تأجيل “غامض” للمؤتمر الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة الذي كان قد دعا إليه تيار “المستقبل”، الذي يخطط للإطاحة بحكيم بنشماش، في نهاية هذا الشهر، بعد تناسل الروايات بخصوص أسبابه الحقيقية. وبينما يسعى تيار بنشماش إلى القول بأن وزارة الداخلية رفضت الترخيص لهذا التيار عقد مؤتمره، ظهر أن الأسباب الحقيقية قد تكون غير مرتبطة بالترخيص الذي لم يقدم “المستقبل” طلبا رسميا بخصوصه. أولى الروايات تشير إلى أن قادة تيار “المستقبل” تلقوا توجيهات من “جهات خارجية”، هدفها حث هؤلاء على تأجيل المؤتمر إلى موعد لاحق. هذه التوجيهات بحسب مصادر من التيار تضمنت أيضا تطمينات بخصوص الطريقة التي يجب أن ينعقد بها المؤتمر الرابع للحزب، وهي طريقة ترغب في ألا يحدث انشقاق بالحزب الذي رعته السلطات منذ ولادته قبل عشر سنوات. ويؤكد قيادي فضل عدم الكشف عن اسمه، على أن التوجيهات تُلِّح على القيام بوساطة بين المتخاصمين داخل الحزب في وقت قريب. لكن “المستقبل” لم يتلق أي إرشادات إضافية بخصوص طبيعة هذه الوساطة، أو دور التيار فيها، أو الكيفية التي ستتفاوض بها مع بنشماش، أو الشروط المسبقة لها، كما ليس لديها علم بصورة ما سيحدث بعدها. لكن من جهة ثانية، قياديون من تيار المستقبل يدفعون في اتجاه تسويق التأجيل على أساس أن مصدره وجود خلافات داخلية بين قادة تيار “المستقبل” حول الطريقة التي يجب أن يعقد بها المؤتمر. ولقد عقد اجتماع بالرباط الجمعة، بهذا الخصوص. قيادي بارز في التيار قال ل”اليوم 24″، إن تياره وجد صعوبة في تمويل المؤتمر عبر المساهمات والتبرعات، موضحا أن “حجم الأموال التي جرى جمعها لا تصل إلى المستوى الذي يمكن معه تنظيم مؤتمر يحضره أربعة آلاف شخص”. وليس هذا فقط، بل إن قادة التيار اختلفوا حول ما إن كان يجب عليهم أن يتمهلوا في خطوة المؤتمر حتى تحسم المحاكم في الدعاوى المرتبطة به، خصوصا تلك التي رفعها بنشماس ضد سمير كودار، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، ويطلب فيها بالحكم ببطلان انتخابه في هذا المنصب، وترتيب الآثار القانونية عن ذلك، أي منع انعقاد المؤتمر. وكان هناك رأيان متعارضان في هذه القضية بين من يرى بأن التيار يجب أن يذهب إلى مؤتمره لتأكيد صواب منهجه السياسي، بغض النظر عن مآل الدعاوى الجارية في المحاكم، فيما رأي ثان يعتقد بأن المؤتمر ونتائجه ستصبح في مهب الريح إن صدر حكم قضائي ضد كودار بعد تاريخه. قضية ثالثة كانت مثار خلاف كذلك؛ وهي تلك المتعلقة بالطريقة التي ينبغي بها انتداب المؤتمرين، فهذه العملية توقفت مؤقتا. ورأى قياديون في التيار أن الانتداب وهو عملية مضنية على مستوى الجهات كما على صعيد أجهزة الحزب، يجب أن ينطلق بعد حسم المحكمة في القضية المرفوعة ضد كودار، لكن ذلك سيستغرق وقتا أطول مما هو متاح أمامهم بين الجلسة المحددة تاريخها يوم 19 شتنبر، وبين تاريخ عقد المؤتمر يوم 27، وهي فترة غير كافية لتنفيذ عملية انتداب المؤتمرين وفقا لتقدير قياديين. قضية أخرى وإن كانت ثانوية، تحولت إلى مشكلة بين القياديين بهذا التيار، وهي تلك المرتبطة بالوثائق التي كان مقررا تقديمها للمؤتمرين، وكانت اللجنة التحضيرية قد أعدتها وانتهت من صياغتها. وكانت الوثيقة السياسية مثار نقاش حول مضامينها، فقد رأى البعض أن محتوياتها “لا تصل إلى المستوى المطلوب”، ويجب مراجعتها. كما أن أجزاء من مشروع القانون الأساسي للحزب كانت موضوع خلاف، بحيث إن المعايير الخاصة بانتخاب أعضاء المكتب السياسي كانت “رخوة”، وتوحي بأن الأمين العام المستقبلي قد لا يتحكم في تشكيل مكتبه السياسي. عبد اللطيف وهبي، العضو البارز في هذا التيار اكتفى بالقول ل”اليوم 24″، إن بعض ما ذكر أعلاه “لم يجانب حقيقة ما حدث في معظم أجزاءه”، مضيفا إن “تأجيلا إضافيا لشهر ونصف أو شهرين أمر مفيد لعقد مؤتمر نوعي بدل أن نسقط في ما يشبه تجمعا انتخابيا”. لكن إن كان هناك من يشعر بالانتشاء من قرار تأجيل هذا المؤتمر، سواء كان ذلك قرارا داخليا ذاتيا، أو مفروضا من جهات خارجية، فهو بشكل مؤكد الأمين العام الحالي بنشماش وأنصاره الذين كانوا يعولون أساسا، على أن تمنع وزارة الداخلية هذا المؤتمر.