بعد أكثر من ثلاثة أشهر ونصف الشهر على توقيف مدير الوكالة الحضرية بمراكش متلبسا بحيازة رشوة مفترضة، عبارة عن شيك بقيمة 886 مليون سنتيم، ومبلغ نقدي ب 50 مليون سنتيم، أنهى قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المكلفة بجرائم الأموال باسئنافية المدينة، مؤخرا، التحقيق الإعدادي في شأن الاشتباه في ارتكابه لجريمة «الرشوة»، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفقرة الثانية من الفصل 248 من القانون الجنائي، ومن المقرّر أن يوجّه القاضي يوسف الزيتوني قرارا بالإطلاع بشأن انتهاء التحقيق إلى الوكيل العام للملك لدى المحكمة نفسها، الذي من المنتظر أن يصدر، من جهته، ملتمسا نهائيا بشأن انتهاء التحقيق، ويحيله على قاضي التحقيق، من أجل إصدار أمر بمتابعة المتهم وإحالته على المحاكمة أمام غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال، إذا تبين له بأن الأفعال المرتكبة جنائية، ويحيل هذا الأخير ملف القضية، مجددا، على الوكيل العام لتوجيه الاستدعاءات على أطراف الدعوى طبقا للشروط المحددة في المادتين 419 و420 من قانون المسطرة الجنائية. وقد كانت آخر مسطرة قام بها قاضي التحقيق هي عقده لجلسة الاستنطاق التفصيلي للمتهم، صباح الثلاثاء 8 أكتوبر الجاري، والتي أكد مصدر مطلع بأنه واجهه خلالها بتصريحات المشتكي، وهو مستثمر عقاري وسياحي مغربي، يسمى «رشيد.ح»، الذي سبق له أن تقدم، بتاريخ 3 يوليوز الفارط، بشكاية مباشرة لدى رئيس النيابة العامة، محمد عبد النبوي، يتهم فيها مدير الوكالة الحضرية، خالد ويّا، بأنه طلب منه رشوة بمليار سنتيم مقابل الكفّ عن وضع العراقيل الإدارية في طريق إتمام بناء المشتكي لعمارة بمراكش، وتسهيل حصوله على الوثائق الخاصة بمشروع سكني آخر بالمدينة نفسها. وحسب المصدر ذاته، فقد اعتبر وِيّا القضية برمتها لا تعدو أن تكون سوى عملية انتقامية من المشتكي، الذي قال إنه لم يستسغ بأن تقوم الوكالة الحضرية بتوجيه رسالة إلى والي جهة مراكشآسفي/عامل عمالة مراكش، بتاريخ 21 ماي الماضي، تطلب فيها إيقاف أشغال بناء عمارة في ملكيته، مكونة من ثلاثة طوابق وتمتد على مساحة 1761 مترا مربعا بشارع «جون كينيدي»، معللة ذلك ب «وجود مخالفات تعميرية جسيمة»، وبمنع المهندس المعماري الذي أعد التصاميم من تتبع سير الأشغال، وهو المهندس، «سمير.ل.م»، الذي يتواجد مكتبه بحي «أكَدال» بالرباط، و يتهمه المشتكي بالمشاركة والتواطؤ مع وِيّا في ابتزازه، قبل أن يصبح بدوره موضوع تحقيق إعدادي في الملف نفسه إلى جانب زوجة المدير، «ص.ب»، من أجل الاشتباه في ارتكابهما لجريمة «المشاركة في الرشوة». وعن طبيعة هذه «المخالفات التعميرية الجسيمة»، أوضح وِيّا بأن عمارة المشتكي، التي قال إنها تطل على إقامة أميرية في الحي الشتوي الراقي، تجاوزت العلو المنصوص عليه في التصاميم بأكثر من مترين ونصف المتر، مشيرا إلى أن الوكالة الحضرية أرفقت رسالتها للوالي بشكاية للمهندس المعماري، الذي سبق له أن تقدم بها إلى عمدة المدينة، بتاريخ 9 ماي الفارط، يطالب فيها بوقف أشغال البناء، مرجعا ذلك إلى «عدم وضع الشركة صاحبة المشروع رهن إشارته دفتر الورش، الذي يشدد عليه القانون رقم 12 66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في ميدان التعمير والبناء». وحسب مصدرنا، فقد صرّح وِيّا، خلال جلسة استنطاقه التفصيلي، بأنه سبق وأن تعرّض للتهديد من طرف المشتكي، الذي قال إنه بعث له رسالة شديدة اللهجة عبر الواتساب، يلفت فيها المنعش العقاري والسياحي إلى أنه وقع ضحية نصب في عملية شرائه لعقار تبلغ مساحته 20 هكتارا، يقع بالقرب من سوق «مرجان» بطريق الدارالبيضاء، وطلب منه إرجاع المبلغ في حساب بنكي أرسل له رقمه في الرسالة نفسها، وقد طالب المحامي المؤازر للمتهم، خلال الجلسة نفسها، إجراء خبرة تقنية على هاتف وِيّا المحجوز من أجل تفريغ الرسالة المذكورة. ونفى وِيّا عنه تهمة «الرشوة»، زاعما بأن المبلغ المضبوط بحوزته ليس سوى «أتعاب» شركة زوجته، التي تولت المواكبة والاستشارة بشأن عملية اقتناء العقار المذكور لفائدة المشتكي مقابل مبلغ جزافي قدره مليار و300 مليون سنتيم، مشيرا إلى أن زوجته حرصت على ألا يكون الشيك في اسم شركة في ملكيتها، بل في اسم شركة IFA CONSEIL التي تمتلك فقط جزءا من أسهمها، ومعتبرا بأن قبول المشتكي بأداء المبلغ المتفق عليه بواسطة شيك محرّر في اسم شركة المذكورة، يعد دليلا يثبت قيام المعاملة بين زوجته والمشتكي. في المقابل، لفت مصدرنا إلى أن المشتكي نفى، خلال جلسة الاستماع إلى إفادته من طرف قاضي التحقيق، بتاريخ 25 شتنبر المنصرم، قيامه بأي معاملة مع شركة زوجة المدير، كما نفى بأن تكون هذه الأخيرة قد تولت، من الأصل، الوساطة أو الإشراف على بيع البقعة الأرضية المحاذية لسوق «مرجان»، والتي تعود ملكيتها لامرأة تحظى بالتشريف والتوقير، موضحا بأن ممثلا قانونيا لشركة مختصة في الدراسات والاستشارات القانونية، يوجد مقرها بالدارالبيضاء، هو من تولى توقيع عقد البيع نيابة عن صاحبة العقار المذكور، وبتكليف منها، خالصا إلى أن الحقيقة هي أن وِيّا كان يبتزه وقد تسلم منه، على سبيل الرشوة، شيكا بقيمة 886 مليون سنتيم، ومبلغا ماليا نقديا ب 50 مليون بعلبة بلاستيكية للأرشيف Boîte archive وقام بوضعه بنفسه داخل الصندوق الخلفي لسيارته، قبل أن يتم توقيفه في كمين أمني.