بعد مرور أكثر من شهر على توقيف خالد وِيّا، مدير الوكالة الحضرية بمراكش، متلبسا بحيازة رشوة مفترضة، عبارة عن شيك بقيمة 866 مليون سنتيم، ومبلغ نقدي ب 50 مليون سنتيم، انضاف متهمان جديدان في الملف نفسه، حيث قرّر قاضي التحقيق باستئنافية المدينة، مؤخرا، سحب جواز سفريهما ومنعهما من مغادرة التراب الوطني، في إطار التحقيق الإعدادي في شأن اتهامهما بالمشاركة في جريمة «الرشوة»، ويتعلق الأمر بكل من زوجة المتهم الرئيس ومهندس معماري خاص بالرباط. قرار الوضع تحت المراقبة القضائية على ذمة التحقيق الإعدادي الجاري في شأن هذا الملف المثير للجدل اتخذه قاضي التحقيق بغرفة التحقيق الخامسة، التهامي خرباش، بعد الانتهاء من جلستي استنطاقهما الابتدائي، والتي تقرّر على إثرها متابعتهما في حالة سراح مع أداء كل واحد منهما كفالة مالية بقيمة مائة ألف درهم (10 ملايين سنتيم). وقبل مثلوهما أمام قاضي التحقيق، بساعات قليلة، أجرت الضابطة القضائية، ممثلة في الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، مسطرة التقديم للمتهمين المذكورين أمام نائب الوكيل العام المكلف بجرائم الأموال، الذي مثلت أمامه زوجة وِيّا مؤازرة بالنقيب السابق لهيئة المحامين بمراكش، مولاي عبداللطيف احتيتش، فيما آزر محامي من هيئة القنيطرة المهندس المعماري، «سمير.ل.م»، الذي يوجد مكتبه بحي «أكَدال» بالرباط، قبل أن تنتهي مسطرة التقديم بإحالتهما على قاضي التحقيق، الذي التمس منه نائب الوكيل العام إجراء أبحاثه القضائية في شأن الاشتباه في ارتكابهما للمشاركة في جريمة «الرشوة»، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 248 من القانون الجنائي. واستنادا إلى مصدر مطلع، فقد تناول التحقيق مع زوجة وِيّا التصريحات التي أدلى بها هذا الأخير للضابطة القضائية و النيابة العامة، والتي حاول فيها تبرير حصوله على الرشوة المفترضة بأنها لم تكن سوى جزء من مبلغ مالي إجمالي، لا يقل عن 13 مليون درهم (مليار و300 مليون سنتيم)، متفق عليه مع المشتكي مقابل أن تتولى شركة في ملكية زوجة المدير أشغال «التتبع والمصاحبة» لمشروع سكني للمشتكي على عقار مساحته حوالي 20 هكتارا بالقرب من السوق الممتاز «مرجان» بطريق الدارالبيضاء. وحسب المصدر نفسه، فقد أكدت المتهمة تصريحات زوجها موضحة بأن شركتها قامت بإنجاز دراسات الجدوى وتكلفت بمواكبة وتتبع أشغال العديد من المشاريع الوطنية الكبرى، في الوقت الذي ينفي فيه مصدر مقرّب من المشتكي، وهو منعش عقاري وسياحي، يسمى «رشيد.ح»، بأن يكون هذا الأخير قد اتفق مع وِيّا على تولي شركة زوجته أشغال التتبع والمصاحبة لمشروعه السكني، جازما بألا عقد يربط عمليا شركة المنعش مع زوجة المدير،وخالصا إلى أن الحقيقة هي أن وِيّا طلب من المنعش العقاري بشكل صريح رشوة بمليار سنتيم مقابل الكف عن وضع العراقيل الإدارية في طريق إتمام بناء المشتكي لعمارة من ثلاثة طوابق بشارع «جون كينيدي» في الحي الشتوي، وتسهيل حصوله على الوثائق الخاصة بمشروع سكني آخر بطريق الدارالبيضاء، قبل أن يقرر المنعش التقدم بشكاية مباشرة لرئيس النيابة العامة، محمد عبدالنبوي، بتاريخ الأربعاء 3 يوليوز المنصرم، الذي أعطى تعليماته للوكيل العام بمراكش للاستماع إلى المشتكي، لتقوم الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بنصب كمين أمني