تنطق يوم 24 يوليوز أولى فصول معركة قضائية يخوضها حكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ضد خصومه في “تيار المستقبل”. فقد قدم بنشماش هذا الأسبوع دعوى جديدة لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، ضد سمير كودار، رئيس اللجنة التحضيرية المتنازع عليها، يطلب بواسطتها الحكم ببطلان انتخابه. وكان المكتب الفيدرالي، الذي هو، أيضا، موضوع طعن بشأن شرعيته، قد طلب في اجتماعه الأخير، من الأمين العام للحزب، أن يباشر المسطرة القضائية ضد خصومه، في مسعى لإيقاف التيار المناهض له عن عقد المؤتمر الرابع للحزب المقرر نهاية شهر شتنبر. وكلف بنشماش محامين مقربين من إلياس العماري، الأمين العام السابق للحزب، بهذه الدعوى، يتقدمهم محمد الهيني، القاضي المعزول بسبب مخالفات مهنية، وهو، كذلك، محامي الصحافي حميد المهداوي قبل أن يقرر التخلي عنه لخلافات بينهما تتعلق أساسا بتصرفات هذا المحامي. ولقي تنصيب هذا المحامي من لدن بنشماش انتقادات داخل حزبه، لما يمتلكه من سمعة مثيرة للجدل بسبب تنصيبه في قضايا موضع تساؤل، وقد خسر الكثير منها حتى الآن. وسيساعد الهيني وهو العضو في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في هذه المهمة، المحامي الشخصي للأمين العام السابق إلياس العماري، المسمى أحمد أرحموش. ويرى خصوم بنشماش في استعانته بهذين المحامين على الخصوص، مؤشرا دالا على وجود دور بارز لإلياس العماري في البلبلة القائمة في الحزب منذ شهور. وسيسند هذين المحاميين محام ثالث، هو خالد المروني، وهو محامي بهيئة القنيطرة. ورغم ما للحزب من محامين كثر، لكن يبدو أن بنشماش قرر الاستغناء عن خدماتهم، مكتفيا بمحام اسمه محمد الحجوجي، وهو نائب برلماني سابق باسم الحزب عن دائرة وزان، وهو، أيضا، واحد من المساعدين المعروفين للعربي المحرشي، أحد قياديي الحزب الذين يتهمهم “تيار المستقبل” بالوقوف وراء تدهور الأوضاع. وتخلى بنشماش عن محاميه، محمد باريكو (هيئة الرباط) بعدما خسر الدعوى التي كان قد وضعها في المحكمة الابتدائية بأكادير ضد “تيار المستقبل” كانت تسعى إلى وقف عقد الاجتماع الثاني للجنة التحضيرية للمؤتمر هناك. باريكو، هو، أيضا، محامي بنشماش بوصفه رئيسا لمجلس المستشارين. ويشعر بعض قادة الحزب بالقلق من التكلفة المادية لتنصيب فريق من أربعة محامين لتسوية خلاف داخلي. لكن أكثر ما يخشونه هو الكلفة السياسية للحكم الذي سيصدر كيفما كانت طبيعته. فالحكم إن أتى في غير صالح بنشماش، فإن معناه اندحاره في معركته المفتوحة مع خصومه، وتزكية لسلسلة الإجراءات المتخذة من لدنهم للإطاحة به، فيما إن كان الحكم لصالحه، فإن كل ما سيحصل عليه الأمين العام، هو حزب منقسم وضعيف، كما يقول قادة التيار الذين يتوقعون أن يغادر غالبية أعضائه الحزب بشكل نهائي. وبحسب مضامين الدعوى التي تقدم بها بنشماش، وفقا لنسخة حصلت عليها “أخبار اليوم”، فإن طلب الحكم ببطلان انتخاب سمير كودار رئيسا للجنة التحضيرية، يستند في حيثياته على أن واجب المحكمة هو “حماية الحياة الحزبية وتحصينها من كل ما يفسدها ويعبث بها ويستولي ويتآمر عليها ضدا على أحكام الدستور والقانون وأنظمة الحزب”، ويقصد بذلك مواصلة قادة الحزب للاجتماع الأول للجنة التحضيرية بعد قيامه هو برفعها بسبب فوضى يزعم وقوعها. الغريب في الدعوى أن بنشماش كتب فيها أن الأهداف الحقيقية للجنة التحضيرية التي يقودها كودار، واجتماعاتها وقراراتها هي “الاستيلاء على الحزب وهدم مقومات مشروعه الحداثي الديمقراطي، وربطه بالظلامية والنكوصية”. ويقصد بذلك حزب العدالة والتنمية. وهي تهم ينفيها تيار المستقبل، ويقول قادته إن المحكمة “لا يمكنها بأي حال التصديق على نظريات خرافية كهذه”. وقدم بنشماش إلى المحكمة 16 وثيقة ضمن مرفقات الدعوى، بينها محاضر لاستدعاءات لاجتماعات دعا إليها هو أو خصومه، وبلاغات المكتب الفيدرالي، وتقرير للجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات، ناهيك عن نسخة من الأمر الاستعجالي لرئيس المحكمة الابتدائية بأكادير الذي خسر بموجبه قضيته ضد “تيار المستقبل”. ويأمل بنشماش من وراء هذه المرفقات سد الثغرات التي يعتقد بأنه خسر دعوى أكادير بسببها، لاسيما أن المحكمة هناك أشارت إلى غياب قرارات المكتب الفيدرالي التي تجعل توصيات لجنة الأخلاقيات أمورا نافذة. بالمقابل، يرى قادة “تيار المستقبل” أن هذه الدعوى “ليست مدعاة للقلق”. ويحضر محاموه في الوقت الحالي دفوعاتهم لمواجهة ما يقولون إنها “مزاعم باطلة” قدمها بنشماش للمحكمة، ابتداء من “ادعاءاته الناقصة حول ما حدث في الاجتماع الأول للجنة التحضيرية حتى المكتب الفيدرالي الذي شكله مؤخرا على ما يوافق رغباته”. سمير كودار، رئيس اللجنة التحضيرية الذي يريد الأمين العام للحزب رأسه، قال ل”أخبار اليوم” إن “بنشماش يجرنا إلى المحاكم، رغم أن الخلافات الداخلية لا تُسوى بهذه الطريقة”، مشددا على أن “الدعوى فارغة، وعلى بنشماش أن يستعد لحكم سيصدمه”. عبداللطيف وهبي، المحامي، والوجه البارز في “تيار المستقبل” قال من جانبه، إن نقل بنشماش الصراع إلى المحاكم “قرار يجب أن يتحمل هو مسؤوليته ونتائجه”، موضحا بأن دفاع التيار سيوضح للمحكمة بكل الدلائل، بطلان دعوى بنشماش”. وكان وهبي هو محامي كودار نفسه في القضية التي رفعها بنشماش في أكادير وخسرها.