الصحراء، بسبب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية وعدم الاستقرار في المنطقة، كشفت معطيات جديدة أن تدفقات المهاجرين عبر الطريق الغربية للبحر الأبيض المتوسط، الذين يخرج أغلبهم من المغرب إلى إسبانيا، خلال السنة الجارية، ارتفعت بنسبة 27.2 في المائة مقارنة بالسنة الماضية؛ ما يجعل الهجرة السرية أحد أكبر التحديات التي تواجه المغرب بعد خطر الإرهاب، والأزمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المملكة منذ سنة 2016. ومن أجل مواجهة هذا التحدي، مازالت الأجهزة الأمنية تفكك المنظمات الإجرامية المتخصصة في تهجير البشر، رغم محدودية المقاربة الأمنية، حيث إن مشكل الهجرة لا يعالج في بلدان العبور والاستقبال، بل في بلدان المنشأ. كل هذا يأتي بعد عودة الهجرة السرية إلى الواجهة في الأيام الأخيرة، إذ أغاثت وحدات لخفر السواحل تابعة للبحرية الملكية، في عملية بعرض المتوسط، ليلة الأحد-الاثنين الماضية، عدة مراكب مطاطية، على متنها 169 مرشحا للهجرة السرية من جنوب الصحراء، وفق مصدر عسكري، علما أن البحرية الملكية كانت قد أنقذت قبل 15 يوما حوالي 300 مهاجر سري كانوا على متن عدة قوارب في طريقهم إلى إسبانيا، كما أن السلطات الإسبانية أنقذت المئات من المهاجرين أخيرا. بوادر صيف ساخن وكشف تقرير محين لوزارة الداخلية الإسبانية وصول 9565 مهاجرا غير نظامي إلى إسبانيا، بحر وبرا، ما بين فاتح يناير الماضي و15 ماي الجاري، بمعدل ارتفاع قدره 16 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة المنصرمة، حيث لم يتجاوز الرقم 8245 مهاجرا سريا. أغلب هؤلاء المهاجرين يخرجون من المغرب، وهو الشيء الذي أكده خالد الزروالي، مدير قسم الهجرة ومراقبة الحدود، قبل 10 أيام في حوار مع وكالة الأنباء «رويترز»، حيث أقر بوصول 7202 من المهاجرين إلى إسبانيا انطلاقا من المغرب منذ يناير الماضي، بارتفاع قدره 2000 مهاجر مقارنة بالفترة عينها من السنة الماضية. ويشكل المغاربة جزءا مهما من عدد «الحرَّاكة» إلى إسبانيا، إذ كشف تقرير وكالة حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي (فرونتيكس) وصول 900 مهاجر سري خلال شهر أبريل المنصرم وحده، مبرزا أن أغلبهم ينحدرون من المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء. وتشرح تفاصيل الأرقام التي حصلت عليها وكالة الأنباء «أوروبا بريس» أن أغلب هؤلاء المهاجرين وصلوا إلى إسبانيا، بحرا، عبر بحر البوران ومضيق جبل طارق. وسُجل وصول 7465 مهاجرا سريا إلى إسبانيا، 6876 منهم عبر بحر البوران ومضيق جبل طارق، على متن 249 قارب موت منذ يناير الماضي، بارتفاع قدره 24.2 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، حيث لم يتجاوز الرقم 6012 مهاجرا. وسجل وصول 4104 مهاجرين بحرا في يناير، و936 مهاجرا في فبراير، و588 مهاجرا في مارس، و995 مهاجرا في أبريل، و842 مهاجرا في النصف الأول من ماي الجاري. في المقابل، انخفض معدل الهجرة السرية انطلاقا من الداخل المغربي إلى المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية بمعدل 6 في المائة مقارنة بالسنة الماضية (2018)، إذ إنه منذ يناير الماضي وصل 2100 مهاجر إلى المدينتين برا؛ 1762 شخصا إلى مليلية، و338 شخصا إلى سبتة. وعلى غرار التحديات الأمنية والسياسية التي تطرحها قضية الهجرة للدول المتوسطية، فإنها تطرح، كذلك، تحديا إنسانيا، إذ كشفت منظمة الهجرة الدولية أنه ما بين فاتح يناير و20 ماي جرى تسجيل 159 ضحية، بين قتيل ومفقود في أعماق البحر، كانوا في طريقهم إلى إسبانيا عبر الطريق الغربية للمتوسط، حيث سجلت 62 ضحية في يناير الماضي، و19 في فبراير، و53 ضحية في أبريل، و18 ضحية في ماي. الشبكات الإجرامية إفريقية في سياق متصل، تمكنت عناصر الشرطة بمفوضية الأمن بمدينة أصيلة، بناء على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، يوم الأحد الماضي، من توقيف مواطن من دولة مالي، يبلغ من العمر 35 سنة، وذلك للاشتباه في تورطه في الوساطة في تنظيم عمليات الهجرة غير المشروعة والاتجار بالبشر. توقيف المشتبه به جاء في أعقاب ضبط مصالح الأمن 39 مواطنا من دول إفريقيا جنوب الصحراء داخل ثلاث شقق، كانوا مرشحين للهجرة السرية نحو إسبانيا عبر المسالك البحرية. كما كانت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة الرباط، مساء السبت الماضي، تمكنت من توقيف مواطنة أجنبية تبلغ من العمر 46 سنة، تنحدر من إحدى دول إفريقيا جنوب الصحراء وتقيم بطريقة غير شرعية بالمغرب، وذلك للاشتباه في تورطها في ترويج المشروبات الكحولية دون رخصة، فضلا عن ارتباطها بشبكات الهجرة السرية. وأفاد بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني بأنه جرى توقيف المشتبه بها بمنزل تكتريه بحي أبي رقراق بالرباط، حيث أسفرت عمليات التفتيش التي باشرتها فرق الشرطة القضائية عن حجز 396 لترا من الخمور المهربة، فضلا عن مجموعة من جوازات السفر تخص مواطنين ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء، يشتبه في أن حيازتها من لدن المشتبه بها ترتبط بتنظيم عمليات الهجرة السرية نحو أوروبا. وقد جرى الاحتفاظ بالمشتبه بها تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي تشرف عليه النيابة العامة المختصة، وذلك لتحديد الإمدادات المحتملة لنشاطها الإجرامي محليا ودوليا، فضلا عن تحديد هويات باقي شركائها المفترضين.