انتهى، في اليوم الموالي، بتوقيف وِيّا متلبسا بحيازة رشوة كبيرة مفترضة بإحدى محطات الاستراحة بالمدينة. وأضاف مصدرنا بأن وِيّا تسلم من المشتكي، لحظات قليلة قبل التدخل الأمني، مبلغا ماليا نقديا ب 50 مليون بعلبة بلاستيكية للأرشيف Boîte archive وقام بوضعه بنفسه داخل الصندوق الخلفي لسيارته، كما تسلم الشيك الذي قال بأنه لم تتم الإشارة فيه إلى اسم حامله. وتناول التحقيق مع «مدام وِيّا» مصدر الثروة التي راكمها زوجها، خاصة أملاكه العقارية التي تصل إلى سبعة عقارات راقية بمدن مختلفة، كما أسفرت نتائج عملية التفتيش الذي أجرته الفرقة الوطنية بخزانتين حديديتين لفيلتي زوجها، الأولى بمنطقة «المعدن» بمراكش والأخرى بحي «الرياض»بالرباط، عن حجز مبلغ مالي نقدي يصل إلى نحو مليار و200 مليون سنتيم، بالعملة الوطنية وبعملات أجنبية، فضلا عن مجوهرات من الماس في ملكية الزوجة المتهمة، ومجموعة من الساعات الفاخرة، خاصة من نوع «رولكس» السويسرية. وبعدما كانت المصالح الأمنية منعته من مغادرة التراب الوطني عبر مطار الرباط، ثلاثة أيام بعد توقيف المتهم الأول، تناول التحقيق القضائي الأخير مع المهندس «سمير.ل.م» الاتهامات التي يوجهها إليه المشتكي، الذي صرّح بأنه سبق لشركة في ملكيته، تُدعى «زمان برومسيون»، أن تعاقدت معه على أن يتولى إعداد التصاميم والحصول على الرخص الخاصة بعمارة شارع «جون كينيدي»، بدءا برخصة البناء وانتهاءً برخصة السكن، مع تتبع الأشغال والتنسيق مع كافة المتدخلين،من مقاولة مكلفة بالبناء ومكتب دراسات والمهندس الطبوغرافي، قبل أن يقول بأنه اكتشف بأن المهندس تواطأ مع مدير الوكالة الحضرية في مسلسل طويل من ابتزازه انتهى بطلب وِيّا الحصول على رشوة مقابل الكف عن وضع العراقيل الإدارية في طريق إتمام بناء العمارة، بعدما كانت الوكالة الحضرية وجّهت رسالة إلى والي جهة مراكشآسفي/عامل عمالة مراكش تطلب فيه إيقاف أشغال البناء، معللة ذلك «بوجود مخالفات تعميرية جسيمة، وبمنع المهندس المعماري المكلف بإنجاز المشروع من تتبع سير الأشغال»، مرفقة الرسالة بشكاية للمهندس المعماري، سبق له أن تقدم بها إلى عمدة المدينة، بتاريخ 9 ماي الفارط، يطالب فيها بوقف أشغال البناء، بسبب عدم وضع الشركة صاحبة المشروع رهن إشارته دفتر الورش، الذي يشدد عليه القانون رقم 12 66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في ميدان التعمير والبناء. وتؤكد مصادرنا بأن الفرقة الوطنية خلصت إلى أن البحث التمهيدي أنتج أدلة كافية على مشاركة المهندس «سمير» في جريمة «الرشوة»، مستندة إلى العديد من القرائن والأدلة، من بينها علاقة الصداقة التي تجمعه مع وِيّا، الذي عثرت لديه، لحظة توقيفه، على مجموعة من المفاتيح، بينها مفتاح شقة في إقامة سكنية فاخرة بشارع «محمد السادس» بمراكش تعود ملكيتها للمهندس المتهم. هذا، وعللت مصادرنا إحالة المتهمين الأخيرين على القاضي التهامي خرباش بدل قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المكلفة بجرائم الأموال، القاضي يوسف الزيتوني، الذي يتولى التحقيق الإعدادي في الملف، بأن هذا الأخير يقضي عطلته السنوية، مضيفة بأن القاضي الزيتوني سيجري جلسات الاستنطاق التفصيلي للمتهمين الثلاثة بعد انتهاء العطلة القضائية، مرجحة بأن تلتئم هذه الجلسات ابتداءً من تاريخ 24 شتنبر المقبل.