فاز رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، بجائزة نوبل للسلام لعام 2019 لجهوده في السلام وخدمة التعاون الدولي، وخصوصاً لمبادرته الحاسمة التي هدفت إلى تسوية النزاع الحدودي مع إريتريا. بذل آبي أحمد، 43 عاماً، جهوداً كبيرة جعلته من أبرز المرشحين للجائزة المقدرة ب900 ألف دولار أمريكي، من بين 300 مرشح، بينهم أفراد ومؤسسات. أحدث آبي أحمد فارقاً كبيراً في منطقة القرن الإفريقي المضطرب، فمنذ توليه منصبه في الثاني من أبريل 2018، قاد أصغر رؤساء حكومات إفريقيا مجموعة من الإصلاحات في إثيوبيا، والتي يعتبرها كثيرون أنقذت البلاد من الحرب الأهلية. فبعد أسابيع من تولِّيه رئاسة الوزراء زار العاصمة الإريترية أديس أبابا، واستعاد روابط الاتصالات والنقل، كما التأم شمل العائلات المقسمة بين البلدين منذ نحو عقدين من الزمن. وأدى تحسن العلاقات إلى رفع عقوبات الأممالمتحدة عن إريتريا، واحدة من أكثر دول العالم عزلة، ووقَّع اتفاقية سلام بين بلاده والجارة إريتريا بعد عقود من النزاع بين البلدين. أنهت مبادرته واحدة من أطول المواجهات العسكرية في إفريقيا، والتي أثرت بشكل كبير على الاستقرار في المنطقة، ودفعت الحكومتين إلى ضخ أموال طائلة من ميزانيتيهما للإنفاق على الأمن والتسليح. أدرج آبي أحمد سلسلة من الإصلاحات السياسية بعد توليه رئاسة الوزراء، شملت ملف الحريات بشكل كبير، فبعدما كانت تعاني إثيوبيا من تضييق على حرية التعبير عن الرأي أفرج الرجل عن عشرات المعتقلين السياسيين، وفتح الباب أمام عودة المعارضين في الخارج، الذين كانوا قد هجروا البلاد على خلفية سياسية، إضافة إلى أنه أنهى حالة الطوارئ في البلاد. وبعد تولّيه قام آبي أحمد بجولة للإفراج عن المعتقلين الإثيوبيين في الخارج، ما عزز صورته كداعم للحريات، وخطط لفتح قطاعات اقتصادية رئيسية أمام مستثمرين من القطاع الخاص، بما في ذلك الخطوط الجوية الإثيوبية المملوكة للدولة، وأسس أيضاً وكالة لأمن الشبكات والمعلومات. يعتبر آبي أحمد أول رئيس وزراء إثيوبي ينتمي لأكبر مجموعة عِرقية في البلاد، وهي الأورومو، التي تشكل ثلث عدد السكان في بلد يعاني صراعات عرقية بين مجموعاته المكوِّنة التسعين، إضافة لخلفيته العسكرية والمخابراتية؛ إذ خدم برتبة كولونيل ضمن قوات الجيش الإثيوبي، وشارك ضمن قوات حفظ السلام في رواندا. حتى ظهور آبي أحمد، كان تحالف الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية يحكم البلاد بقبضة من حديد. ودفع تهميش الحكومة للجماعات العرقية إلى هجرة العديد من الإثيوبيين، ووجود حالة من الانفصال لدى الأورومو، فضلاً عن تسبب الحكومة في اضطرابات مدنية في السنوات الأخيرة، إلا أن الإثيوبيين يرون أنه وفَّر لهم التعددية الحزبية، والحريات، والسلام، والانفتاح على الآخرين والاستثمار.