تداعيات قضية مدير الوكالة الحضرية بمراكش تصل إلى الرباط، فقد انتخب المجلس الجهوي للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين بالعاصمة الإدارية، مؤخرا، عصام أديب، رئيسا جديدا للمجلس خلفا لرئيسها السابق، “س. م. ل“، الذي تقدم باستقالته من منصبه معللا إياها ب“دواعٍ شخصية“، قبل أن يصادق عليها المجلس الجهوي للهيئة المذكورة، الجمعة المنصرم (6 دجنبر الجاري)، وينتخب الرئيس الجديد، الذي كان يشغل مهمة الكاتب العام، وعوضه أحمد ليديدي في منصبه السابق. مصادر متطابقة أكدت بأن السبب الحقيقي لاستقالة “س. .ل” له علاقة بمتابعته، في حالة سراح، بجناية “المشاركة في الارتشاء” أمام غرفة الجنايات الابتدائية المختصة المختصة في جرائم الأموال باستئنافية مراكش، في القضية نفسها التي يتابع فيها صديقه، “خ. و“، المدير السابق للوكالة الحضرية بمراكش، في حالة اعتقال، بجناية “الارتشاء“، بعد اعتقاله متلبسا بحيازة رشوة مفترضة، عبارة عن شيك بقيمة 886 مليون سنتيم، ومبلغ نقدي ب 50 مليون سنتيم، وهي القضية التي تتابع فيها، أيضا، زوجة هذا الأخير، “ص.ب“، في حالة سراح، بجناية “المشاركة في الارتشاء“. ومن المقرّر أن تلتئم جلستها الثالثة الخميس المقبل (19 دجنبر الحالي)، ويتهم فيها المشتكي، وهو منعش عقاري وسياحي، المهندس“س.م.ل” بالتواطؤ مع المتهم الرئيسي، الذي يقول إنه ابتزه وطلب منه رشوة بمليار و300 مليون سنتيم، مقابل الكفّ عن وضع العراقيل الإدارية في طريق إتمام بناء المطالب بالحق المدني لعمارة بمراكش، وتسهيل حصوله على الوثائق الخاصة بمشروع سكني آخر بالمدينة نفسها. وكان قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المكلفة بجرائم الأموال باستئنافية مراكش، يوسف الزيتوني، خلص، في استنتاجاته الواردة في الأمر الصادر عنه، بتاريخ 5 نونبر الفارط، بإحالة المتهمين الثلاثة المذكورين على المحاكمة، (خلص) بخصوص المهندس “س. م. ل” إلى أنه قدّم “مساعدة ذكية” لمدير الوكالة، لكي يكون في موقع قوة لابتزاز المشتكي، وعرض قاضيالتحقيق قرائن تزكي استنتاجاته، مستهلا ذلك بالتذكير بتصريحات المشتكي، خلال كافة أطوار البحث التمهيدي والتحقيق الإعدادي، بأن“خ. و” هو من فرض عليه التعاقد مع صديق طفولته، المهندس “س. م. ل“، الحامل للجنسيتين المغربية والفرنسية، لإعداد التصاميم والحصول على الرخص الخاصة بمشروعين عقارين بمراكش. فيما نفى“س. م. ل” ذلك، خلالمرحلة البحث التمهيدي أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، مصرّحا بأنه التقى المشتكي بالوكالة الحضرية بمراكش وعرض عليه الاشتغال معه، قبل أن يدخلا في مفاوضات انتهتبالتوقيع معه على عقدين لإعداد التصاميم ووثائق مشروعين عقارين، يتعلق الأول ببناء عمارة بشارع “كينيدي” بالحي الشتوي، والثاني عبارة عن مجمع سكني ومحلات تجارية، علىمساحة 18 هكتارا، بالقرب من سوق “مرجان” بطريق الدارالبيضاء. وتابع قاضي التحقيق بأن المهندس “س.م.ل“، في إطار المشروع الأول، كان يضمّن محاضر الورش بعض المخالفات، دون أن يتخذ أي إجراء، وانتظر لحوالي خمسة أشهر لكي يتقدم بشكاية حول تجاوز العلو المنصوص عليه في التصميم، أي بعد انتهاء صاحب المشروع من الأشغال الكبرى، خالصا إلى أن الهدف من ذلك كان هو وضع المشتكي أمام الأمر الواقع لكي يتصل بمدير الوكالة للبحث عن حلول لهذه الوضعية. وأضاف بأن “س.م.ل” قام بتوجيه شكاية إلى المصالح المختصة في شأن “مخالفات بناء” بدون أن يكون متأكدا، من الناحية التقنية، بوقوع هذه المخالفات، مكتفيا بمعاينتها بالعين المجردة، وهو ما اعتبره قاضي التحقيق دليلا على أنه كانت لديه نية مبيتة ضد المطالب بالحق المدني. قرينة أخرى أوردها القاضي الزيتوني، تمثلت في حجز الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لصور شمسية لمحاضر الورش بسيارة مدير الوكالة لحظة توقيفه، مساء الخميس 4 يوليوز المنصرم، مستنتجا بأن “س.م.ل” هو من سلمها له، فيما تفترض الضوابط القانونية أن يودع نسخا من هذه المحاضر بالوكالة الحضرية مقابل وصل تسلم، “وهو الشيء الذي لميسلكه، مما يؤكد التواطؤ الموجود بينه وبين المتهم “خ. و“، يقول قاضي التحقيق، الذي أورد قرينة رابعة تتجلى في أنه، وبالرغم من العراقيل التي وضعها في طريق استكمال مشروع عمارة شارع “كينيدي“، فقد عاود المهندس المتهم الاتصال بالمطالب بالحق المدني من أجل إيجاد حل لهذه القضية، والدليل على ذلك الرسائل الإلكترونية التي تبادلاها، والتي طلب “س.م.ل” في إحداها من المشتكي بأن يطلب من محاميه التوقف عن مواصلة الإجراءات القانونية في الموضوع.