أنجزت السلطات المغربية بنجاح مهمة احتواء أكبر أزمة للهجرة السرية في العقدين الأخيرين، إذ استطاعت تقليص عدد المهاجرين الواصلين إلى السواحل الأندلسية بما يزيد عن 60 في المائة. المعدل المذكور، لم يكن يتوقعه أكبر المتفائلين في بداية السنة الجارية، عندما كانت تجري مفاوضات مكثفة بين الرباط ومدريد وبروكسيل للسيطرة على تزايد تدفقات الهجرة إلى إسبانيا، بعد أن كانت السواحل المغربية تحولت خلال 2018 إلى البوابة الرئيسية للعبور إلى أوروبا. هذا التراجع الكبير في عدد الواصلين إلى السواحل الإسبانية ساهمت فيه المديرية العامة للأمن الوطني التي تشتغل على الأرض والبحرية الملكية التي قامت بإنقاذ الآلاف من “الحراكة” من الموت في أعماق البحر. مع ذلك، لازال تحدي مأساة مصرع المهاجرين غرقا بين البلدين قائما. هذا في الوقت الذي فتحت فيه شبكات تهريب البشر جبهة جديدة بين السواحل الجنوبية المغربية وجزر الكناري. في هذا الصدد، كشفت مندوبية الحكومة الإسبانية بالأندلس، أن عدد “الحرّاكة” الواصلين إلى سواحلها تراجع بنسبة 63 في المائة خلال هذه السنة مقارنة مع السنة المنصرمة. إذ تقلص العدد من 52211 مهاجرا ما بين يناير و15 دجنبر الماضي إلى 19321 مهاجرا في نفس الفترة من السنة الجارية. وأعزى مندوب الحكومة الإسبانية بالأندلس، لوكريسيوفيرنانديث، في حوار مع وكالة الأنباء أوروبا بريس هذا التراجع إلى التعاون بين المغرب وإسبانيا في مجال محاربة الهجرة السرية. وهو الشيء الذي سمح بتفكيك 37 منظمةإجرامية متخصصة في الاتجار بالبشر بين المغرب وإسبانيا في الشهور ال18 الأخيرة، أي منذ وصول الحكومة الاشتراكية المؤقتة الحالية إلى الحكم في يونيو 2018. من جهتها، كشفت المديرية العامة للأمن الوطني توقيف 27317 مرشحا للهجرة غير النظامية، من بينهم 20141 من جنسيات أجنبية خلال السنة الجارية، وتوقيف 990 شخصايشتبه في ارتباطهم ب509 شبكة إجرامية تنشط في اقتراف السرقات بالشارع العام، وتوقيف 505 منظم للهجرة غير الشرعية يشتبه بتورطهم في 62 شبكة إجرامية متخصصة فيالاتجار بالبشر وتنظيم الهجرة السرية، علاوة على حجز 3021 وثيقة سفر أو سند هوية مزورة. وبشكل عام، وصل، بحرا وبرا، 30781 مهاجرا غير نظامي إلى إسبانيا خلال هذه السنة بتراجع بلغ 50.5 في المائة مقارنة مع ال62 ألفا و126 الواصلين خلال السنة الماضية، أي بفارق 31 ألفا و345 مهاجرا. فيما بلغ عدد القوارب المحتجزة 1118 وحدة بمعدل تراجع قدره 45.7 في المائة مقارنة مع 2060 وحدة السنة الماضية. أغلب هؤلاء المهاجرين استعملوا الطريقة البحرية (24796 مهاجرا)، وفق أرقام الداخلية الإسبانية في انتظار الأرقام النهائية لحصيلة هذه السنة. المجلس الوطني للأمن البحري أعزى كذلك هذا التراجع إلى “التنسيق الممتاز مع المغرب في مجال الأمن البحري“، وفق صحيفة “الكونفيدينثيال ديجيتال“. لوكريسيو فيرنانديث أشار إلى أن “الحكومة لازالت قلقة حيال الوفيات التي تتم في مضيق جبل طارق والبحر الأبيض المتوسط؛ إنها المسألة الكبرى العالقة التي تواجه أوروبا في هذا السياق، وكل الجهود التي سنبذلها لتجنب هذه الوفيات ستكون قليلة” مقارنة مع هذه المأساة.