيرا إلى إمكانية أن تكون هذه التحركات تتجاوز الجبهة أو خرجت عن سيطرتها. ويعتقد أن ب"المنطق لو أن هذا التحرك مخدوم (من قبل البوليساريو) كان من الممكن أن يحظى بتغطية ودعاية كبيرة، إذ إن حتى الإعلام الجزائري ساكت". وتساءل عن السبب الذي جعل الجبهة والجزائر لا تطلبان من إعلامهما مواكبة هذه التحركات". ويعتقد الخبير ذاته أن إغلاق المعبر ليس في مصلحة الجبهة. وخلص الخبير ذاته إلى أنه، ربما، قد تكون موريتانيا تريد أن تمارس ضغطا على المغرب، وفق القراءة الجيوسياسية.