بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على توقيفه متلبسا بحيازة رشوة مفترضة، عبارة عن شيك بقيمة 886 مليون سنتيم، ومبلغ نقدي ب50 مليون سنتيم، من المقرّر أن تعقد غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال باستئنافية المدينة الجلسة الأولى من محاكمة مدير الوكالة الحضرية بمراكش، خالد وِيّا، بتاريخ الخميس 21 نونبر الجاري، بعدما أصدر قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المكلفة بجرائم الأموال، يوسف الزيتوني، أمرا بإحالته على المحاكمة، في حال اعتقال، متابعا إيّاه بجناية «الارتشاء»، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفقرة الثانية من الفصل 248 من القانون الجنائي، فيما تابع زوجته «ص.ب»، ومهندسا خاصا، يُدعى «سمير.ل.م»، يوجد مكتبه بحي «أكَدال» بالرباط، بجناية «المشاركة في الارتشاء»، طبقا للفصل 129 من القانون نفسه، ومتابعتهما في حال سراح، مع الاستمرار في وضعهما تحت المراقبة القضائية وحجز جوازي سفريهما ومنعهما من مغادرة التراب الوطني وإغلاق الحدود في وجهيهما. وقد جاء قرار قاضي التحقيق إحالة المتهمين الثلاثة على المحاكمة أمام غرفة الجنايات الابتدائية، برئاسة القاضي أحمد النيزاري، بعد إصدار الوكيل العام للملك لدى المحكمة نفسها ملتمسا نهائيا بشأن انتهاء التحقيق الإعدادي، وتوجيه الاستدعاءات إلى أطراف الدعوى إلى الجلسة المذكورة، طبقا للشروط المحددة في المادتين 419 و420 من قانون المسطرة الجنائية. وقد كانت آخر مسطرة قام بها قاضي التحقيق هي عقده جلسة الاستنطاق التفصيلي للمتهم، صباح الثلاثاء 8 أكتوبر الماضي، حيث أكد مصدر مطلع أنه واجهه خلالها بتصريحات المشتكي، وهو مستثمر عقاري وسياحي مغربي، يسمى «رشيد.ح»، سبق له أن تقدم، بتاريخ 3 يوليوز الماضي، بشكاية مباشرة لدى رئيس النيابة العامة، محمد عبد النبوي، يتهم فيها وِيّا بأنه طلب منه رشوة قدرها مليار سنتيم مقابل الكفّ عن وضع العراقيل الإدارية في طريق إتمام بناء المشتكي عمارة بمراكش، وتسهيل حصوله على الوثائق الخاصة بمشروع سكني آخر بالمدينة نفسها. وحسب المصدر ذاته، فقد اعتبر وِيّا القضية برمتها لا تعدو أن تكون عملية انتقامية من المشتكي، الذي قال إنه لم يستسغ أن توجه الوكالة الحضرية رسالة إلى والي جهة مراكش-آسفي عامل عمالة مراكش، بتاريخ 21 ماي الفائت، تطلب فيها إيقاف أشغال بناء عمارة في ملكيته، مكونة من ثلاثة طوابق وتمتد على مساحة 1761 مترا مربعا بشارع «جون كينيدي»، معللة ذلك ب«وجود مخالفات تعميرية جسيمة»، ومنع المهندس المعماري الذي أعد التصاميم من تتبع سير الأشغال، وهو المهندس نفسه الذي يتهمه المشتكي بالمشاركة والتواطؤ مع وِيّا في ابتزازه، قبل أن يصبح بدوره متابعا في القضية عينها إلى جانب زوجة المدير بجناية «المشاركة في الارتشاء». وعن طبيعة هذه «المخالفات التعميرية الجسيمة»، أوضح وِيّا أن عمارة المشتكي، التي قال إنها تطل على إقامة أميرية في الحي الشتوي الراقي، تجاوزت العلو المنصوص عليه في التصاميم بأكثر من مترين ونصف المتر، مشيرا إلى أن الوكالة الحضرية أرفقت رسالتها إلى الوالي بشكاية للمهندس المعماري، الذي سبق له أن تقدم بها إلى عمدة المدينة، بتاريخ 9 ماي المنصرم، يطالب فيها بوقف أشغال البناء، مرجعا ذلك إلى «عدم وضع الشركة صاحبة المشروع رهن إشارته دفتر الورش، الذي ينص عليه القانون رقم 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في ميدان التعمير والبناء». ونفى وِيّا عنه تهمة «الرشوة»، زاعما أن المبلغ المضبوط بحوزته ليس سوى «أتعاب» شركة زوجته، التي تولت المواكبة والاستشارة بشأن عملية اقتناء العقار المذكور لفائدة المشتكي، مقابل مبلغ جزافي قدره مليار و300 مليون سنتيم، مشيرا إلى أن زوجته حرصت على ألا يكون الشيك في اسم شركة في ملكيتها، بل في اسم شركة IFA CONSEIL التي تمتلك فقط جزءا من أسهمها، معتبرا أن قبول المشتكي أداء المبلغ المتفق عليه بواسطة شيك محرّر باسم شركة المذكورة، يعد دليلا يثبت قيام المعاملة بين زوجته والمشتكي. في المقابل، لفت مصدرنا إلى أن المشتكي نفى، خلال جلسة الاستماع إلى إفادته من لدن قاضي التحقيق، بتاريخ 25 شتنبر المنصرم، قيامه بأي معاملة مع شركة زوجة المدير، كما نفى أن تكون هذه الأخيرة قد تولت، من الأصل، الوساطة أو الإشراف على بيع بقعة أرضية قريبة من سوق «مرجان» بطريق الدارالبيضاء، تعود ملكيتها لامرأة تحظى بالتشريف والتوقير، موضحا أن ممثلا قانونيا لشركة مختصة في الدراسات والاستشارات القانونية، يوجد مقرها بالدارالبيضاء، هو من تولى توقيع عقد البيع نيابة عن صاحبة العقار المذكور، وبتكليف منها، خالصا إلى أن الحقيقة هي أن وِيّا كان يبتزه وقد تسلم منه، على سبيل الرشوة، شيكا بقيمة 886 مليون سنتيم، ومبلغا ماليا نقديا ب50 مليون بعلبة بلاستيكية للأرشيف Boîte archive، وضعه بنفسه داخل الصندوق الخلفي لسيارته، قبل توقيفه في كمين أمني. يشار إلى أن جناية «الارتشاء»، التي يتابع بها وِيّا، ينص القانون بشأنها على أنه «إذا كانت قيمة الرشوة تفوق مائة ألف درهم، تكون العقوبة هي السجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات، والغرامة من مائة ألف درهم إلى مليون درهم، دون أن تقل قيمتها عن قيمة الرشوة المقدمة أو المعروضة».